ملخص
أعلنت أذربيجان إطلاق "عمليات لمكافحة الإرهاب" في منطقة ناغورنو قره باغ فيما قالت أرمينيا إن هدف باكو هو "التطهير العرقي" في الإقليم
عرضت السلطات الانفصالية الأرمينية في ناغورنو قره باغ وقف إطلاق النار وعقد محادثات مع باكو بعدما أطلقت أذربيجان عملية عسكرية ضد الإقليم اليوم الثلاثاء، وفق ما ذكر المكتب الصحافي لسلطة الانفصاليين.
في المقابل، نقلت وكالة "تاس" للأنباء عن مساعد رئيس أذربيجان حكمت حاجييف قوله إن باكو تقترب من تحقيق الأهداف الرئيسة لعمليتها في ناغورنو قره باغ من خلال تحييد بعض الأهداف العسكرية.
وأكدت القوات الانفصالية أنها تقاوم الجيش الأذربيجاني الذي يحاول التقدم عميقاً في الإقليم.
وأوضح المتحدث باسم الكرملين دميتري بسكوف أن روسيا على تواصل مع كل من أذربيجان وأرمينيا وتدعو إلى عقد مفاوضات لحل الصراع، مضيفاً في إفادة صحافية أن موسكو قلقة من أحدث تصعيد في ناغورنو قره باغ وتعتبر أن ضمان سلامة المدنيين هو القضية الأهم.
وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على "تيليغرام" أن بلادها تلقت تنبيهاً من باكو "قبل دقائق" من انطلاق العملية الأذربيجانية في قره باغ، وقالت "تنتشر أنباء في وسائل الإعلام مفادها بأن الجانب الأذربيجاني نبّه قوات حفظ السلام الروسية 'مسبقاً'... ذلك لا يتوافق مع الواقع. تبلغ الجانب الروسي المعلومة قبل دقائق من بدء العملية".
وأعلنت السلطات الانفصالية مقتل شخصين في الأقل وجرح 23 آخرين في العملية العسكرية التي شنتها باكو اليوم ضد الإقليم، وقال المسؤول الحقوقي في المنطقة الانفصالية غيغام ستيبانيان على منصة "إكس"، "وصل عدد الجرحى المدنيين إلى 23 وعدد القتلى المدنيين المسجل هو اثنان"، مضيفاً أن (الجيش الأذربيجاني) استهدف أيضاً منشآت مدنية".
وذكر ممثلو ادعاء في أذربيجان أن مدنياً قُتل عندما تعرضت مدينة شوشي التي تسيطر عليها أذربيجان والواقعة على مشارف منطقة ناغورنو قره باغ، لهجوم بأسلحة ثقيلة.
تنديد غربي
في الأثناء، دعا رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان روسيا والأمم المتحدة إلى "اتخاذ إجراءات" حيال العملية العسكرية التي أطلقتها باكو في منطقة ناغورنو قره باغ، وقال في خطاب تلفزيوني "أولاً، على روسيا اتخاذ إجراءات، ثم نأمل في أن يتخذ أيضاً مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إجراءات"، مضيفاً أن قوات أذربيجان تحاول السيطرة على المراكز السكانية في الإقليم.
وندد رئيس الوزراء الأرميني بدعوات إلى تنفيذ "انقلاب" في بلده، مؤكداً أنه "لا يجب أن نسمح لبعض الأشخاص وبعض القوات أن تنفذ انقلاباً على الدولة الأرمينية. هناك بالفعل دعوات من أماكن مختلفة إلى تنفيذ انقلاب في أرمينيا"، في حين أفاد التلفزيون الأرميني بتجمع مئات المتظاهرين أمام مقر الحكومة الأرمينية في يريفان.
وزارة الخارجية الفرنسية قالت بدورها إنه لا يوجد مبرر للعملية العسكرية التي شنتها أذربيجان في قره باغ وأضافت أنها تدعو إلى اجتماع فوري لمجلس الأمن الدولي بعد الخطوة التي قامت بها باكو، معلنة أنه "لا يمكن لأي ذريعة أن تبرر مثل هذا الإجراء الأحادي الذي يهدد آلاف المدنيين المتضررين بأشهر من الحصار غير القانوني ويتعارض مع جهود المجتمع الدولي للتوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض"، وذكرت باريس في بيان أنها تعمل مع شركائها للإعداد "لرد قوي" على هذا "الهجوم غير المقبول".
ويعتزم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الاتصال اليوم بأطراف القتال في ناغورنو قره باغ لإنهاء العملية التي بدأتها باكو في الجيب الانفصالي ووصفها بأنها "فظيعة"، بحسب ما أعلن مسؤول أميركي.
وقال مسؤول أميركي اشترط عدم الكشف عن هويته إن واشنطن "كانت تأمل في أن نكون قادرين على التكيف مع المشكلات طويلة المدى" بعد استئناف مرور المساعدات الإنسانية إلى المنطقة أمس الإثنين، مضيفاً "يجعل ذلك هذا الحدث فظيعاً ومروّعاً بشكل خاص".
وأفاد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيان بأن التكتل ندد بالتصعيد العسكري في قره باغ ودعا أذربيجان إلى وقف أنشطتها العسكرية الحالية، مضيفاً أن الاتحاد الأوروبي يظل منضوياً بشكل كامل في التوسط بالحوار بين أذربيجان وأرمينيا.
إطلاق العملية
وأعلنت أذربيجان، اليوم الثلاثاء، إطلاق "عمليات لمكافحة الإرهاب" في منطقة ناغورنو قره باغ المتنازع عليها، واستهدفت عاصمة الإقليم ستيباناكرت وبلدات أخرى في المنطقة بـ"قصف كثيف"، وفق ما أفادت السلطات الانفصالية الأرمينية فيما سمع مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية دوي الانفجارات.
وقالت وزارة الدفاع الأذربيجانية في بيان، "بدأت عمليات لمكافحة الإرهاب في المنطقة"، مضيفة أنها تستخدم "أسلحة عالية الدقة عند الخطوط الأمامية وفي العمق" في إطار هذه العمليات.
ونددت أرمينيا بـ"عدوان واسع النطاق" معتبرةً أن هدف باكو من ذلك هو "التطهير العرقي" في الإقليم. وقالت وزارة الخارجية الأرمينية في بيان، "شنّت أذربيجان عدواناً جديداً واسع النطاق على شعب ناغورنو قره باغ، في سعي منها لاستكمال سياسة التطهير العرقي".
وقالت ممثلية الانفصاليين في أرمينيا على "فيسبوك"، إن "أذربيجان شنت عملية عسكرية واسعة النطاق ضد جمهورية آرتساخ (الاسم الذي يطلقه الأرمن على ناغورنو قره باغ)".
وقالت أذربيجان إنها أبلغت روسيا وتركيا بعمليتها التي بررتها بمقتل أربعة من شرطيين ومدنيين بانفجار لغمين في ناغورنو قره باغ واتهمت الانفصاليين الأرمينيين بالمسؤولية عن هذه الأعمال "الإرهابية".
ودعت روسيا كلاً من أذربيجان وأرمينيا إلى "وقف إراقة الدماء" في ناغورنو قره باغ، وفق ما أعلنت الناطقة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا، مضيفة أن "كل مراحل الحل السلمي منصوص عليها في الاتفاقات الموقعة في 2020 و2022".
ونفت وزارة الدفاع الأرمينية وجود قوات مسلحة تابعة لها في الإقليم. وقالت وزارة الخارجية الأرمينية إن قوات السلام الروسية المنتشرة في ناغورنو قره باغ يجب أن "توقف العدوان" الأذربيجاني من خلال اتخاذ "إجراءات واضحة لا لبس فيها".
ودعا رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان إلى اجتماع لمجلس الأمن الوطني. وقال المكتب الإعلامي لوزارة الدفاع الأرمينية إن جدول الأعمال يتضمّن "مناقشة التحركات العسكرية واسعة النطاق التي بدأتها أذربيجان".
6 قتلى
وجاءت العملية بعدما أعلنت أذربيجان في وقت سابق، الثلاثاء، أن أربعة شرطيين ومدنيين اثنين قتلوا بانفجار لغمين في ناغورنو قره باغ.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت أجهزة الأمن الأذربيجانية في تقريرين منفصلين إن الشرطيين الأربعة قتلوا عندما انفجرت سيارتهم بلغم على الطريق المؤدي إلى بلدة شوشا في ناغورنو قره باغ، الخاضعة لسيطرة أذربيجان، كما قتل المدنيان بانفجار لغم في المنطقة نفسها.
وأوضح المصدر نفسه أن عناصر الشرطة قتلوا قرابة الساعة 04:30 بالتوقيت المحلي (00:30 بتوقيت غرينتش) في نفق في إقليم خوجافند عندما كانوا يتجهون إلى موقع انفجار لغم مضاد للدروع في سيارة المدنيين اللذين قتلا في المنطقة نفسها. وأضاف أن المدنيين القتيلين موظفان في مصلحة الطرقات الأذربيجانية.
واتهمت الأجهزة الأمنية الأذربيجانية مجموعة من "المخربين" الانفصاليين الأرمن بزرع الألغام وارتكاب عمل "إرهابي".
وتنتشر ألغام كثيرة في ناغورنو قره باغ، الإقليم الذي كان مسرحاً لحربين بين أرمينيا وأذربيجان في مطلع التسعينيات ومن ثم في خريف 2020.
دخول المساعدات
وأتت هاتان الحادثتان فيما أحرزت خطوة نحو التهدئة في ناغورنو قره باغ مع وصول مساعدات إنسانية إلى المنطقة الانفصالية، الإثنين.
ورحبت فرنسا والولايات المتحدة بوصول المساعدة الإنسانية إلى الإقليم، لكن باريس طالبت "بإمكانية وصول غير مشروط ومن دون عراقيل" فيما رأت واشنطن في ذلك "خطوة مهمة إلى الأمام".
وتصاعدت التوترات بين أرمينيا وأذربيجان مطلع يوليو (تموز) بعدما أغلقت باكو بذرائع مختلفة ممر لاتشين، الطريق الوحيد الذي يربط ناغورنو قره باغ بأرمينيا، مما تسبب في أزمة إنسانية ونقص كبير في الإمدادات.
وتنفي أذربيجان الاتهامات قائلة إنه يمكن لناغورنو قره باغ تلقي كل الإمدادات اللازمة عبر أذربيجان. وقالت باكو إن السلطات الانفصالية رفضت اقتراحها بإعادة فتح ممر لاتشين وطريق أغدام بشكل متزامن، لكن تحت الضغوط الدولية وفيما سرت مخاوف من اندلاع نزاع جديد بين البلدين، دخلت شاحنات محملة بالمساعدة الإنسانية الإثنين إلى المنطقة، وفق ما أعلن الانفصاليون الأرمينيون والسلطات الأذربيجانية.
وخاض البلدان حربين للسيطرة على ناغورنو قره باغ، آخرهما حرب 2020 التي أسفرت عن هزيمة أرمينية وتحقيق أذربيجان مكاسب ميدانية، وانتهت بوقف هش لإطلاق النار.
ودارت الحرب الأولى حول مصير الإقليم عند انهيار الاتحاد السوفياتي في التسعينيات، وقد أودت بحياة 30 ألف شخص، فيما خلفت الحرب الأخيرة في عام 2020 نحو 6500 قتيل من الجانبين.