(الفيلم من إخراج جيمس بوبين، و لعب دور البطولة إيزابيلا مونر، إيفا لونغوريا، بينيشيو ديل تورو (أداء صوتي)، داني تريخو (أداء صوتي)، مايكل بينيا، ويوجينيو ديربيث، أما التقييم الرقابيفينصح بمشاهدته بتوجيه من الوالدين (مدة الفيلم 102 دقيقة)
أقدم هنا هذه التوطئة لأي شخص ليست لديه فكرة عن المستكشفة دورا بطلة مسلسل "مغامرات دورا": هي فتاة صغيرة من أعز أصدقائها قرد وحقيبة ظهر متكلمة، وهي تحب الألغاز والحساب والمفردات الإسبانية. كما أنها لا تؤمن بالحاجز بين المشاهدين والشخصيات على الشاشة أو ما يعرف اصطلاحاً بـ "الجدار الرابع". ولم تكن نجمة مسلسل الرسوم المتحركة الذي تنتجه شبكة "نيكلوديون" التلفزيونية لسنوات طويلة، المرشحة البديهية لبطولة النسخة الحيّة من العمل.
في الواقع، كانت الفكرة سخيفة بما فيه الكفاية لتتعرض للسخرية على الإنترنت لمرات عدة. لكننا في عام 2019، وقد تبددت الحدود بين السخرية والواقع، فأصبح فيلم "مغامرات دورا" حقيقياً، وعلى عكس التوقعات، تبين إنه في الواقع عمل جيد جداً.
وسر نجاح هذا الفيلم، هو فريقه المبدع الذي جمع كلاً من المخرج والمؤلف اللّذَيْن أبدعا فيلم "ذا موبيتس" (الدمى المتحركة) عام 2011، وجيمس روبين ونيكولاس ستولر (وأسهم ماثيو روبنسون أيضاً في الإخراج ككاتب للسيناريو).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويتبع هؤلاء هنا نهجاً مشابهاً لما قدماه في ذلك الفيلم الذي كان إعادة صياغة جزئية للشخصيات التي ابتكرها صانع ومحرك الدمى جيم هينسون، وهذا ما سمح للفيلم أن يدرك إمكاناته من دون الانشغال المفرط بالجوانب اللوجستية لكل العناصر. في الواقع، لقد تعاملوا مع فكرة العمل بمتعة.
إن فكرة فيلم "دورا ومدينة الذهب المفقودة" بسيطة: تخيلوا معي كيف يمكن أن تتصرف دورا الراشدة. كما كان بادياً، فإن نشاطها مفرط حتى وهي في سن السادسة عشرة. إنها لا تزال تحب معرفة وقائع الطبيعة، والإيقاعات التحفيزية (بما في ذلك نغمة تساعدكم على بناء حفرة للفضلات في الأدغال)، وتعتقد أنه من المقبول تماماً جلب سكين ضخمة إلى الرحلات العادية. إلى حد الآن، قضت دورا حياتها كاملة في الغابة، حيث يوجد مقر والديها عالِمَيْ الآثار (يؤدي دوريهما إيفا لونغوريا ومايكل بينيا).
وهكذا، عندما يقرر والداها إرسالها إلى لوس أنجلوس للعيش مع ابن عمها دييغو (الممثل جيف والبيرغ، وهو ابن أخ الممثل الأميركي مارك والبيرغ)، تكتشف أن المدرسة الثانوية هي بيئة أخطر بكثير من تلك البيئة التي تعج بالثعابين والضفادع السامة. وبعد أن يختفي والداها بشكل فجائي، ينتهي الأمر بـ دورا في البرية مجدداً، لكنها هذه المرة برفقة مجموعة مصابة بالفزع من زملائها في الفصل المدرسي.
ويعود الفضل بالكامل إلى الممثلة مونر في جعل دورا شخصية مُقنِعة هنا. وعلى الرغم من أنها لا تكبح الصفات الشخصية المرحة والصريحة دائماً لشخصية دورا، والتي تتقن إيصال عبارات سمجة مثل "يمكنك أن تفعل ذلك!"، فإنها تجد أيضاً لحظات حيوية لا يزال ممكناً خلالها تقديم دورا كمراهقة عادية (إلى حد ما). لا شك في أن هناك بعض اللحظات التي يساورنا فيها الشك وعدم الثقة فيها. لكن أداءها، في نهاية المطاف يدعم بقية الفيلم بطريقة ما، ويتدبر أيضاً عملية الموازنة الصعبة المتمثلة في الجمع بين السذاجة الخالصة والعواطف الحقيقية.
وهناك الكثير من الإشارات الذكية والمضحكة إلى سلسلة الرسوم المتحركة. حيث هناك ظهور لكل من حقيبة دورا وخريطتها القادرتين على الكلام - على الرغم من أن ذلك كان بطريقة غير متوقعة - حتى أن الفيلم يقدم عبارتها الشهيرة، عندما تسأل الجمهور ما إذا كان يستطيع ترديد كلمة ما مرة أخرى، ثم تحدق بجمود في الكاميرا لخمس ثوان طويلة كي يتمكن جميع المشاهدين من ترديد الكلمة (على سبيل المثل: "هل يمكنكم أن تقولوا لذيذ؟ تتوقف لخمس ثوان ثم تقول لذيذ!).
في الفيلم كذلك عناصر كافية لأولئك الأشخاص الذين لا يعرفون الكثير عن دورا، ولكنهم يشعرون بانسجام أكثر مع عوالم شبيهة بتلك التي تدور فيها أفلام على غرار "إنديانا جونز" و"تومب رايدر" و"بيتفول".
في الواقع، من خلال التعرف على ماضي هذا النوع من الأعمال السينمائية، فإن " دورا ومدينة الذهب المفقودة" قادر على تجاوز بعض من أكثر عناصر هذا النمط إشكالية، بخاصة في ضوء حقيقة أنه فيلم نادر عن مغامرات في الأدغال وبطلته ليست من البشرة البيضاء. كما يوضح والدا دورا، فهما عالما آثار، وليسا صيادَي كنوز. وهذا يعني أن الأواني الثمينة ستظل في مكانها. وسرعان ما تدرك دورا أيضاً أن مغامراتها تأخذها على خطى المستعمرين الأوروبيين، ما يعني أن هناك تهديداً مستمراً بأنها ستعود إلى وجهتها النهائية فقط لتكتشف أن الغزاة الإسبان (أو البريطانيين) أو الفرنسيين أو الأميركيين، قد استولوا بالفعل على الذهب خاصتها، كما هو مذكور في الفيلم).
علينا الاعتراف بأن الفيلم يتعثر في أماكن قليلة. على سبيل المثل، أُقحمت بشكل غريب شخصية الشرير الرئيسة في العمل، الثعلب "سوايبر" (المحتال)، الذي يتصرف تماماً كما يوحي اسمه (قام بالأداء الصوتي للدور بينتشو ديل تورو). من ناحية أخرى، لا يبدو أن أياً من زملاء دورا المراهقين يندهش من أن الثعلب قادر على الكلام (على الرغم من وجود حوار مضحك حول القناع الذي يرتديه). ولكن إذا أخذنا في الاعتبار أن فكرة تقديم نسخة مؤنسنة من "مغامرات دورا" كانت تعد مجرد مزحة سنوات طويلة، فمن المثير للإعجاب مدى نجاح الفيلم في تحقيق ذلك.
(يبدأ عرض فيلم "دورا ومدينة الذهب المفقودة" في دور السينما في المملكة المتحدة يوم 16 أغسطس)
© The Independent