Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ضائقة الديون تهدد نصف البلدان النامية بخطر التعثر

سجلت 235 تريليون دولار عالمياً في 2022 وصندوق النقد الدولي يرى الحل في زيادة الضرائب

نحو خمس الأسواق الناشئة لديها سندات سيادية يتم تداولها عند مستويات متعثرة (أ ف ب)

ملخص

تضاعف الدين العالمي ثلاث مرات منذ منتصف السبعينيات ليصل إلى 92 في المئة من الناتج الإجمالي بنهاية عام 2022

تراجع عبء الديون العالمية للعام الثاني على التوالي، على رغم أنه لا يزال أعلى من مستواه المرتفع بالفعل قبل جائحة "كوفيد"، وفقاً لآخر تحديث لقاعدة بيانات الديون العالمية في صندوق النقد الدولي، إذ بلغ إجمالي الدين 238 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي العام الماضي، بزيادة تسع نقاط مئوية عما كان عليه في عام 2019 قبل الجائحة، ومن حيث القيمة بالدولار الأميركي، بلغ الدين 235 تريليون دولار، بالتالي يتعين على صناع السياسات أن يكونوا ثابتين على مدى السنوات القليلة المقبلة في التزامهم الحفاظ على قدرة تحمل الديون. لكن مذكرة حديثة لصندوق النقد الدولي، تتحدث عن وجوب اتخاذ الحكومات عديداً من التدابير والإجراءات السريعة، لضمان الحد من نقاط الضعف المتعلقة بالديون وعكس اتجاهها، عبر العمل على خفض أعباء الديون، ما يسمح كفاية لجذب الاستثمارات الجديدة، وتعزيز وتيرة النمو الاقتصادي خلال السنوات المقبلة.

ويوثق التقرير استمرار الدين العالمي في التقلب في عام 2022، إذ انخفض 10 نقاط مئوية من الناتج المحلي الإجمالي للعام الثاني على التوالي إلى 238 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويعزى الانخفاض في العامين الماضيين في الأساس إلى انتعاش النشاط الاقتصادي، بعد انكماش حاد في المراحل الأولى من الجائحة، ومفاجآت تضخم هائلة.

ديون الصين الهائلة

وفي مذكرة حديثة لنائب نائب رئيس قسم السياسة المالية والرقابة بصندوق النقد الدولي ماركوس بوبلافسكي-ريبيرو، ومدير إدارة شؤون المالية العامة في الصندوق، فيتور غاسبار، والمحللة الاقتصادية في إدارة شؤون المالية العامة، جياي يو، يتضح أن ديون القطاع الخاص قادت الانخفاض العام الماضي، بخاصة في الاقتصادات المتقدمة وفي عديد من اقتصادات الأسواق الناشئة، في حين استمرت الديون في بعض البلدان بما في ذلك الصين وعديد من البلدان النامية منخفضة الدخل في الارتفاع، فبعد ثلاث سنوات من التقلبات الشديدة، تشير آفاق الدين العالمي إلى العودة إلى اتجاهه المتزايد في الأمد البعيد، مع وجود الصين كقوة عاتية تدفعه.

ورغم انتعاش النمو الاقتصادي منذ عام 2020 والتضخم الأعلى من المتوقع بكثير، ظل الدين العام مرتفعاً بشكل عنيد، كما يوضح الباحثون الثلاثة، مشيرين إلى أن العجز المالي أبقى مستويات الدين العام مرتفعة، بعدما أنفقت عديد من الحكومات مزيداً من الأموال لتعزيز النمو والاستجابة لارتفاع أسعار الغذاء والطاقة حتى مع إنهاء الدعم المالي المرتبط بالجائحة، ونتيجة لذلك، انخفض الدين العام بمقدار ثمان نقاط مئوية فقط من الناتج المحلي الإجمالي على مدى العامين الماضيين، وهو ما عوض فقط نحو نصف الزيادة المرتبطة بالجائحة، كما هو مبين في أحدث تقرير لرصد الديون العالمية.

ووفق المذكرة، انخفضت الديون الخاصة، التي تشمل ديون الأسر والشركات غير المالية، بوتيرة أسرع، إذ انخفضت بنسبة 12 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، وعلى رغم ذلك لم يكن الانخفاض كافياً لمحو آثار موجة الوباء.

قبل جائحة كورونا، كانت نسب الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي في ارتفاع لعقود من الزمن، وتضاعف الدين العام العالمي ثلاث مرات منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي ليصل إلى 92 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (أو ما يزيد قليلاً على 91 تريليون دولار) بحلول نهاية عام 2022، كما تضاعف الدين الخاص ثلاث مرات ليصل إلى 146 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (أو ما يقرب من 144 تريليون دولار)، ولكن على مدى فترة زمنية أطول بين عامي 1960 و2022.

الحصة الأكبر في العالم

وعلى ما يبدو لعبت الصين دوراً مركزياً في زيادة الدين العالمي في العقود الأخيرة كما يشير باحثو "الصندوق"، إذ تجاوز الاقتراض النمو الاقتصادي للبلاد، بعدما ارتفعت الديون كحصة من الناتج المحلي الإجمالي إلى المستوى نفسه تقريباً في الولايات المتحدة، في حين أن إجمالي ديون الصين بالقيمة الدولارية (47.5 تريليون دولار) لا يزال أقل بشكل ملحوظ من نظيره في الولايات المتحدة (ما يقرب من 70 تريليون دولار)، أما بالنسبة إلى ديون الشركات غير المالية، فإن حصة الصين البالغة 28 في المئة هي الأكبر في العالم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وارتفعت الديون في البلدان النامية المنخفضة الدخل بشكل كبير في العقدين الماضيين، وإن كان ذلك من مستويات أولية أقل، وحتى مع أن مستويات ديونها، بخاصة ديون القطاع الخاص، لا تزال منخفضة نسبياً في المتوسط مقارنة بالاقتصادات المتقدمة والناشئة، فإن وتيرة زياداتها منذ الأزمة المالية العالمية خلقت تحديات ونقاط ضعف، فأكثر من نصف البلدان النامية المنخفضة الدخل تعاني من ضائقة الديون أو معرضة بشدة لخطرها، ونحو خمس الأسواق الناشئة لديها سندات سيادية يتم تداولها عند مستويات متعثرة.

ويتحدث المحللون على وجوب اتخاذ الحكومات خطوات عاجلة للمساعدة في الحد من نقاط الضعف المتعلقة بالديون وعكس اتجاهات الديون طويلة الأجل، فبالنسبة إلى ديون القطاع الخاص، يمكن أن تشمل تلك السياسات مراقبة يقظة لأعباء ديون الأسر والشركات غير المالية وما يتصل بها من أخطار على الاستقرار المالي، وفي ما يتعلق بمواطن الضعف في الدين العام، فإن بناء إطار مالي ذي صدقية يمكن أن يوجه عملية تحقيق التوازن بين حاجات الإنفاق والقدرة على تحمل الديون.

أما بالنسبة إلى البلدان النامية ذات الدخل المنخفض، يشير باحثو "الصندوق" إلى ضرورة تحسين القدرة على تحصيل إيرادات ضريبية إضافية باعتبارها أمراً بالغ الأهمية، وبالنسبة لأولئك الذين لديهم ديون لا يمكن تحملها، هناك حاجة أيضاً إلى نهج شامل يشمل الانضباط المالي، إضافة إلى إعادة هيكلة الديون بموجب الإطار المشترك لمجموعة "الـ20" (الآلية المتعددة الأطراف للإعفاء من الديون السيادية وإعادة هيكلتها) عند الاقتضاء، كما ورد في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي في أبريل (نيسان) الماضي.

الأهم من ذلك، من وجهة نظر معدي التقرير، أن خفض أعباء الديون سيخلق حيزاً مالياً ويسمح باستثمارات جديدة، مما يساعد على تعزيز النمو الاقتصادي في السنوات المقبلة، ومن شأن إصلاحات أسواق العمل والمنتجات التي تعزز الناتج المحتمل على المستوى الوطني أن تدعم هذا الهدف، ومن الممكن أن يؤدي التعاون الدولي في مجال الضرائب، بما في ذلك الضرائب على الكربون، إلى زيادة تخفيف الضغوط على التمويل العام.