سجل تدفق المخدرات الإيرانية إلى العراق، رقماً قياسياً خلال العام الحالي، ما دفع ببغداد إلى إغلاق معبر حدودي مع إيران.
أمر فوري بالإغلاق
فقد أصدر رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، أمراً فورياً بإغلاق منفذ "سومار- مندلي" في محافظة ديالى عند الحدود مع إيران، في حين ذكر مسؤولون محليون أن "السلطات العراقية فقدت سيطرتها على هذا المعبر لصالح مجموعات مسلحة".
وكان هذا المنفذ مغلقاً لمدة طويلة، قبل أن يُعاد تشغيله قبل أربعة أعوام، لتسهيل عبور الإيرانيين الراغبين بزيارة العتبات الشيعية المقدسة في العراق، لكنه تحول في الفترة الأخيرة إلى أكبر بوابات التهريب.
خلاف عراقي- إيراني
ووفقاً لقانون "هيئة المنافذ الحدودية" في العراق، فإن هذا المعبر يجب أن يقدم خدمات ثانوية، وأن تمتنع كل من بغداد وطهران عن استخدامه لأغراض التبادل الواسعة، بسبب وجود معبر رئيسي في مكان قريب، لكن ما حدث هو تحويل معبر "سومار- مندلي"، إلى قناة رئيسية لنقل المخدرات الإيرانية إلى العراق.
وعلمت "اندبندنت عربية"، أن "الجانب العراقي خاطب نظيره الإيراني بشأن ضرورة إعادة تقييم الإجراءات الأمنية في معبر (سومار- مندلي)، قبل اتخاذ قرار إغلاقه، لكن طهران لم تتعاون".
تهريب المخدرات
تقول المصادر العراقية إن "إيران تتعاطى مع هذا المنفذ على أنه رئيسي، لذلك ترسل عبره كميات كبيرة من السلع، بينما يعتبره العراق ثانوياً، لذلك لم يضع فيه أجهزة لكشف المتفجرات والمخدرات ووزن البضائع والسلع".
وأضافت المصادر أن السلع الإيرانية المرسلة عبر هذا المنفذ، تحولت خلال الأشهر الأخيرة، إلى أداة لتهريب المخدرات إلى العراق بكميات كبيرة.
وخلال العام الماضي، تجاوزت أوزان البضائع الإيرانية المرسلة عبر هذا المنفذ الصغير جداً، حاجز المليون طن، بقيمة حوالى 1.3 مليار دولار.
واشتكى مسؤولون في هيئة المنافذ الحدودية إلى رئيس الوزراء العراقي من "فوضى الإجراءات في معبر (سومار- مندلي)، وسيطرة جماعات مسلحة عليه".
الميليشيات تدير المعبر
وتقول المصادر العراقية إن "السلطات الإيرانية تغض النظر عن كل ما يراد تصديره إلى العراق عبر هذا المنفذ"، مؤكدة أن "ميليشيات عراقية موالية لإيران، تضع بعضاً من عناصرها في هذا المنفذ، لإجبار موظفيه على منح أذونات الدخول لكل ما يأتي من جانب الحدود الآخر".
وتعلن السلطات العراقية بشكل شبه يومي، القبض على مسافرين إيرانيين يحاولون تهريب المخدرات إلى العراق في منافذ الشلامجة في البصرة والمنذرية في ديالى والشيب في ميسان، لكنها لم تكشف عن أية حالة مماثلة في منفذ "سومار- مندلي"، ما يؤكد خروجه عن سيطرتها.
وأسهم هذا الوضع في تحويل مناطق في محافظة ديالى إلى مركز رئيسي لتوزيع المخدرات الآتية من إيران على مختلف أرجاء البلاد.
وتلقى رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي تقارير مقلقة خلال الأشهر الماضية عن "زيادة مكثفة في حركة المخدرات الإيرانية صوب العراق".
إيران... وليس الأرجنتين
وعندما سئل عبد المهدي، في مارس (آذار) 2019، عن خطوط تهريب المخدرات إلى العراق، قال إنها "تبدأ من الأرجنتين، مروراً بلبنان ثم سوريا"، ما فجر موجة من السخرية الشعبية ضده، لأن إحضار المخدرات من إيران ليس سراً في العراق.
ويقول عضو اللجنة الأمنية في البرلمان العراقي، خالد العزاوي، إن "الجميع يعلم هنا، بأن مصدر المخدرات التي تأتي إلى العراق، هو إيران، وليس الأرجنتين".
ويضيف العزاوي، وهو نائب عن محافظة ديالى، قائلاً "تهريب المخدرات الإيرانية إلى العراق يمر عبر خطين رئيسيين، الأول في ديالى والثاني في محافظة واسط، إذ ترتبط كلاهما بالحدود مع إيران".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
القضاء يحرج الحكومة
وفي أبريل (نيسان) 2019، أحرج قاض عراقي الحكومة ورئيسها، حين تحدث علناً عن طرق تهريب المخدرات إلى العراق، وقال إن "إيران هي المصدر الوحيد".
لكن مجلس القضاء الأعلى في العراق، لم يكشف عن اسم هذا القاضي، خشية تصفيته، إلا أنه وزع حديثه على وسائل الإعلام.
ويقول القاضي، إن "المخدرات المهربة من إيران، عندما تدخل العراق، توضع في توابيت الموتى، بهدف التحايل على حواجز التفتيش في الداخل".
وأضاف أن "أغلب تجار المخدرات هم من أصحاب النفوذ والعلاقات، ويمتلكون دعماً من قوات غير منضبطة تابعة لجهات نافذة".
ويعزز حديث القاضي، المعلومات عن سيطرة ميليشيات على منافذ حدودية بين العراق وإيران.
القرار يعكس عجز عبد المهدي
من جهتهم، يقول مراقبون إن "المخدرات الإيرانية تتصدر قائمة أساليب تمويل الجماعات العراقية المسلحة الموالية لطهران".
في حين يؤكد مسؤولو أمن عراقيون أن "المحققين في ملف المخدرات، لديهم تقديرات دقيقة عن المجموعات العراقية المتورطة في عملية تسهيل دخول المخدرات الإيرانية، لكنهم يخشون اتخاذ الإجراءات اللازمة".
ويقر المسؤولون بأن قرار عبد المهدي إغلاق منفذ "سومار- مندلي"، يعكس عجز الدولة عن السيطرة على حدودها، لا سيما مع إيران.
وكان المدير العام للعلاقات الدولية في لجنة مكافحة المخدرات الإيرانية رحيم ساكي قد ذكر في تصريح سابق أوردته وكالة الأنباء الإيرانية أنه ”للأسف تطلق دعايات تروج بأن إيران تعد معبرا للمخدرات من أفغانستان إلى أوروبا ... لكن في الواقع وبسبب الأداء الجاد الذي تبنته إيران خلال السنوات الماضية لمكافحة المخدرات تغير طريق الترانزيت الدولي هذا.”وأضاف ساكي:” طريق الترانزيت الأرضي من أفغانستان إلى إيران قد تحول إلى طريق بحري من خلال باكستان إلى الخليج ثم إلى العراق لكن وصلت كميات من المخدرات الى العراق عبر إيران.”كما قال المسؤول الإيراني إن بلاده تمكنت من كشف بعض المخدرات التي دخلت إيران عبر العراق في محافظة خوزستان.”