Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

منصة بـ"الجنائية الدولية" لتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية

تسمح للفلسطينيين بسرد قصصهم وإرفاق صور وفيديوهات تدل على جرائم الاحتلال بحقهم

تتيح المحكمة الجنائية للفلسطينيين توثيق انتهاكات إسرائيل بحقهم (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

المحكمة الجنائية الدولية تتيح للفلسطينيين توثيق الانتهاكات الإسرائيلية بالصور والفيديوهات.

أمام منزله المدمر وقف هاشم ينظر بحسرة وأمسك هاتفه المحمول وأخذ يلتقط صوراً ومقاطع فيديو لركام بيته، ويركز على الألعاب التالفة الخاصة بابنته الصغيرة وسريرها الذي تحول جزء كبير منه إلى رماد، ومن دون أن يقترب من الخطر يوثق بقايا أجزاء الصاروخ الإسرائيلي الذي استهدف بنايته السكنية في قتال مايو (أيار) الماضي.

يوثق هاشم الدمار الذي لحق في بيته ليقدمه كأدلة للمحكمة الجنائية الدولية على ارتكاب إسرائيل انتهاكات ترقى إلى جرائم حرب ضد الفلسطينيين، فهو يحاول أن يقدم شكوى إلكترونية للقضاء الدولي ضد جيش تل أبيب، ويعتقد أن الأدلة التي جمعها لها صفة قانونية وعلى إثرها يمكن معاقبة الجناة.

منصة شكاوى

لم يكن تصرف صاحب البيت من فراغ، فأخيراً أطلقت المحكمة الجنائية الدولية منصة إلكترونية تتيح للفلسطينيين من سكان قطاع غزة أو الضفة الغربية أو القدس الشرقية تقديم الشكاوى المدعمة بالصور والفيديوهات ضد مرتكبي الجرائم من الإسرائيليين.

وأكد هاشم أن "إسرائيل دمرت بيته ظلماً في ساعات متأخرة من الليل، وأن شكواه عادلة وتستحق النظر فيها، فالمنزل كان يضم أطفالاً وذوي إعاقة وكباراً في السن، وهذا بحد ذاته جريمة ترقى لجرائم حرب إذ لا يوجد تناسب لاستخدام القوة، كما أنه جرى استهداف أعيان مدنية"، مشيراً إلى أن لديه الأدلة والوثائق التي تدين جيش تل أبيب.

تصفح الرجل منصة الجنائية الدولية الخاصة بشكاوى الفلسطينيين، وبعد أن أدخل بياناته واختار منطقته السكنية رفع الصور والفيديوهات وكتب شكواه باللغة العربية، ثم أرسلها إلى الجهة القضائية لفحصها، فإذا وافقت المعايير فإنها ستدمج مع ملفات الانتهاكات الإسرائيلية في حق سكان غزة.

 

 

متفائل هاشم كما جميع الفلسطينيين بأنهم يستطيعون الوصول إلى العدالة، وأن انتهاكات إسرائيل في حقهم التي ترقى إلى جرائم حرب وتقع ضمن اختصاص الجنائية لن تمر من دون عقاب، ويعتقدون أن هذه المنصة فرصتهم لإنهاء ظاهرة الإفلات من المحاكمة.

معركة في الجنائية

اعتبر الفلسطينيون أن فتح منصة خاصة في الجنائية الدولية لتقديم شكاوى ضد إسرائيل انتصاراً لهم وخطوة متقدمة لتحقيق العدالة التي حرموا منها لسنوات طويلة، وأن هذا الإجراء قد يسهم في تخفيف جيش تل أبيب من سياساته ضدهم.

في الواقع منذ أن انضمت فلسطين إلى ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية عام 2015 بغرض ملاحقة مسؤولين إسرائيليين بتهم ارتكاب جرائم الحرب في حق الفلسطينيين، نشبت حرب قانونية بين الطرفين حول ولاية الجهة القضائية على الأراضي الفلسطينية واختصاصها بالجرائم المرتكبة في نطاق حدودها، وفي عام 2021، أكدت المحكمة اختصاصها في الملف ثم فتحت تحقيقاً رسمياً في جرائم حرب محتملة.

اقرأ المزيد

لكن على رغم ذلك عجزت المحكمة عن النظر في خمسة ملفات رفعتها فلسطين لها، وتدور حول الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في قتال عام 2014 التي تتشكل أساساً في استهداف وقتل المدنيين وتدمير مبان مدنية، وكذلك جرائم ارتكبها الجيش في سياق التظاهرات الشعبية الحدودية في 2018، وجرائم عدوان 2021 وما بعده، إضافة إلى النظر في سياسة الاستيطان بالضفة الغربية، والانتهاكات في حق الأسرى.

ولم تتمكن طواقم المحكمة الجنائية من الوصول إلى الأراضي الفلسطينية، وبسبب ذلك استمعت لروايات الشهود إلكترونياً، لكن ما زالت في طور التحقيق ولم تبدأ بعد إجراءات المحاكمة.

تدعيم بالصور

وعلى ضوء هذا الاختصاص وفي ظل تزايد الانتهاكات الإسرائيلية في حق الفلسطينيين خلال السنوات الماضية، جاءت خطوة المحكمة الجنائية في فتح منصة إلكترونية لاستقبال الشكاوى، حول ذلك يقول المدعي العام للمحكمة كريم خان "يتوجب سماع صوت الفلسطينيين والعمل على وقف الانتهاكات في حقهم، وهذه المنصة تتيح لهم الوصول للعدالة".

وحول هذه المنصة التي أطلقت على صفحة المدعي العام في المحكمة، يقول مساعد وزير الخارجية الفلسطيني للأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة عمر عوض الله إن الشكاوى يجب أن تدور بشكل مباشر في الحالات التي فتحت فيها المحكمة تحقيقاً، وتتمثل باختصار حول العدوان على غزة وانتهاكات الاستيطان.

وأضاف عوض الله "المنصة مدعمة بالذكاء الاصطناعي، ويستطيع أية ضحية للأحداث كتابة المعلومات وما تعرض له من جرائم، وبإمكانه أن يرفق هذه الشكوى بالصور والفيديوهات التي تدعم قصته مباشرة، وبعد فحصها تدمج هذه الأدلة في الملفات التي تعمل المحكمة على التحقيق فيها"، مشيراً إلى أن الجنائية ستتخذ موقفاً رادعاً ولاجماً لإسرائيل.

 

 

ومن جانب آخر قال وزير العدل الفلسطيني محمد الشلالدة إن موقع الويب التابع للجنائية الدولية يتمتع بصفة قانونية وجميع الشكاوى عليه بمثابة توثيق أمام القضاء الدولي، لذلك على الفلسطينيين أفراداً أو مؤسسات حكومية وغير حكومية تقديم الشكاوى والبلاغات ضد إسرائيل.

وأضاف الشلالدة "هذه الشكاوى ليست لمجرد التوثيق بل خطوة في طريق المحاكمة العادلة لمعاقبة الجناة، وتأكيد على أن الجرائم المرتكبة يجب ألا تمر من دون إدانة أو عقاب"، لافتاً إلى أن "إنشاء المنصة يدفع المجتمع الدولي بالمسارعة في مقاضاة مرتكبي الجرائم ومعاقبتهم".

رفض إسرائيلي

ومن جهة حقوقية يرى مدير الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان عمار دويك أنها "خطوة لسماع صوت الفلسطينيين، وجاءت بعد النظر في جميع الاعتبارات القانونية الموضوعية التي توصلت إليها المحكمة التي رأت بأن هناك جرائم حرب"، موضحاً أن جميع البلاغات والشكاوى التي تستلم تهدف إلى الضغط أكثر على مكتب المدعي العام لتسريع مجريات التحقيق والمحاكمة".

وبشكل قطعي رفضت إسرائيل خطوة "الجنائية الدولية" واعتبرت هذا الإجراء معادياً لها، وأصدر مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بياناً جاء فيه أن "الحكومة لن تتعاون في أي تحقيق تجريه المحكمة الجنائية بشأن جرائم حرب قد تكون ارتكبت في الأراضي الفلسطينية"، واصفاً الشكاوى بأنها "مزاعم لا أساس لها من الصحة، خصوصاً وأن إسرائيل تحاكم كل من يثبت أنه تجاوز القانون".

المزيد من الشرق الأوسط