ملخص
غالباً ما يتحول التصويت على الميزانية في الكونغرس إلى مواجهة يستخدم فيها أحد الحزبين شبح الإغلاق لانتزاع تنازلات من الخصم
أزمة جديدة يعيشها الأميركيون قد تؤدي إلى إغلاق مؤسسات حكومية فبعد أربعة أشهر فقط على تجنب الولايات المتحدة تعثر كارثي عن سداد الديون، عادت قضية أخرى مرتبطة بالميزانية الحكومية الضخمة، إذ رفض الجمهوريون، الذين يسيطرون على الغالبية في مجلس النواب، إقرار مجموعة مشاريع قوانين لميزانيات الإدارات للسنة المالية المقبلة.
سيؤدي عدم تمرير قوانين الميزانية إلى توقف الرواتب والإعانات الاجتماعية لملايين الأميركيين في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وحصل في الجدل على رفع سقف الدين الأميركي بسبب رفض الجمهوريين الإنفاق المرتفع عبر الديون، إذ طالب قسم كبير من الجمهوريين هذه المرة بتخفيض الإنفاق في ميزانيات الموظفين الحكوميين معتبرين أنها متضخمة جداً، ومع أن الإنفاق في السنة المقبلة لا يختلف عن إنفاق العام الحالي 2023، إلا أن الجمهوريين يطالبون بتخفيض الإنفاق لضمان استمرارية تمويل المؤسسات الفيدرالية.
بداية الأزمة
واندلعت الأزمة بين الحزبين عندما رفض جمهوريون في مجلس النواب مضي الحكومة قدماً بالإنفاق استناداً إلى المستويات المتفق عليها بين الرئيس جو بايدن ورئيس مجلس النواب كيفن مكارثي، زعيم الجمهوريين في الكونغرس، لكن المسألة تطورت بسبب أمر شائك آخر يكمن في طلب الحكومة مساعدات إضافية لكييف، جاءت بعدما أجرى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي زيارة للكونغرس في الأسبوع الماضي، وطلب مزيداً من الأسلحة لمحاربة القوات الروسية في الحرب المندلعة منذ 18 شهراً.
ويؤيد الحزبان في مجلس الشيوخ مشروع قانون المساعدات البالغة قيمتها 24 مليار دولار، لكن مجموعة من الجمهوريين المتشددين في مجلس النواب يهددون بعرقلة إقرار أي إجراءات تمويل بما في ذلك المساعدات.
تاريخ إغلاق الحكومة
وهذه ليست المرة الأولى التي يتصاعد فيها الخلاف على الميزانية، إذ غالباً ما يتحول التصويت على الميزانية في الكونغرس إلى مواجهة يستخدم فيها أحد الحزبين شبح الإغلاق لانتزاع تنازلات من الخصم، لكن هذه المناورات عادة ما تبوء بالفشل.
في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، أُغلقت المؤسسات الفيدرالية لمدة 35 يوماً على خلفية الضوابط على الحدود الأميركية في عام 2018، إلا أن المؤسسات الفيدرالية عاودت عملها في نهاية المطاف بعد فشل الإدارة في انتزاع أي تنازل من الديمقراطيين، لذلك عادة ما تحل المعضلة قبل تحولها إلى أزمة، إلا أن احتمالات إغلاق المؤسسات الفيدرالية هذا العام يفاقمها استقطاب حاد في الكونغرس.
ملايين الموظفين
وتوظف الحكومة الأميركية أكثر من مليوني مدني، إضافة إلى أفراد عسكريين ومقاولين فيدراليين، وإذا توقفت المؤسسات الفيدرالية عن العمل، فقد تتعطل الملاحة الجوية كما يمكن أن تغلق المتنزهات الوطنية، وقد يطلب من موظفي الخدمة المدنية "غير الضروريين" ملازمة منازلهم، ولن تسدد الرواتب إلا بعد حل المشكلة.
ويمكن يؤدي الإغلاق إلى تداعيات سياسية خطرة على الرئيس الأميركي جو بايدن في سعيه للفوز بولاية ثانية في انتخابات 2024.
تحذير البيت الأبيض
وحذر البيت الأبيض، أمس الإثنين، من أن سبعة ملايين شخص يعتمدون على برنامج المساعدات الغذائية للنساء والأطفال قد ينقطع التمويل عنهم. وقال متحدث باسم الرئاسة في بيان، إن نساء وأطفالاً سيتعذر عليهم قريباً شراء حاجاتهم من متاجر البقالة بسبب "إغلاق يتسبب به جمهوريون متطرفون". وأشار إلى "نضوب صندوق الطوارئ الفيدرالي خلال بضعة أيام وإلى محدودية الموارد المالية لولايات عدة لتشغيل برنامج المساعدات الغذائية للنساء والأطفال".
وجاء في منشور للرئيس السابق دونالد ترمب، الذي يخوض أيضاً الانتخابات المقبلة، على منصته "تروث سوشيال" "إن لم تحصلوا على كل شيء فأغلقوها" في إشارة إلى المؤسسات الفيدرالية.
شروط العبور من الكونغرس
ويفترض في قانون الميزانيات أن يعبر من الكونغرس بشقيه مجلس النواب ومجلس الشيوخ ثم يقره الرئيس في قانون خاص، لكن في مجلس الشيوخ، تبدو الصورة مختلفة، إذ يقود النقاش اثنان من كبار السياسيين هما زعيم الغالبية الديمقراطية تشاك شومر وزعيم الأقلية الجمهورية ميتش ماكونيل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويسعى شومر في محادثات يجريها مع ماكونيل والبيت الأبيض إلى حل موقت يمهد الطريق أمام إقرار تمويل قصير الأجل يشمل مساعدة أوكرانيا، ومن شأن هذا الحل الذي يحظى بتأييد الحزبين في مجلس الشيوخ أن يضمن استمرارية عمل المؤسسات الفيدرالية حتى مطلع ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لكن من المرجح ألا يكون جاهزاً لعرضه على التصويت قبل إغلاق المؤسسات مساء السبت المقبل، ولن يحظى بتأييد اليمينيين في الحزب الجمهوري.
ويخيم شبح إغلاق المؤسسات بعد أن عاشت واشنطن في الأشهر الماضية على مخاوف تخلف كارثي عن سداد ديونها، أدت في نهاية المطاف إلى تخفيض وكالة "فيتش" لتصنيفها الائتماني للولايات المتحدة درجة واحدة، وحذرت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني من إغلاق الحكومة الأميركية قائلة "إن ذلك سيؤثر سلباً على الائتمان في البلاد".
وقالت "موديز" لوكالة "رويترز"، إن الإغلاق المحتمل سيكون دليلاً آخر على مدى إضعاف الاستقطاب السياسي في واشنطن لعملية صنع السياسات المالية، في وقت تتزايد فيه الضغوط على القدرة على تحمل ديون الحكومة الأميركية بسبب ارتفاع أسعار الفائدة.