Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصريون يتسلمون جثامين ذويهم من ليبيا ويلعنون الفقر

أم تفقد 3 من أبنائها في العشرينيات وأب يحدوه الأمل في عودة نجله المفقود والسيسي يوجه بتخصيص تعويضات لأسر الضحايا

ملخص

في عزبة بطران بمحافظة الفيوم ما زال الرجل الستيني إبراهيم السيد متمسكاً بأمل العثور على نجله.

بدا على السيدة الستينية فاطمة الصدمة وهي تتذكر المكالمة الأخيرة التي جمعتها بأبنائها الثلاثة قبل بضعة أيام من وفاتهم في ليبيا، على أثر تدمير السيول الناجمة عن إعصار دانيال البنية التحتية لمدينة درنة المطلة على ساحل البحر المتوسط، وتجريفها الأحياء السكنية الواقعة بالقرب من مجاري الأودية.

ظهرت السيدة المكلومة في مقطع فيديو متشحة بالسواد، تتمتم بكلمات غير مفهومة، وحولها تلتف مجموعة من النساء في محاولة لتهدئتها. وقالت فاطمة التي كانت متمددة على الأرض وفي حالة انهيار "طلبوا مني رعاية أطفالهم، وأخبروني عن سقوط أمطار في درنة". ومضت في حديثها: "فقدت أغلى ما أملك في الحياة. ووضعتهم بجوار والدهم الذي توفي قبل ثلاثة أعوام"، مؤكدة أن جميع أبنائها الذين فقدتهم كانوا في العشرينيات من العمر.

تلك الشهادة ضمن عشرات الشهادات المأساوية الأخرى في قرية الشريف التي فقدت العدد الأكبر من الضحايا المصريين جراء الفيضانات والسيول التي ضربت ليبيا برصيد 74 ضحية.

قرية فقدت شبابها

يقول رأفت عوض، الذي فقد ستة من أقربائه بقرية الشريف ببني سويف في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، إن الخسارة التي تعرضوا لها كبيرة جداً، ولا تقوى القرية على تحملها، حيث لا يوجد منزل واحد لم يشعر بالفقد، مشيراً إلى أن الفقر هو السبب في انتقال أعداد هائلة من شباب القرية إلى درنة.

وعن بدايات تلك الرحلات يضيف "نسافر إلى ليبيا منذ زمن بعيد، حيث اعتدنا العمل في مجال البناء هناك، وجميع الضحايا غادروا القرية للبحث عن لقمة العيش".

يعود الرجل الخمسيني إلى الحديث عن ليلة استقبال الجثث قائلاً: "انتظرنا سيارات الإسعاف التي كانت تحمل الجثث في سوق القرية، لأنه المكان الوحيد الذي يتسع لاحتواء جميع العائلات التي فقدت ذويهم، حيث وصلت 74 سيارة إسعاف إلى القرية، وكل منها تقل جثة واحدة. لم نتمالك أنفسنا عند وصولها، كانت الأجواء صادمة لنا جميعاً".

وأظهر مقطع فيديو متداول عبر مواقع التواصل لحظات استقبال الأهالي لذويهم المتوفين، فكان المئات منهم يتسارعون خلف سيارات الإسعاف، بينما صرخات النساء تملأ الأجواء، وسط حالة من الانهيار التام سيطرت على الجميع شيوخاً وأطفالاً ونساءً ورجالاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأعلنت وزارة الهجرة المصرية أن القوات المسلحة نفذت إجلاء لـ 87 جثماناً لمصريين توفوا جراء الكارثة، وتم التعرف إلى أسمائهم، كما قام الجيش بإخلاء عدد من المصابين من قلب المناطق المتضررة، لعلاجهم في المستشفى الميداني المصري بالتعاون مع مؤسسات الدولة المختلفة.

وحكى عوض: "توجهنا مباشرة إلى مقابر قرية قنبش الحمراء في التاسعة والنصف صباحاً لدفن الجثث. كانت القرية بأكملها في المقابر، باستثناء ست أسر طلبوا الدفن في الجبل لأن لديهم قبوراً هناك". وقال، إنه يجب ألا تقتصر المساعدات على تقديم مبالغ مالية لأسر الضحايا، بل تشمل مساعدات شهرية للأرامل لمساعدتهن على المعيشة.

ووجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أمس الأربعاء، بمنح تعويضات لأسر المصريين الذين لقوا مصرعهم في العاصفة بليبيا. وبدورها أعلنت نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية عن البدء في صرف مساعدات عاجلة لأسر الضحايا تقدر قيمتها بـ100 ألف جنيه لأسرة كل متوفى و25 ألف جنيه لكل مصاب، إضافة إلى تقديم دعم غذائي لأسر الضحايا شهرياً لحين استقرارهم اقتصادياً واجتماعياً.

وفي ما يتعلق بالإجراءات التي اتخذت بعد وصول الجثامين أشار عوض إلى تكفل مجلس المدينة بتكاليف العزاء لجميع الضحايا، قائلاً "اجتمع بنا المحافظ وأخبرنا بأنه سيتم صرف تعويضات للضحايا، وستصل حافلة خاصة من المحافظة في بداية الأسبوع المقبل لإنهاء شهادات الوفاة في العباسية من أجل سرعة إنهاء صرف التعويضات".

واستطرد "سافر ابني مرتين إلى درنة قبل ذلك لكنه عاد قبل الحادث واستقر في القرية. وبحسب شهادة الرجل فإنها ليست المرة الأولى التي تفقد القرية شباباً سافروا إلى درنة، بل وقعت عديد من الحوادث على مدى سنوات متفاوتة، وبعضهم مات أثناء العمل". وأوضح أنه لا يخلو منزل بالقرية من وجود فقيد.

وبحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة الخميس فإنه كان من الممكن تفادي سقوط معظم الضحايا جراء الفيضانات المدمرة التي خلفت 3840 قتيلاً وآلاف المفقودين في شرق ليبيا. وقال الأمين العام للمنظمة بيتيري تالاس خلال مؤتمر صحافي في جنيف، أنه كان بالإمكان إصدار إنذارات، وإجلاء السكان.

الفاجعة تصل الدقهلية

لم تكن قرية أويش الحجر في محافظة الدقهلية بمنأى عن هذا الحادث الأليم، حيث أقيمت مراسم تشييع جثمان خالد شرارة، ضحية إعصار دانيال، أمس الأربعاء.

يقول عمه إسلام شرارة في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، إن الأسرة ما زالت تعيش في صدمة منذ تلقيها نبأ الوفاة، لا تصدق ما حدث.

وروى إسلام، أن نجله الذي يدعى أحمد سافر إلى درنة منذ نحو ستة أشهر للعمل في أحد محال الحلويات هناك، بهدف تدبير احتياجات أسرته وانتشالهم من الفقر.

وأشار إلى أن الفقيد كان معتاداً على السفر إلى ليبيا من وقت إلى آخر، ووالده أول من تلقى الخبر باستقبال اتصال من أصدقاء ابنه الذين يعملون معه الإثنين الماضي، حيث أخبروه بأنهم وجدوه غارقاً داخل المحل، نظراً إلى أنه كان يقيم فيه ليلة الإعصار بمفرده.

في عداد المفقودين

في عزبة بطران بمحافظة الفيوم ما زال الرجل الستيني إبراهيم السيد عبدالغني متمسكاً بالأمل بأن يعثر على نجله. وقال إن ابنه محمد ما زال في عداد المفقودين من جراء السيول التي ضربت ليبيا، مشيراً إلى أنه تلقى الخبر من أحد الأشخاص الليبيين الذين يعرفهم، بعد أن كتبوا كشفاً بأسماء المفقودين وكان من ضمنهم نجله وأحد أعمامه.

وأضاف أنه فقد اثنين من العائلة، وتلقى آخر مكالمة من ابنه الأحد الماضي، حيث كانت وقتها شبكة الهاتف سيئة، ما دفع محمد لإرسال رسالة صوتية للاطمئنان على الأسرة. ومضى في حديثه "سافر محمد إلى درنة منذ عشرة أشهر، والتحق بجميع أعمامه الذين استقروا في درنة لارتباطهم بالعمل هناك".

وقال عبدالغني إن "جميع أعمامه الذين ما زالوا على قيد الحياة أغلقوا هواتفهم، ولا توجد وسيلة للتواصل معهم، إضافة إلى أنني أفضل عدم الحديث معهم حتى لا أسمع منهم أخباراً سيئة"، مبدياً أمله في أن تنجح فرق الإنقاذ في العثور على ابنه الذي يعمل طباخاً في أحد المطاعم.

وأشار إلى أنه غير مهتم بالحصول على تعويضات حتى إذا قدرت بملايين الجنيهات، لأنها لن تعيد ابنه.

وأعلنت وزيرة الدولة لشؤون الهجرة وشؤون المصريين بالخارج السفيرة سها جندي، أن عمليات إجلاء المصريين من مناطق آثار الإعصار في ليبيا مستمرة، حتى التأكد من عودة جميع المصريين إلى وطنهم، مشيرة إلى أنه من الوارد وفاة مصريين ودفنهم في ليبيا من دون التعرف إلى هوياتهم وجنسياتهم.

وأشار عبدالغني إلى أنه كان يعمل أيضاً في درنة حتى عام 2009، لكنه قرر الاستقرار في بلدته بسبب كبر سنه، بينما أشقاؤه يذهبون ويعودون واستقرت أعمالهم هناك. وأضاف أنه متألم من الخبر، وأنه قرر توكيل أشخاص آخرين للرد والتواصل مع المسؤولين بشكل مباشر، والاكتفاء بمعرفة التفاصيل من الوسطاء.

المزيد من متابعات