Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نازحو حرب الخرطوم ينعشون أسواق الأسماك في بورتسودان

تعتبر تلك المدينة اقتصادية بالدرجة الأولى ومنذ القدم نظراً لوجود الموانئ البحرية

راجت مطاعم السقالة السياحية علي ساحل البحر الأحمر على أثر اشتداد الحرب في الخرطوم (حسن حامد - اندبندنت عربية)

ملخص

يزخر البحر الأحمر بأنواع مختلفة من الأسماك، منها الطينية ذات عمق 30 متراً، وهناك أيضاً الأسماك الحجرية على عمق 120 متراً

أعادت الاشتباكات الدائرة في الخرطوم بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" اكتشاف مدينة بورتسودان، حاضرة ولاية البحر الأحمر التي شكلت وجهةً آمنة قصدها نازحو الحرب منذ اندلاعها في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، فعجلة الاقتصاد التي تدور في هذه المدينة أنعشت مهناً عدة راجت ووجدت حظها في الانتشار ولم يتوقف انتعاشها عند الشقق والفنادق فقط بل حرّكت الأسواق المحلية والعالمية.
وفي الفترة الأخيرة، شهدت سوق السمك المعروفة بـ "السقالة" طلباً كبيراً، حيث أسهمت إلى حدٍ كبير في اقتصاد الولاية نظراً لما يجود به البحر من أنواع مختلفة من الأسماك إضافة إلى مستخرجات أخرى تُصدر خارجياً كاللؤلؤ والصدف وأحجار الكوكيان النادرة. كما أصبحت مطاعم الأسماك التي تنتشر على ضفاف البحر الأحمر أماكن ترويح للنازحين الساعين للخروج من محنة الحرب، ومنتدى للنقاش حول تطورات الحرب في الخرطوم، في وقت يتمنى الجميع وقف الحرب وعودة الخرطوم إلى طبيعتها.

ازدياد الطلب

وأفاد صياد السمك السوداني السيد علي بأن "سوق الأسماك شهدت انتعاشاً ملحوظاً على غير عادة إلى جانب مطاعم الأسماك التي تقدم وجبات السمك المختلفة التي ازدحمت بالمارين والفارين من حرب الخرطوم على نحو لم تشهده المدينة منذ سنوات طويلة، مما زاد الطلب على الأسماك في السوق". وأوضح أن "السقالة يُقصد بها المكان المخصص لبيع الأسماك منذ ستينيات القرن الماضي، وأجرت حكومة الولاية حديثاً تعديلات لتنظيم العمل، بيد أن هذه المهنة تُعد من المهن الأكثر رواجاً، فهناك من يمارسها منذ أمدٍ بعيد أمثال شيخ الصيادين علي حاج موسى". وأشار إلى أن "رحلات الصيد التي يتبعها الصيادون الذين يخرجون في مجموعات، تختلف بين مجموعة وأخرى، فهناك من يخرج ليلاً ليعود صباحاً محملاً بالصيد المحلي. ويصف الصيادون هذه الرحلات بالقصيرة، بينما يحبذ آخرون الرحلات الطويلة التي تستغرق نحو عشرة أيام يتزود خلالها الصياد بالأكل والشرب، وعند العودة يستقبلهم تجار السمك ويتسابقون لامتلاك أكبر قدر من الأسماك ذات الأحجام والأنواع المختلفة".


أشهر الأنواع

وعن أشهر أنواع الأسماك، قال الصياد السوداني إن "البحر الأحمر زاخر بأنواع مختلفة من الأسماك، منها الطينية ذات عمق 30 متراً، وعادةً يتم صيدها بالسنارة، ومن أنواعها: الناجل والحامور وأبو جبة والشعور والعربي والسلماني المعروف بسمك السلمون، وهناك أيضاً الأسماك الحجرية على عمق 120 متراً تُستخدم في صيدها الشباك "الشوار" ومنها الفارسي والكوريب والفوفل والحمارير والحجري وأبو قرون، إضافة إلى الجمبري الذي يتم صيده بشباك مختلفة يطلق عليها اسم المقوار، إلى جانب الأستاكوزا وأسماك الكلماريا والكابوريا الذي يعيش وسط الشعب المرجانية، وجميعها ذات مذاق طيب ويزداد طلب محبي السمك على الناجل والحجري".
وأردف "هناك أنواع أخرى لا تؤكل وإنما يستفاد منها في أغراض أخرى، تعيش عادةً داخل القواقع الصدفية مثل الزمباك الذي يُستخرج من جسمه الصغير كميات وافرة من الضفرة التي تدخل في صناعة العطور الخاصة بالمرأة السودانية، وهي ذات أثمان باهظة". وعن أسعار الأسماك قال "تتفاوت الأسعار بين صياد وآخر بحسب نوع السمك وحجمه، ويُعد الناجل أغلى الأنواع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مهددات البحر

ولفت المتحدث ذاته إلى أن "الصيادين تعودوا على طبيعة البحر ولا يخافونه مهما كان الخطر، وأكثر ما يهدد صيد السمك هو العواصف والأمطار الغزيرة التي تعوق رحلة الصيد، إضافة إلى الحيوانات المفترسة التي تعيش في البحر وتحديداً القرش، ومن أخطره النمراوي الضخم الذي يقلب مراكب الصيادين بذيله ويتخصص في ابتلاع الإنسان".

مجهودات ذاتية

من جهة أخرى، قال الصياد سيد علي إنه "على رغم أن سوق السقالة للأسماك أسهمت في انتعاش اقتصاد بورتسودان، إلا أن حكومة الولاية لا تقدم الدعم للصيادين الذين يعتمدون في هذه المهنة على جهودهم الخاصة في توفير الشباك والطُعم الحي الذي يُستخدم في عملية الصيد"، مؤكداً أن "المستفيد الأول هو حكومة الولاية التي تبيع كل لوازم الصيد في متاجر خاصة بها، إلى جانب التراخيص والوقود".


التصدير

وكان لمستخرجات البحر الأحمر، من غير الأسماك، أهمية كبرى في انتعاش مدينة بورتسودان، لا سيما تصديرها اللؤلؤ الذي يعد تجارة رائجة وهناك مزارع خاصة به، إلى جانب الصدفيات وحجر الكوكيان المستخدم في صناعة المجوهرات، وأيضاً حيوان خيار البحر والأخطبوط الذي يُصدّر إلى بعض الدول.

أغاني الصيد

وللصيادين ليالٍ سمر خاصة بهم قرب الشاطئ، وهناك فرقة موسيقية تُعرف بالسماكة تضم مجموعة من صيادي الأسماك، انضم إليها أخيراً "حواتت الخرطوم" وهو اسم يُطلق على الصيادين بالعاصمة. وتعتمد هذه الفرقة الموسيقية على جملة إيقاعات عربية بالسلم السباعي يتم مزجها بالسلم الخماسي السوداني.
وتقدم هذه الفرقة الموسيقى في شكل "أوبريت" تحاكي من خلاله طريقة صيد السمك في البحر، وسبق أن شاركت الفرقة في المهرجانات الإقليمية والدولية ونالت جوائز عدة.
 


ولايات أخرى

في السياق ذاته، أوضح الباحث الاقتصادي دكتور محمد الناير أن "مدينة بورتسودان منذ القدم تعد مدينة اقتصادية لوجود الموانئ البحرية، فضلاً عن أنها المنفذ الوحيد ليس للسودان فحسب وإنما للدول المغلقة كإثيوبيا وجنوب السودان وتشاد وأفريقيا الوسطى، مما زاد من أهميتها الاقتصادية". وأضاف الناير أن "سوق السقالة للأسماك والمطاعم وجدت حظها من الانتشار والرواج وبالتالي انتعش اقتصاد ولاية البحر الأحمر في ظل محنة الحرب التي تشهدها الخرطوم، ونقل الحكومة مرافقها إلى بورتسودان مما اضطُر كبريات الشركات والمصانع التي تربطها بالدولة لنقل نشاطهم التجاري إليها، ما حرّك عجلة الاقتصاد"، منوهاً بأن "حرب الخرطوم أنعشت أيضاً اقتصاد ولايات أخرى كالنيل الأبيض ونهر النيل والقضارف والجزيرة وكسلا ما جعل حركة التجارة بالأسواق تنتعش".
وتابع الباحث الاقتصادي أن "مدينة بورتسودان باتت حاضنة للنازحين وكذلك جميع مدن السودان التي لم تتأثر بالحرب، حيث فتحت أبوابها للفارين من ويلات الحرب إلى حين انتهاء الصراع بين الدعم السريع والجيش وإعادة تأهيل العاصمة".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات