ملخص
السؤال المهم الذي لا يزال بلا إجابة هو ما إذا كان الاتفاق قد يؤدي إلى اتفاقات مستقبلية لتسوية خلافات تمتد من الأزمة النووية بين إيران وأميركا إلى نفوذ طهران في أنحاء منطقة الشرق الأوسط
من المقرر أن تطلق الولايات المتحدة اليوم الإثنين سراح خمسة إيرانيين محتجزين لديها في مقابل الإفراج عن خمسة أميركيين محتجزين لدى طهران، بعد أن توسطت قطر في اتفاق يتم بموجبه أيضاً الإفراج عن 6 مليارات دولار من أموال إيران المجمدة.
كيف يحدث تبادل السجناء؟
قال مصدر مطلع لـ"رويترز" إن تنفيذ الاتفاق بدأ عندما أكدت قطر أن الأموال حولت إلى حسابات مصرفية في الدوحة.
وبموجب الاتفاق، من المتوقع أن يغادر الأميركيون الخمسة مزدوجو الجنسية الذين كانوا مسجونين في إيران إلى الدوحة ومنها إلى الولايات المتحدة.
وفي المقابل، ستفرج الولايات المتحدة عن خمسة إيرانيين محتجزين لديها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية اليوم الإثنين إن اثنين من المواطنين المفرج عنهم سيعودان إلى إيران، بينما سيبقى اثنان في الولايات المتحدة بناء على طلبهما، وسينضم الخامس إلى أسرته في دولة ثالثة.
وأثار تحويل الأموال الإيرانية انتقادات من الجمهوريين الأميركيين الذين يقولون إن الرئيس الديمقراطي جو بايدن يدفع في الواقع فدية للإفراج عن مواطنين أميركيين، بينما دافع البيت الأبيض عن الاتفاق.
والسؤال المهم الذي لا يزال بلا إجابة هو ما إذا كان الاتفاق قد يؤدي إلى اتفاقات مستقبلية لتسوية خلافات تمتد من الأزمة النووية بين إيران والولايات المتحدة إلى نفوذ طهران في أنحاء منطقة الشرق الأوسط عبر وكلاء بينهم "حزب الله" المدجج بالسلاح في لبنان على حدود إسرائيل.
كيف تم التفاوض على الاتفاق؟
قالت مصادر ومسؤولون مطلعون إن الاتفاق تم بعد أشهر من اتصالات دبلوماسية ومحادثات سرية ومناورات قانونية، وكانت المفاوضات برعاية قطر.
واستضافت الدوحة ثماني جولات في الأقل لاجتماعات سرية غير مباشرة بين طهران وواشنطن منذ مارس (آذار) 2022.
وكانت الجولات السابقة مخصصة بشكل رئيس للخلاف النووي بين طهران وواشنطن، لكن بمرور الوقت تحول التركيز إلى السجناء، إذ أدرك المفاوضون أن المحادثات النووية لن تؤدي إلى شيء لأنها معقدة.
وأعلن الاتفاق للمرة الأولى في العاشر من أغسطس (آب) عندما سمحت إيران لأربعة مواطنين أميركيين محتجزين بالانتقال من سجن إيفين في طهران إلى الإقامة الجبرية في المنزل، وكان الخامس محتجزاً بالفعل في المنزل.
وبعد شهر، رفعت واشنطن عقوبات للسماح بتحويل أموال إيرانية إلى بنوك في قطر التي ستضطلع بدور المراقبة كي تضمن أن إيران ستنفق الأموال على سلع لا تخضع لعقوبات.
من السجناء؟
من بين الأميركيين مزدوجي الجنسية الذين سيفرج عنهم بموجب الاتفاق سياماك نمازي (51 سنة) وعماد شرقي (59 سنة)، وهما من رجال الأعمال، إضافة إلى الناشط البيئي مراد طهباز (67 سنة) الذي يحمل الجنسية البريطانية أيضاً، ولم يكشف عن هوية الرابع والخامس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة إن الإيرانيين الخمسة الذين ستطلق الولايات المتحدة سراحهم هم مهرداد معين أنصاري وقمبيز عطار كاشاني ورضا سرهنك بور كفراني وأمين حسن زادة وكاوه أفراسيابى.
واحتجزتهم الولايات المتحدة لأسباب أبرزها "انتهاك العقوبات الأميركية المفروضة على إيران".
لماذا تم تجميد أموال إيرانية؟
انسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في 2018 من الاتفاق النووي الإيراني الموقع في 2015 مع ست قوى عالمية وأعاد فرض عقوبات قاسية على طهران بهدف تقليص صادراتها من النفط الخام للحد الأدنى في إطار حملة ممارسة "الحد الأقصى من الضغط" على الجمهورية الإسلامية.
وكوريا الجنوبية كانت في العادة من بين أكبر المشترين للنفط الإيراني، وتلقت في 2018 إعفاء موقتاً من العقوبات الأميركية لتتمكن من مواصلة شراء النفط الإيراني لأشهر عدة بعدها.
لكن بعد أن فرضت واشنطن حظراً كاملاً على صادرات النفط الإيرانية وعلى قطاعها المصرفي في 2019، تم تجميد إيرادات النفط الإيرانية في سول، وكانت قيمتها 7 مليارات دولار.
وقالت السلطات الإيرانية إن طهران خسرت ما يقرب من مليار دولار من أصولها المودعة في البداية في سول بسبب انخفاض قيمة العملة الكورية الجنوبية في مقابل الدولار الأميركي.
هل ستتحسن العلاقات الإيرانية - الأميركية؟
استخدمت المؤسسة الدينية الحاكمة في إيران العداء للولايات المتحدة دائماً كعامل حشد للجماهير على رغم العزلة السياسية والمشكلات الاقتصادية التي تفاقمت بسبب العقوبات منذ قطع واشنطن للعلاقات مع طهران بعد فترة وجيزة من الثورة الإسلامية في 1979.
وربما يسمح الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بتحسن محدود في العلاقات مع الولايات المتحدة التي تصفها إيران بأنها "الشيطان الأكبر" في ظل تنامي الغضب العام في بلاده من التحديات الاقتصادية وتبعاتها، لكن مصادر إيرانية مطلعة ترى أن تطبيع العلاقات الكامل مع واشنطن سيعني تجاوز خط أحمر للثورة الإسلامية.
ويقولون إن الزعامات الدينية تخشى أن يضعف تطبيع العلاقات مع واشنطن شرعية الجمهورية الإسلامية ونفوذها في المنطقة، إضافة إلى إلحاق الضرر بسلطة خامنئي في الداخل الإيراني.