ملخص
حض البابا فرنسيس الحكومات الأوروبية على استضافة المهاجرين وعدم اعتبارهم غزاة، وتطرق إلى سجال سياسي حاد يؤججه تدفق طالبي اللجوء.
حض البابا فرنسيس اليوم السبت الحكومات الأوروبية على استضافة المهاجرين وعدم اعتبارهم غزاة وتطرق إلى سجال سياسي حاد يؤججه تدفق طالبي اللجوء في اليوم الثاني من زيارته لمدينة مرسيليا الفرنسية المطلة على البحر المتوسط.
وجاءت تصريحات البابا قبل ساعات من ترؤسه قداساً في الملعب الرئيس بمرسيليا الذي عادة ما يشهد مباريات لكرة القدم أو الركبي، في حدث ضخم بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وفي ختام مؤتمر جمع أساقفة وشباناً من حول المتوسط قال البابا إن "الذين يخاطرون بحياتهم في البحر ليسوا غزاة، بل هم طالبو ضيافة".
وشدد على أن الهجرة "واقع ثابت في زمننا وهي ظاهرة تشمل ثلاث قارات حول البحر الأبيض المتوسط، ويجب التعامل معها بحكمة وبعد نظر، بمسؤولية أوروبية تقدر أن تواجه الصعوبات الواقعية"، مشيراً إلى الخطر الذي يتهدد حياة المهاجرين إذا لم ينقلوا إلى بر الأمان.
وقال الحبر الأعظم "هناك صرخة ألم مدوية أكثر من أي شيء آخر تحول بحرنا إلى بحر الأموات، وتحول البحر الأبيض المتوسط من مهد الحضارة إلى قبر الكرامة".
وقوطع البابا مراراً خلال خطابه بالتصفيق الحار، لكن من المستبعد أن يروق موقفه من المهاجرين لماكرون ووزير الداخلية جيرالد درامانان الحاضرين والساعيين إلى اتخاذ تدابير مشددة لضبط تدفق طالبي اللجوء.
وتأتي زيارة البابا بعد أيام قليلة على وصول آلاف الأشخاص إلى جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى تبني خطة طوارئ لمساعدة روما في إدارة تدفقات الهجرة من شمال أفريقيا.
وأمس الجمعة قال البابا أمام نصب للمفقودين في البحر في مرسيليا "لا يمكننا أن نبقى شهوداً على مآسي الغرق بسبب عمليات الاتجار الكريهة وتعصب اللامبالاة، علينا أن ننقذ الأشخاص الذين يتعرضون لخطر الغرق عندما يتركونهم فوق الأمواج، إنه واجب إنساني وواجب الحضارة!".
وشكر الحبر الأعظم منظمات الإغاثة التي تساعد المهاجرين الذين يواجهون الخطر في البحر، ودان جهوداً تبذل لمنع عملها معتبراً أنها تنطوي على "كراهية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن المتوقع أن يصطف في شوارع مرسيليا، ثاني أكبر المدن الفرنسية، عشرات آلاف الأشخاص لرؤية البابا يجول في مدينتهم قبل ترؤسه قداساً في ملعب فيلودروم بمشاركة نحو 60 ألف شخص.
وتوجه آلاف الأشخاص إلى الموقع الذي شهد أول من أمس الخميس مباراة بين فرنسا وناميبيا ضمن منافسات كأس العالم للركبي، وبينهم أعداد من الكهنة والراهبات ومتطوعون مكلفون خدمة القداس.
وينتظر أن يتجمع ما يصل إلى 100 ألف شخص في جادة دو برادو لمشاهدة البابا في مركبته المكشوفة الشهيرة قبيل إقامة القداس.
وقال المواطن البنيني فرانكي دومينغو الذي يترأس مجموعة من المهاجرين غير المسجلين في مرسيليا إنه يأمل في أن "تعيد لنا زيارة البابا قليلاً من الأمل... وتهدئ التوترات السياسية".
وقتل نحو 40 شخصاً في حوادث إطلاق نار في مرسيليا هذا العام، وتعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتمويل تطوير البنية التحتية للمدينة في محاولة لوقف تدهورها.
وفي بلد يحكم منذ عام 1905 بمبدأ العلمانية، اتهمت المعارضة اليسارية ماكرون بـ"الدوس" على الحياد الديني للدولة عبر إعلانه المشاركة في القداس الكبير اليوم.
واستقبل اليمين زيارة البابا بشكل متباين، وشمل ذلك ممثليه الكاثوليك والمحافظين الذين اعترضوا على تدخلاته السياسية واتهموه بفعل الكثير تجاه المهاجرين، لكن الحبر الأعظم لم يبذل اليوم أي جهد لتهدئة هؤلاء، وبدا أنه يوجه انتقادات لمشاريع يعتزم ماكرون تنفيذها، لا سيما تشريع الموت الرحيم وإدراج حق الإجهاض في الدستور.
وقال البابا "من يستمع إلى أنين كبار السن الوحيدين الذين بدلاً من أن يُقدرّوا، يقفون في انتظار الكرامة الزائفة بموت رحيم، في واقع أشد ملوحة من مياه البحر"، وتحدث أيضاً عن "الأطفال الذين لم يولدوا والذين يرفضون باسم الحق الزائف في التقدم الذي هو عكس ذلك، تراجع في حاجات الفرد".
ربما لا يكون وقع رسائل البابا قوياً في فرنسا نظراً إلى تراجع الكاثوليكية في البلاد حيث أقل من ثلث السكان كاثوليك، وقلة قليلة من هؤلاء يحضرون القداس بشكل منتظم.
لكن لا يزال للإرث الديني للبلاد ثقله، إذ تباهى ماكرون في هذا الأسبوع بالأشغال التي تنفذ لترميم كاتدرائية نوتردام في وسط باريس خلال جولة برفقة الملك تشارلز الثالث.