Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة وشيكة بين الحوثي وأنصار صالح في صنعاء

تطورات السخط العام تصل لحزب "المؤتمر" وممتلكات رموزه وسط مخاوف من تكرار سيناريو اغتيال الرئيس السابق

تتنامى موجات المطالب بالمستحقات المالية المؤجلة التي تتهرب المليشيات من الاستجابة لها (أ ف ب)

يبدو أن الضغط الشعبي المطالب بصرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين في طريقه لاتخاذ منحى ينذر باشتعال الخلاف مجدداً بين شركاء الجماعة المدعومة من إيران وفي مقدمتهم حزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صنعاء) عقب تنامي موجات المطالب بالمستحقات المؤجلة التي تتهرب المليشيات من الاستجابة لها وتتكتم على أرقام الإيرادات التي تجنيها.

احتواء الغضب

وفي حين أعلن نادي المعلمين والمعلمات اليمنيين تمسكهم باستمرار الإضراب العام والشامل في مناطق سيطرة الجماعة المتشددة حتى صرف رواتبهم المقطوعة منذ سبعة أعوام، تأتي تصريحات قادة المليشيات متضمنة التوجيه ببيع ممتلكات وعقارات وأصول شركائهم والمعارضين لحكمهم، وتحويلها لصالح ما أسموه "صندوق دعم المعلم"، في خطوة ومحاولة منها لاحتواء حالة الغضب ورمي الكرة في ملاعب خصومهم، بحسب مراقبين.

ووجه عضو المجلس السياسي (أعلى هيئة إدارية للمليشيات) ابن عم زعيم الجماعة محمد علي الحوثي، مسلحي جماعته، الأحد، ببيع بيوت وممتلكات المعارضين السياسيين (من أسماهم على موقع إكس، بـالنظام السابق)، في إشارة لحزب المؤتمر (الذي أسسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح)، وتوريدها لصالح صندوق المعلم الذي يرأسه شقيق زعيم الجماعة، يحيى الحوثي بعد تواتر أنباء عزم المتمردين صرف مبلغ 30 ألف ريال (نحو50 دولاراً) بشكل شبه شهري كـ "حوافز" للمعلمين مقابل استمرارهم في أعمالهم.

هل تكبر كرة الثلج مجدداً؟

ومن شأن تنفيذ المليشيات توجيهاتها، ستدخل ساحة الشراكة بين حزب صالح والمليشيات مرحلة جديدة من الصراع داخل الكيان الذي أنشأ تحالفه في عام 2014 ضد الرئيس الجنوبي السابق، عبدربه منصور هادي، (الذي ينتمي أيضاً للمؤتمر) خصوصاً وقد اشتعلت الأيام الماضية معركة من الاتهامات المتبادلة بين الطرفين شبيهة بما شهده تحالفهما في عام 2017 الذي انتهى بقتل الرئيس صالح وعدد من معاونيه على يد شركائه الحوثيين.

ومع تصاعد الاحتجاجات بشأن الرواتب، وصف رئيس المجلس السياسي للحوثيين، مهدي المشاط في كلمة ألقاها أمام جموع من مناصريه بمحافظة عمران، رئيس حزب مؤتمر صنعاء والمعلمين والأكاديميين وأساتذة الجامعات والموظفين الحكوميين المطالبين بالرواتب، بـ "الحمقى والغوغائيين والعملاء"، متهماً إياهم "بإثارة الفتن والمؤامرات والعمل لمصلحة المخططات الأميركية"، و"المزايدين المرتزقة الذي يخدمون العدوان"، وتوعد بمحاسبتهم وذلك على خلفية دعم القيادي المؤتمري، صادق أمين أبو راس للمطالب الشعبية بصرف الرواتب، ومطالبته في هذا السياق خلال الحفل الجماهيري بمناسبة ذكرى تأسيس حزبهم، بالكشف عن مصير الموارد الضخمة التي تتحصلها الجماعة في مناطق سيطرتها. وهو ما أثار سخط الحوثيين الذين راحوا يتوعدون قادة وأنصار حزب المؤتمر بالاجتثاث، ووصفوهم بـ "الخلايا النائمة" و "الطابور الخامس" الذي يعمل لصالح لأعداء، في مؤشر يكشف عن بلوغ الأزمة مرحلة قد تدفع بكرة ثلج الخلافات للتدحرج نحو الصدام وانتهاء زواج المصلحة بين حلف الضدين.

وفي وقت سابق اقترحت الحكومة الشرعية تسليم رواتب الموظفين إلى المستفيدين في مناطق سيطرة الميليشيات مباشرة، وفقاً لقاعدة بيانات الخدمة المدنية والعسكرية عام 2014 (قبل الانقلاب الحوثي)، إلا أن الجماعة رفضت ذلك مطالبة بالحصول على المبلغ عبرها وصرفه وفق البيانات الحالية، أي بعد قيامها بإحلال عشرات الآلاف من أنصارها بدلاً من الموظفين الذين فروا إلى مناطق سيطرة الحكومة أو أولئك الرافضين العمل مع سلطاتها من دون مقابل.

وخلال التهدئة الحالية تجاوزت الجماعة ملف الرواتب وطالبت بحصة من عائدات تصدير النفط على أن تتصرف بها، مما تسبب بإفشال التوصل إلى اتفاق حول صرف الرواتب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التلويح بمصير صالح

بلغ الغضب الحوثي حد التهديد بتصفية القيادي المؤتمري أبو راس، الضابط العسكري والوزير السابق المنتمي لقبائل بكيل بمحافظة الجوف، على غرار ما فعلته بالرئيس السابق صالح صبيحة الرابع من ديسمبر (كانون الأول) 2017.

وعقب وعيد المشاط، توالت التهديدات الحوثية الأخرى وأبرزها ما صدر عن القيادي في المليشيات، نصر الدين عامر، رئيس النسخة الحوثية من وكالة أنباء "سبأ"، الذي ألمح إلى "كسر جمجمته" في إشارة للطريقة ذاتها التي قتل بها الرئيس اليمني رئيس الحزب السابق علي عبدالله صالح، الذي ينعتونه بلقب "عفاش" في محاولة لازدرائه اجتماعياً، على يد مسلحي المليشيات.

وكان أبو راس قد شن هجوماً لاذعاً ضد حكومة الحوثيين وقال "إن من حق الموظفين مطالبة حكومة الانقلاب بدفع الرواتب كونها سلطة أمر واقع"، مقترحاً على الميليشيات تسليم شيكات آجلة لكل موظف محروم من راتبه بوصف ذلك التزاماً من قبلها حال توافر الأموال، أن تصرف لهم مرتباتهم جميعها دون نقصان، وطالبهم "بالشفافية وتقديم شرح مفصل لليمنيين عن الموازنات والمبالغ المالية التي صرفت، وكيف تم صرفها".

كاشفاً خلال كلمة ألقاها أمام جموع من قادة وأعضاء ومناصري "المؤتمر" في صنعاء بمناسبة الذكرى الـ 41 لتأسيس الحزب، عن عجز حكومة الحوثيين توفير أبسط الخدمات للمواطنين الذي يعانون من صعوبة الحصول على لقمة العيش.

ويعيش اليمن منذ أكثر من عام أشبه بالهدنة غير المعلنة، وعلى رغم ذلك لم تتوقف المعارك والمناوشات التي تشهدها جبهات القتال، في حين يتوعد الحوثيون بالعودة للقتال إذا لم تنفذ شروطهم، وفي مقدمها السيطرة على إيرادات النفط والغاز.

إلهاء الشارع

وإزاء ذلك جاء حديث المشاط ليرمي مسؤولية صرف المرتبات على الحكومة الشرعية بحجة عدم توفر الإمكانات المالية لدى جماعته واتهامها ببيع النفط والغاز في وقت يعتبرها حكومة "مرتزقة غير شرعية"، وهو ما أشعل تساؤلات اليمنيين على مواقع التواصل عن مصير المليارات التي تجبيها الجماعة من الضرائب والسوق السوداء للنفط والغاز والجمارك والاتصالات والزكاة والإتاوات والجبايات وغيرها، التي عادة ما تخصصها للمجهود الحربي ولمصلحة الأتباع وإقامة الفعاليات التعبوية، بحسب ما جاء في تقرير لجنة الخبراء التابعين لمجلس الأمن نهاية العام الماضي.

القتال أولاً

ولعل ما أثار سخط المحتجين بشأن مستحقاتهم، قول المشاط إن من أهم أولويات سلطتهم في الوقت الحالي مواصلة القتال، ومواجهة الأميركيين الذين يحيطون باليمن متوعداً بوارجهم بالقصف والتدمير وتسخير كل الإمكانات لتلك الغاية، وهو الخطاب الذي عده مراقبون سلوكاً حوثياً معتاداً لإلهاء الشارع وحرف انتباهه نحو معارك وهمية بعيدة وإيهام أتباعه بأنه يخوض حرباً مقدسة ضد العدو الغربي.

ومع حال الانسداد هذه اتهمت الحكومة الشرعية ميليشيات الحوثي بممارسة التضليل ومحاولة إغراق وسائل الإعلام وإلهاء الرأي العام بالأكاذيب حول أزمة الرواتب للتغطية على تسببها بوقف دفعها عقب الانقلاب على الشرعية ونهب الاحتياط النقدي من البنك المركزي في صنعاء.

المعلمون في طليعة الرافضين

ورداً على تهديدات رئيس المجلس الحوثي، بحبس ومحاكمة المطالبين، دعا نادي المعلمين اليمنيين إلى استمرار الإضراب حتى صرف المرتبات، وحتى وصول إشعارات بنكية عن تحويل تلك المستحقات إلى حسابات جميع العاملين في قطاع التعليم من مدرسين وتربويين وموجهين وإداريين.

وعلى رغم التحالف المبرم بين المؤتمر والحوثيين إلا أن قيادات مؤتمرية وأعضاء يصفون وجودهم في هذا الحلف بالصوري، إذ يستأثر قادة الجماعة بكافة قرارات مقدرات الدولة ومؤسساتها العسكرية والمدنية في حين لا يملك أعضاء الحزب والقوى المدنية الأخرى أية سلطة فعلية.

وكان زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، قد وعد في آخر خطبة له بالعمل على إحداث تغييرات وصفها بـ "الجذرية"، وهو ما عده مراقبون محاولة لامتصاص غضب الشارع المتنامي الذي يتهدد وجود الجماعة الموالية للنظام الإيراني.

ومنذ أسابيع عاودت الجهود الإقليمية والأممية مساعيها لفتح قنوات تفاهم تفضي إلى صيغة اتفاق بين طرفي الصراع تبدأ بحلحلة أولية للملفات الإنسانية الصعبة وفي مقدمتها صرف المرتبات، إلا أن المفاوضات المستمرة في شأن هذا الملف تصطدم بنقاط خلافية عدة تعوق التوصل إلى تفاهم يتيح صرفها.

أين سبائك الذهب؟

وفي رد يوحي باشتعال سجال المكاشفات التي لها ما بعدها بين الطرفين، علق البرلماني عبده بشر، على توجيهات محمد الحوثي، بالسيطرة على ممتلكات حزب المؤتمر وقال إن على الحوثيين، رد الأموال وسبائك الذهب التي نهبوها من منزل الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، التي قالوا حينها إنها تكفي لصرف مرتبات الموظفين لمدة عشر سنوات.

وأضاف "يبدأوا يوردوا حق الزعيم (صالح) الذي أعلنوا أنها تكفي لصرف المرتبات لعشر سنوات وتخفيض المبالغ التي تصرف لشراء الولاءات والمصروفات غير الضرورية وتعرض على المنظومة العدلية".

وخاطب الحوثيين "كفى عبثاً، المرتب حق من حقوق الموظفين وليس هبه أو منة من أحد والاستهزاء والتشفي من حالة الناس المزرية جريمة لا تسقط بالتقادم".

بيع باطل

إلى ذلك، حذر المحامي اليمني محمد المسوري، من أي عملية بيع تقوم بها المليشيات الحوثية.

وأكد المحامي في تحذير قانوني، أن "أي عملية بيع تقوم بها ميليشيات الحوثي لأراضي وعقارات الدولة وممتلكات الأوقاف أو الشركات أو الأشخاص الذين استولى الحوثة على ممتلكاتهم، تعد عملية بيع وشراء باطلة".

المزيد من تقارير