ملخص
يؤكد العراق أهمية استثمار موقعه الجغرافي ليكون ممراً بين الشرق والغرب بهدف رفع عدد الطائرات العابرة لأجوائه إلى 40 ألفاً شهرياً والحصول على إيرادات سنوية تقدر بمليار دولار
بعد أكثر من أربعة عقود على افتتاح مطار بغداد الدولي عام 1982 أمام حركة المسافرين، يخضع اليوم ولأول مرة، للتأهيل والصيانة والتوسعة بعد أن تقادمت بناياته وتراجع مستوى الخدمات المقدمة فيها بشكل كبير.
المطار الذي يقع غرب العاصمة تعرض إلى أضرار كبيرة سواء في حرب عاصفة الصحراء عام 1991 والغزو الأميركي للعراق عام 2003، حين شهد معارك عنيفة بين القوتين العراقية والأميركية.
ومنذ فرض العقوبات الاقتصادية على العراق عام 1991 وإيقاف الرحلات الجوية ومن ثم استئنافها عام 2005 وحتى الآن، لم يشهد المطار أي عملية تأهيل حقيقية أو واسعة باستثناء بعض الترميمات التي لم تغير من واقع الخدمات والبنى التحتية المتهالكة فيه.
ومنذ تولي الحكومة العراقية الحالية برئاسة محمد السوداني إدارة البلاد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عقد الأخير سلسلة من الاجتماعات مع ممثلي البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية لغرض الاتفاق على مشروع يعيد تأهيل المطار ويحسن خدماته، كما زار السوداني المطار مرات عدة وانتقد وضعه الخدماتي وما سماه "الفوضى الإدارية" التي يشهدها.
اتفاقية وحيدة
وفي مسعى للشروع بتطوير هذا المرفأ الحيوي، أعلن مكتب الأخير عن توقيع اتفاقية مع مؤسسة التمويل الدولية لتطوير الخدمات والبنى التحتية في المطار بالشراكة مع القطاع الخاص.
وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة العراقية في بيان له أن "السوداني رعى توقيع اتفاقية رائدة مع مؤسسة التمويل الدولية/IFC، لتطوير وتأهيل مطار بغداد الدولي، حيث وقع عن الجانب العراقي مدير عام سلطة الطيران المدني".
وأضاف البيان أن "الاتفاقية تتضمن تقديم المؤسسة الدولية محفظة استثمار متكاملة تشمل الكيفية التي يتم فيها توسعة المطار الدولي وتمويله وتشغيله وصيانته، ورفع كفاءة مرافقه وعوامل السلامة فيه، والارتقاء بخدماته، لتتوافق مع المعايير الدولية للمطارات في العالم، وذلك عبر إحدى الشركات العالمية المتخصصة"، مبيناً أن "الاتفاقية تتضمن أن تقوم مؤسسة التمويل الدولية، وهي عضو في مجموعة البنك الدولي، بتقديم الاستشارات لمسار تنمية دور القطاع الخاص، وتعزيز دخوله في ساحة الخدمات العامة بالشراكة مع القطاع العام، والقطاعات التي تواجه تحديات مستقبلية".
وأوضح البيان أن "مؤسسة التمويل الدولية تملك تجارب رائدة في المنطقة والعالم بمجال تأهيل المطارات، حيث أشرفت سابقاً على تطوير وتوسعة أهم المطارات في بعض الدول المحيطة".
سلسة اتفاقيات
وأكد رئيس الوزراء، بحسب البيان، أن "هذه الاتفاقية هي واحدة من سلسلة اتفاقيات ستعقد مع القطاع الخاص، الذي سيأخذ دور الشريك في تطوير البنى التحتية لمختلف القطاعات الحيوية في العراق"، لافتاً إلى أنها تأتي ضمن رؤية اقتصادية تمتد إلى عام 2030، تعزز وتطور البنى التحتية لإنماء مستدام للاقتصاد العراقي.
وأضاف السوداني أن "الحكومة أولت ملف مطار بغداد الدولي الأهمية، لما يمثله من واجهة حضارية تمثل العراق وشعبه، وذلك يندرج في إطار رؤية متكاملة تشمل جميع المطارات وترتكز أيضاً على تنويع وسائط النقل والترابط مع دول المنطقة والعالم".
ويرى مهندس الطيران الاستشاري جمال حسين مبارك أنه من الضروري أن تكون عملية التطوير لمطار بغداد شاملة ولا تقتصر على عملية ترميم البنى التحتية، مشدداً على استقطاب شركات عالمية في إدارة وبناء مرفقات جديدة.
وقال مبارك، إنه من المفترض وجود مخططات مسبقة يتم على أساسها التعاقد على تحديث مطار بغداد أو تأهيله، بخاصة أن هناك استحداثات جديدة في المطارات العالمية قد ابتكرت مثل البصمة الإلكترونية، مبيناً أن مطار بغداد تأخر في خدمة مهمة وهي "الترانزيت" التي تتطلب توفير أمور مثل دور استراحة وفندق ومطاعم لتفعيل هذه الخدمة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح أن مطار بغداد الدولي في حاجة إلى ترميمات جديدة وتطويره يحتاج إلى إنشاء سوق حرة كبير لكونه مصدراً مالياً مهماً للدولة، متسائلاً هل يكون التطوير بالحجم أم من خلال إضافة منشآت جديدة؟
وأشار إلى أن العراق بلد غني وممكن أن يجلب شركة عالمية لتأهيل وإدارة المطار وليست محلية كما حدث في مطار النجف، داعياً إلى ضرورة تدريب الكوادر العراقية، فضلاً عن الحاجة لإضافة مدارج جديدة من أجل استيعاب الطائرات الكبيرة واستبدال الأجهزة الملاحية ونقل تصنيف مطار بغداد إلى تصنيف أعلى.
موارد مالية
من جهته يرى المتخصص في الشأن الاقتصادي صفوان قصي أن تطوير مطار بغداد سيعمل على إضافة خدمات جديدة للمطار، منها خدمة "الترانزيت" وجلب واردات إضافية نتيجة الخدمات الأرضية التي تقدمها الشركات المتخصصة للطائرات القادمة إلى مطار بغداد.
وقال قصي، إن "عملية إدارة النقل الجوي في العراق تتجه نحو التكامل مع المطارات العالمية من خلال الاتفاق مع مؤسسة التمويل الدولي"، مبيناً أن هذا الاتفاق يعني الشراكة مع كبريات الشركات العالمية في مجال تأهيل مطار بغداد ومن ثم بقية المطارات، لغرض خلق فرص للقطاع الخاص كي ينمو.
وأضاف أن هناك بعض المرفقات ستنمو مثل المنطقة الحرة وكذلك صيانة الطائرات، وتقديم الخدمات الأرضية للمسافرين، وعبور الطائرات عبر الأجواء العراقية، مشيراً إلى أن هناك شركات تخصصية ستنمو في هذا المجال بحيث ستكون مؤهلة للتعاقد مع هيئة الطيران المدني.
وشدد المتخصص في الشأن الاقتصادي على ضرورة أن يستثمر العراق الموقع الجغرافي الذي يتمتع به ليكون ممراً بين الشرق والغرب، بهدف رفع عدد الطائرات العابرة لأجوائه إلى 40 ألف طائرة شهرياً والحصول على إيرادات سنوية تقدر بمليار دولار، مؤكداً أهمية استقطاب شركات عالمية متخصصة لتقديم الخدمات الأرضية وتأمين الأجواء العراقية بشكل مطلق.
وبحسب وزارة النقل العراقية، فإن أجواء العراق شهدت مرور 16 ألفاً و340 طائرة في يونيو (حزيران) الماضي، فيما تقدر الواردات السنوية لمرور الطائرات بـ100 مليون دولار عام 2022.
15 مليون مسافر
ولفت إلى أن عملية التوسعة والتحديث ستسهم بنقل ما لا يقل عن 15 مليون مسافر عبر الأجواء العراقية، لكنها في حاجة إلى دعم على مستوى الخدمات اللوجيستية لناحية الطعام والوقود ومحطات لمد الطائرات بالوقود، مبيناً أن عملية التأهيل تتطلب توفر مبالغ كبيرة فضلاً عن وجود شركاء في عملية التمويل لكون العراق غير قادر على الاستثمار من خلال موازنته.
وأوضح قصي أن الاتفاق يشمل استئجار مساحات للطائرات مقابل عائد بسيط إلى مؤسسة التمويل الدولي، مشدداً على ضرورة طمأنت المسافرين بوجود شركات عالمية لتقديم خدمات أرضية وخدمات في مراقبة الأجواء والأمن السيبراني، مما يسهم في استقطاب السائح الأوروبي والغربي وحتى الشرقي.
وتحدث عن إضافة طاقات استيعابية جديدة للمسافرين، موضحاً أن نمو حركة المسافرين في العراق سيحتاج إلى تأهيل مطارات أخرى مثل البصرة والموصل وإنشاء مطار جديد في بغداد يقع شرق العاصمة بهدف تعزيز حركة النقل الجوي.