Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا بعد انتهاء الملء الرابع والأخير لسد النهضة؟

إثيوبيا سعيدة ومصر غاضبة والسودان في غياهب الحرب ومراقبون "لا ضرر ولا ضرار" 

تعتبر إثيوبيا أن سد النهضة أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى تطلعاتها التنموية (أ ف ب)

ملخص

تنفي إثيوبيا أن سد النهضة سيضر بحصص مصر والسودان المائية، فما الذي يغضب القاهرة وأين موقف الخرطوم؟

أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد يوم الإثنين أن بلاده أكملت بنجاح الملء الرابع والأخير لسد النهضة الإثيوبي الكبير على نهر النيل

وأتت إفادته عبر صفحته الرسمية على موقع "إكس" بعد أسبوعين من اختتام المفاوضات بين إثيوبيا ومصر والسودان من دون تحقيق تقدم كبير، ومع ذلك اتفقت الدول الثلاث على استئناف المحادثات في سبتمبر (أيلول) الجاري بأديس أبابا.

وقال آبي أحمد في إفادته "إنه لمن دواعي سروري البالغ أن أعلن عن الانتهاء بنجاح من الملء الرابع والأخير لسد النهضة"، مقراً بما سماها "تحديات عدة واجهتها العملية، بما في ذلك العقبات الداخلية والضغوط الخارجية".

مصر تدين

من جهتها دانت وزارة الخارجية المصرية ملء إثيوبيا لسد النهضة معتبرة أنه "غير قانوني" وواصفة الإجراء الذي اتخذته أديس أبابا بأنه "أحادي ولا يلتزم المقررات الدولية الخاصة بملء السدود"، وتوقعت أن يؤثر ذلك سلباً في المفاوضات مع دولتي المصب (مصر والسودان).

وكانت المفاوضات التي تم تعليقها عام 2021 استؤنفت الشهر الماضي في العاصمة المصرية القاهرة من دون أن تحدث اختراقاً في اتجاه التعقيدات الناتجة من مضي إثيوبيا في استكمال ملء السد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وزعم بيان الخارجية المصرية أن "الإجراءات الأحادية التي تتخذها إثيوبيا تتجاهل حقوق ومصالح دولتي المصب وأمنهما المائي الذي يضمنه القانون الدولي"، مضيفاً أن "الجولة الرابعة التي قامت بها إثيوبيا لملء السد تمثل انتهاكاً للقانون الدولي"، وأكد أن "’إعلان المبادئ‘ عام 2015 ينص على الاتفاق بين إثيوبيا ومصر والسودان على قواعد ملء سد النهضة وتشغيله قبل أية عملية ملء".

وظلت القاهرة والخرطوم تعربان عن مخاوفهما من أن يؤدي بناء السد الذي تقدر كلفته بـ4.2 مليار دولار، إلى تقليل حصتهما من مياه النيل بشكل كبير، إذ حثّتا أديس أبابا باستمرار على وقف عملية الملء لحين التوصل إلى اتفاق فني ملزم حول تقنيات الملء والتشغيل.

في المقابل تعتبر إثيوبيا أن سد النهضة أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى تطلعاتها التنموية، وتنفي أنه سيضر بحصص مصر والسودان المائية، مؤكدة أن السد لن يؤثر سلباً في دولتي المصب.

لا ضرر ولا ضرار 

يرى المتخصص في الشأن الإثيوبي ياسين محمد أن إعلان الحكومة الإثيوبية اكتمال الملء الرابع والأخير "يكشف مجدداً عن أنها أوفت بتعهداتها المعلنة تجاه شعبها وتطلعه إلى التنمية".

ويضيف أن أديس أبابا تعهدت منذ البدء بالتزام نقطتين أساسيتين، الأولى أنها ستمضي في بناء السد بإمكانات ذاتية ومن دون الإذعان للضغوط الخارجية، والثانية أنها لن تسهم في الإضرار بمصالح دولتي المصب، مردفاً أن إثيوبيا حققت قاعدة "لا ضرر ولا ضرار"، فالملء الرابع تم بشكل سلس، وأثبت أنه لم يسهم في خفض حصص المياه بكل من السودان ومصر، مما يؤكد صحة الموقف الإثيوبي ووفاءه بالالتزامات المعلنة. 

وتساءل عن مصير الحملات الإعلامية والسياسية التي قادتها دولتا المصب في شأن الإضرار بمصالحهما المائية في حال مضي إثيوبيا في الملء الرابع، مضيفاً "إثيوبيا التي بلغ حجم سكانها ما يقارب 110 ملايين تضاعفت حاجات شعبها من الطاقة، ومن حقها الاستفادة من ثروتها المائية في توليد الكهرباء".

وأكد محمد أن بلاده استجابت لمعظم المطالب التي تقدمت بها دولتا المصب، بما فيها العودة للمفاوضات الثلاثية حول الترتيبات الفنية، موضحاً أن لقاء القاهرة الأخير بين ممثلي الدول الثلاث، على رغم عدم قدرته على إحداث تقدم كبير، فإنه أحيا عمل لجان التفاوض والتفاهمات حول الترتيبات الفنية، مع الاتفاق على الاستمرار في مسار الحوار.

ويرجح أن لا تقبل أديس أبابا بفكرة توقيع اتفاق قانوني ملزم حول تدابير تشغيل السد، مؤكداً أن "ذلك إلى جانب تعارضه مع سيادتها على أراضيها وثرواتها الطبيعية فهو يعرض أمنها القومي للخطر".

ويرفض محمد المزاعم التي تطرحها دولتا المصب والمتعلقة بمدى سلامة البناء، مشدداً على أن "شركات عالمية متخصصة شاركت في تشييد السد، ولا أحد سيكون حريصاً على سلامة المشروع القومي الإثيوبي أكثر من الإثيوبيين"، واصفاً تلك المزاعم بأنها "حجج واهية".

مؤشرات جفاف 

من جهته قال المتخصص المصري في الموارد المائية عباس شراقي في تصريح إلى إحدى القنوات الفضائية المصرية إن ثمة مؤشرات ظهرت خلال الأيام الماضية نتيجة الملء الرابع لسد النهضة، من بينها "انخفاض طفيف في منسوب النيل وظهور الجفاف داخل بعض المناطق في السودان".

وأضاف أن كمية التخزين بعد الملء الرابع بلغت نحو 24 مليار متر مكعب عند منسوب 625 متراً فوق سطح البحر"، متوقعاً أن تفقد بلاده في هذه المرحلة ما يقرب من 12 مليار متر مكعب من المياه"، لكنه أكد أن ذلك لن يتبين إلا مع نهاية العام. 

وقلل شراقي في الوقت ذاته من حجم تأثير هذه النسبة في مصر لأن القاهرة تستطيع تعويضها من خلال ضخ مياه السد العالي وتوزيعها على الأراضي الزراعية، مرجحاً أن "يسهم استمرار إثيوبيا في سياسة القرارات الأحادية لاحقاً في إلحاق أضرار كبيرة بمصالح مصر المائية مع انخفاض نسبة الأمطار في الهضبة الحبشية والسودان". 

ولفت إلى ضرورة ممارسة مزيد من الضغوط السياسية والدبلوماسية على أديس أبابا من أجل التوصل إلى اتفاق فني ملزم. 

ولم تصدر الحكومة السودانية، الطرف الثالث في المعادلة، أي تعليق رسمي حول انتهاء الملء الرابع ولم تؤكد المعلومات المتعلقة بتعرض بعض مناطقها للجفاف. 

ويقدر مراقبون بأن الحرب التي تشهدها الخرطوم بين الجيش النظامي وقوات "الدعم السريع" دفعت ملف سد النهضة إلى زيل قائمة أولويات الدولة السودانية المنشغلة بالحرب فضلاً عن المعارك الدبلوماسية، بخاصة مع الاتحاد الأفريقي.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير