ملخص
أقال رئيس الحكومة الليبية في طرابلس عبدالحميد الدبيبة وزيرة الخارجية على خلفية لقائها أخيراً نظيرها الإسرائيلي في اجتماع تحظره القوانين الليبية ويقول محللون إن رئيس الوزراء كان على علم به
أثار لقاء وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين في إيطاليا ضجة سياسية وشعبية في الداخل الليبي.
وأقال رئيس الحكومة الليبية في طرابلس عبدالحميد الدبيبة وزيرة الخارجية على خلفية لقائها أخيراً نظيرها الإسرائيلي في اجتماع تحظره القوانين الليبية، ويقول محللون إن رئيس الوزراء كان على علم به.
وبعد الضجة الكبيرة التي رافقت تسريب وزارة الخارجية الإسرائيلية لتفاصيل اللقاء الذي جمع كوهين والمنقوش، أفادت صحيفة "نيويورك تايمز"، أمس الإثنين، بأن نجلاء المنقوش فرت إلى تركيا. ونقلت الصحيفة عن مستشارة للوزيرة أنها فرت إلى تركيا "خوفاً على سلامتها".
وقالت مستشارة الوزيرة سالمين أسعد للصحيفة، عبر تطبيق "واتساب"، إن المنقوش سافرت جواً إلى تركيا بسبب "مخاوف تتعلق بالسلامة".
من جانبها، نقلت "بوابة الوسط الليبية" عن مصدر قوله إن وزيرة خارجية حكومة الوحدة الوطنية غادرت تركيا إلى لندن.
ولم يكن مكان وجود المنقوش معروفاً، أمس الإثنين. فقد نقلت "وكالة أنباء الأناضول" التركية عن "مصادر أمنية" لم تسمها، أن طائرة حكومية ليبية أقلتها من طرابلس إلى إسطنبول ليل الأحد/ الإثنين.
لكن جهاز أمن مطار معيتيقة، وهو المطار الوحيد الذي يعمل في طرابلس، نفى أن يكون سُمح لها بالمغادرة. وقال في بيان إنه ينفي "ما يتم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي في شأن السماح أو تسهيل سفر وزيرة الخارجية الموقوفة عن العمل، والتي لم تمر عبر القنوات الرسمية بمنفذ مطار معيتيقة، سواء الصالة العادية أو الخاصة أو الرئاسية، وفق السياق المتعارف عليه، وستوضح كاميرات المراقبة ذلك".
جدل في إسرائيل
في ضوء الضجة التي أثارتها هذه القضية تعرضت وزارة الخارجية الإسرائيلية لسيل من الانتقادات في الداخل تتهمها بالإخفاق في إنجاح مساعي السلام مع ليبيا وتضر بعلاقات ومصالح تل أبيب الخارجية.
ودفاعاً عن وزارته تنصل وزير الخارجية الإسرائيلي من تسريب اللقاء. وقال كوهين في تغريدة على "إكس" مساء الإثنين، "تعمل وزارة الخارجية بانتظام من خلال القنوات العلنية والسرية وبطرق سرية متنوعة على تعزيز علاقات إسرائيل في العالم". وأضاف "من المؤسف أن المعارضين السياسيين الذين لم يدفعوا نحو أي إنجاز يذكر، يندفعون إلى الرد من دون أن يعرفوا التفاصيل، ويتهموننا بتسريب لم يحدث".
وأكد كوهين أن "هذه الهجمات لن تمنع وزارة الخارجية الإسرائيلية إقامة وتعزيز العلاقات مع أصدقائنا الكثيرين في العالم، وفي العالم العربي على وجه الخصوص".
وجاء رد وزير الخارجية عقب تغريدة لرئيس المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد اعتبر فيها أن تسريب اللقاء "عمل غير احترافي وغير مسؤول، وفشل خطر في الحكم"، قائلاً إنه "صباح العار الوطني والمخاطرة بحياة الإنسان من أجل عنوان رئيس".
إعلان الإقالة من السفارة الفلسطينية
وكان رئيس الحكومة قد أوقف المنقوش عن العمل، أول من أمس الأحد، بسبب لقائها الأسبوع الماضي نظيرها في روما.
وأمس الإثنين أعلن الدبيبة من السفارة الفلسطينية في طرابلس "إقالتها من منصبها"، وفق ما أفادت الممثلية الدبلوماسية في صفحتها على "فيسبوك".
وكانت قناة "الأحرار" التلفزيونية قد أوردت في وقت سباق الإثنين نقلاً عن مصدر حكومي، أن المنقوش أقيلت من منصبها.
ومساء أمس الإثنين في "جلسة طارئة" دعا أعضاء البرلمان الليبي المدعي العام إلى فتح تحقيق في التعامل مع الوزير الإسرائيلي.
تاريخياً، تنتهج ليبيا موقفاً معادياً لإسرائيل ويرفض الليبيون أي تطبيع مع الدولة العبرية.
"كبش فداء"
وقبل إعلان إيقافها عن العمل وفتح "تحقيق إداري" في حقها، الأحد، قالت الخارجية الليبية إن ما حدث في روما "لقاء عارض غير رسمي وغير معد مسبقاً، أثناء لقاء مع وزير الخارجية الإيطالي، ولم يتضمن أية محادثات أو اتفاقات أو مشاورات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضافت أن الوزيرة أكدت "ثوابت ليبيا تجاه القضية الفلسطينية بشكل جلي وغير قابل للتأويل واللبس".
في روما، رفض مكتب وزارة الخارجية التعليق على الموضوع وأحال السائلين إلى "الطرفين المعنيين"، لكن مصدراً دبلوماسياً قال إن وزير الخارجية الإيطالي إنتونيو تيجاني "لم يكن موجوداً في الاجتماع".
ويرى عديد من المتخصصين في الشأن الليبي أن الدبيبة الذي يترأس حكومة معترفاً بها دولياً شكلت في إطار عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة، أعطى موافقته على هذا الاجتماع، وأن المنقوش ليست سوى "كبش فداء".
محادثات لتشكيل حكومة موقتة جديدة
ويقول أنس القماطي من معهد "الصادق" لوكالة الصحافة الفرنسية "البرلمان الليبي، ومقره في الشرق و(المشير خليفة) حفتر (الذي يدعم حكومة موازية لحكومة طرابلس) والدبيبة يحملونها مسؤولية قرارات شاركوا جميعاً فيها". ويضيف "المحادثات جارية لتشكيل حكومة موقتة جديدة بين جماعتي الدبيبة وحفتر يتم التفاوض عليها" بدلاً من الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها نهاية عام 2021 وفقاً لعملية الأمم المتحدة وتم تأجيلها إلى أجل غير مسمى بسبب الانقسامات العميقة.
وتشهد ليبيا فوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. وتحكم البلاد منذ أكثر من سنة حكومتان متنافستان، واحدة في الغرب برئاسة الدبيبة، وأخرى في الشرق يترأسها أسامة حماد بتكليف من البرلمان ودعم من حفتر.
وقال القماطي إنه لضمان الحصول على "دعم أميركي (لاتفاق يبرمه المعسكران) مورست ضغوط (على ليبيا) للانضمام إلى اتفاقات أبراهام" التي تم بموجبها تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية.
البقاء في السلطة
ويتحدث الخبير في الشؤون الليبية جليل حرشاوي عن "مناورة من جانب الدبيبة" للبقاء في السلطة في مواجهة "الضغوط المتزايدة من الأمم المتحدة والولايات المتحدة لتشكيل حكومة جديدة من التكنوقراط" للتحضير للانتخابات.
ويقول القماطي إن الدبيبة "يسعى إلى البقاء في السلطة (وهذا) يعتمد قبل كل شيء على العلاقات والتحالفات التي يقيمها خارج الساحة الليبية مع لاعبين إقليميين أقوياء". ويعتبر أن "تأييد إسرائيل لحفتر ليس سراً"، واصفاً إعلان إسرائيل عن اللقاء بأنه خطوة "استراتيجية" لأنه "يهدف إلى قلب الموازين لصالح حفتر ومحاصرة الدبيبة".
من سرب الخبر؟
ونفت وزارة الخارجية الإسرائيلية، الإثنين، أن تكون وراء "تسريب" نبأ اللقاء، علماً أن بياناً رسمياً صادراً عنها كشف، الأحد، عن اللقاء.
ويرى القماطي أن التوجه هو إما "دفع الدبيبة إلى التخلي عن السلطة، أو إجباره على إجراء تسوية مع معسكر حفتر".
ويقدر حرشاوي من جانبه أن الدبيبة "أغراه القيام بانقلاب على المستوى الدبلوماسي، لكنه فشل لأنه لم يحسن التقدير بأن الشارع سينقلب عليه"، وليس على نجلاء المنقوش.
احتجاجات في طرابلس
وحصلت احتجاجات في طرابلس ومدن أخرى، الأحد، وتعرض منزل رئيس الوزراء لهجوم إثر انتشار النبأ. وقطعت مجموعات من الشباب الطرق وأحرقت الإطارات ورفعت العلم الفلسطيني.
ويقول حرشاوي "هناك شعور حقيقي بالغضب بين السكان إزاء سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين".
وينص القانون الليبي على ملاحقة أي شخص جنائياً في حال التواصل مع إسرائيليين أو أي كيان يمثل إسرائيل. ويمكن أن تصل عقوبة ذلك إلى السجن مدة تتراوح بين ثلاث و10 سنوات، بموجب قانون يعود تاريخه إلى عام 1957.
وأعرب المتحدث باسم "حركة حماس" باسم نعيم عن "صدمته" بما تم تناقله عن لقاء جمع المنقوش وكوهين، وقال في تصريح "نجزم بأن هذه اللقاءات لا تمثل بالمطلق إرادة الشعب الليبي، صاحب التاريخ المشرف في الدفاع عن القضية الفلسطينية".