ملخص
رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك عبر عن سعادته بزيارة ولي العهد الكويتي مؤكداً متانة العلاقات التاريخية والممتدة لأكثر من 100 عام بين البلدين الصديقين.
يزور ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح المملكة المتحدة بعدما وجه إليه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الدعوة تزامناً مع احتفال مكتب الاستثمار الكويتي في لندن بمرور 70 عاماً على افتتاحه.
تلك الزيارة تعد الثالثة خلال عام للشيخ مشعل، إذ توجه إلى بريطانيا للمرة الأولى في عزاء الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، والزيارة الثانية في مايو (أيار) الماضي ممثلاً عن أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح لحضور مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث ملك المملكة المتحدة.
42 مليار دولار
وفي الاحتفالية الخاصة لمناسبة مرور 70 عاماً على تأسيس مكتب الاستثمار الكويتي في لندن، ألقى نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير النفط ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار ووزير المالية بالوكالة سعد حمد البراك كلمة قال فيها "يسعدني أن أقول إننا تمكنا مرة أخرى من مضاعفة حجم استثماراتنا في المملكة المتحدة ليصل إلى 42 مليار دولار، بزيادة أربعة أضعاف خلال عقدين".
ونمت الأصول المدارة في مكتب الاستثمار الكويتي في لندن من 27 مليار دولار عام 2003 إلى 120 مليار دولار في 2013 لتصل خلال العام الحالي إلى 250 مليار دولار، وهذا ما يمثل أيضاً زيادة بنسبة فاقت أربعة أضعاف خلال العقدين الماضيين، ودعا الوزير الحكومة والقطاع الخاص البريطانيين إلى استكشاف الفرص الاستثمارية الواعدة في الاقتصاد الكويتي.
اتفاقات وتعاون
وفي إطار الزيارة الرسمية لولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح للمملكة المتحدة، وقعت وزارة الخارجية الكويتية مذكرة تفاهم مع نظيرتها البريطانية في شأن الاحتفال بالذكرى الـ125 للشراكة الكويتية - البريطانية عام 2024، ويتعاون البلدان في مجال الأمن السيبراني باتفاقات ثنائية وتم توقيع مذكرة تفاهم مشتركة بينهما للشراكة الاستثمارية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونشرت وكالة الأنباء الكويتية "كونا" أن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك عبر عن سعادته بالزيارة، مؤكداً متانة العلاقات التاريخية والممتدة لأكثر من 100 عام بين البلدين الصديقين، كما أعرب عن تطلعه لمزيد من التعاون المشترك بين دولة الكويت والمملكة المتحدة.
من جهته، صرح السفير الكويتي لدى المملكة المتحدة بدر العوضي بأن زيارة ولي العهد ستعزز العلاقات وسبل التعاون الاستراتيجي القائمة بين البلدين وستفتح آفاقاً جديدة للتعاون في المجالات الاقتصادية والأمنية والثقافية بما يعكس واقع العلاقات الاستراتيجية التي تربط الجانبين، وأضاف أن الزيارة تعكس عمق العلاقات التاريخية والاستراتيجية التي تربط دولة الكويت بالمملكة المتحدة، معتبراً أن الاحتفال بالذكرى الـ70 لتأسيس مكتب الاستثمار الكويتي في المملكة المتحدة تجسيد حي لحجم العلاقات الاقتصادية التي تربط البلدين.
بدورها، أكدت سفيرة المملكة المتحدة لدى دولة الكويت بليندا لويس أهمية زيارة ولي العهد الكويتي في تعزيز العلاقات بين البلدين، مضيفة في تصريح نشر عبر وكالة الأنباء الكويتية "كونا" وتلفزيون دولة الكويت أن الزيارة ستتناول مجالات عدة أهمها تعزيز آلية العمل المشترك بين البلدين في مجال الأمن السيبراني، إذ يشكل هذا المجال جانباً مهماً من التعاون الثنائي، إضافة إلى الجانب الثقافي، وأشادت بعمق العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين والتي تمتد إلى جميع المجالات الحيوية مثل الدفاع والاستثمار والتعاون الثقافي وغيرها.
مكتب الاستثمار الكويتي
ويعود زمن إنشاء مكتب الاستثمار الكويتي في لندن لـ"مجلس الاستثمار الكويتي" الذي تأسس عام 1953 قبل استقلال الكويت، وعام 1965 أرادت الحكومة الكويتية توسيع مجال عمل المجلس، وحينها صدر القرار بتغيير تسمية مجلس الاستثمار الكويتي ليصبح مكتب الاستثمار الكويتي، في ما أصبح نطاق سياسته الاستثمارية خارج المملكة المتحدة شاملاً للولايات المتحدة وآسيا وبعض الأسواق الناشئة.
ويتكون مكتب الاستثمار الكويتي في لندن من خبراء في الاستثمار، وللمكتب الصلاحية بالاستثمار المباشر في مختلف فئات الأصول التي تشمل الأسهم والدخل الثابت والإسهامات الخاصة والملكيات والبنى التحتية والعقارات في مختلف المناطق الجغرافية.
وتعد دولة الكويت من أكبر الدول المستثمرة في بريطانيا بشكل عام وفي القطاعين المالي والعقاري بشكل خاص.
علاقات متجذرة
يذكر أن دولة الكويت ترتبط مع المملكة المتحدة بعلاقات ثنائية متجذرة منذ حكم أمير الكويت الراحل الشيخ مبارك الصباح عندما استشعر أطماعاً عثمانية في أواخر القرن الـ19، فعقد حينها "معاهدة الحماية مع بريطانيا" التي وقعت عام 1899 بحضور المعتمد السياسي البريطاني في الخليج العربي آنذاك الكولونيل ميد الذي وقع على الاتفاق باعتباره ممثلاً للحكومة البريطانية.
وكان أول اتفاق دخلت به الكويت تحت مظلة حماية الإمبراطورية الإنجليزية لتصبح المملكة المتحدة ملتزمة الدفاع عن الكويت ضد أي خطر خارجي أو عدوان، ومنح الاتفاق الحاكم الكويتي حرية التصرف في الشؤون الداخلية للبلاد من دون تدخل من بريطانيا، وسارت العلاقات الحسنة على المستويات جميعها بين البلدين في عهد أمير الكويت الراحل الشيخ سالم المبارك الصباح لتترسخ باتفاقات اقتصادية في عهد الأمير الراحل الشيخ أحمد الجابر الصباح بعد اكتشاف النفط في البلاد، وعام 1961 تعمقت العلاقات الكويتية - البريطانية حين أعلن الأمير الشيخ عبدالله السالم الصباح النية بالاستقلال عن بريطانيا وإنهاء الاتفاق الموقع عام 1899، لتبدأ الكويت عهداً جديداً من العلاقات الدولية الثنائية كبلد مستقل له عضويته في الأمم المتحدة.
وفي 1975 ضغط مجلس الأمة الكويتي باتجاه تأميم النفط لتصبح الكويت المالك لجميع الحصص لشركة نفط الكويت، وعلى مستوى العملات الأجنبية تعتبر البلاد من أكثر الدول المرتبطة بالجنيه الاسترليني منذ اكتشاف النفط، مما جعل من بريطانيا دولة صديقة مستفيدة من إيداع عوائدها بالاسترليني لتقوية الاقتصاد البريطاني.
وتعد المملكة المتحدة إحدى أبرز الدول المشاركة في تحرير الكويت عام 1991، ليرتبط البلدان بعلاقات عسكرية تحت مظلة مذكرة التفاهم الدفاعي الموقعة بينهما في فبراير (شباط) 1992.
كما تجلت طبيعة هذه العلاقات الثنائية المتجذرة في عدد من الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى، فقد زار الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد بريطانيا في 2012 و2016، كما زار عدد من أعضاء العائلة المالكة الكويت في مناسبات مختلفة، وعلى رأسهم الملكة الراحلة إليزابيث التي زارتها عام 1979.
الصعيدان الثقافي والأكاديمي
وتعددت أواصر التعاون بين دولة الكويت والمملكة المتحدة، منها الجانب العلمي والثقافي في مجال البحوث والمعارض والفعاليات الثقافية، إذ بلغ عدد الطلبة خلال العام الدراسي (2022-2023) 7014 طالباً مبتعثاً في وقت يدرس 1500 طالب على نفقتهم الخاصة، وتسعى الكويت وبريطانيا إلى تعميق روابط الصداقة لتشمل المجال الإنساني والتسامح الديني، إذ افتتحت أربعة مراكز إسلامية في بريطانيا في الـ20 من مارس (آذار) 2023 أسهمت فيها الأمانة العامة للأوقاف الكويتية وفق ما نشرته وكالة الأنباء الكويتية "كونا" وصحف كويتية أخرى.
وحول العلاقات الكويتية - البريطانية قال المحلل السياسي الكويتي عايد المناع لـ"اندبندنت عربية" إن التعاون بين البلدين ليس وليد الساعة، بل يعود لعام 1899 عندما عقد الشيخ مبارك اتفاقاً مع حكومة بريطانيا، عرف بعدها بـ"اتفاق 1913" لحماية الكويت من الهجوم العثماني الذي كان ينطلق من البصرة والدول المجاورة الأخرى، وأضاف "عملت بريطانيا على حماية حدود الكويت مع العراق منذ عام 1913 ووقفت إلى جانبها بعد رسالة نوري السعيد عام 1932 التي حددت الحدود الكويتية - العراقية".
وتابع المناع "وقفت بريطانيا إلى جانب الكويت دائماً وعند استقلالها عام 1961 أراد رئيس الوزراء العراقي عبدالكريم قاسم ضم الكويت إلى العراق، فمنعته بريطانيا وفق بند (د) من اتفاق الحماية، إذ تستطيع الكويت الاستعانة بالقوات البريطانية بموجب المعاهدة"، وأردف "أما من جهة الاستثمار، فعلاقة الكويت ببريطانيا قديمة، وخير شاهد عليها مكتب الكويت الاستثماري الذي أسس عام 1953 وما زال لهذا الصندوق دوره في الاستثمارات الكويتية في بريطانيا"، وختم المناع "لا ننسى موقف بريطانيا التاريخي من غزو العراق للكويت، إذ كانت في طليعة المتصدين وعملت على تحشيد القوى لمواصلة الدعم لحماية الكويت والسعودية".