ملخص
استبعد البيت الأبيض تنافس بريكس كتحالف دولي وسط انقسام أعضائها إزاء القضايا الحاسمة فيما أعلن بوتين في كلمة مسجلة أن المجموعة تعمل لصالح "الأغلبية العالمية"
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تصريحات مسجلة أمام قمة مجموعة بريكس المنعقدة في جنوب أفريقيا، اليوم الثلاثاء، إن المجموعة تسير في طريقها لتلبية تطلعات معظم سكان العالم.
وأضاف "نحن نتعاون على أساس مبادئ المساواة ودعم الشراكة واحترام مصالح بعضنا البعض، وهذا هو جوهر المسار الاستراتيجي لمجموعتنا و(هو مسار) موجه نحو المستقبل، وهو المسار الذي يلبي تطلعات القسم الأكبر من المجتمع العالمي. ما يسمى الأغلبية العالمية".
ويمثل أعضاء مجموعة بريكس، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، أكثر من 40 في المئة من سكان العالم. ومن المتوقع أن تناقش القمة إضافة أعضاء جدد، لكن بوتين لم يتطرق إلى هذه المسألة.
من جانبه، قال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة تستبعد تحول مجموعة دول بريكس إلى منافس جيوسياسي لها أو لأي بلد آخر.
وأضاف في إفادة صحافية "هذه مجموعة متنوعة من الدول. لديها اختلاف في وجهات النظر بشأن القضايا الحاسمة".
قمة بريكس
اجتمع زعماء دول "بريكس" في جوهانسبرغ اليوم الثلاثاء لحضور قمة يبحثون فيها توسع المجموعة، مع سعي بعض الأعضاء إلى تحويلها إلى قوة موازية للغرب، وسط زيادة الاهتمام بالمجموعة التي بدأت بأربع دول عام 2009، وتوسعت العام التالي مع انضمام جنوب أفريقيا.
وقبيل القمة أعربت 40 دولة في الأقل عن اهتمامها بالانضمام إلى المجموعة، بما فيها إيران والسعودية وبنغلاديش والأرجنتين، بحسب مسؤولين.
وستطرح جنوب أفريقيا على قادة بلدان "بريكس" مقترحاً لتوسيع العضوية، فيما يتوقع صدور قرار بهذا الشأن في ختام القمة، لكن محللين أبدوا حذرهم حيال الأمر.
تكتلات عالمية
فرضت التوترات العالمية المتصاعدة التي أثارتها الحرب في أوكرانيا وتصاعد التنافس بين الصين والولايات المتحدة إلحاحاً على حملة لتعزيز قوة المجموعة التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا التي عانت أحياناً انقسامات داخلية وافتقاراً لرؤية متماسكة.
واستضافت جنوب أفريقيا الرئيس الصيني شي جين بينغ، المؤيد الرئيس لتوسع "بريكس"، في زيارة رسمية صباح اليوم الثلاثاء، قبل اجتماعات مع قادة المجموعة الآخرين في وقت لاحق اليوم.
التريج للتعددية الدولية
وقال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوسا الذي كان جالساً إلى جانب شي، إن البلدين لديهما "وجهات نظر مماثلة" في ما يتعلق بالتوسع.
وأضاف رامابوسا "نشارك وجهة نظر الرئيس شي بأن ’بريكس‘ منتدى شديد الأهمية ويلعب دوراً مهماً في إصلاح الحوكمة العالمية وفي الترويج للتعددية والتعاون في جميع أنحاء العالم".
ويحضر الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي القمة التي تمتد بين يومي الـ22 والـ24 من أغسطس (آب).
بوتين يشارك "عن بعد"
ولن يحضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المطلوب بموجب مذكرة توقيف دولية لاتهامه بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا، بشخصه في جنوب أفريقيا لكنه سيشارك فيها عبر الإنترنت.
وقال شي بعد وقت قصير من وصوله إلى جنوب أفريقيا، "أنا واثق من أن القمة المقبلة ستكون مرحلة مهمة في تطوير آلية بريكس".
وإضافة إلى مسألة التوسع، يناقش جدول أعمال القمة أيضاً تعزيز استخدام العملات المحلية للدول الأعضاء. لكن المنظمين في جنوب أفريقيا يقولون إنه لن تجري مناقشة مسألة عملة لـ"بريكس"، وهي فكرة طرحتها البرازيل في وقت سابق من هذا العام كبديل للاعتماد على الدولار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أسباب شتى
تظل بريكس تضم مجموعة متباينة من الدول تمتد من الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم الذي يعاني حالياً التباطؤ، إلى جنوب أفريقيا، مضيف هذا العام الضعيف اقتصادياً الذي يواجه أزمة طاقة أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي بشكل يومي.
والهند التي تعزز تقاربها مع الغرب، وكذا تفعل البرازيل في عهد زعيمها الجديد، بينما تعاني روسيا عقوبات غربية بسبب حربها في أوكرانيا.
وتقع اشتباكات بين الهند والصين على طول حدودهما المتنازع عليها بين الحين والآخر، مما يزيد من صعوبة صنع القرار في مجموعة تعتمد على توافق الآراء.
وكان التوسع هدفاً للصين منذ فترة طويلة إذ تأمل أن تضفي العضوية الأوسع نفوذاً لمجموعة تضم بالفعل نحو 40 في المئة من سكان العالم وربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
ويشارك القادة في اجتماع مغلق وعشاء مساء الثلاثاء من المرجح أن يناقشوا فيه إطار عمل ومعايير القبول لدول جديدة.
وفيما يرى الأكاديمي المتخصص في الاقتصاد السياسي بجامعة "ويتووترسراند" في جوهانسبورغ غاني روسو، "برأيي سيتم التفكير بتوسيع إضافي محتمل خلال العام الحالي، ولن يتخذ قرار أثناء القمة لإتاحة مزيد من الوقت" لدراسة الأمر، يذهب مؤسس معهد الدراسات الأمنية في بريتوريا جاكي سليير أن "بريكس" تعتمد على الإجماع، مما يشكل "عقبة رئيسة" أمام صناعة القرارات.
وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية، "على الأمد البعيد، أرى أن المنافسة التي لا مفر منها بين الصين والهند ستكون على الأرجح التحدي الرئيس الذي سيواجه (بريكس) في نهاية المطاف".
توسع مختلف عليه
لكن التوسع أصبح نقطة خلاف بين دول المجموعة، ففي حين تحرص روسيا على ضم أعضاء جدد لمواجهة عزلتها الدبلوماسية بسبب غزوها لأوكرانيا، فإن وزير الخارجية الهندي فيناي كواترا قال أمس الإثنين إن بلاده التي تشعر بالقلق من الهيمنة الصينية تحذر من التسرع في التوسع، على رغم إعلانه أن لدى بلاده "نوايا إيجابية وعقلاً منفتحاً".
أما البرازيل فتخشى أن يؤدي توسع "بريكس" إلى إضعاف نفوذ المجموعة، لكن التوسع المحتمل لمجموعة "بريكس" ما زال معلقاً، واعتزام المجموعة أن تصبح نصيراً "للجنوب العالمي" النامي وتقديم بديل لنظام عالمي تهيمن عليه الدول الغربية الثرية يجد صدى بالفعل.
وقال مسؤولون في جنوب أفريقيا إن أكثر من 40 دولة عبرت عن اهتمامها بالانضمام إلى "بريكس"، ومن بين هذه الدول طلب ما يزيد على 20 دولة منها رسمياً الانضمام، ومن المتوقع أن ترسل دول أخرى وفوداً إلى جوهانسبرغ.