Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استياء أوروبي أميركي من تصريحات عباس حول "دوافع المحرقة"

فتح الرئيس الفلسطيني على نفسه وعلى القضية الفلسطينية عش الدبابير عبر نبشه في التاريخ بهدف دحض الرواية الإسرائيلية

الرئيس عباس خلال جلسة المجلس الثوري في الـ 24 من أغسطس الماضي (وكالة وفا)

ملخص

عباس قال إن يهود أوروبا الأشكناز "ليسوا ساميين ولا علاقة لهم بها".

فتح الرئيس الفلسطيني محمود عباس على نفسه وعلى القضية الفلسطينية عش الدبابير عبر نبشه في التاريخ بهدف دحض الرواية الإسرائيلية ونشر رواية بلاده للأحداث التي دفعت إلى تأسيس تل أبيب وأسهمت في وجودها.

وقدم الرئيس عباس، المعروف باهتماماته التاريخية، مقاربة وصفها "بالمؤلمة لإسرائيل وأنصارها حول أسباب المحرقة النازية ضد اليهود، وإجبار يهود العالم على الهجرة إلى إسرائيل ودوافع إعلان بلفور"، وذلك خلال كلمة له أمام المجلس الثوري لحركة "فتح" في الـ 24 من أغسطس (آب) الماضي، وبثها تلفزيون فلسطين الرسمي مجتزأة بعد 10 أيام، إذ أثارت استياء واسعاً في إسرائيل وأوروبا وأميركا.

وخصص عباس جزءاً كبيراً من كلمته للتشجيع على "نشر الرواية الفلسطينية المضادة للرواية الصهيونية التي فرضتها بريطانيا وأميركا على العالم أجمع ووصلت حتى إلى الفلسطينيين".

دوافع المحرقة

والرئيس الفلسطيني الحاصل على شهادة الدكتوراه من إحدى الجامعات الروسية حول المحرقة، أشار إلى أن دوافع الزعيم الألماني أدولف هتلر لارتكاب المحرقة ضد اليهود "لم تكن بسبب ديانتهم اليهودية ولكن بسبب وظيفتهم الاجتماعية وعملهم في الربا وتخريبهم المجتمع".

وأوضح عباس أن أطروحته تلك مصدرها كتّاب أوروبيون أبرزهم كارل ماركس، ولم يكتف بذلك بل ذهب إلى أن يهود أوروبا الأشكناز "ليسوا ساميين ولا علاقة لهم بها، ذلك لأنهم وصلوا إلى أوروبا في القرن الـ 11 من مملكة الخزر التي يعود أصل سكانها للتتار".

وأشار إلى أن "مملكة الخزر كانت وثنية ووقعت ضحية الصراع بين الدولتين الإسلامية والبيزنطية، مما اضطر ملكها في القرن التاسع إلى دخول اليهودية بنصيحة من أحد يهود الأندلس".

"ليسوا ساميين"

كما ذهب عباس إلى التشكيك في "يهودية يهود أوروبا بناء على نظريات حاخامات يهود يرفضون دخول اليهودية عبر التبشير"، لافتاً إلى أن الأشكناز "ليسوا ساميين وليسوا يهوداً، وبالتالي فإن نصف سكان إسرائيل غير ساميين وغير يهود".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن الرئيس الفلسطيني شدد على أن اليهود الشرقيين القادمين إلى إسرائيل من الدول العربية "ساميون لأن أصلهم من الجزيرة العربية، وذهبوا إلى الأندلس قبل أن يعودوا منها"، مشيراً إلى أن اليهود يدركون "عدم وجود شعب يهودي لكن هناك ديانة يهودية، ولذلك فلم يكن هناك رغبة ولا اهتمام يهوديين بإقامة دولة لهم".

وقال عباس إن "يهود أوروبا وخصوصاً في ألمانيا كانوا ضد مشروع إقامة دولة لليهود"، لافتاً إلى أنه حتى يهود الدول العربية كانوا ضد المشروع ورفضوا العيش فيها، إذ كان عدد سكان إسرائيل عند تأسيسها نحو 600 ألف"، مضيفاً "بالقوة والسلاح والضغط هاجر يهود الدول العربية إلى إسرائيل بسبب رفضهم الانتقال طوعاً".

وطن قومي لليهود

وشدد أبو مازن على أن "إعلان بلفور" الذي تعهد بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين "جاء بشراكة أميركية - بريطانية كاملة، إذ أصرت واشنطن على تضمنيه في صك الانتداب البريطاني على فلسطين بهدف تنفيذه".

وعن دوافع ذلك قال عباس إنه جاء تطبيقاً لتوصيات لجنة شكلها رئيس الوزراء البريطاني كامبل بانرمان عام 1907.

ووفق الرئيس الفلسطيني فإن اللجنة خلصت إلى أن "الحضارة الأوروبية آيلة للسقوط وأن منطقة جنوب وشرق البحر المتوسط مرشحة لتحل مكانها، بسبب التاريخ واللغة المشتركين والموقع الاستراتيجي والثروات الطبيعية فيها".

وأشار عباس إلى أن اللجنة أوصت "بزرع شعب غريب عن أهل المنطقة شرق قناة السويس، لكي تبقى هذه البلاد مجزأة ومتأخرة ومتناحرة".

"كاذبة ومضللة"

وسببت تصريحات الرئيس الفلسطيني موجة استياء في إسرائيل وأوروبا وأميركا، بوصفها "كاذبة ومضللة بصورة صارخة حول اليهود ومعاداة السامية"، وفق الاتحاد الأوروبي.

وفي واشنطن عبرت مبعوثة الرئيس الأميركي لمكافحة معاداة السامية ديبرا ليبستادت عن صدمتها من تصريحات عباس وطالبته بالاعتذار، وقالت ليبستادت إن تلك التصريحات "تشوه المحرقة وتعرض بصورة كاذبة الرحيل المأسوي لليهود من الدول العربية، وإنني أدين هذه التصريحات".

فظيعة ومروعة

كما وصفت وزارة الخارجية الألمانية تلك التصريحات بـ "الفظيعة والمروعة"، وقالت إنها "تسهم في نشر نظريات المؤامرة وتشويه التاريخ وتتعارض مع كل الجهود المبذولة لقول الحقيقة".

وقد دفع الهجوم على تصريحات عباس الرئاسة الفلسطينية إلى إصدار بيان أشار إلى أنها "مجرد اقتباسات من كتابات لمؤرخين وكتاب يهود وأميركيين"، مشددة على أن تلك التصريحات "لا تشكل إنكاراً بأي شكل من الأشكال للمحرقة النازية"، ومجددة "الإدانة الكاملة للمحرقة ورفض معاداة السامية".

فخ النازية

ورفض الأكاديمي الإسرائيلي مردخاي كيدار تصريحات الرئيس عباس قائلاً إنها "أبعد ما تكون عن الصحة"، وأشار إلى أن يهود أوروبا "جاؤوا على مراحل من الشرق الأوسط ومن إسبانيا خلال القرن الـ 15".

ولم ينكر كيدار وجود عدد قليل من يهود أوروبا جاؤوا من مملكة الخزر (بلغاريا حالياً)، لكنه أوضح أن عباس "ينفي حتى وجود شعب يهودي بل طوائف متفرقة حول العالم"، مضيفاً أن الرئيس الفلسطيني "وقع في فخ النازية ويعيد تكرار شعاراتها التي انتشرت في عدد من الدول العربية خلال النصف الأول من القرن الماضي".

كما لفت كيدار إلى أن العراق شهد وجود حركة نازية بقيادة سامي شوكت الذي وضع كتاباً يصف فيه "اليهود بالحشرات ويدعو إلى إبادتهم بالغاز".

معارك مجانية خاسرة

واعتبر المحلل السياسي محمد مشارقة أن الرئيس الفلسطيني ما كان عليه "التورط في قضايا تاريخية جدلية خلافية لأن كل كلمة منه مسموعة من العالم أجمع وتؤثر في القضية الفلسطينية".

وقال مشارقة إنه "من المفترض على الرئيس عباس أن يتصرف بمسؤولية كرئيس لشعب يواجه تصاعداً للفاشية والعنصرية الإسرائيليتين، وأن يبتعد من القضايا الخلافية التي يجب أن يتركها إلى المؤرخين والمثقفين"، مشيراً إلى أن تصريحات الرئيس الفلسطيني "تسبب معارك مجانية خاسرة لا حاجة إليها في ظل وجود جدل أوروبي حول ما يطرحه".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات