Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"المؤتمر الشعبي"... حصان صالح الذي تاه بسقوط فارسه

41 عاماً على تأسيس التيار السياسي الذي ارتبط عضوياً بمؤسسه واتهم بالعيش على إدارة التناقضات

الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح (أ.ف.ب.)

ملخص

41 عاماً على تأسيس التيار السياسي الذي ارتبط عضوياً بمؤسسه واتهم بالعيش على إدارة التناقضات

عندما سقط علي عبدالله صالح، تساءل الجميع عن "المؤتمر الشعبي العام"، حزبه التاريخي الذي ظل يراهن عليه كحصان الفوز عند كل جولة سباق سياسي يتهدد تفرده المطلق بالسلطة طوال فترة حكمه قبل أن يدخل مجبراً ميدان الحرب التي هوت بسائسه الماهر صبيحة الرابع من ديسمبر (كانون الأول) 2017 على يد شركائه الحوثيين.

بقي الحصان يهيم وحيداً في مضمار السياسة باحثاً عن فارس جديد يعتلي صهوته ويقود جموح مناصريه، بعد أن تلاشى الفرسان واحداً تلو الآخر من قلب معركة المغرم، بعد أن ظلوا شركاء قريبين في سباق المغنم، تاركين الساحة لخيول جديدة لم تألفها ميادين السياسة والعمل التنظيمي المدني.

أين "الحصان" اليوم؟

على وقع الحرب الدائرة والمشهد الملتهب تتموج الخريطة اليمنية بالاستقطابات الحادة، وسباق التفرد والنفوذ بين مختلف القوى في محاولة للاستئثار بهذا المشهد المرتبك بحثاً عن مستقبل سياسي، مع محاولة حصر هذه التفاعلات بما يخدم كل طرف بعد أن استبدل العمل السياسي بالمدفعية والرشاش.

ولم يكن المؤتمر الشعبي العام أحد أكبر الأحزاب اليمنية والحاكم المطلق للبلاد على مدى نحو أربعة عقود مضت بعيداً من هذه التفاعلات التي تتهدد العملية السياسية برمتها، كما هي الحال بالتنظيم في الذكرى الـ 41 لتأسيسه على يد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، تعززها حالة من التجاذبات البينية تشبه تلك التي آلت إليها الظروف السياسية عقب انقلاب جماعة الحوثي على السلطة الشرعية باجتياحها العاصمة صنعاء، وسيطرتها على مفاصل الدولة ومؤسساتها في سبتمبر (أيلول) 2014.

وعقب هذه السنوات من الخبرة والدراية في الحكم وإدارة الدولة، بات الحديث عن مصير المؤتمر مثيراً لسؤال اللحظة باعتباره الكيان الذي حاز السلطة والثروة ثم تلاشى واختفى مع مقتل صالح حتى بات مهدداً بالاندثار.

يقول القيادي في الحزب والسكرتير الإعلامي للرئيس علي عبدالله صالح، أحمد الصوفي، إن الرئيس علي عبدالله صالح أوجد المؤتمر لخلق كيان وطني يواجه كافة التحديات وخلق شراكات تستدعيها المرحلة كجهاز إداري يخدم السلطة.

ويضيف "صُنع المؤتمر بما يتناسب واحتياجات الرئيس والطاقم الذي معه ليحميه، بالتالي عندما غادر صالح انتهى الحزب وما تبقى من جسده أصبح مشتتاً بهوى الأشخاص الذين يريدون أن يكونوا هم علي عبدالله صالح، ولكن لا أحد يستطيع أن يكون علي عبدالله صالح".

كيان يخدم السلطة

يرى أن المؤتمر "خارج السلطة لا شيء على رغم الحاجة له كضرورة وطنية لما يمثله منتسبوه من خبرة ودراية بشؤون إدارة الدولة استناداً لأربعة عقود فيها".

برؤية أخرى ناقدة لتجربة حزبهم يستدرك "لكن صالح لم يجعل من المؤتمر حزباً سياسياً وإنما أراد إنشاء كيان ليستخدمه في كيان آخر وهو الدولة".

يضيف "كانت فكرة (صالح) حينها تتعلق بإيجاد أفق تصالح لكل الاطراف وخلق حالة تعايش ممكن، بالتالي صنع حزباً يتناسب مع احتياجاته والطاقم الذي معه ليحميه، أي إنه كان جهازاً إدارياً يخدم السلطة".

تجربة فريدة

مع ذلك يرى أن الحزب "خاض تجربة متفردة في الشرق الأوسط وحقق إنجازات ونقلة في بلد يعيش فترة صعبة من التخلف والتطرف وحقق تسوية لعشرات القضايا ونجح في ذلك بدهاء صالح الذي استطاع ان يقود هذه التعقيدات كلها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يعيش التيار العريق الذي يتخذ من الحصان رمزاً انتخابياً له، حالة من الشتات والانقسام الرأسي الحاد الذي عبر عنه عديد من أعضائه بشيء من الأسى والغضب بعد أن أضحى مشطوراً على مستوى قادته وقواعده تتجاذبه ثلاثة أجنحة، الأول جناح مؤتمر صنعاء المتحالف مع جماعة الحوثي، والثاني مشتت بين زعامات تقيم في القاهرة وأبو ظبي، والثالث الجناح الموالي للرئيس السابق هادي وخلفه رشاد العليمي، ويقوده كل من رئيسي مجلس النواب، سلطان البركاني، والشورى، أحمد عبيد بن دغر، وهو الكيان المعادل موضوعياً لجناح صنعاء.

تهديد وجودي

في ذكرى تأسيس أكبر حزب يمني، ينظر للمؤتمر على أنه حزب ليبرالي وصف بالوسطية والاعتدال، إلا أن الخلافات تتهدده وجودياً منذ أن نشأت داخله عقب تولي الرئيس السابق، عبدربه منصور هادي، قيادة البلاد في عام 2012 وخلافه الحاد مع سلفه صالح على رئاسة الحزب على رغم أن لائحته التنظيمية تنص على أن رئيس الجمهورية ليس بالضرورة أن يكون رئيساً للمؤتمر، إلا أن صالح رفض قطعياً تسليم قيادة الحزب لخلفه الجنوبي ليبدأ الانقسام الذي شطر الحزب إلى نصفين، ثم ثلاثة حتى راح كل فصيل يصارع الآخر على أحقيته في تمثيل رأس الكيان، بالتالي جاءت نيران الخلاف إلى القواعد حول القرار الهرمي وأملاكه ودوائره التنظيمية ومكانه من العملية السياسية المرتقبة وغيرها.

وهو بحالة الشتات هذه يثبت ما ذهب إليه خصومه بأنه مثلما ارتبط تاريخياً بصالح، يؤكد اليوم أنه مرتبط عضوياً وسياسياً به حتى غدت الانقسامات الرأسية تتهدد حضوره التنظيمي في ظل سطوة جماعات الإسلام السياسي على المشهد السياسي اليمني.

مطلب رغم الإخفاق

منذ نشأته، يضم المؤتمر خليطاً متحالفاً من التيارات القبلية والعسكرية والدينية والتجارية والباحثين عن النفوذ، ويفتقد بحسب مراقبين إلى أيديولوجيا وبرنامج سياسي مدني واضح، ولهذا اتهم خلال فترة حكمه بحسب تصنيفات محلية ودولية، بالفساد والإثراء غير المشروع لقياداته، وإيصال اليمن إلى مستوى الدول الفاشلة، في حين اتهم من قطاعات شعبية بإدارة الدولة بالولاءات الاجتماعية والنفوذ واللعب على التناقضات وخلقها أحياناً.

ولكن على رغم ذلك يحظى الحزب بشعبية ودعم محلي برزت أخيراً تطالب بإعادته إلى واجهة الحكم.

وسعياً لاستعادة توحيد توجهه وقراره، اعتبر الصحافي المؤتمري ثابت الأحمدي، أن ما يعتري المؤتمر الشعبي العام هو جزء مما اعترى الدولة نفسها، وجزء مما اعترى بقية الأحزاب السياسية على الساحة كالإصلاح والاشتراكي والناصر والسلفي.

يضيف في حديثه لـ"اندبندنت عربية" أنه "باستعادة الدولة سيعود المؤتمر، وستعود كل الأحزاب الأخرى".

قيادات مقبولة

يرفض الأحمدي وصف المؤتمر بـ "حزب صالح فلدينا قيادات وازنة وكبيرة مشهود لها بالكفاءة والحنكة السياسية، مثل الدكتور رشاد العليمي، والدكتور أحمد عبيد بن دغر، وغيرهما، وهما اليوم واجهتان اعتباريتان في الشرعية اليمنية مقبولتان محلياً وإقليمياً ودولياً، وعليهما يعول اليمنيون كثيراً".

يخلص، إلا أن المؤتمر "حزب سياسي على الساحة، وإن بحالة مشلولة، لكنه سيستعيد دوره الريادي باستعادة الدولة".

على أسس سياسية

برؤية تستشرف عمله مستقبلياً، يرى الإعلامي في الحزب، عبد اللطيف الصعر، أن إصلاح بيت المؤتمر من الداخل سيكون له مكاسب جيدة على مناخ السياسة اليمنية والعودة مجدداً الى زمن السلام والعراك داخل الصناديق، وهذا ما يؤمل عليه المجتمع الدولي من خلال نداءاته المتكررة بضرورة حل القضية اليمنية على أسس سياسية.

ويضيف "المؤتمر كيان شعبي وعام بإمكانه بناء نفسه مجدداً بالتحلق حول قيادة جديدة وفاعلة في الميدان تعمل على رأب الصدع الداخلي والاتجاه إلى عمل حقيقي للم شمله مع بقية الأحزاب اليمنية، وخصوصاً وطاولة الحوار مع المليشيات لإنهاء الحرب بحاجة إلى هيكلة وفق قائمة نسبية لا بحسب التواجد العسكري على الأرض".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير