ملخص
الشركة مثقلة اليوم بكميات هائلة من الديون بعد سنوات من الاقتراض المكثف لتمويل فورة شراء الأراضي
احتجزت الشرطة الصينية بعض موظفي وحدة إدارة الثروات في شركة "إيفرغراند" بعد أن فشلت الشركة في سداد مستحقات المستثمرين، في أول تحقيق جنائي يتم إطلاقه ضد شركة التطوير العقاري المحاصرة منذ تعرضها لأزمة ديون ضخمة في أواخر عام 2021، وعلى خلفية هذه الأخبار، انخفضت أسهم الشركة بما يصل إلى 26 في المئة في هونغ كونغ.
وفي بيان قالت الشرطة في مدينة شنتشن الكبرى بجنوب البلاد، حيث يقع المقر الرئيس لشركة "إيفرغراند"، إنها اعتقلت أخيراً بعض الموظفين في "إيفرغراند ويلز"، التي كانت تجمع الأموال لشركتها الأم من مستثمرين أفراد وشركات كجزء من "الظل المصرفي" في الصين.
ويعمل مقرضو الظل، بما في ذلك الشركات الائتمانية، خارج النظام المصرفي الرسمي، ولا يتم تنظيمها إلا بشكل بسيط، وهي جزء مهم للغاية من القطاع المالي في الصين، إذ تقوم بتحويل الأموال إلى استثمارات ذات عائد مرتفع، وأدت المشكلات الاقتصادية في البلاد إلى فشل بعض الشركات وتكبيد شركات أخرى خسائر، مما أثار المخاوف من احتمال حدوث أزمة مالية أكبر في الأفق.
وفي وقت سابق، اعترف بنك الظل الصيني الآخر، "زونغ رونغ تراست"، بأنه لم يتمكن من سداد بعض منتجاته في الوقت المحدد، وأنه وافق على تكليف شركتين مدعومتين من الدولة، وهما "سي سي تراست" وسيتيك تراست" إدارته لمدة عام واحد حتى سبتمبر (أيلول) 2024.
وفي مقاطعة "شنتشن"، قالت الشرطة إنها تحقق مع الموظفين المحتجزين من شركة "إيفرغراند ويلز"، وشجعت مستثمري الشركة على تقديم المعلومات، وحددت أن أحد المعتقلين يحمل لقب "دو"، لكنها لم تقدم تفاصيل أخرى، مثل موعد الاعتقالات وطبيعة الادعاءات.
وذكرت صحيفة "شنغهاي سيكيوريتيز جورنال"، المملوكة للدولة، أن أحد المعتقلين هو المدير العام والممثل القانوني للشركة، نقلاً عن مصدر لم يذكر اسمه.
الأموال المجمعة بطريقة غير مشروعة
ونشر المكتب الصحافي لحكومة شنتشن، السبت الماضي، مقالاً على حسابه الرسمي على "وي تشات"، يقدم مزيداً من التفاصيل حول الاعتقالات، قائلاً إن "إيفرغراند ويلز"، مشتبه فيها في "جمع أموال بشكل غير قانوني".
وجاء في المقال "وفقاً للمعلومات العامة الحالية، قامت الشركة والأطراف ذات الصلة، بجمع الأموال بشكل غير قانوني لتشكيل مجموعة أموال داخلية، وانتهكت العقد وعدم تطابق توجيهات الاستثمار في المنتج والمواعيد النهائية، مما تسبب في خسائر للمستثمرين".
وأضاف أن إجراء الشرطة يهدف إلى إقامة دعوى جنائية في الوقت المناسب، الأمر الذي سيؤدي إلى استرداد الأضرار وقد يقلل الخسائر التي تكبدها المستثمرون.
وقال البيان إن احتجاز موظفي "إيفرغراند" سيكون له "أهمية إيجابية في تنظيم واستقرار السوق المالية".
كانت شركة "إيفرغراند" في السابق واحدة من أكبر شركات التطوير العقاري في الصين من حيث المبيعات، لكنها مثقلة اليوم بكميات هائلة من الديون، وذلك بفضل سنوات من الاقتراض المكثف لتمويل فورة شراء الأراضي.
وفي ديسمبر (كانون الأول) 2021، تخلفت الشركة عن سداد ديونها، مما أثار أزمة عقارية ضخمة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والذي يواصل التعامل مع تداعياتها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبخلاف القروض والسندات المصرفية، استغلت "إيفرغراند"، من خلال وحدة الثروة التابعة لها، أيضاً سوق الظل المصرفي غير المنظم في البلاد - بما في ذلك الصناديق الاستئمانية ومنتجات إدارة الثروات - لجمع الأموال.
وبلغ إجمالي المبلغ الذي تم جمعه من خلال هذه المنتجات المالية 92.1 مليار يوان (12.6 مليار دولار أميركي)، وفقاً للمعلومات التي كشفت عنها شركة "إيفرغراند" الشهر الماضي، ومن هذا المبلغ، كان هناك 34 مليار يوان (4.7 مليار دولار) لا تزال غير مدفوعة حتى نهاية العام الماضي.
موجة الاحتجاجات تتوسع وتتصاعد
وأصبحت المشكلات في وحدة الثروة في "إيفرغراند" معروفة على نطاق واسع لأول مرة في أغسطس (آب) 2021، عندما توقفت عن إصدار المنتجات المالية بسبب "صعوبة" سدادها. وبعد شهر، احتج المستثمرون الساخطون في المقر الرئيس لشركة "إيفرغراند" في شنتشن وعديد من المدن الأخرى، مطالبين الشركة بسداد ما تدين به.
ولإرضاء دائنيها، اقترحت "إيفرغراند ويلز" لاحقاً خططاً عدة للسداد، وكان آخرها ما أعلن عنه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من عرض على المستثمرين يشمل دفعات شهرية، حتى تتم تسوية الديون.
ومع ذلك، في مايو (أيار) الماضي، أصدرت الوحدة اعتذاراً، قائلة إنها على رغم أنها "بذلت كل جهد" لجمع الأموال ونجحت في استكمال 20 قسطاً، فإنها لم يكن لديها ما يكفي من المال لسداد مستحقات مستثمريها في ذلك الشهر بسبب "التعافي غير المرضي لرأس المال".
وفي 31 أغسطس الماضي اعتذرت الشركة مرة أخرى، قائلة إنها لم تحصل على أموال كافية لتسديد الدفعات الشهر الماضي، ولا تزال مجموعة "إيفرغراند" في خضم عملية إعادة هيكلة الديون الموجهة من الحكومة، والتي بدأت في أواخر عام 2021 بعد وقت قصير من تخلفها عن السداد، وفي وقت سابق من هذا الشهر، أرجأت الشركة اتخاذ قرار في شأن إعادة هيكلة الديون الخارجية إلى أكتوبر (تشرين الأول)، وفقاً لإيداع البورصة.
وفي أغسطس الماضي تقدمت بطلب لإشهار إفلاسها في الولايات المتحدة كجزء من إعادة الهيكلة، وبعد أيام، أعلنت عن تقلص كبير في صافي خسائرها للنصف الأول من العام، بفضل ارتفاع الإيرادات بسبب "طفرة قصيرة" في سوق العقارات خلال وقت سابق من هذا العام، لكن عديد التحديات التي تواجهها لا تزال قائمة، إذ لا يزال لديها التزامات إجمالية بقيمة 2.39 تريليون يوان (328 مليار دولار) حتى نهاية يونيو (حزيران) الماضي.