ملخص
وزير الإعلام الكويتي يضع مسودة القانون الجديد موقع الوزارة الإلكتروني لتلقي الملاحظات والمقترحات خلال أسبوعين.
في خطوة تمثل استجابة وزير الإعلام الكويتي عبدالرحمن المطيري لنداء المجتمع المدني بمعالجة مسودة قانون الإعلام الجديد، أقيمت الإثنين الماضي حلقة نقاشية بمكتبة الكويت الوطنية تحت عنوان "قانون تنظيم الإعلام مسؤولية الجميع"، بمشاركة الوزير وعدد من نواب مجلس الأمة وكوكبة من الإعلاميين ورؤساء تحرير الصحف المحلية والمهتمين والعاملين في القطاعات الإعلامية المختلفة، بهدف فتح مجال النقاش وتبادل الآراء حول التشريع.
وأثار مشروع القانون الجديد لتنظيم الإعلام في الكويت الشهر الماضي جدلاً وانتقادات، وسط وصف بعضهم له بأنه يهدف إلى التضييق على حرية التعبير وتكميم الأفواه الإعلامية.
المحظورات الثلاثة
وقال وزير الإعلام الكويتي إن المحظورات الأساس في مسودة القانون الجديد والمتعلقة بالمساس بالذات الإلهية أو الأميرية أو قلب نظام الحكم، سيتم مراجعتها من خلال استحداث لجنة تشارك فيها جميع جهات الدولة لمناقشة المخالفات الإعلامية قبل إحالتها إلى النيابة والقضاء.
وعن العقوبات المتعلقة بها أفاد الوزير أن عقوبة المساس بالذات الإلهية والقرآن الكريم والرسل والصحابة وأهل البيت موجودة في قوانين المرئي والمسموع والمطبوعات والنشر الإلكتروني، موضحاً أن نص المسودة هو القديم نفسه، مع إلغاء عبارة "عدم الإخلال بأي عقوبة أشد مع قانون آخر"، لافتاً إلى إلغاء معاقبة رئيس التحرير حال التعرض لشخص الأمير مع قصر العقوبة على المخالف فقط.
ونوه المطيري إلى اقتصار عقوبة "التحريض على قلب نظام الحكم" على المخالف من دون الوسيلة الإعلامية، موضحاً أن ما سوى هذه المحظورات الثلاثة إنما هي مخالفات لا تعاقب وسائل الإعلام بها، وأن هناك لجنة مشكلة من جميع جهات الدولة لمناقشة الانتهاكات الإعلامية قبل الإحالة إلى النيابة.
وأشار المطيري إلى أن مسودة قانون الإعلام الجديد تشمل تسعة فصول و104 مواد، مؤكداً ترحيب الوزارة بتلقي ملاحظات واقتراحات المعنيين وأهل الاختصاص في شأن المشروع على موقعها الإلكتروني خلال أسبوعين من تاريخ الجلسة النقاشية.
انتهاكات وخروق
وفي ما يتعلق ببند "التحريض على خدش الحياء العام أو التحريض على ارتكاب أفعال الفسق والفجور"، والتي تعد مبادرة من وزارة الإعلام ستكون العقوبة الجديدة هي غرامة لا تقل عن 3 آلاف دينار (9700 دولار) ولا تزيد على 10 آلاف دينار (32000 دولار) وتقع على المخالف مباشرة.
وأضاف الوزير أن النص المتعلق بالمساس بكرامة الأشخاص أو معتقداتهم أو سمعتهم "لا يغطي الجميع وتمت مراجعته في وزارة الإعلام"، مشيراً إلى إضافة فقرة "الحض على الكراهية أو ازدراء أية فئة من فئات المجتمع"، لافتاً إلى أن غرامتها تتراوح ما بين 3 و10 آلاف دينار (9700 و32 ألف دولار) وتقع على المخالف مباشرة، وهي العقوبات نفسها التي تطاول مخالفات الإضرار بالعلاقات بين الكويت والدول الصديقة، بخاصة ما يتصف بالعدائية.
واستعرض المطيري بنود وعقوبات أخرى تتعلق بجريمة تسريب وثائق أو مستندات حكومية إلى الإعلام قبل نشرها بصورة رسمية.
مناقشة مهنية
من جهته قال وكيل قطاع الصحافة بوزارة الإعلام لافي السبيعي لـ "اندبندنت عربية" إن "مقترح القانون ما زال مطروحاً للنقاش أمام المهتمين بالشأن الإعلامي من أعضاء اللجنة التعليمية في مجلس الأمة، وكذلك رؤساء التحرير بالصحف ومديري القنوات الفضائية ومسؤولي الوسائل الإعلامية الإلكترونية وجمعيات النفع العام، إضافة إلى جميع الإعلاميين والمتخصصين والخبراء القانونيين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف السبيعي "القانون يشمل التعديلات في مواد وعقوبات الحبس في بالقوانين الحالية، وكذلك رفع الرقابة المسبقة على الكتب وتنظيم الإعلانات الإلكترونية والترخيص لوكالات الأنباء الدولية، إضافة إلى اعتماد مكاتب ومراسلين لهم بدولة الكويت وكثير من الخدمات الإعلامية".
وأكد وكيل الإعلام الإلكتروني أن "حرية الرأي والبحث العلمي كفلها الدستور، ولا يمكن لأي قانون تقييدها"، لافتاً إلى أن مسودة قانون تنظيم الإعلام لا توجد بها أية رقابة مسبقة، متابعاً "كان الحرص على أن يمثل القانون مزيداً من الحريات والتعبير عن الرأي والنهوض نحو التطور العالمي وما صاحبه من تقنيات حديثة واستعمالها في التعبير عن الرأي لجميع الوسائل المتاحة".
تحديد المسؤولية
وأضاف السبيعي أن مسودة قانون تنظيم الإعلام مسؤولية الجميع، لافتاً إلى أن التشريع يمر بثلاث مراحل، الأولى يتم فيها تجميع المعلومات والثانية مشاركة الجهات والثالثة الاتفاق على الصياغة بناء على مقترحات بعض نواب مجلس الأمة، مؤكداً أن "الإعلام الكويتي بتاريخه العريق المليء بالحريات يحتاج إلى قانون يمثله ولا يميل إلى القوانين الأخرى"، ولهذا تم إلغاء "عدم الإخلال بأية عقوبة أشد بقانون آخر"، وكذلك تحديد المخالف وتحميله المسؤولية الفردية، وبذلك "تحاول الوزارة تذليل العقبات كافة أمام الإعلاميين للحفاظ على إعلام حر ومسؤول"، بحسب قوله.
واستطرد الوكيل حديثه بالقول "أصبحنا اليوم بحاجة إلى توحيد قوانين الإعلام وعددها ثلاثة وتعديلاتها وكثير من اللجان الوزارية المنظمة لها، وهذا الأمر نحتاجه في ظل التوسع المستمر في المنافذ الإعلامية المختلفة، وإساءة بعضهم استخدامها والتأثير في المجتمع بالظواهر السلبية وبروز كثير من وسائل الإعلام من دون تحديد العقوبة لكل وسيلة إعلامية".
وشدد السبيعي على أن "الحرية المطلقة لا تصنع إعلاماً مهنياً في ظل غياب التشريعات التي تنظم عمله وفق أسس راسخة تراعي مصلحة المجتمع والأفراد، وبما أن حرية الإعلام تتمثل في عدم المساس بالقيم والخصوصيات مع نشر الثقافة الإيجابية بعيداً من أجواء الشحن والتوتر جاء قانون تنظيم الإعلام".
النشر والحريات
من ناحيته وصف الكاتب الكويتي خالد عبدالرزاق الحسن المسودة التي قدمها الوزير بأنها "تضييق على الحريات، وتزيد الخناق على القلم وحرية الرأي"، موضحاً أنه لا فرق واضح بينها وبين سابقتها فالأولى كانت "ضبابية" بينما اتضحت في الثانية بعض المعالم ومنها تنازل الحكومة عن رؤساء التحرير.
وقال إن المسودة الجديدة "نوع من المغازلة لرؤساء الصحف، إذ تقتصر العقوبة على من يحرر الخبر ويكتبه"، مشيراً إلى أن تمجيد رؤساء التحرير في القانون الجديد ما هو إلا رد فعل مقابل تحصين أصحاب الصحف، مشدداً على أهمية توفير حماية للصحافي والكاتب لا سيما وأنه يتبع نهج الصحيفة التي يعمل بها، وأن "المسؤولية يجب أن تكون على الناشر، حتى لا تكون هناك سجون ممتلئة بالصحافيين وأصحاب الأقلام الحرة".
ولفت الحسن إلى تضييق وزارة الإعلام على إصدار الرخص الإلكترونية عبر زيادة مبلغ التأمين من 500 إلى 2000 دينار (1600 إلى 6500 دولار)، داعياً إلى عدم محاصرة الإعلام الإلكتروني حتى تكون السماء الإعلامية أكثر سهولة ويصل بأفكاره إلى العالم.
وشدد خالد الحسن على ضرورة "تحرير الصحافي من أية مسؤولية والتي يقابلها تحصين لرئيس التحرير، ومنها الكلمات الفضفاضة وفق القانون المعدل، بل يجب أن نقف وقفة واحدة في كل دول العالم".