ملخص
هل تقود المنفعة المشتركة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لاستقطاب أبطال السعودية إلى دوري الأبطال؟
كشفت تقارير صحافية أوروبية خلال الساعات الأخيرة عن وجود نية لدى مسؤولي الدوري السعودي للمحترفين لمخاطبة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، في شأن مشاركة بطل الدوري السعودي للمحترفين في مسابقة دوري أبطال أوروبا، بداية من موسم (2024 - 2025) في خطوة جديدة نحو تعزيز وانتشار كرة القدم السعودية عالمياً.
وذكرت صحيفة "كورييري ديلو سبورت" الإيطالية أن السعودية تسعى إلى الحصول على بطاقة استثنائية لضمان تأهل بطل الدوري المحلي إلى مسابقة النخبة الأوروبية بعد انطلاق نظامها الجديد بمشاركة 36 فريقاً بدلاً من 32 في الصيغة الحالية.
وتشارك أندية الدوري السعودي بالفعل في بطولتين عابرتين للحدود أولهما قارية هي دوري أبطال آسيا المؤهلة لكأس العالم للأندية، والثانية إقليمية هي البطولة العربية للأندية الأبطال التي توج النصر السعودي بلقبها هذا العام بعد الفوز على غريمه المحلي الهلال في المباراة النهائية.
وقال تقرير الصحيفة الإيطالية إنه في غضون أشهر قليلة قد يتقدم مسؤولو الدوري السعودي بطلب محدد لـ"يويفا"، لإيجاد صيغة للمشاركة في البطولة الأوروبية المرموقة.
وأشارت صحيفة "كالتشيو فينانسا" الإيطالية المخصصة في الشؤون الاقتصادية والمالية لكرة القدم والرياضة إلى زاوية مهمة بقولها إن هذه الشراكة المتوقعة بين الدوري السعودي الذي يعد الأهم والأكبر عربياً و"يويفا" ستقود كرة القدم إلى مفارقة مفادها بأن بعض عظماء اللعبة الذين خسروا فرص الاستمرار في المشاركة بدوري الأبطال بعد انتقالهم إلى أندية سعودية يمكن أن يعودوا لإضاءة سماء البطولة مرة أخرى، وهو ما سيفيد البطولة والاتحاد الأوروبي أيضاً في منفعة مشتركة.
وستتغير صيغة منافسات دوري أبطال أوروبا في موسم (2024 - 2025) ليصبح عدد الأندية المشاركة 36 فريقاً، وتقام المنافسات بينهم بحيث يلعب كل فريق ثمان مباريات قبل التأهل للمرحلة النهائية.
فكرة ليست غريبة
فكرة خوض بطل الدوري السعودي منافسات دوري أبطال أوروبا على غرابتها للوهلة الأولى ليست غريبة على الإطلاق على مسابقات كرة القدم حول العالم، إذ أصبح المنتخب المكسيكي القدم من اتحاد أميركا الشمالية والوسطى والبحر الكاريبي (كونكاكاف) ضيفاً دائماً على بطولة كأس أمم أميركا الجنوبية "كوبا أميركا" منذ نسخة 1993 مع اختيار منتخب آخر للمشاركة في كل نسخة من دون منحه حق استضافة البطولة، ثم تغيرت الصيغة في 2016 حينما وقع الاختيار على أميركا لاستضافة النسخة المئوية، وهي نفسها الدولة التي ستستضيف النسخة المقبلة في 2024.
وسبق أن شارك المنتخب القطري في "كوبا أميركا" عام 2019، ونسختي بطولة كأس (كونكاكاف) الذهبية في عامي 2021 و2023.
وفي السابع من يونيو الماضي ذكرت تقارير صحافية سعودية أن المنتخب السعودي الأول لكرة القدم قد يكون أحد المنتخبات المتنافسة على لقب بطولة "كوبا أميركا" عام 2024 التي من المقرر أن تستضيفها أميركا، ونقلت صحيفة "عكاظ" عن مصدر بالاتحاد السعودي لكرة القدم أنه من المنتظر الموافقة على دعوة اتحاد أميركا الجنوبية (كونميبول) للمشاركة في البطولة القارية المرموقة التي توجت الأرجنتين بلقب نسختها الماضية في صيف 2021.
وكان "كونميبول" أعلن في يناير (كانون الثاني) الماضي أن النسخة المقبلة من البطولة ستقام بمشاركة 16 منتخباً، لتضم المنتخبات الـ10 في القارة إضافة إلى ستة منتخبات من خارجها، وسيكون أغلبها من القارة الجارة أميركا الشمالية.
وفي فبراير (شباط) الماضي قال رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم ياسر المسحل في تصريحات تلفزيونية إنه سيتلقى دعوة من "كونميبول" في مارس (آذار) لمناقشة أمر دعوة الأخضر السعودي إلى المشاركة في البطولة القارية، وذلك بعد تألق منتخب الصقور في نهائيات كأس العالم 2022 في قطر وتحقيقه الفوز على الأرجنتين التي توجت باللقب لاحقاً.
ويشهد العام الحالي انطلاقة تاريخية للدوري السعودي بضم أهم نجوم كرة القدم عالمياً لدعم صفوف الأندية، وكان النصر أول من فتح باب الصفقات الكبرى حينما فاجأ العالم بضم الأسطورة البرتغالي كريستيانو رونالدو في صفقة انتقال حر بعقد قياسي، أشارت تقارير صحافية عالمية إلى تخطيه حاجز 200 مليون يورو (219 مليون دولار).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتنبأ رونالدو في تصريحات تلفزيونية لمحطة "أس أس سي" (شركة الرياضة السعودية) بأن يصبح الدوري السعودي من بين المسابقات الأكبر في العالم، إذ قال عقب فوز فريقه على الشباب في مايو (أيار) الماضي "الدوري السعودي أفضل كثيراً وسيصبح أفضل، ومن وجهة نظري خطوة بخطوة سيصبح بين أقوى خمس بطولات في العالم".
وأضاف "فقط يحتاج إلى بعض الوقت واللاعبين والبنية التحتية، لكنني أؤمن أن السعودية تملك إمكانات هائلة وشعباً مدهشاً، لذلك سيكون هذا الدوري عظيماً".
ونجح الدوري السعودي في إبرام صفقات عالمية غير مسبوقة خلال الصيف الحالي، وبحسب موقع "ترانسفير ماركت" المتخصص في الانتقالات، فإن الدوري السعودي صعد إلى المركز الخامس عالمياً في قائمة الأكثر إنفاقاً على الصفقات بإجمالي يزيد على 605 ملايين يورو (626 مليون دولار).
وأصبح النجم البرازيلي أحدث الجواهر المنضمة للأندية السعودية بارتداء قميص الهلال في صفقة كلفت خزانة المارد الأزرق 90 مليون يورو (98 مليون دولار)، ليصبح اللاعب الأغلى في تاريخ النادي وكرة القدم السعودية.
تصنيف الدوري السعودي
وجاء الدوري السعودي خلف الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري الدرجة الأولى الإيطالي والدوري الألماني ودوري الدرجة الأولى الفرنسي - على الترتيب - ومتفوقاً على الدوري الإسباني صاحب الترتيب السادس.
الهلال الذي يعد الأكثر إنفاقاً بين الأندية السعودية في الانتقالات الصيفية الحالية، بات يحتل المركز الثاني عالمياً بإجمالي 268 مليون يورو (293 مليون دولار) بعد التعاقد مع خمسة لاعبين، خلف تشيلسي الإنجليزي الذي أنفق 323 مليون يورو (353 مليون دولار) لضم سبعة لاعبين حتى الآن.
وتفوق عملاق الرياض الملقب بـ"الزعيم" على بقية أندية النخبة في أوروبا والعالم، وأتم الهلال ضم لاعب الوسط البرتغالي روبين نيفيز من ولفرهامبتون الإنجليزي نظير 60 مليون دولار، ثم قلب الدفاع السنغالي كاليدو كوليبالي من تشيلسي الإنجليزي في مقابل 25 مليون دولار، ولاعب الوسط الصربي سيرج ميلينكوفيتش سافيتش من لاتسيو الإيطالي (44 مليون دولار)، والجناح البرازيلي مالكوم من زينيت الروسي في مقابل 66 مليون دولار، قبل انضمام نيمار، ولا يزال يفتح أبوابه أمام صفقات عالمية أخرى.
وكان الأهلي ثاني أعلى أندية السعودية سخاء في سوق الانتقالات الصيفية ليحتل المركز الـ10 عالمياً وأنفق 121.7 مليون يورو (133.5 مليون دولار) لضم 10 لاعبين جدد أبرزهم النجم الجزائري رياض محرز من مانشستر سيتي والمدافع البرازيلي روجر إبانيز من روما الإيطالي، والجناح الفرنسي ألان سان ماكسيمان من نيوكاسل والحارس السنغالي إدوارد ميندي من تشيلسي الإنجليزي، ولاعب الوسط الإيفواري فرانك كيسيه من برشلونة الإسباني، والمهاجم البرازيلي روبرتو فيرمينو من ليفربول.
ومن خلف الأهلي يأتي النصر الذي عزز تشكيلته التي يقودها رونالدو بلاعبين آخرين من فئة النخبة، إذ أنفق 85 مليون دولار لضم النجم الكرواتي مارسيلو بروزوفيتش من إنتر ميلان الإيطالي، ولاعب الوسط الإيفواري ساكو فوفانا من لانس الفرنسي، والظهير الأيسر البرازيلي أليكس تيليس من مانشستر يونايتد الإنجليزي، وأخيراً النجم السنغالي ساديو ماني من بايرن ميونيخ الألماني.
وجاء الاتحاد حامل لقب الدوري السعودي في الموسم الماضي، في المركز الرابع سعودياً والـ19 عالمياً بإنفاق بلغ 83 مليون دولار، إذ دعم "العميد" صفوفه بصفقات عالمية كان أولها التعاقد مع الهداف الفرنسي كريم بنزيما من ريال مدريد الإسباني بعد أقل من عام على فوزه بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم، ثم تعاقد الاتحاد مع نجم خط الوسط الفرنسي نغولو كانتي من تشيلسي الإنجليزي، ثم الجناح الأيسر البرتغالي الشاب جوتا من سيلتيك الاسكتلندي، وأخيراً لاعب الوسط البرازيلي فابينيو من ليفربول الإنجليزي.
وسيكون بوسع أندية السعودية الاستمرار بقوة في سوق الانتقالات على عكس غالبية الدوريات الأوروبية، إذ تنتهي فترة الانتقالات في الدوري الإنجليزي الممتاز ومعه أكبر الدوريات الأوروبية في الأول من سبتمبر (أيلول) المقبل، لكن أندية الدوري السعودي للمحترفين يمكنها التعاقد مع لاعبين حتى الـ20 من سبتمبر.
وبناء على ما سبق فإن خطوة مشاركة بطل الدوري السعودي في دوري أبطال أوروبا -إن تمت - لن تكون بمعزل عن القفزات الكبيرة التي تتخذها الرياضة السعودية وبخاصة كرة القدم في السنوات الأخيرة، بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030.
وكان صندوق الاستثمارات العامة السعودي استهل استثماراته في مجال كرة القدم حين أتم في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2021، الاستحواذ على ملكية نادي نيوكاسل الإنجليزي العريق.
وسرعان ما ظهر أثر خطة الاستثمار على نادي "الماغبايس" الذي أنهى الموسم الحالي (2022 - 2023) في المربع الذهبي بالدوري الإنجليزي الممتاز ليتأهل لدوري أبطال أوروبا للمرة الأولى منذ 20 عاماً، كما بلغ نهائي كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة للمرة الأولى منذ 47 عاماً.
الصندوق السيادي السعودي الذي تأسس عام 1971، ويعد أحد أكبر الصناديق الاستثمارية في العالم بإجمالي أصول تقدر بـ727 مليار دولار في نهاية أبريل (نيسان) الماضي، استحوذ في الخامس من يونيو (حزيران) على ملكية أندية الهلال والنصر والاتحاد والأهلي المنافسة في الدوري السعودي للمحترفين كخطوة كبرى في مشروع الاستثمار في الأندية السعودية أو خصخصتها، الذي أطلقه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تحقيقاً لمستهدفات رؤية السعودية 2030 في القطاع الرياضي.
وفي السادس من أغسطس (آب) الماضي أعلن صندوق الاستثمارات السعودي تأسيس شركة "سرج" الاستثمارية بهدف دعم قطاع الرياضة في السعودية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقال الصندوق السيادي في بيان رسمي عبر موقعه الإلكتروني "ستستثمر شركة سرج للاستثمارات الرياضية في الحصول على حقوق الملكية لإنشاء الفعاليات الرياضية الجديدة، إلى جانب الاستثمار في الحقوق التجارية للبطولات الرياضية واستضافة الفعاليات الرياضية العالمية، بما يحقق أهداف الشركة في تحقيق العوائد المالية، ويدعم توطين الشراكات في مختلف أنحاء المملكة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".