ملخص
يحصل اللاجئون السوريون في المخيمات منذ بداية الشهر الجاري على تحويل نقدي قدره 21 دولاراً أميركياً للفرد كل شهر بدلاً من 32 دولاراً
دخل اللاجئون السوريون في الأردن مرحلة حساسة وأزمة إنسانية جديدة بعد وقف غالبية المساعدات الدولية وخفض أو وقف الحصص الغذائية، وسط مساع أردنية رسمية محمومة لإعادتهم إلى بلدهم طوعاً وبالتنسيق مع النظام السوري وفقاً لمخرجات "قمة جدة" العربية.
وتحول الأردن موطناً لحوالى 1.4 مليون لاجئ سوري فضلاً عن 60 ألف لاجئ عراقي تقدم لهم الحكومة الأردنية حق الإقامة والعمل والتعليم، وتسهم في تمكينهم اقتصادياً إلا أن ذلك لا يكفي في ظل تراجع دعم المجتمع الدولي الذي بدأ بالانحسار بصورة ملحوظة من عامين.
وأمام عدم قيام النظام السوري بأي خطوات حقيقية على الأرض تحقيقاً للشروط العربية من حيث توفير الظروف المناسبة والآمنة لعودتهم، يخشى كثير من اللاجئين السوريين من أن تؤدي الظروف الحالية الصعبة إلى إجبارهم على العودة لبلادهم.
خفض المساعدات الغذائية والنقدية
وتجسيداً لهذه المخاوف أعرب ممثل مفوضية اللاجئين في الأردن دومينيك بارتش عن قلقه من "خفض محتمل للمساعدات الغذائية التي يديرها برنامج الأغذية العالمي مما سيؤدي إلى تأثير كبير سلبي على اللاجئين".
ورأى بارتش أن "خفض المساعدة الغذائية من شأنه تعقيد محاولات اللاجئين للتكيف والتعايش مع الوضع المالي والاقتصادي الصعب في الأردن، إذ يضطر كثيرون منهم لإخراج أطفالهم من المدارس ودفعهم إلى سوق العمل بدلاً من التحاقهم بالمدارس".
وأشار بارتش إلى أن واحداً في المئة فقط من اللاجئين يرغبون في العودة لبلادهم خلال الـ12 شهراً المقبلة، بسبب انعدام الأمن وعم توفر الظروف المناسبة للعودة كالقضايا المتعلقة بالعفو والتجنيد الإلزامي.
ويعتمد اللاجئون السوريون على المساعدات الغذائية التي تقدمها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) وبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، ومع ذلك فإن هذه المساعدات الغذائية غير كافية مما يدفع كثيراً من اللاجئين إلى العمل في وظائف غير رسمية منخفضة الأجر.
لكن المشكلة تفاقمت بعدما أعلن برنامج الأغذية العالمي في يوليو (تموز) الماضي، تقليص مساعداته الغذائية والنقدية الشهرية المقدمة لنحو 465 ألف لاجئ، واستثناء نحو 50 ألف لاجئ تماماً من تلك المساعدات.
وقدّر انخفاض الدعم المالي بنحو 30 في المئة على رغم معاناة اللاجئين من صدمات اقتصادية سابقة، بما في ذلك أزمة كلفة المعيشة وآثار جائحة كورونا، لكن الجهات المانحة تبرر خفض المساعدات النقدية بالقول إنها وجهت نحو أكثر اللاجئين ضعفاً والأفراد المعرضين للخطر، بما في ذلك كبار السن والأطفال والنساء والأشخاص ذوي الإعاقة، لكن حاجات اللاجئين المستضعفين تجاوزت بالفعل الدعم الذي تستطيع البرامج النقدية تقديمه، إذ حصلت مفوضية اللاجئين في الأردن على 32 في المئة فقط من متطلباتها المالية للعام الحالي.
ومنذ بداية شهر أغسطس (آب) الجاري يحصل اللاجئون السوريون في المخيمات على تحويل نقدي قدره 21 دولاراً كل شهر للفرد بدلاً من 32 دولاراً.
اخلاء واكتظاظ
ومع تزايد الضغط على أسر اللاجئين لجأت بعضها إلى الاستدانة والحصول على قروض بصورة تفاقم المشكلة الاقتصادية التي يواجهونها، ويعيش معظم اللاجئين السوريين في مخيمات اللاجئين أو في الأحياء الفقيرة داخل المدن الأردنية، في حين تعاني المخيمات من الاكتظاظ ونقص الخدمات الأساس مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي، فمعظم اللاجئين القاطنين في الأحياء الفقيرة يعانون ارتفاع قيمة الإيجار الشهري والتهديد بالإخلاء بين حين وآخر بسبب عجزهم عن الإيفاء بمتطلبات المالكين.
ويشير تحليل أصدرته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن إلى أن مستويات الدَين ومعدلات التهديد بالإخلاء لدى جميع اللاجئين زادت إلى حد كبير خلال الأعوام الماضية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأجرت المفوضية مقارنة لأكثر من 70 ألف أسرة لاجئة في المجتمعات المضيفة بين فترتين زمنيتين مختلفتين (2014-2018) و(2019-2022)، وأظهر التحليل أن ديون اللاجئين الذين لا يتلقون أية مساعدة من منظمات الأمم المتحدة ارتفعت بنسبة 125 في المئة من 770 دولاراً إلى 1700 دولار، كما تبين أن هذه الفئة من اللاجئين واجهت أخطاراً وتهديدات بإخلاء منازلها أكثر من غيرها بسبب فقدان الدعم، واضطرت هذه الفئة إلى بيع مزيد من ممتلكاتها المنزلية مثل الأثاث والإلكترونيات أكثر من المجموعات الأخرى.
خطر محدق ولا موارد
وأمام هذه التطورات ثمة تحذير من عواقب خطرة على اللاجئين بفي حال لم يتم التصدي لأزمة التمويل الحالية، وأعلن برنامج الأغذية العالمي خفض قيمة المساعدات الشهرية بمقدار الثلث ليتأثر بذلك اللاجئون السوريون في مخيمي "الزعتري" و"الأزرق" والبالغ عددهم قرابة 129 ألف لاجئ.
من جهتها تتوقع وزارة الداخلية الأردنية وقف المساعدات المالية عن اللاجئين المقيمين في مخيمات الأردن اعتباراً من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ووقفها عن اللاجئين المقيمين خارج المخيمات اعتباراً من مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل، بينما أكد ممثل برنامج الأغذية العالمي في الأردن ألبرتو كوريا مينديز أن "موارد البرنامج للأشهر المقبلة فارغة تماماً، بخاصة مع ارتفاع الأسعار مما يفاقم معانة اللاجئين".
وأضاف مينديز أن "البرنامج حوّل خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي مساعدات نقدية تقدر بحوالى 98 مليون دولار، لكن الأشهر الثلاثة الماضية واجهت تحديات في شأن التمويل مما دفعنا إلى خفض قيمة المساعدات النقدية بمقدار الثلث خلال يوليو (تموز) الماضي لجميع اللاجئين خارج المخيمات والبالغ عددهم 340 ألفاً".
ويخشى مينديز مع هذا الخفض أن تلجأ عائلات اللاجئين إلى "إخراج أطفالها من المدارس وإرسالهم للشوارع، إما للتسول أو البحث عن عمل، فيما يكون مصير غالبية الفتيات الصغيرات الزواج الباكر".
يشار إلى أنه ومنذ بدء الأزمة السورية عام 2011 ولد أكثر من 200 ألف لاجئ سوري في الأردن، وفقاً لوزارة الخارجية الأردنية، فيما نصف السوريين الموجودين في البلاد تقل أعمارهم عن 15 سنة، ويدرس في المدارس الأردنية أكثر من 155 ألف طالب سوري، فيما يقطن 83.2 في المئة من اللاجئين السوريين للأردن في العاصمة عمّان ومدن أخرى، ويعيش في المخيمات نحو 16.8 في المئة منهم فقط.