Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

الإدارة الأميركية والفرص الضائعة في عالم النفط

الأسواق العالمية تنشد التوازن والاستقرار في عالم مضطرب

يعتمد العالم والاقتصاد الأميركي على الوقود الأحفوري بنسبة تتخطى الـ70 في المئة (اندبندنت عربية)

يلعب النفط منذ اكتشافه في منتصف القرن التاسع عشر دوراً محورياً ليصبح عصب الاقتصاد العالمي وشريانه الرئيس، وأضحى عاملاً أساسياً وورقة مهمة في خضم المعارك الانتخابية الشرسة في يد السياسيون، ويتابعها الاقتصاديون والمستثمرون ولما لا وارتفاع أو انخفاض أسعار النفط عاملاً حاسماً في أرباح أو خسائر الشركات والمصانع مما يلقى بظلاله على الأفراد والأسر أيضاً.

المحرك الأساس

وعلى رغم تلك الأهمية للنفط إلا أن عام 2020 كان مسرحاً لأحداث جيوسياسية كبيرة كان النفط بطلها الرئيس ولا يزال محركها الأساسي، إذ قادت المواجهة بين السعودية وروسيا إلى حرب على الحصص السوقية لتنهار معها أسعار النفط إلى مستويات تاريخية لم تحدث على مدى تاريخه منذ اكتشافه، إذ وصلت معها أسعار العقود الآجلة إلى أرقام سالبة تحت الصفر، وهنا أدركت روسيا ومعها الولايات المتحدة أن أي حرب تتعلق بالحصص السوقية أو أسعار نفطية مع منتج بحجم السعودية سيجر الاقتصاد العالمي إلى أخطار هائلة ولهذا تدخلت الإدارة الجمهورية حينها بشكل سريع وعاجل لرأب الصدع لعودة اتفاق "أوبك+" وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

 ساحة التنافس العالمي

وتسرب النفط إلى ساحة الصراع في الانتخابات الأميركية بين حزب جمهوري يسعى إلى إطلاق يد المنتجين ليحققوا ما يسميه الاستقلال النفطي الأميركي وتحرير الاقتصاد الأميركي من هيمنة نفط الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية حاملاً لواء وشعار "أحفر عزيزي أحفر ولا تتوقف" وبين حزب ديمقراطي يسعى للقضاء على النفط وكافة أنواع الوقود الأحفوري الذي يعتمد عليه العالم والاقتصاد الأميركي بنسبة بلغت أكبر من 70 في المئة ملوحاً ببعبع التغير المناخي وآثاره الكارثية.

وحين انتصر الحزب الديمقراطي لم تسعفه الأجندات المناخية في ظل تعرضه لانتكاسات بسبب عطش الاقتصاد الأميركي للنفط في ذروة نمو وانتعاش الطلب بعد مرحلة التعافي من آثار جائحة كورونا، ومعها ارتفعت أسعار النفط وأنهكت كاهل الأميركيين عند محطات الوقود.

 مواجهة الحقيقة

مع إعادة الإدارة الأميركية حساباتها أدركت أنها في مواجهة حقيقة، إذ إن سياسات محاربة النفط لن يمنحها فرصة الصمود أمام طلب جارف لهذا المصدر، لذا وجهت نداءات متكررة لمجموعة "أوبك+" طمعاً في المزيد من إرخاء القيود على إنتاج دولها وإلحاحاً لضخ المزيد من النفط للأسواق لتهدئة فورة الأسعار.

في المقابل كانت "أوبك+" ترى معادلة مختلفة لما يحدث في الداخل الأميركي، إذ تنظر إلى أسواق عالمية تنشد التوازن والاستقرار وترعى مصالح الدول والأعضاء داخل المجموعة.

اقرأ المزيد

ومع رفض "أوبك+" نداءات واشنطن مرة وتجاهلها مرات عدة بل ذهبت الإدارة الأميركية إلى خطة محفوفة بالأخطار عندما قررت ضخ جزء من نفطها في المخزونات الاستراتيجية إلى الأسواق لعله يهدئ من لهيب الأسعار، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك بتشكيل تحالف المخزونات الاستراتيجية مع 31 دولة أخرى لتكون بجانبها.

 المخزونات والمكاسب

وضخت أميركا نحو 180 مليون برميل نفط إلى الأسواق بمعدل مليون برميل يومياً على مدى ستة أشهر في محاولة لتخفيف حدة الأسعار على أن تعاود ملئ هذه المخزونات عند هبوط الأسعار، مستهدفة تخفيض أسعار النفط من جانب وتحقيق مكاسب من بيعه عند سعر مرتفع وإعادة شرائه عند سعر منخفض لملء المخزونات مرة أخرى من جانب آخر.

والحقيقة أن هذه الاستراتيجية لم تنجح إلا في فترات زمنية محدودة نتيجة مخاوف الاقتصاد العالمي من شبح الركود الاقتصادي وهو ما شكل فرصة سانحة لإعادة ملء مخزوناتها التي وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ 40 عاماً نتيجة إحكام سيطرة "أوبك+" على الأسواق والمراقبة اللصيقة لها لتأمين التوازن المنشود، إذ قامت بجملة من التخفيضات الطوعية أعادت معها الأسواق إلى مستويات فوق الـ95 دولاراً للبرميل وسط توقعات أن يواصل صعوده في ظل استمرار أحكام "أوبك+" على معدلات الإنتاج حتى نهاية هذا العام.

وعلى رغم أن السحب من المخزونات الأميركية فكرة محفوفة بالأخطار، إلا أن الفترات الزمنية التي لاحت فيها إمكانية إعادة ملء المخزونات عندما هبط سعر النفط إلى مستويات 60 دولاراً قبل أن يأخذ منحنى جديداً وزخماً دفع بالأسعار إلى فوق مستويات الـ90 دولاراً وشكل فرصاً نادرة أمام الإدارة الأميركية التي طمعت بمزيد من تدهور الأسعار قبل الملء لتكون أحد أكبر الفرص الضائعة أمام هذه الإدارة جعلنا معها نتذكر المثل القائل "في الصيف ضيعت اللبن".

المزيد من البترول والغاز