ملخص
عودة حالة القلق وتجدد عدم اليقين الاقتصادي مع استمرار السياسة التشددية من قبل البنك المركزي الأميركي
فيما يخيم اللون الأحمر على شاشات البورصات وأسواق المال العالمية، تشير التوقعات إلى استمرار الأسهم في المربع الأحمر مع وجود ثلاث أزمات تعمق موجة الخسائر، تتمثل الأولى في المشكلات التي تواجه الاقتصاد الصيني والتي تتعلق بتراجع الناتج المحلي الإجمالي والأزمات الخانقة التي تحاصر قطاع العقارات.
فيما تجسد الأزمة الثانية عودة حالة القلق وتجدد عدم اليقين الاقتصادي مع استمرار السياسة التشددية من قبل البنك المركزي الأميركي، وسط ترجيحات بالاتجاه إلى رفع أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل للبنك، يضاف إلى ذلك أزمة ثالثة، تلك التي تواجه قطاع البنوك الأميركية بخاصة بعد خفض تصنيف عشرات البنوك واتجاه وكالات التصنيف إلى مزيد من التراجع خلال الفترة المقبلة.
وخلال التعاملات الأخيرة، انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، عقب تحذير وكالة "فيتش" من خفض التصنيف الائتماني للبنوك، وبعد صدور بيانات اقتصادية مريبة.
في بداية جلسة أمس الثلاثاء، انخفض مؤشر "داو جونز" بنسبة 0.45 في المئة إلى مستوى 35151 نقطة، وتراجع مؤشر "أس آند بي 500" بنسبة 0.45 في المئة إلى نحو 4469 نقطة، كما هبط مؤشر "ناسداك" بنسبة 0.20 في المئة إلى مستوى 13758 نقطة.
هناك أيضاً عمليات البيع المستمرة هذا الصباح، في وقت سجلت غالبية الأسواق الآسيوية خسائر فادحة خلال التعاملات المبكرة، إذ تراجع مؤشر "هانغ سينغ" بنسبة 1.3 في المئة، كما خسر مؤشرا "نيكاي" و"كوسبي" بنحو 1.2 في المئة، وتراجعت العقود المستقبلية الأوروبية أيضاً، فيما تشير تعاملات العقود المستقبلية الأميركية إلى بداية خضراء للأسهم في وقت لاحق اليوم.
أزمة الصين تتصدر القائمة
على صعيد الأزمات، تفاقمت حدة المشكلات التي تواجه الاقتصاد الصيني في ظل تباطؤ الصادرات، وتراجع نشاط التصنيع، والانكماش والأزمة المتنامية في القطاع العقاري، ومع هذه الأزمات تشعر الأسواق العالمية بالتوتر في شأن الاتجاه الذي يسير فيه الاقتصاد الصيني.
وقرر بنك الشعب الصيني على نحو مفاجئ خفض أسعار الفائدة بسبب مجموعة جديدة من البيانات السلبية التي تشير إلى تباطؤ مبيعات التجزئة وتراجع الإنتاج الصناعي، ثم هناك المصير غير المؤكد لشركة "كانتري غاردن" التي تعد أكبر مطور عقاري في البلاد، والتي تكافح من أجل تجنب التخلف عن سداد ديونها الشهر المقبل، وهو حدث سيكون له عواقب وخيمة على ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إذ تسببت خسائر أسهم الشركة في حالة من التوتر في أسواق الأسهم الصينية خلال الجلسات الماضية.
وبالنسبة إلى حالة عدم اليقين في شأن أسعار الفائدة، قد يكون ما تواجهه الصين أمراً سيئاً، ولكن البيانات الصادرة على نحو غير متوقع من الولايات المتحدة قد لا تشكل أخباراً سارة أيضاً، إذ أثارت أرقام مبيعات التجزئة التي فاقت التوقعات الشكوك حول المسار المستقبلي لأسعار الفائدة الأميركية.
وفيما ترى السوق أن "الاحتياطي الفيدرالي" يقترب من إنهاء دورة التشديد النقدي العنيفة، فإن البيانات الاقتصادية القوية، إلى جانب التصريحات التي أدلى بها مسؤول كبير في "الاحتياطي الفيدرالي"، زادت من حالة عدم اليقين في شأن ما إذا كان البنك المركزي قد يجري بعض الزيادات في أسعار الفائدة في محاولة لخفض التضخم إلى المستوى المستهدف.
في السياق ذاته، لا تزال البنوك الأميركية تشكل مصدر قلق، وقد تراجعت أسهم البنوك الأميركية في تعاملات أمس الثلاثاء، بعد أن أشار محللون لدى وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني إلى أنها قد تخفض التصنيف الائتماني لأكثر من 70 بنكاً أميركياً إذا خفضت تصنيفها للقطاع، ومن بين البنوك المعرضة لتخفيض تصنيفها "جي بي مورغان" و"بنك أوف أميركا"، أكبر بنكين في البلاد من حيث الأصول، وتأتي تعليقات المحللين بعد أقل من أسبوع من خفض وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني لنحو 10 بنوك أقل حجماً، وحذرت من احتمال خفض تصنيف ستة بنوك من أكبر المؤسسات المالية في البلاد.
مؤشر الخوف في "وول ستريت" يواصل الصعود
في مذكرة بحثية حديثة، قالت وكالة "فيتش" إنها قد تضطر لخفض التصنيف الائتماني لعشرات البنوك في الولايات المتحدة، بما في ذلك البنوك الكبرى مثل "جيه بي مورغان"، وسط مخاوف في شأن صحة القطاع المصرفي الأميركي. وفي وقت سابق من هذا الشهر، خفضت وكالة "موديز" المنافسة، التصنيف الائتماني لنحو 10 بنوك في أميركا بمقدار درجة واحدة، ووضعت بنوكاً أخرى قيد المراجعة.
وحذر المحلل لدى وكالة "فيتش"، كريس وولف، من أن الوكالة قد تضطر لخفض تصنيف عشرات المصارف الأميركية التي قد تشمل بنوكاً مثل "جيه بي مورغان تشيس".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى خفض الوكالة تقييمها لصحة القطاع المصرفي في يونيو (حزيران)، قائلاً، "مرت تلك الخطوة دون أن يلاحظها أحد إلى حد كبير لأنها لم تؤد إلى خفض التصنيف الائتماني للبنوك".
وأوضح أن خفضاً آخر بدرجة واحدة لتقييم الصناعة إلى "A+" قد يجبر "فيتش" على إعادة تقييم التصنيفات لكل المصارف الأميركية، وأضاف "إذا غيرنا التقييم، فإن ذلك سيعيد تقييم جميع تدابيرنا المالية وربما يترجم إلى إجراءات تصنيف سلبية". وأشار إلى عزم وكالة "فيتش" هذه المرة على إرسال إشارات إلى السوق بأن تخفيضات البنوك تشكل أخطاراً حقيقية.
في الوقت نفسه ارتفع مؤشر "فيكس" الذي يقيس تقلبات سوق الأسهم في الولايات المتحدة الأميركية إلى ثاني أعلى مستوى له منذ نهاية مايو (أيار) الماضي، إثر تجدد المخاوف في شأن صحة القطاع المصرفي، وأغلق المؤشر الذي تشرف عليه مشغلة البورصات الأميركية "سي بي أو إي" (ويعرف أيضاً باسم مؤشر "الخوف" في "وول ستريت") مرتفعاً بنسبة 11 في المئة عند 16.46 نقطة بنهاية تعاملات أمس الثلاثاء.
ويأتي صعود المؤشر بعد تحذيرات وكالة "فيتش" من أنها قد تضطر لخفض تصنيف عشرات المصارف الأميركية التي قد تشمل بنوكاً ومؤسسات مالية ضخمة. ويعد ذلك المستوى ثاني أعلى مستوى إغلاق منذ نهاية مايو الماضي البالغ 17.94 نقطة، إذ سجل المؤشر 17.1 نقطة عند إغلاق تداولات الرابع من أغسطس (آب) الجاري، إثر خفض "فيتش" التصنيف الائتماني للولايات المتحدة.