ملخص
زار قائد القيادة المركزية للجيش الأميركي إسرائيل، وبحث مع مسؤولين عسكريين في مقدمتهم رئيس الأركان، هرتسي هليفي، الأوضاع الأمنية والاستراتيجية
استدعى تسارع الأحداث المتعلقة بإيران على مدار أربع وعشرين ساعة، سواء عند الحدود الشمالية أو إقليمياً، مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية في إسرائيل إلى عقد اجتماعات طارئة وأبحاث مكثفة حول سبل التعامل مع الأذرع الطويلة لإيران في المنطقة، بحسب وصف إسرائيليين، فيما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، ورئيس أركان الجيش، هرتسي هليفي، أن الوضعية الحالية ضاعفت احتمال نشوب حرب على مختلف الجبهات تشارك فيها إيران بشكل فعال من قريب ومن بعيد.
وزادت الوضعية الأمنية المتفاعلة في المنطقة إلى جانب التصعيد تجاه الفلسطينيين، منسوب القلق لدى الإسرائيليين من أن تكون الشعلة التي توقد نيران الحرب المقبلة، بحسب ما حذر أمنيون وعسكريون. وفي مقدمة عوامل التوتير، وضعية الأسرى الأمنيين والإجراءات التي أعلن عن تنفيذها وزير الأمن القومي، ايتمار بن غفير، الأمر الذي استدعى عقد اجتماع طارئ الثلاثاء 12 سبتمبر (أيلول) الحالي، للمجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) لبحث التطورات الأمنية في المنطقة وسبل الاستعداد لمواجهة ما تتوقعه إسرائيل من تصعيد عشية أعياد اليهود، التي تبدأ الأحد المقبل.
وإلى جانب خطر تشديد الإجراءات تجاه الأسرى الأمنيين على تداعيات الأحداث الأمنية، ناقش المجتمعون تقارير أمنية عرضت من قبل مسؤولين وأجهزة الأمن، من بينها تقرير عرضه وزير الدفاع، حول اتساع تموضع إيران في المنطقة لتصل إلى الحدود اللبنانية وإقامتها مطاراً لإطلاق الطائرات من دون طيار على إسرائيل. وعرض تقرير آخر من قبل جهاز "الموساد"، حول تعزيز العلاقات بين إيران وروسيا، ويشمل التقرير ادعاء رئيس "الموساد"، دافيد بارنياع، إحباط محاولة إيرانية لتزويد روسيا بصواريخ قصيرة وبعيدة المدى، وإفشال 27 هجوماً إيرانياً تستهدف يهوداً أو إسرائيليين في جميع أنحاء العالم.
أعياد اليهود والقلق الإسرائيلي
من جهة أخرى، يجري في هذا الشهر من كل عام، تكثيف الأبحاث والمؤتمرات الإسرائيلية التي تركز كلها على الوضع الأمني في المنطقة و"مواجهة الإرهاب"، إذ يتوقع الإسرائيليون أن مخططي العمليات أو أي عمل يؤدي إلى تصعيد أمني يختارون فترة الأعياد اليهودية نظراً إلى دخول معظم المؤسسات الإسرائيلية فترة عطل رسمية، ومن جهة أخرى وصول مجموعات كبيرة إلى البلدات الإسرائيلية للاحتفال بالأعياد، وتشكل بالتالي هدفاً للعمليات.
كما أعلن غالانت، خلال عرضه صوراً لما قال إنه مطار إيراني في لبنان، أن جميع المؤسسات والأجهزة الأمنية ستكون على أهبة الاستعداد، مضيفاً أن "تكثيف الأبحاث في هذه الفترة أمر ضروري، إذ تجري محاولات لاستهدافنا في الأعياد. وجهاز الأمن يستعد لانتشار واسع من أجل ضمان أمن الإسرائيليين والحدود الإسرائيلية".
وعاد غالانت وأكد على أن إسرائيل لن تسمح بوجود مثل ذلك المطار الذي أقامته إيران على بعد عشرين كيلومتراً من الحدود، وقال "بعبارة أخرى، الأرض لبنانية والسيطرة إيرانية والهدف إسرائيل، فإذا وصلنا إلى صراع، فلن نتردد في استخدام القوة الفتاكة للجيش الإسرائيلي وسيدفع حزب الله ولبنان ثمناً باهظاً ومؤلماً".
أسلحة دقيقة ومتطورة لإيران
من جهته، لم يخف رئيس "الموساد"، قلق إسرائيل من العلاقة المتنامية بين إيران وروسيا، فبعد التهديدات التي أطلقها باستهداف قادة إيرانيين في العمق الإيراني وفي طهران، ادعى أن إيران تسعى إلى بيع روسيا مزيداً من الأسلحة، وهو أمر تسعى إسرائيل لإحباطه باستمرار، وقال "نعلم جيداً أن إيران كانت لديها نية لبيع روسيا أسلحة متنوعة ومتطورة لا تقتصر على الطائرات المسيرة، إنما صواريخ قصيرة وبعيدة المدى ومثل هذه الصفقات تهدد وجود إسرائيل".
وأعلن برنياع أن "الموساد" يعمل في مناطق واسعة في العالم لمتابعة الخلايا الإيرانية، مضيفاً "نحن نعمل حتى في هذه اللحظة على متابعة الخلايا الإيرانية لمنعها من قتل اليهود والإسرائيليين في أنحاء العالم". وهدد برنياع إيران قائلاً "حان الوقت لجباية ثمن من إيران بطريقة مختلفة. إن إلحاق الضرر بالإسرائيليين واليهود من قبل تنظيم وكيل لإيران أو سلاح إيراني يهرب إلى إسرائيل سيؤدي إلى عمليات ضد إيران".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وادعى برنياع وجود وحدات أمنية إيرانية مسؤولة عن العمليات في الخارج، وبحسبه هناك وحدتان تابعتان للحرس الثوري الإيراني ووحدتان تابعتان لوزاة الاستخبارات والأمن الوطني الإيراني.
من جهته حذر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، من عدم التعاطي بجدية مع التهديدات الخارجية، وقال "علينا أن نتعاطى مع كل تصريح لأعدائنا، بالأقوال أو بالأفعال وعدم الاستخفاف بهم وعدم تعظيم قوتنا، علينا أن نكون جاهزين أكثر من أي وقت مضى لمواجهة عسكرية واسعة ومتعددة الجبهات تتضمن مناورة في اشتباك قتالي وفي احتكاك عال مع العدو، ستنطوي على خسائر وإصابات تشارك فيها أيضاً الجبهة الداخلية". وأضاف هيلفي "حين تمتلئ وسائل الإعلام بالمناقشات حول العبر من حرب عام 1973 (حرب أكتوبر) بعد خمسين سنة، فيتوجب الإصغاء بمنتهى الجدية لقائد الجيش في عام 2023".
محور لتهريب الأسلحة من سوريا
من جهته اعتبر الخبير العسكري، يوسي يهوشع، نشاطات إيران في المنطقة "أمراً في غاية الخطورة على إسرائيل"، وأن "الجبهة ضد إيران وفروعها في المنطقة تتطور إلى تهديد خطير للغاية، يستوجب كامل اهتمام القيادة السياسية ورص الصفوف في الجيش والشعب، تمهيداً لإمكان تصعيد على جبهات عدة بالتوازي".
وحول حديث رئيس "الموساد" حول إحباط محاولات إيران لتزويد روسيا بالأسلحة وتهديداته لقادة إيرانيين، قال يهوشاع إن "كلام رئيس الموساد كان شاذاً لأنه تضمن تهديداً مباشراً للقيادة الإيرانية وبياناً بموجبه لم يعد هناك مجال للحصانة، وأكد أن كل مس بإسرائيلي و/أو يهودي سيؤدي بالضرورة إلى جباية ثمن في قلب طهران". وبرأي يهوشاع فإن "الجسارة الإيرانية تتعاظم لأسباب عدة، بدءاً بانسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط ووصولاً إلى مرحلة الشرخ في إسرائيل".
وبالنسبة إلى المطار الذي ادعى غالانت أن "إيران أقامته على بعد عشرين كيلومتراً من إسرائيل في الأراضي اللبنانية"، قال يهوشاع "في هذه المرحلة يستخدم المطار لإطلاق طائرات مسيرة، لكن الخطة الأكبر هي خلق محور بديل لتهريب الوسائل القتالية من سوريا، التي ينجح الجيش الإسرائيلي في إحباطها في غارات دقيقة من الجو منذ أكثر من عقد، في إطار المعركة ما بين الحروب، ويعرف الإيرانيون أن إسرائيل لا تهاجم في لبنان كونها مردوعة أمام حزب الله والفكرة هي خلق مجال حصانة يساعد في مساعي تعاظم القوة، إلى جانب قاعدة قريبة من الحدود، يمكن إطلاق طائرات مسيرة منها لتؤدي مهمات هجومية خلف الحدود مع إسرائيل"ـ وشكك يهوشاع في أن تكون هذه القاعدة هي الوحيدة "التي أقامها الإيرانيون مع حزب الله في المنطقة".
وبرأي يهوشاع فإن "العدو أيضاً، الذي يستمع جيداً لكبار مسؤولي الأجهزة الأمنية في إسرائيل، ممكن أن يقع في خطأ اللامبالاة، وعليه فإنهم يرون تفوقاً في التهديد متعدد الساحات في فترة التفكك الذي تعيشه إسرائيل، لكن من الأفضل لهم أن يدركوا أن مثل هذا التهديد بالذات هو الذي سيكون محركاً قوياً لتجنيد كل المقدرات، ووضع الخلافات جانباً والهجوم المشترك بهدف حماية البيت. هكذا كان في حرب أكتوبر قبل خمسين عاماً وهكذا سيكون اليوم أيضاً إذا ما طولبنا بذلك".
القدرات العسكرية لتلبية تحديات المنطقة
وفي خضم الأبحاث الإسرائيلية حول الأوضاع الأمنية في المنطقة وإيران تحديداً، زار قائد القيادة المركزية للجيش الأميركي (CENTCOM)، الجنرال مايكل كوريلا، إسرائيل وبحث مع مسؤولين عسكريين في مقدمتهم رئيس الأركان، هرتسي هليفي، الأوضاع الأمنية والاستراتيجية بحضور قادة أجهزة أمنية واستخباراتية، وركز الطرفان على "التعاون في المنطقة وتوسيع الأدوات العملياتية والقدرات العسكرية كجزء من تلبية التحديات في الشرق الأوسط وبشكل عام"، وفق الجيش الإسرائيلي.
في الوقت نفسه بحث وزير الخارجية البريطانية، جيمس كليفرلي، مع نظيره الإسرائيلي إيلي كوهين، خلال زيارة يجريها إلى تل أبيب تستمر ثلاثة أيام، مختلف القضايا الأمنية في المنطقة وما تشهده إسرائيل من صراعات واحتجاجات داخلية.
وكان للملف الإيراني مكان في هذه اللقاءات حتى أن الضيف البريطاني حرص على إدانة النشاطات الإيرانية في المنطقة و"دعمها للجماعات المسلحة الإقليمية التي أقسمت على تدمير إسرائيل".