Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يحتم إنهاء الحروب تجاوز محرمات الجلوس مع المتمردين؟

شهدت الدول الأفريقية التي تشكو أصلاً من هشاشة أمنية انقلابات متتالية

الانقلاب الذي نفذه الحرس الرئاسي في النيجر وضع المجتمع الدولي أمام خيارين كلاهما مر (رويترز)

ملخص

يستغل الانقلابيون والمتمردون تصاعد المزاج الشعبي الغاضب تجاه الحكومات المنتخبة ديمقراطياً للقيام بمغامرات غير مضمونة النتائج

وضع الانقلاب الذي نفذه الحرس الرئاسي في النيجر المجتمع الدولي أمام خيارين كلاهما مر، الأول يتعلق باللجوء إلى القوة لمنع تكرار سيناريو مالي وبوركينا فاسو عندما انفرد العسكر بالحكم وانقلب على حكومات منتخبة، والثاني التفاوض مع هؤلاء، وهو أمر يصعب خصوصاً على الحكومات الغربية التي تريد إظهار التزام قوي بدعم الديمقراطية وعدم التسامح مع حركات التمرد والانقلابات.

 

ومع تعقد الوضع، فإن التساؤلات التي تطرح اليوم هي حول ما إذا كان الحل الأنجع يكمن في الجلوس إلى المتمردين والتفاوض معهم على رغم أنها خطوة قد تنطوي على أخطار أخرى منها تحفيز مغامرين آخرين في دول أخرى على القيام بالخطوات نفسها أي التمرد على السلطة المركزية ومحاولة الإحلال محلها.

التفاوض جيد في حالة وحيدة

وشهدت الدول الأفريقية التي تشكو أصلاً من هشاشة أمنية غذتها أنشطة الحركات الإرهابية المنتشرة بكثافة على غرار "بوكو حرام" و"حركة الشباب الصومالية" وتنظيمي "القاعدة" و"داعش"، انقلابات متتالية بلغت في السنوات الثلاث الأخيرة سبعة انقلابات.

ويستغل الانقلابيون والمتمردون تصاعد المزاج الشعبي الغاضب تجاه الحكومات المنتخبة ديمقراطياً جراء استشراء الفساد وانعدام الأمن للقيام بمغامرات غير مضمونة النتائج من شأنها أن تزيد الوضع تعقيداً، خصوصاً في منطقة الساحل الأفريقي.

ويقول الباحث السياسي الفرنسي توماس غينولي إن "التفاوض مع الانقلابيين والمتمردين يكون فكرة جيدة فقط عندما يفضي إلى إعادة حكومة منتخبة ضحية لانقلاب أو تمرد إلى السلطة أو إلى انتخابات جديدة". وتابع غينولي "إذا لم تكن هذه هي النتيجة الرئيسة فإنها ستشجع الانقلابيين المحتملين في دول أفريقية أخرى فقيرة على تجربة حظهم، وهو أمر سيئ للغاية". وشدد الباحث السياسي الفرنسي، وهو أستاذ جامعي أيضاً، على أن "كثيراً من المتغيرات تجعل من الصعب تأييد فكرة التفاوض مع المتمردين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأعقبت فترة "الربيع العربي" اندلاع عديد من حركات التمرد على غرار ما يحدث في اليمن حيث سعى الحوثيون إلى الاستيلاء على السلطة بالقوة، مما أدى إلى إضعاف القوات الحكومية وإنهاكها وإفساح المجال أمام التنظيمات الإرهابية التي وجدت في الفوضى فرصة سانحة لتكريس نفوذ لها.

وفي دول أفريقية عدة على غرار مالي التي فيها حركات انفصالية مثل "تنسيقية الأزواد" التي تضم مجموعة من الحركات، في غالبيتها من الطوارق، وتسعى إلى الانفصال عن الدولة المالية وإقامة حكم ذاتي مستقل. وعلى رغم انتهاج السلطات في مالي منذ بداية نشاط هذه التنسيقية على الأدوات الأمنية لردعها، فإن ذلك لم يمنع اللجوء أحياناً إلى المفاوضات.

ففي عام 2015، وقعت التنسيقية، التي تعرضت قبل أيام إلى هجوم من قبل القوات المالية وبتنسيق مع مرتزقة "فاغنر"، اتفاق سلام مع الحكومة في باماكو برعاية الجزائر المجاورة التي تساورها مخاوف قوية من تأثيرات التوترات التي تشتعل على حدودها على الوضع في الداخل.

حل غير مُجدٍ

وعلى رغم إقرار استراتيجيات أمنية لردع الانفصاليين والمتمردين في غالبية المناطق في أفريقيا أو غيرها، فإن بعض الحكومات تجد نفسها مجبرة على التفاوض، لا سيما عند العجز عن بسط سيطرتها أو عدم النجاح في إقناع الخارج بالأمر الواقع. وقال الباحث السياسي في الشؤون الأفريقية والدولية محمد صالح العبيدي إن "التفاوض في معظم الأحيان يكون حلاً أخيراً، لأنه عادة ما تجنح أطراف الصراعات إلى الهرب للأمام والتصعيد لتجربة فرص النجاح في كسب المعركة ليبقى التفاوض والحوار كملاذ أخير بعد جولات التصعيد". وأوضح العبيدي "في اعتقادي التفاوض ليس بالحل المجدي، خصوصاً أن بعض النزاعات طويلة الأمد، مثل ما يحدث في الصحراء الغربية بين جبهة البوليساريو والمغرب، بينت أن التفاوض لم يكن يوماً حلاً لحركات التمرد هذه أو الانقلابيين".

جبهة "البوليساريو"

وبعد عقود من سعي جبهة "البوليساريو" إلى تحقيق استقلال الصحراء الغربية عن المغرب، لا يزال الصراع مستمراً، لكن الرباط حققت نجاحات لافتة سواء على الصعيد الدبلوماسي أو العسكري من خلال بسط سيطرتها على قرابة 80 في المئة من أراضي الصحراء وكسب اعتراف كثير من الدول بمغربية الصحراء مثل الولايات المتحدة وإسبانيا وغيرهما.

وتابع العبيدي أن "التفاوض مع المتمردين سيشكل رسالة ضعف من بعض الحكومات إلى جهات خارجية، وهو ما سيشجع بالفعل جماعات أخرى على الدخول في مغامرات من شأنها تفتيت دول برمتها وإسقاطها في دوامة من العنف". وأكد أن "بعض الدول مطالبة بإجراءات استباقية تمنع حدوث أي تمرد أو انقلاب لأن ذلك سيضعف، عاجلاً أم آجلاً، الحكومة المركزية، وخصوصاً في الدول الفقيرة، حيث ستكون مشتتة بين معالجة الأزمات التي تمر بها ومواجهة حركات التمرد".

وفي ظل الغموض الذي يلف مسارات الانقلابات في بوركينا فاسو ومالي والنيجر، فإنه من غير الواضح ما إذا الحوار سيكون الخيار الآتي للدول التي عجزت عن ردع حركات التمرد والانقلابات التي باتت لها حاضنة شعبية، مما يشجع جنرالات مغمورين على القيام بمغامرات كهذه.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير