ملخص
يحمل كثير من أحياء مخيم عين الحلوة أسماء مدن وقرى فلسطينية ويصفه البعض بـ"عاصمة الشتات"
تأسس مخيم عين الحلوة في أعقاب حرب 1948 ليستضيف لاجئين فلسطينيين فروا إلى لبنان، ويضم اليوم عشرات آلاف السكان في أحياء فقيرة، وبات بؤرة لمتطرفين وخارجين عن العدالة.
وشهد المخيم الواقع في مدينة صيدا جنوب لبنان، الخميس والجمعة الماضيين تصعيداً جديداً بعد أسابيع من اشتباكات دامية كانت الأعنف منذ سنوات، بين حركة "فتح" الفصيل الفلسطيني الأبرز ومجموعات متشددة.
ولا تتجاوز مساحة عين الحلوة، أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الـ12 في لبنان، كيلومترين مربعين، ويقطن فيه 54 ألف لاجئ فلسطيني، إضافة إلى ستة آلاف فلسطيني فروا من سوريا المجاورة جراء النزاع المستمر فيها منذ 12 عاماً.
وكما باقي المخيمات الفلسطينية، لا تدخل القوى الأمنية اللبنانية عين الحلوة بموجب اتفاق ضمني قائم منذ سنوات طويلة بين السلطات اللبنانية والفلسطينيين، وتتولى الفصائل الفلسطينية نوعاً من الأمن الذاتي داخل المخيمات عبر قوة أمنية مشتركة.
أقيم المخيم بعد "نكبة 1948" التي تهجر خلالها 760 ألف فلسطيني مع تأسيس دولة إسرائيل، ووصل إليه بداية مهجرون من المدن الساحلية الفلسطينية، لذلك، يحمل كثير من أحيائه أسماء مدن وقرى فلسطينية، ويصفه البعض بـ"عاصمة الشتات".
على مر السنوات، دخلت المخيم، كما عديد من المخيمات الفلسطينية الأخرى، ترسانات هائلة من السلاح، بدأ ذلك مع إبرام اتفاق القاهرة في 1969 بين منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت في أوج قوتها والسلطات اللبنانية برعاية عربية، وسمح الاتفاق السري في حينه بإقامة قواعد عسكرية للفصائل الفلسطينية في لبنان وتنظيم العمل الفلسطيني المسلح داخل المخيمات بهدف مواجهة إسرائيل.
إلا أن السلاح الفلسطيني تدخل في الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1990)، مما عقد العلاقات اللبنانية - الفلسطينية، وتلته تدخلات سورية وإسرائيلية، فيما ألغي اتفاق القاهرة في عام 1987، ولو أن مفاعيله لم تنته.
خلال الحرب الأهلية اللبنانية، انتقل إلى مخيم عين الحلوة لاجئون فلسطينيون فروا من مناطق لبنانية أخرى، وانضم إليهم لاحقاً آخرون نزحوا في 2007 من مخيم عين البارد في شمال لبنان الذي شهد اشتباكات بين مجموعات متشددة والجيش اللبناني.
ويروي الباحث الفلسطيني سهيل الناطور أن الفلسطينيين كانوا يعيشون في البداية تحت الخيم، قبل أن يبنوا منازل أسمنتية عشوائية بغالبيتها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خلال اجتياحها للبنان في عام 1982 "دمرت القوات الإسرائيلية المخيم واعتقلت مئات من الأشخاص داخله"، لكن سكانه ما لبثوا أن أعادوا بناء منازلهم شيئاً فشيئاً.
المخيم محاط اليوم بجدار بناه الجيش اللبناني الذي ينشر حواجز أمام مداخل المخيم الأربعة.
وتعد حركة "فتح" الفصيل الأبرز في المخيم الذي توجد فيه حركتا "حماس" و"الجهاد"، وتتخذ مجموعات متطرفة من حي الطوارئ في المخيم معقلاً لها، وهي المنطقة التي شهدت الاشتباكات الأخيرة مع الحركة.
ويعرف عن المخيم اليوم إيواؤه مجموعات متشددة وخارجين عن القانون، وبينهم المغني اللبناني - الفلسطيني فضل شاكر الذي شارك في 2013 في معارك ضد الجيش اللبناني قرب مدينة صيدا وصدر بحقه حكمان غيابيان بالسجن.
ويشهد المخيم بين وقت وآخر عمليات اغتيال وأحياناً اشتباكات خصوصاً بين فصائل فلسطينية ومجموعات متشددة.
في الـ29 يوليو (تموز) الماضي اندلعت اشتباكات عنيفة استمرت خمسة أيام بين حركة "فتح" ومتشددين قتل فيها 13 شخصاً، غالبيتهم مقاتلون وبينهم قيادي في الحركة قتل في كمين، فيما تجددت هذه الاشتباكات لساعات مساء الخميس الماضي.
ويعيش الفلسطينيون في مخيم عين الحلوة وغيره من المخيمات إجمالاً في ظروف مزرية.
وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" إنهم يعانون تداعيات القيود التي تفرضها السلطات اللبنانية على اللاجئين الفلسطينيين مثل منع عملهم في قطاعات واسعة، والانهيار الاقتصادي في لبنان، وكذلك الاكتظاظ، فضلاً عن الفوضى الأمنية.
وتتجاوز نسبة الفقر في المخيمات الفلسطينية 80 في المئة، وفق "الأونروا" التي تدير ثماني مدارس في مخيم عين الحلوة وحده.
وهناك 489 ألفاً و292 لاجئاً فلسطينياً مسجلون لدى "الأونروا"، إلا أن الموجودين في لبنان يقدرون بـ250 ألفاً.