ملخص
الهدف من "حرب الفنون" تعريف العالم بجمال وتنوع السودان وإمكانية إعادة إعماره من جديد بعد إسكات صوت البنادق والمدافع
في محاولة لكسر روتين السوشيال ميديا المثقل بجراح الوطن وأخبار القتل والنزوح والاغتصاب والتشرد، أطلق مصورون سودانيون مبادرة عبر منصات التواصل الاجتماعي لمشاركة أعمالهم الفنية من أجل عكس جمال وتنوع وثراء الطبيعة، بعيداً عما رسخ في ذاكرة السودانيين من مشاهد الدمار والخراب والعنف التي خلفتها الاشتباكات المسلحة.
وتستمر المبادرة التي أطلق عليها "حرب الفنون" لأكثر من أسبوع، تشمل أعمالاً موثقة بالصور والفيديوهات، إذ يهدف الفنانون أحمد كلاسيك وفائز أبوبكر ومحمد ساتي ومحمد أحمد الأسباط إلى مواجهة أهوال حرب الخرطوم بأسلحة من نوع آخر عبر استخدام الكاميرا لالتقاط مجموعة صور لسحر الطبيعة والحياة اليومية والأسواق، وبورتريهات ووجوه لأطفال وفتيات يافعات وأخرى لرجال مسنين، فضلاً عن تراث البلاد وتنوع الفنون وغيرها.
تفاعل كبير
وجدت المبادرة تفاعلاً كبيراً من السودانيين، نظراً إلى أنها تتناول الحياة الاجتماعية والبيئة المعمارية الغنية بالألوان والأضواء، إضافة إلى المشاهد اليومية وأصحاب الصناعات الحرفية وحركة الناس والوجوه.
في السياق، يقول مؤسس المبادرة المصور أحمد كلاسيك، إن فكرة "حرب الفنون برزت لمواجهة السائد في منتديات السودانيين بمواقع التواصل الاجتماعي، مثل أخبار القتل والنزوح إلى جانب قصص ومآسي السرقة والنهب والاغتصاب، وباتت السوشيال ميديا تشكل مزيداً من الضغط النفسي على آلاف الناس داخل البلاد وخارجها".
وأضاف "نحن كمصورين نرى الجمال في كل شيء مهما كان قبيحاً، لذلك كان لا بد بل من الواجب علينا تخفيف الضغط النفسي قليلاً عن المواطنين".
وتابع المتحدث "المبادرة قدمت أعمالاً نوعية عرضت من خلالها صور تشكل هوية المجتمع السوداني وتعكس ثراء ثقافاته، بلادنا غنية بالثروات وعامرة بالمناظر الخلابة، نسج منها المصورون خيوطاً من الإبداع".
جماليات وتنوع
في سياق متصل، قال المصور محمد أحمد الأسباط "معلوم أن المشاهد العنيفة تسبب صدمات لكثر خصوصاً الأطفال والكبار، ومع تداول صور الحرب اليومية في ظل ظروف إنسانية ونفسية صعبة، عملنا على تغيير الصورة النمطية المتعلقة بمشاهد الخراب والدمار إلى أعمال تعكس جمال البلاد وتنوعها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع "تنقلت في نحو خمس مدن أصور ما يلفت نظري، وظللت أبحث عن السودان بعيداً من الحرب، جذبتني الطبيعة والناس والشوارع، والتقطت بعدسة كاميرتي صوراً نوعية عنها، ركزت على الطاقة الإيجابية التي تترك لدى مشاهدها شعوراً بالفرح".
وأردف الأسباط "أوجه كاميرتي نحو السودان الإنسان والبيئة والحياة اليومية والعادات والتقاليد وأعمال الكادحين في الأسواق، فهي صور لا يعرفها كثر عن هذه البلاد، الشعب السوداني كغيره من شعوب العالم يحب وطنه ويفخر بحضارته وثقافته".
رسائل مرئية
لاقت مبادرة "حرب الفنون" تفاعلاً كبيراً من مصورين محترفين في الدول العربية والأفريقية وحصدت آلاف التعليقات، وبدا وكأن كل من شاهد الأعمال المصورة شعر بأنه زار السودان وتعرف إلى أهله وعاداته وتقاليده وثقافته وجال في شوارعه وزار مدنه.
من جانبه يرى المصور فائز أبوبكر أنه "مع الأسف ما زال القتال مستمراً على رغم دخول المعارك شهرها الخامس، وفي كل يوم تترسخ في ذاكرة السودانيين مشاهد العنف والنزوح وغيرها، ولذلك نهدف من خلال المبادرة إلى تغيير الصورة النمطية عن الحرب ومآسيها، وتعريف العالم بجمال وتنوع البلاد وإمكانية إعادة إعمارها من جديد بعد إسكات صوت البنادق والمدافع".
وقال أبوبكر "حرب الفنون اتسمت بروح العمل والزمالة، سلاحها الكاميرا وهدفها تعريف شامل عن السودان، فضلاً عن محاولة كسر روتين السوشيال ميديا المثقل بجراح الوطن والأخبار المضللة والإشاعات وتصدر المشاهد والتريندات لشخصيات ليس لها وزن أو قيمة".
ومضى في حديثه "شخصياً أشعر أن الفن هو سلاحي للاحتجاج ضد الحرب، فهو يمنحني القوة للحديث بصوت عال عن الأشياء التي لا يتم التطرق إليها، ويتيح لي نشر الرسائل بلغة مرئية، فهو وسيلة للتعبير عن القيم التي أؤمن بها".
توظيف الإبداع
في المقابل، اعتبر المصور محمد ساتي أن "المبادرة قدمت نظرة ثاقبة جديدة لهذا البلد الذي يعاني ويلات الصراع المسلح، نظراً إلى قدرة المصورين على سرد قصصهم الآن أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً مشاهد الطبيعة والإنسان والأماكن المهملة".
وقال ساتي "حلمي تطوير شيء يبرز الجمال الحقيقي للسودان وشعبه، ويقدم نظرة مختلفة للبلاد، غير مشاهد العنف والقتل التي نراها في وسائل الإعلام العالمية".
وتابع "توظيف الإبداع من أجل الرقي بالذوق هو المهمة الحقيقية في صنع الحياة واغتناء الوجود الإنساني. الأعمال ترقى إلى ما نهدف إليه تماماً، بدليل المتابعة الكثيفة وحصد آلاف التعليقات والمطالبة بمواصلة المبادرة".