Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أي الدول العربية الأقرب إلى الانضمام لـ"بريكس"؟

مصادر تشير إلى السعودية والإمارات ومصر وتباينات بين الأعضاء في شأن "معايير التوسع"

أكثر ما يثير الجدل بين أعضاء "بريكس" هو تباين الأهداف في الوقت الراهن على الصعيد الوطني (رويترز)

ملخص

تثير مسألة توسع "بريكس" نقطة تباين رئيسة بين الصين والهند المتخوفة من طموحات بكين في أن تقود التكتل بما يتماشى مع أجندتها الجيوسياسية في صراعها مع أميركا على الهيمنة العالمية

حتى ساعات قليلة قبل الانطلاق الرسمي للقمة الـ15 لتجمع "بريكس" في جوهانسبورغ أمس الثلاثاء، أبدى كثيرون تفاؤلهم في شأن قرب حسم قادة الاقتصادات الناشئة الخمس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) لملف توسع التكتل المحتمل، الهادف إلى زيادة نفوذ المجموعة دولياً، ومضيها قدماً نحو التحول لقوة موازية للهيمنة الغربية على المؤسسات العالمية.

لكن انطلاق منتدى أعمال "بريكس" بحضور كل من الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا والرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيسة بنك التنمية الجديد ديلما روسيف (رئيسة البرازيل السابقة)، في ظل تغيب الرئيس الصيني تشي جينبينغ عن الحضور على رغم وجوده في جنوب أفريقيا، عكس بعض التباين في الرؤى بين القادة الحاضرين وعدم حسم ملف التوسع بعد، وأنه لا يزال في حاجة إلى جهد خلال يومي القمة المتبقيين للوصول إلى "توافق نهائي وشامل حول معايير التوسع المرتقب"، وفق ما أوضحه مصدر دبلوماسي رفيع المستوى لـ"اندبندنت عربية".

قبل أيام من القمة أعلنت وزيرة الخارجية الجنوب أفريقية ناليدي باندور أن نحو 40 دولة في الأقل أعربت عن رغبتها في الانضمام إلى التكتل الذي يمثل ما مجموعه نحو 42 في المئة من سكان العالم، و24 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و18 في المئة من التجارة العالمية، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن نحو 23 دولة تقدمت بطلبات رسمية، من بينها ثماني دول عربية.

وفق باندور فإن الدول العربية التي تقدمت بطلبات رسمية للانضمام إلى "بريكس" هي السعودية والإمارات ومصر الجزائر والبحرين والكويت وفلسطين والمغرب (نفت لاحقاً طلب الانضمام)، فيما ضمت قائمة الدول الأخرى بنغلاديش وإيران وكازاخستان ونيجيريا والسنغال وإثيوبيا وبيلاروس وبوليفيا والأرجنتين وفنزويلا وفيتنام وكوبا وهندوراس وإندونيسيا وتايلاند.

مصادر جنوب أفريقية وروسية قالت في تصريحات خاصة "من بين الدول التي تقدمت بطلبات رسمية، تبدو دول السعودية والإمارات ومصر والأرجنتين ونيجيريا الأقرب إلى الانضمام، نظراً إلى حجم اقتصاداتها ومساحتها الجغرافية وكتلتها السكانية"، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنه حال مضي الخطوة، فإن "تغيراً جيوسياسياً واسعاً سيحدثه ’بريكس‘ خلال السنوات المقبلة على الصعيد العالمي"، وهو الأمر الذي تتحسسه البرازيل في ما يتعلق بتوسيع العضوية.

العرب و"بريكس"

المتحدث باسم وزارة الخارجية الجنوب أفريقية كلايسون مونييلا يرى أنه "من بين ملفات انضمام عربية وشرق أوسطية عدة، تبدو ملفات كل من السعودية والإمارات ومصر وتليهم الجزائر الأقرب إلى الحسم حال توافق أعضاء ’بريكس‘ على معايير التوسع المترقبة في شأن العضوية في التكتل".

وفي حديثه لـ"اندبندنت عربية" قال مونييلا "لا شك أن ملف توسع العضوية في ’بريكس‘ هو أحد أبرز المواضيع المطروحة خلال القمة الحالية، التي من المقرر أن يتخذ القادة قرارات حاسمة في شأنها بنهاية القمة"، موضحاً أن دولاً بعينها من بين تلك التي تقدمت بطلبات رسمية سيحدث انضمامها حال توافقها مع معايير "بريكس" إعادة تعريف جيوسياسي على المستوى الدولي، في إشارة إلى دول عدة، من بينها السعودية والإمارات ومصر على الصعيد العربي.

وأكد مونييلا أن بلاده تدعم توسيع عضوية "بريكس"، وقبول أعضاء جدد ممن تتوافق اقتصاداتهم مع معايير التوسع تلك، إلا أنه عاد وذكر أن مثل تلك القرارات تتخذ "عبر التوافق بين الدول الأعضاء"، وهو ما يؤشر إلى وجود تباينات في الرؤى في شأن تلك المعايير النهائية، لكن على رغم ذلك التباين "من المرجح أن يحسم هذا الملف في القمة الراهنة".

 

 

ووفق مراقبين فإن الدول العربية الثلاث إضافة إلى الجزائر، هي من تمتلك حظوظاً أكبر على صعيد الانضمام لـ"بريكس" في الفترة المقبلة، لما تمتلكه تلك البلدان من أهمية جيوسياسية وحجم اقتصادات كبير، فضلاً عن مساحاتها الجغرافية وتعداد سكانها، وما تملكه كذلك من ثروات على الصعيد الطاقوي والمعدني. وهو الأمر الذي عبر عنه صراحة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في يونيو (حزيران) الماضي، قائلاً إن "انضمام السعودية والإمارات والجزائر ومصر إلى ’بريكس‘ سيثري المجموعة بما لهذه الدول من إرث حضاري عربي وإسلامي".

في الاتجاه ذاته تحدث إلينا مصدر دبلوماسي روسي في حديث مقتضب قائلاً "إنه وعلى رغم أن معايير توسيع العضوية في تكتل ’بريكس‘ لم تحسم بعد بين الدول الأعضاء، إلا أن الرغبة المشتركة بين الدول الخمس الأعضاء في شأن ضرورة المضي قدماً نحو مواجهة الهيمنة الغربية على النظام الاقتصادي العالمي وتأكيد التعددية القطبية في العالم، هي ما قد يفرز في النهاية توافقاً حول معايير التوسع وانضمام أعضاء جدد للتكتل".

وتجلت رغبة الرباعي العربي (السعودية والإمارات ومصر والجزائر) في الانضمام لـ"بريكس"، من خلال المشاركة الرسمية الرفيعة في اجتماع أصدقاء دول "بريكس" الأخير في كيب تاون بجنوب أفريقيا يونيو الماضي، إذ شارك من الجانب السعودي وزير الخارجية فيصل بن فرحان، ومن الجانب الإماراتي وزير الخارجية عبدالله بن زايد، فيما شارك افتراضياً وزير الخارجية المصري سامح شكري في الاجتماع ذاته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب تقارير عدة فإن انضمام السعودية والإمارات إلى مجموعة "بريكس" يكتسب أهمية بالغة، إذ إن البلدين منتجان رئيسان للنفط، وسيستفيدان من تحسين العلاقات الاقتصادية مع الصين والهند، وهما مستهلكان رئيسان للنفط.

كذلك تمتلك الرياض عديداً من الأوراق التي تؤهلها للانضمام للتكتل، من بينها الاحتياطي الضخم من الثروات المعدنية، وكونها أكبر مصدر للنفط على مستوى العالم، وأكبر اقتصاد عربي، وثاني أكبر دولة من حيث المساحة بعد الجزائر.

كما أن من شأن انضمام السعودية إلى "بريكس" أن يرفع حجم اقتصاد التكتل بأكثر من 1.1 تريليون دولار، بعد أن وصلت مساهمته إلى 31.5 في المئة من الاقتصاد العالمي، في مقابل 30.7 في المئة لمجموعة السبع الصناعية الكبرى.

كذلك يحظى البلدان تحديداً بدعم واضح لانضمامها لـ"بريكس" من غالبية الدول الأعضاء، وهو ما بدا في تصريحات رسمية سواء روسية أم صينية وجنوب أفريقية، كما أعرب الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا حين قال في وقت سابق من العام الحالي إن "من المهم للغاية" للسعودية الانضمام إلى مجموعة بريكس، إضافة إلى الأرجنتين والإمارات إذا رغبتا في ذلك.

من جهتها تسعى القاهرة إلى الانضمام للتكتل بشكل رسمي "بحثاً عن توسيع الوجود الدولي مع تلك الكيانات والمؤسسات الجديدة لتحقيق أكبر استفادة سياسية واقتصادية"، وفق ما أعلنه وزير المالية المصري محمد معيط في تصريحات محلية أخيراً، وذلك بعد أن انضمت القاهرة رسمياً إلى بنك التنمية الجديد التابع لـ"بريكس" في مايو (أيار) الماضي.

وفي يونيو الماضي كشف السفير الروسي لدى القاهرة غيورغي بوريسينكو عن تقدم مصر بطلب للانضمام لـ"بريكس"، مرجعاً الأمر إلى أن "إحدى المبادرات التي تشارك فيها ’بريكس‘ حالياً هي تحويل التجارة إلى عملات بديلة قدر الإمكان، سواء كانت وطنية أم إنشاء عملة مشتركة، ومصر مهتمة جداً بهذا الأمر".

وإجمالاً يمثل انضمام دول عربية إلى المجموعة محطة مهمة في تحول موازين القوى الاقتصادية العالمية، فالجزائر ومصر والسعودية والإمارات مرشحة لتكون دولاً رائدة في إنتاج وتصدير الطاقات النظيفة خلال العقود القليلة المقبلة، على غرار الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء التي من المتوقع أن تنافس الوقود الأحفوري.

حسم "مؤجل"

أمام ترقب حسم انضمام أعضاء جدد لـ"بريكس" خيم الغموض على مستقبل توسيع التكتل برمته في القمة الحالية الممتدة حتى غد الخميس الـ24 من أغسطس (آب)، إثر ما انعكس من تباين في الرؤى في كلمات قادة المجموعة خلال منتدى الأعمال الذي انعقد في وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء، الذي غاب عنه الرئيس الصيني تشي جينبينغ من دون معرفة سبب عدم الحضور، إذ بدا أن بكين وبريتوريا وموسكو تدعمان توجه التكتل في ضم أعضاء جديد، فيما أبقت برازيليا ونيوديلهي على تحفظها تجاه الخطوة.

وبعد أن عبر الرئيس الجنوب أفريقي رامافوزا عن دعمه رسمياً لفكرة توسيع عضوية "بريكس" في لقائه مع  الرئيس الصيني أمس الثلاثاء، أعرب تشي جينبينغ في كلمته خلال منتدى الأعمال، التي تلاها نيابة عنه وزير تجارته وانغ ون تاو، عن دعمه للخطوة، قائلاً "في الوقت الحالي تتكشف التغيرات في العالم، وفي عصرنا وفي التاريخ على نحو غير مسبوق، مما ينقل المجتمع البشري إلى منعطف حرج"، مضيفاً "مسار التاريخ تشكله الاختيارات التي نتخذها".

وشدد جينبينغ على أن "الهيمنة ليست في الحمض النووي للصين"، قائلاً إن المحادثات في جوهانسبورغ لا ترمي إلى "الطلب من بلدان اختيار طرف ضد آخر أو خلق مواجهة جماعية، بل توسيع نطاق هندسية السلام والتنمية".

 

 

ووفق الرئيس الصيني فإنه "بغض النظر عن أية مقاومة قد تواجهها، فإن مجموعة ’بريكس‘ هي قوة إيجابية وراسخة من أجل النوايا الحسنة وهي تنمو باستمرار"، مضيفاً "سنقيم ضمن ’بريكس‘ شراكة استراتيجية أقوى، وسندفع قدماً نحو توسيع نطاق العضوية، والمساعدة في جعل النظام العالمي أكثر عدالة وإنصافاً".

في المقابل كشفت كلمة الرئيس البرازيلي عن وجود اختلافات في الرؤية داخل المجموعة التي يقول محللون سياسيون إنها تجد صعوبة منذ فترة طويلة في صياغة رؤية متسقة لدورها في النظام العالمي، وقال لولا دا سيلفا أمس الثلاثاء خلال بث عبر وسائل التواصل الاجتماعي من جوهانسبورغ "لا نريد أن نكون نقطة مقابلة لمجموعة السبع أو مجموعة الـ20 أو الولايات المتحدة، نريد تنظيم أنفسنا فحسب"، موضحاً "جل ما نقوله هو إننا موجودون، ونحن بصدد تنظيم صفوفنا ونريد الجلوس إلى طاولة المفاوضات على قدم المساواة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وغيرها من الدول".

هذا التصريح جاء غداة يوم من إعلان وزير الخارجية الهندي فيناي كواترا أن بلاده تشعر بالقلق من الهيمنة الصينية، محذراً من التسرع في التوسع، مع الإشارة إلى أن بلاده لديها "نوايا إيجابية وعقل منفتح"، وذلك في وقت تخشى البرازيل أن يؤدي توسع ’بريكس‘ إلى إضعاف نفوذ المجموعة، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز".

ويقول أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بريتوريا توسي مابوزا إن "أكثر ما يثير الجدل بين أعضاء ’بريكس‘ هو تباين الأهداف في الوقت الراهن على الصعيد الوطني"، موضحاً أنه "في وقت تتشارك الدول الأعضاء الأهداف الاقتصادية فرضت التحديات السياسية والأمنية أهدافاً وغايات سياسية متباينة لدى تلك الدول".

ويتابع مابوزا "بالنسبة إلى الهند والبرازيل يبدو أنهما على الصعيد السياسي أقرب إلى التكتل الغربي، وذلك في وقت لا تبدو فيه العلاقات الهندية - الصينية في أفضل أحوالها، في المقابل تحاول كل من بكين وموسكو جذب أكبر عدد من الدول حول العالم في صفيهما لتعزيز مواقفهم في مواجهة الغرب بقيادة الولايات المتحدة، وهي أمور كلها من شأنها أن تعقد أي توافق مستقبلي قد تمضي ’بريكس‘ باتجاهه".

ووفق مابوزا بشكل رئيس "تثير مسألة توسع العضوية نقطة تباين رئيسة بين الصين والهند المتخوفة من طموحات بكين في أن تقود التكتل في النهاية بما يتماشى مع أجندتها الجيوسياسية في صراعها مع الولايات المتحدة على الهيمنة العالمية"، في الأثناء ووفق مراقبين تتزايد أهمية مجموعة "بريكس" بالنسبة إلى روسيا، في وقت يواجه فيه اقتصادها عقوبات غربية بسبب الحرب في أوكرانيا، لذلك تتطلع موسكو إلى بناء علاقات دبلوماسية وتجارية جديدة مع آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، وهذا ما يثير بعض التخوفات من دول أخرى في المجموعة عبرت عن رفضها "الانخراط في الصراع بين القوى العالمية"، كما تحدث الرئيس الجنوب أفريقي في خطابه المتلفز عشية انطلاق القمة قائلاً "سنلتزم بسياسة عدم الانحياز ونسعى إلى التعاون مع الجميع".

وعلى هذا الوقع كان لافتاً تصريحات مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان مساء أمس الثلاثاء، حين اعتبر أن بلاده "تستبعد تحول مجموعة دول ’بريكس‘ إلى منافس جيوسياسي لها"، مضيفاً "هذه مجموعة متنوعة من الدول، لديها اختلاف في وجهات النظر في شأن القضايا الحاسمة".

المزيد من تقارير