Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ترسم "بريكس" ملامح جديدة للتجارة الدولية؟

تقرير بريطاني يكشف تحولات اقتصادية ستعزز المنافسة والشراكات عالميا

حجم اقتصادات "بريكس" يصل إلى 44 تريليون دولار تشكل 17 في المئة من التجارة الدولية (اندبندنت عربية)

ملخص

بالنظر إلى المشاريع التي مولها بنك التنمية نجد أن أكثر من 60 في المئة منها كانت بالدولار في حين كانت حصة اليوان الصيني أقل من ذلك

ذكر تقرير بريطاني أن انضمام عدد من الدول إلى مجموعة "بريكس" يشكل تحولاً استراتيجياً مهماً يعزز من التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء لكنه لا يخلو من التحديات. التقرير الصادر عن المركز العالمي للدراسات التنموية ومقره العاصمة البريطانية لندن أوضح أن انضمام أعضاء جدد إلى مجموعة "بريكس" يتطلب انسجاماً أكبر بين الدول من حيث التوجه والسياسات الاقتصادية.

فتوسع المجموعة من وجهة نظر كل من الصين وروسيا يهدف بالدرجة الأولى إلى تقليص الهيمنة الغربية للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الاقتصاد العالمي، في حين أن هذا الأمر غير وارد في حسابات العديد من الاقتصادات التي قد تكون جزءاً من المجموعة. فالسعودية (حال انضمامها) بحسب التقرير ترغب في تعزيز الشراكات الدولية وتوسيع نطاق الأسواق، الأمر الذي سيسهم في دعم التجارة الدولية ويرفع من معدلاتها. أما الجزائر فتسعى لأن تكون "بريكس" نواة لنظام دولي متعدد الأقطاب.

القدرات الإئتمانية لـ"بريكس"

وبحسب التقرير فإن انضمام عدد من الدول النفطية إلى "بريكس" سيدعم القدرات الإئتمانية للتكتل وبخاصة بنك التنمية الجديد  NDB الذي أسس برأس مال قدره 50 مليار دولار.  

ومنذ عام 2015، لم يتمكن هذا البنك من تقديم أكثر من 33 مليار دولار لمشاريع البنى التحتية والطاقة في حين خصص البنك الدولي نحو 104 مليارات دولار خلال عام 2022 وحده.

ولأن الدولار يسيطر على أكثر من 40 في المئة من المعاملات التجارية حول العالم فقد أدى ارتفاع قيمته إلى ارتفاع كلفة الاقتراض للعديد من الدول، حيث لم تتجاوز القروض التي منحها بنك التنمية العام الماضي المليار دولار فقط.  

تحالفات دولية معقدة

وبالنظر إلى المشاريع التي مولها بنك التنمية نجد أن أكثر من 60 في المئة منها كانت بالدولار في حين كانت حصة اليوان الصيني أقل من ذلك، لذا فإن الحديث عن تقليص هيمنة الدولار على أسواق "بريكس" أو طرح عملة جديدة لا يخدم كل الأعضاء.

فالهند التي تعتبر حليفاً وشريكاً للولايات المتحدة، لن تفرط بمكاسبها الاقتصادية لمصلحة الانحياز لطرف من دون الآخر. كما أنها لا ترغب في تعزيز نفوذ اليوان الصيني بخاصة في ظل التنافس التجاري بين الدولتين والنزاع الحدودي في جبال الهيمالايا.

وكذلك هي الحال مع الدول التي لديها علاقات جيدة مع مجموعة الدول السبع والتي تشعر أن العقوبات المفروضة على روسيا بسبب الحرب الأوكرانية بدأت تشكل عاملاً ضاغطاً عليها.  

فجنوب أفريقيا، التي شهدت علاقتها مع واشنطن بعض التوتر على خلفية تقارير تحدثت عن بيعها أسلحة لروسيا، لن تفرط في علاقاتها التجارية المميزة مع الولايات المتحدة،  بخاصة وأنها تعتبر ثاني أكبر شريك لها بعد الصين، حيث تجاوزت صادراتها للسوق الأميركية الـ 14 مليار دولار في 2021 مستفيدة من اتفاق التجارة الحرة بن البلدين.

سلاسل الإمداد

وقد ساهم الصراع التجاري بين واشنطن وبكين في زيادة المخاوف من أن يساهم توسع "بريكس" في تعميق الانقسام في التجارة الدولية. فانضمام اقتصادات لها ثقلها ودورها المهم في سلاسل إمداد الطاقة العالمية قد يغير من أنماط الانتاج ومواقع التصنيع والتجميع والتخزين والطلب على الموارد ما يعني تغيراً واضحاً في نمط التجارة الدولية.

وسيحتاج الاقتصاد العالمي عاماً على الأقل لاستيعاب المتغيرات ما يرفع من التكاليف ويتطلب إنفاقاً أكبر على البنى التحتية لدعم سلاسل الإمداد الجديدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبالنظر لحجم اقتصادات "بريكس" البالغ 44 تريليون دولار والتي تشكل 17 في المئة من التجارة الدولية فإن انضمام اقتصادات جديدة للمجموعة سيزيد من ثقلها الاقتصادي ومن حصتها في التجارة الدولية وقد يرفع من حجم التجارة البينية في المجموعة والذي لم يتجاوز 6 في المئة فقط.

ويشير التقرير إلى أن التأثير الاقتصادي لمجموعة الدول السبع كان أكبر. فاقتصادات "بريكس" التي يشكل سكانها 42 في المئة من سكان العالم ساهمت بنحو 31.5 في المئة من الاقتصاد العالمي في حين أن الدول السبع التي يشكل سكانها 10 في المئة فقط كانت مساهماتهم بحدود 30.7 في المئة ما يعني أن انتاجية الدول الصناعية أكثر كفاءة وفعالية.

دعم للتجارة الدولية أم إضعاف لها؟

ويشكل تباين الحجم الاقتصادي لدول "بريكس" تحدياً حقيقياً، فإنتاج الصين يقارب الـ 19.4 تريليون دولار هذا العام في حين أن انتاج جنوب أفريقيا بحدود 399 مليار دولار أي ما يعادل خمس نظيره في الصين. لذا فإن إيجاد توازن في العلاقة بين أعضاء "بريكس" أمر أساسي بخاصة في ما يتعلق بتمويل المشاريع والحوكمة والمرونة في اتخاذ القرارات.

وقد يكون من الصعب الحكم في ما إذا كان لتوسع مجموعة بريكس آثار إيجابية على الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية لأن ذلك يعتمد على سرعة تبني الكتلة الجديدة للأنظمة التجارية ومدى ابتعادها عن الدولار بالإضافة لإدارتها للتجارة الدولية وتعاملها مع الأسواق العالمية.

وإذا نجحت دول "بريكس" في تنويع سلاسل الإمداد على قاعدة الشراكة فستكون لذلك آثار إيجابية على التجارة الدولية ويرفع من معدلاتها أما إذا ازداد التبادل التجاري بين أعضاء "بريكس" على حساب الاقتصادات الأخرى من خارج التكتل فإن ذلك سيعمق من حالة الانقسام وينعكس سلباً على الاقتصاد العالمي. ويرتبط هذا الأمر أيضاً برغبة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في تحسين شروط التجارة الدولية وطريقة تعاطيهم مع بعض الشركاء.

ومع التوقع بارتفاع مساهمة "بريكس" في عام 2030 لتكون أكثر من 50 في المئة من مجمل الناتج المحلي للاقتصاد العالمي فإن ذلك سيعزز نفوذ أعضاء "بريكس" في المؤسسات الدولية كمنظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي ما قد يدفع الدول السبع لاتخاذ مواقف أقل تشدداً.

وإلى أن يتم تحديد طبيعة العلاقات التجارية الجديدة  فإن الاقتصاد العالمي سيشهد حالة من الترقب واللايقين تنعكس على أدائه إلى عام 2025 حيث سنشهد فصلاً جديداً في التجارة الدولية.

اقرأ المزيد