Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رحلة رعب عاشتها صحافية روسية بعد اشتباه بتعرضها للتسمم

إيرينا بابلويان تخبر "اندبندنت" بأعراضها المروعة بعد تحقيقها في نقل موسكو القسري للأطفال الأوكرانيين

عملت المذيعة إيرينا بابلويان في إذاعة "صدى موسكو" لمدة 17 عاماً (لقطة ثابتة)

ملخص

تقول الصحافية الروسية إيرينا بابلويان، التي يشتبه في تعرضها لمحاولة تسمم، إن جميع الصحافيين والناشطين الروس هم هدف للحكومة الروسية

"إذا كنت صحافياً وتسعى الحكومة لقتلك فأنت تقوم بعملك بشكل صحيح".

تلك هي الكلمات المروعة التي قالتها المذيعة إيرينا بابلويان، التي كانت، حتى غزو فلاديمير بوتين لأوكرانيا، تقدم البرنامج الإذاعي الصباحي الأكثر شعبية في روسيا.

لكن بعد مطاردتها من قبل جهاز الأمن الفيدرالي الروسي "أف أس بي" وتوقف البث [الإذاعة] بعد أيام من بدء الحرب، شعرت الصحافية بأنها مضطرة إلى مغادرة موسكو حفاظاً على سلامتها.

ومثل العديد من منتقدي بوتين، لم تكن تدرك، أنها ستعاني أيضاً من أعراض يشتبه في أنها بفعل تسمم والتي تركت بشرتها "تحترق طوال الوقت".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأُنشئت المحطة الإذاعية المستقلة الرئيسة الوحيدة في روسيا "صدى موسكو" قبل انهيار الاتحاد السوفياتي، وأوقف بثها في مارس (آذار) 2022، أثناء حملة الكرملين على الإعلام ثم أُغلقت بالكامل.

وسرعان ما اتخذت الأحداث منحى أكثر سوداوية. وفي وقت متأخر من إحدى الأمسيات، بالقرب من منزلها، كانت السيدة بابلويان تمشي مع صديقها المقرب، السياسي المعارض إيليا ياشين، عندما قبض عليه. وحكم عليه لاحقاً بالسجن لمدة ثماني سنوات ونصف، بسبب بث مباشر على موقع "يوتيوب" حول المجازر الروسية في بوتشا الأوكرانية.

وتقول إن الشرطة الروسية وعملاء جهاز الأمن الفيدرالي تبعوها منذ تلك اللحظة في كل مكان - حتى على بعد حوالى 350 ميلاً (563 كلم) جنوب بيلغورود - وجلسوا علناً خارج منزلها، وهددوها ملمحين بأنه "ربما يكون من الأفضل لك أن تغادري [روسيا]".

وعندما بدأت التحقيق في التقارير المبكرة عن نقل الأطفال الأوكرانيين قسراً إلى روسيا، اشتد الخطر الشخصي على السيدة بابلويان.

وأخبرها مسؤولون في الحكومة الروسية اتصلت بهم أنهم يتابعون القضية وأن الأطفال سيبقون في البلاد حتى تنتهي الحرب.

وعلى رغم أنها كانت على علم في البداية بوجود "مدرسة" واحدة فقط تؤوي أطفالاً أوكرانيين في روسيا، إلا أن التحقيق سرعان ما كشف عن المزيد حتى علمت من أحد زملائها الصحافيين بوجود عشرات المرافق الأخرى، التي تضم آلافاً أخرى. وتشير الأرقام الحالية في أوكرانيا إلى أن ما لا يقل عن 19 ألف طفل قد اختطفوا.

وقالت السيدة بابلويان "لقد صدمت حقاً وفهمت: حسناً، ربما حان الوقت لكي أغادر"، مضيفة "لقد كنت متعبة للغاية وشعرت بعدم استطاعتي تغيير الوضع".

وعادت إلى موطنها جورجيا في أكتوبر (تشرين الأول) وسط نزوح روسي آخر أشعل شرارته أمر التعبئة الذي أصدره بوتين.

ومع استعداد "صدى موسكو" لاستئناف البرمجة عبر تطبيقها من برلين، خططت الصحافية للانتقال إلى هناك - في رحلة تتطلب منها الانتقال براً إلى أرمينيا، قبل السفر جواً من يريفان إلى مولدوفا فالعاصمة الألمانية.

وعشية الرحلة الطويلة، فجأة "شعرت بشيء غريب يحدث". إذ "في لحظة" بدأت تشعر بالغثيان والتعب. وقالت السيدة بابلويان "تناولت العشاء مع الأصدقاء - لم أرغب في تناول الطعام، ولم أرغب في الشرب، وطلبت السلطة والنبيذ، ولم ألمسهما على الإطلاق. قررت الذهاب إلى السرير، وذهبت إلى الفندق ونمت". وكانت هذه آخر مرة تنام فيها لمدة ثلاثة أيام.

واستيقظت وهي تشعر بحال "أسوأ بكثير"، متذكرة "لم أستطع التحرك بشكل طبيعي، كل حركة كانت صعبة للغاية". وشعرت بطعم معدني في فمها، وألم "جنوني" في رأسها و"في مكان غريب" في بطنها بينما تحول لون يديها وقدميها إلى "الأحمر النبيذي".

وقالت السيدة بابلويان "لم أستطع تحريك أصابعي بشكل طبيعي، وشعرت وكأنني ألمس النار في يدي وقدمي".

وألقت باللوم حتى اللحظة على حساسيات خاملة لديها، فاشترت بعض مضادات الهيستامين، وحزمت حقيبتها وانطلقت في رحلة بسيارة الأجرة مدتها أربع ساعات إلى يريفان.

وباستثناء المعبر الحدودي، استلقت على المقعد الخلفي طوال الرحلة، غير قادرة على الحركة. "كانت كل قطعة من جسدي تحترق. لم أستطع التفكير بشكل طبيعي، ولم أستطع التركيز على أي شيء".

وفي المطار، بعد قضاء ليلة بلا نوم في أحد الفنادق، وشعورها بالقلق، رتبت موعداً هاتفياً مع طبيب روسي، الذي أخبرها أن الأعراض ربما تكون ناجمة عن الإجهاد. وقالت: "كنت جالسة أنتظر رحلتي وأبكي طوال الوقت الذي كنت أتحدث فيه لأنهم لم يفهموا ما كان يحدث".

وأمضت بابلويان ليلة أخرى بلا نوم في كيشيناو، عاصمة مولدوفا، قبل أن تسافر إلى ألمانيا، حيث وجدت أخيراً، في اليوم الثالث، أنها تستطيع المشي والتحدث وتناول الطعام مرة أخرى. وقالت: "لم يختف [الأعراض] كل شيء، لكنه كان أفضل بكثير".

لم يكن لديها تأمين صحي حين ذهبت إلى الطبيب في شهر ديسمبر (كانون الأول) والذي وصف لها مضادات الاكتئاب وأخبرها أن اختبارات الحساسية ستكلف 6000 يورو.

وبعد فترة وجيزة، اضطرت السيدة بابلويان إلى التوقف عن تقديم برنامجها الإذاعي، حيث "بدأ شيء غريب يحدث في بشرتي"، إذ انتشرت بقع حمراء تشبه خلية النحل، "تحترق طوال الوقت".

أخيراً، أجرت اختبارات لجميع المواد المسببة للحساسية المعروفة، وكانت النتيجة سلبية.

وفي هذه المرحلة، أوصت صديقة روسية بطبيب آخر، التي أخبرتها فور رؤية بشرتها أنها بحاجة إلى إجراء اختبارات السموم للمعادن الثقيلة - وقالت إنها تعرف روسيتين أُخريين، صحافية وناشطة، أصيبتا أخيراً بالمرض في أوروبا بأعراض مماثلة.

أما الحالتان الأخريان – الصحافية في صحيفة "نوفايا غازيتا" إيلينا كوستيوتشينكو، في برلين، ورئيسة مؤسسة "روسيا الحرة" ومقرها الولايات المتحدة، ناتاليا أرنو، في براغ. وحقق في كلا الحالتين الموقع الصحافي الاستقصائي "ذي إنسايدر" The Insider ومقره العاصمة اللاتفية، ريغا.

ومنذ ذلك الحين، أخبر الأطباء وأخصائيو السموم الموقع الاستقصائي أن التسمم هو التفسير الوحيد لأعراض السيدة كوستيوتشينكو، وهو السبب الأكثر ترجيحاً لأعراض بابلويان وأرنو.

وأجرت فحوصاتها في مستشفى شاريتيه، حيث شخصت إصابة زعيم المعارضة الروسي المسجون الآن أليكسي نافالني عام 2020. لكن قيل لها لاحقاً إن اختبارات السموم التي أجرتها "فُقدت"، وعلى رغم أن الأطباء أخذوا أيضاً عينة من شعرها، إلا أنها لم تخبر بالنتائج بعد.

ولم تبلغ السيدة كوستيوتشينكو أيضاً بأي معطيات على رغم ادعاءات مصدر لموقع "ذي إنسايدر" بأن سلطات إنفاذ القانون [الألمانية] أجرت تحليلاً سرياً خاصاً بها لدمها.

وبعد الإعلان عن إجراء تحقيق الشهر الماضي في قضية كوستيوتشينكو، يتعامل المدعون الألمان الآن مع الحادثة على أنها محاولة قتل.

ومع ذلك، لم تعلن جورجيا بعد عن فتح تحقيقها الخاص في قضية السيدة بابلويان، وهي غير قادرة حالياً على العودة إلى تبليسي والطلب بشكل شخصي بإجراء تحقيق رسمي.

بالنسبة لبابلويان، أثناء إجراء مقابلة مع كوسيوتشينكو في برنامجها الإذاعي في منتصف أغسطس (آب)، بدأت الحقيقة الصارخة في الظهور بالفعل.

وقالت "عندما تنظر إلى وجه وعين شخص شعر بنفس [الأعراض] وتفهم أن الأمر كان حقيقياً، فإن الأمر يبدو مخيفاً - للغاية"، مضيفة أنها لا تزال "تحاول فقط فهم كيفية العيش". عندما تعلم أن شخصاً ما أراد قتلك، ومن المحتمل أن يفعل ذلك مرة أخرى".

وتظل الصحافية، التي لا تزال تعاني من مشكلات في بشرتها وتعاني من آلام في أصابعها بعد فتح زجاجة أو حتى باب، أكثر تصميماً على تقديم تغطية موضوعية عن شؤون روسيا.

وقالت "العمل بمثابة علاج بالنسبة لي. لا أستطيع التوقف عن العمل"، وأشارت إلى أنها، كصحافية، إذا كانت الحكومة "تريد قتلك، فهذا يعني أن ما تفعله، فإنك تفعله بشكل صحيح".

وعندما سئلت عما إذا كانت تعتقد أنها استُهدفت بسبب تحقيقاتها في جرائم حرب روسية محتملة، أجابت بابلويان "أعتقد ببساطة أن جميع الصحافيين والناشطين الروس هم هدف للحكومة الروسية. لكن من الصعب أن نفهم من سيكون التالي لأنه إذا كنت تحاول العثور على المنطق، فلن تتمكن من العثور عليه، ويمكن أن يكون الجميع هدفاً".

© The Independent

المزيد من تقارير