Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"إف 16" في ميزان الحرب الروسية - الأوكرانية

يرى مراقبون أنها لن تقدم تغييراً على خط المعارك والمسألة أكثر تعقيدا من تسليمها إلى كييف وتدريب طياريها

أصبح الجيش الأوكراني قاب قوسين أو أدنى من الحصول على طائرات "إف-16" (أ ف ب)

ملخص

من المحتمل ألا تمنح المقاتلات الأميركية الجيش الأوكراني عوامل التفوق على نظيره الروسي لكنها ستسهل الدفاع عن مجالها الجوي

بعد أشهر من الضغط المكثف للحصول على طائرات مقاتلة من طراز إف-16، أصبح الجيش الأوكراني قاب قوسين أو أدنى من الطائرات التي اعتبرها الرئيس فلوديمير زيلينسكي حاسمة لدعم جنوده وضرب الأهداف الروسية بعيدة المدى.

وتعهدت أمستردام وكوبنهاغن الأحد الماضي بتزويد كييف بطائرات حربية أميركية من طراز إف-16 "بعد استيفاء شروط هذا التسليم"، بحسب ما أعلن رئيس وزراء هولندا مارك روته، خلال زيارة الرئيس الأوكراني قاعدة سلاح الجو الهولندي في أيندهوفن جنوب المملكة بعد يومين من موافقة واشنطن على الخطوة التي وصفها زيلينسكي بأنها "تاريخية جداً، وقوية ومحفزة لنا. إنها خطوة أخرى نحو تعزيز الدفاع الجوي الأوكراني".

منذ أكثر من عام تطالب كييف حلفاءها الغربيين بمدها بطائرات إف-16 للدفاع، لكن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن كانت مترددة في الموافقة بسبب الخوف من تصعيد الحرب مع روسيا، لكن واشنطن أخيراً غيرت موقفها خلال قمة مجموعة السبع في هيروشيما خلال مايو (أيار) الماضي شريطة ألا تستخدم أوكرانيا المقاتلات في البر الرئيس لروسيا، واعتبر المراقبون آنذاك أن تغير الموقف الأميركي يتعلق بضمان أمن أوكرانيا على المدى الطويل.

أهمية إف-16

من نواح نظرية عدة فإن طائرة إف-16 ستكون بمثابة منصة مثالية للأوكرانيين، إذ إنها متعددة الأدوار فيمكنها توفير غطاء جوي للقوات الأوكرانية ومهاجمة الأهداف الأرضية ومهاجمة طائرات العدو واعتراض الصواريخ، كما أن وجود فائض لدى الدول الأوروبية من طائرات F-16 وإتاحة إمدادات قطع الغيار يعني توفيرها سريعاً للقوات الجوية الأوكرانية.

التفوق العسكري الروسي خصوصاً على الجبهة الداخلية، أدى إلى إحباط تقدم الهجوم المضاد لأوكرانيا وألحق خسائر فادحة بالوحدات الأوكرانية خلال العام ونصف العام الماضي، ومن ثم فإنه يمكن لمقاتلات إف-16 منع القاذفات الروسية من الاقتراب من ساحة المعركة.

يتكون الأسطول الجوي الأوكراني من طائرات سوفياتية مصممة في السبعينيات، مثل طائرة ميكويان ميج 29. في المقابل، تستخدم روسيا طائرات أكثر حداثة يمكنها التحليق على ارتفاعات أعلى ورصد طائرات أخرى من مسافة أبعد، وهذا يجعل الطائرات الأوكرانية عرضة لصواريخ الدفاع الجوي الروسية، خصوصاً على ارتفاعات عالية.

ووفقاً لموقع "غلوبال فاير باور"، العسكري المتخصص في رصد الجيوش والتسليح الدولي، كان لدى أوكرانيا أقل من 190 طائرة تشغيلية في بداية يناير (كانون الثاني) مقارنة بأكثر من 2000 طائرة لروسيا.

وقال المتحدث باسم قيادة القوات الجوية الأوكرانية يوري إينهات، لصحيفة "وول ستريت جورنال"، "يمكن للطائرة الروسية أن ترى بالرادار الخاص بها ضعفين أو ثلاثة أضعاف ما تستطيع مقاتلتنا رؤيته. ببساطة مقاتلاتنا عمياء، لا تستطيع الرؤية". كما أن الطائرات الأوكرانية أكثر صعوبة في المناورة وأبطأ من الطائرات الروسية، إضافة إلى التحدي الجوي زرعت روسيا ألغاماً أرضية في معظم الأراضي الأوكرانية المحتلة، مما يجعل من محاولة الجنود الأوكرانيين استعادة الأراضي سيراً على الأقدام أمراً خطراً ومكلفاً.

 

 

مراقبون من جانبهم أشاروا إلى أن أوكرانيا تنظر إلى طائرات إف-16 باعتبارها ضرورية لتجاوز خطوط المعركة الحالية، فبحسب الباحث لدى مركز العلاقات الدولية للدراسات الأمنية (IFRI) ليو بيريا بيغيني، هناك ثلاث طرق رئيسة لاستخدام طائرات إف-16 وهي "الدعم الأرضي لمهاجمة الروس الذين يشنون هجمات، أو دعم هجوم أوكراني من أجل اعتراض الطائرات المقاتلة التي قد تدخل المجال الجوي الأوكراني، إضافة إلى استخدام ذخائر معينة لاعتراض الصواريخ والطائرات من دون طيار التي تهدد النقاط الحساسة".

الأمر أكثر تعقيداً مما يبدو

ومع ذلك، هناك عديد من المتغيرات التي يمكنها أن تحدد التأثير الذي يمكن لهذا النوع من المقاتلات إحداثه في ساحة المعركة لصالح أوكرانيا، إذ يعتقد مراقبون غربيون أن من غير المرجح أن تغير طائرات إف-16 مسار الحرب بشكل كبير.

وفق تقرير لمؤسسة راند لأبحاث الأمن في كاليفورنيا، يبدو أن الطائرات المرشحة الأكثر ترجيحاً هي الطائرات التي تقاعدت أخيراً من هولندا والدنمارك والنرويج. هذه هي طائرات F-16AM/BM التي تم الحصول عليها في الثمانينيات وتم تطويرها في التسعينيات، وهي طائرات تقطع مسافات طويلة مزودة برادارات قديمة، لكن برمجياتها تسمح لها باستخدام بعض أحدث الأسلحة الموجودة في مخزون الناتو، ويشمل ذلك صاروخ جو-جو AIM-120 والصاروخ المخفي طويل المدى جو-أرض (JASSM).

وبمجرد حصول أوكرانيا على الطائرات لابد أن تكون قادرة على تشغيلها وصيانتها وحفظها، وهناك تحديات تواجه كلاً منها. فحددت دراسة أجرتها خدمة أبحاث الكونغرس في مارس (آذار) الماضي عديداً من الشروط الحاسمة اللازمة لتشغيل طائرات إف-16 بنجاح، ويتعلق عديد من هذه الأمور بسلسلة التوريد للطائرات: الحصول على قطع غيار كافية وتخصيص التمويل للعمليات والدعم وتنفيذ نظام الصيانة وتدريب المشرفين، والحصول على إمدادات مستمرة من الأسلحة لتسليح طائرات إف-16 الخاصة بهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 كل هذا يعني أن الوضع أكثر تعقيداً بكثير من مجرد تدريب الطيارين الأوكرانيين وتسليم عدد من طائرات إف-16.

يقول المتخصصون العسكريون إنه من دون خطط لدعم هذه الطائرات، فستتعطل بسرعة وتصبح أهدافاً ثابتة باهظة الثمن للصواريخ أرض-جو الروسية، فتنفيذ الاستخدام الصحيح والآمن لتلك الطائرات يستغرق وقتاً، لذا من المرجح ألا تكون أوكرانيا قادرة على نشر طائرات إف-16 عملياً حتى نهاية العام إن لم يكن لاحقاً. 

تقرير صادر عن مكتب المحاسبة العامة الأميركي العام الماضي صنف "إف-16" كواحدة من أصعب طائرات القوات الجوية الأميركية في الصيانة، فهي لم تحقق أهداف مهمتها في أي من السنوات العشر الماضية.

التدريب يستغرق أشهراً طويلة

يجري حالياً تنفيذ برامج التدريب للدفعات الأولى من الطيارين الأوكرانيين في الدنمارك ورومانيا والولايات المتحدة، كما عرضت اليونان أيضاً تدريب الطيارين وسيستغرق ذلك وقتاً أطول من الثلاثة أو الأربعة أشهر المقترحة بالنسبة إلى الطيارين الذين ليس لديهم خبرة في قيادة الطائرات المقاتلة الغربية.

ويقر المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية أنه لمعرفة كيفية القتال بالطائرة وتعلم كيفية استخدام الصواريخ سيستغرق الأمر حوالى ستة أشهر، وقال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف إن "ستة إلى سبعة أشهر هي المدة الدنيا التي ينبغي أخذها في الاعتبار بجدية".

وحتى هذا الجدول الزمني الطموح وفق شبكة "سي إن إن" الأميركية، فالطيارون الغربيون الذين يتدربون على طائرات أخرى يحتاجون حوالى تسعة أشهر للوصول إلى الكفاءة الكاملة، وهذا لا يشمل التدريب على سيناريوهات قتالية محددة، كما أن تصميم قمرة القيادة لطائرة "إف-16" يختلف كثيراً عن تصميم طائرة "ميغ-29"، التي تعود إلى الحقبة السوفياتية التي اعتاد الطيارون الأوكرانيون على قيادتها.

كما ستكون هناك مهمة إضافية تتمثل في تعلم كيفية تشغيل الأسلحة الغربية مثل صواريخ جو-جو المتقدمة متوسطة المدى (AMRAAMs)، لكن "سي إن إن" تلفت إلى تكيف الطيارين الأوكرانيين بسرعة مع استخدام الصواريخ الغربية المضادة للإشعاع عالية السرعة (HARM) على طائراتهم من طراز ميج 29.

التحليق خطر للغاية

لم تخض المقاتلة الأميركية "إف-16" معركة فعلية مع المنافس الروسي إذ لم تواجه قبلاً الدفاعات الجوية الروسية في العالم الحقيقي، لذا من المهم تحديد أفضل دور ممكن لها.

في هذا الصدد يقول أحد كبار المستشارين لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن مارك كانسيان، إن "فكرة تحليق طائرات إف-16 فوق الخطوط الأمامية وكسر الجمود ليست فقط غير قابلة للتطبيق، إنها خطرة للغاية. الدفاعات الجوية الروسية هائلة للغاية".

ليس ذلك فحسب، فوفق براين تينهيل، وهو طيار سابق في سلاح الجو الأميركي وكبير المحللين المتخصصين في تكنولوجيا الطيران لدى مؤسسة راند، يمكن لمقاتلات التفوق الجوي الروسية الكبيرة مثل "ميخ-31" و"سخوي-35" الرؤية لمسافة أبعد بكثير بفضل راداراتها القوية والحديثة، ولديهم أيضاً صواريخ R-37 ذات مدى أطول كثير من صواريخ AIM-120 AMRAAM التي يوفرها الناتو.

بمعنى آخر، يمكن للطائرات الروسية اكتشاف طائرات إف-16 على الجانب الأوكراني وإسقاطها قبل أن يراهم الطيارون الأوكرانيون، وهذا هو بالضبط ما يحدث مع أسطول أوكرانيا الحالي من مقاتلات سخوي 27 وميج 29، كما أن القدرات التي طورت للطائرات "إف 16" ليست كافية لترجيح كفة هذا التفاوت لصالح أوكرانيا.

لا حل سحرياً ولا تغيير دراماتيكياً

في المجمل، يرى مراقبون أنه من غير المرجح أن تغير طائرات "إف-16" التوازن في ساحة المعركة في أي وقت قريب، سيظل المجال الجوي فوق أوكرانيا محل نزاع وستظل القوات البرية الأوكرانية بحاجة إلى الاعتماد على المنصات الجوية الأوكرانية الحالية، بما في ذلك المسيرات للحصول على الدعم الجوي، لكن على المدى الطويل هناك مزايا لوجستية وتكتيكية كبيرة لحصول أوكرانيا على المقاتلات الأميركية، لأنه سيكون من الأسهل على أوكرانيا دعم الطائرات التي تزودها الولايات المتحدة ودول الناتو بأجزائها مقارنة بطائراتها القديمة التي تصنعها روسيا، كما يمكن أن يسهل على أوكرانيا دمج قواتها الجوية في الناتو في وقت ما في المستقبل.

 

 

ووفق قائد القوات الجوية الأميركية في أوروبا الجنرال جيمس بي هيكر فإن الطائرة لن تكون في أوكرانيا حتى العام المقبل، وأوضح في تعليقات للصحافة الأميركية الشهر الماضي أن "الأمر لن يكون الحل السحري، فجأة سيبدأون بإسقاط صواريخ أرض جو من طراز SA-21، لأن لديهم إف 16"، فالكفاءة الحقيقية في استخدام أعداد كافية من الطائرات "قد تستغرق أربع أو خمس سنوات".

 وردد وزير القوات الجوية الأميركية فرانك كيندال هذا التقييم، قائلاً إن طائرات "إف-16" "ستمنح الأوكرانيين زيادة في القدرات التي لا يملكونها الآن، لكن هذا لن يغير قواعد اللعبة بشكل دراماتيكي".

وبينما من المحتمل ألا تمنح طائرات"إف-16" كييف التفوق، لكنها ستسهل الدفاع عن مجالها الجوي، وفي حين أن طائرات إف-16 ليست بأية حال من الأحوال سلاحاً سحرياً من شأنه أن يقلب مجرى الحرب، إلا أنها ستساعد أوكرانيا في تبني أساليب أكثر غربية في القتال وتساعد جيشها في التعاون بشكل أفضل مع قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وخلافاً للأحكام السابقة المتعلقة بالصواريخ المضادة للدبابات والمدفعية والعربات المدرعة والدفاعات الجوية، فإن قرار منح أوكرانيا تلك المقاتلات لا يتعلق بمساعدتها في البقاء على قيد الحياة في المرحلة التالية من الحرب، بل بدعمها لضمان سيادتها على المدى الطويل، وفق تينهيل.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير