Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حكايات أرمن ناغورنو قره باغ مع الهروب والقلق على المفقودين

فر أكثر من 100 ألف شخص من الجيب الانفصالي خلال أيام معدودة خوفاً من الاضطهاد بعدما طوقتهم القوات الأذربيجانية

المسؤولة السابقة في قره باغ لوسين باخوداريان تنهار بالبكاء فيما تتحدث عن الهرب من المنزل (بيل ترو)

ملخص

مأساة الأرمن اليوم في قره باغ: "لا نعرف حتى الساعة إن استطاع أخي النجاة"...

آخر مرة سمعت فيها إيرنا أخباراً عن أخيها كانت منذ أسبوع، وسط الاندفاع المحموم من أجل الهرب من ناغورنو قره باغ فيما انهار المكان من حولهم.

خلال أيام معدودة، هرب أكثر من 100 ألف شخص - جميع السكان ذوي الأصول الأرمينية تقريباً - من الجيب الانفصالي، خوفاً من الاضطهاد بعد تطويق القوات الأذربيجانية لهم. تعطلت شبكات الهاتف النقال، وسد المخرج الوحيد من المدينة وتفرق الناس بسبب القصف.

وفي خضم تلك الفوضى، فقد الأفراد والأسر بعضهم بعضاً. وأفادت الأمم المتحدة عن وصول أطفال وحدهم من دون مرافق إلى أرمينيا، كما وردت تقارير عن اعتقال بعض الأشخاص على يد السلطات الأذربيجانية وقالت وزارة الصحة الأرمنية إن البعض، لا سيما المسنين، لقوا حتفهم خلال الرحلة التي تستغرق 40 ساعة بسبب سوء التغذية ونقص الدواء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقالت مديرة المدرسة، إيرنا لصحيفة "اندبندنت" وهي تجهش بالبكاء من مدينة غوريس الحدودية التي تحولت بسرعة إلى مخيم ضخم للاجئين "لا نعلم حتى الساعة إن نجح أخي في بلوغ أرمينيا، وإن كان حياً".  

تظهر وراءها فورة نشاط محموم: عائلات مصدومة تفتش بين أكوام التبرعات، من ملابس إلى مواد غذائية ولوازم ضرورية، وهي تحاول أن تستوعب كيف ترمم حياتها. ويكمل ديفيد، 18 سنة، الحديث نيابة عن والدته التي تبدو غير قادرة على متابعة الكلام "آخر ما عرفناه عنه أنه ذاهب لشراء الوقود".

ما تخشاه العائلة هو أن يكون بين 170 قتيلاً وقعوا في انفجار ضخم دوى الأسبوع الماضي داخل إحدى محطات الوقود التي ما زالت تعمل في الجيب. الإثنين، تدفق اللاجئون اليائسون إلى تلك المحطة للحصول على ما يكفيهم من وقود للخروج من المنطقة عندما وقع الانفجار. لا أحد يعلم ما الذي حدث بالتحديد لكن الحادثة أضافت ضربة أخرى إلى المأساة.

لكنهم ليسوا وحدهم كما تقول لوسين بارخوداريان، 30 سنة، التي كانت حتى الأسبوع الماضي نائب وزير البنى التحتية في الحكومة المعلنة ذاتياً في ناغورنو قره باغ. وتلجأ المحامية السابقة الآن موقتاً إلى فندق في غوريس، بعدما تركت كل شيء وراءها مثل عشرات آلاف الأشخاص غيرها.

وتخبر صحيفة "اندبندنت" وهي تجهش بالبكاء "فُقد زوج إحدى زميلاتي، كما فقدنا جارين لنا لأنهم افترقوا عن بعض في حمى الهرب".

"وصلني خبر عن امرأة أخرى تبحث عن زوجها، وأخيها وأبيها. يحتمل أن يكونوا قد توفوا في انفجار محطة الوقود لكنهم لا يعرفون أي شيء. ما زالوا يبحثون عنهم".

بعد فقدان عدد كبير من الأشخاص في هذه الفوضى، وضعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر والصليب الأحمر الأرمني خطاً ساخناً بخدمة الناس كي يتصلوا عليه ويسجلوا أسماء مفقوديهم.

وتقول المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر زارا أماتوني لصحيفة "اندبندنت" "يردنا حتى الآن 100 اتصال في اليوم الواحد. من الصعب أن نعطي معلومات موثوقة في الوقت الحالي بسبب سرعة تغير الوضع".

لكن العثور على المفقودين ليس سوى أحد الكوابيس التي تواجه العائلات الأرمينية من قره باغ وأرمينيا نفسها التي ترزح تحت ضغط أكبر حركة هجرة لنازحين في جنوب القوقاز منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.

وأصبح عشرات آلاف الأشخاص مشردين، يلوذون موقتاً بالفنادق والمدارس والمنازل الخاصة وبسياراتهم وحتى بالشوارع بعدما تركوا ديارهم وما عاد وطنهم موجوداً. وفي هذا السياق، قالت الحكومة الأرمينية إنها تمكنت حتى الآن من إيواء نحو 32 ألف شخص بشكل موقت داخل منشآت حكومية لكن لا يزال غير معروف ماذا سيحدث على المدى البعيد.

لم يكن أحد مستعداً لما يحصل بسبب تطور الأحداث بسرعة فائقة بعدما شنت أذربيجان الأسبوع الماضي هجوماً عسكرياً مباغتاً وخاطفاً على القوى الانفصالية. سعت باكو إلى استعادة الجيب الذي تسكنه غالبية من الأرمن، والمعترف به دولياً على أنه جزء من أذربيجان لكنه ظل كياناً يتمتع باستقلال ذاتي لمدة ثلاثة عقود.

على امتداد 10 أشهر قبل الحرب الخاطفة التي استمرت 24 ساعة، فرض الجانب الأذربيجاني حصاراً ضيق الخناق على وصول إمدادات المواد الغذائية والوقود والغاز والمياه إلى المنطقة. بعد إضعافها بسبب الحصار، وتفوق الجيش المدعوم من تركيا عليها عديداً وسلاحاً، استسلمت القوات الانفصالية بشكل شبه فوري. وقال زعماؤها السياسيون إنهم سيحلون حكومتهم بحلول نهاية العام، فأطلقوا بتصريحاتهم حركة الهجرة.

وجاءت التقارير عن اعتقال كبار المسؤولين في قره باغ، من بينهم وزراء ومسؤولون أمنيون سابقون، لتفاقم حالة الذعر. الأحد، قالت أذربيجان إنها أصدرت مذكرة اعتقال في حق زعيم الجيب، أراييك هاروتيونيان. والآن، لملم 80 في المئة من أصل 120 ألف ساكن في المنطقة ما تيسر لهم من حياتهم بظرف دقائق عدة، وعبروا الحدود باتجاه أرمينيا.

وهناك، صرح المسؤولون الأرمن لـ"اندبندنت" بأنهم يجاهدون من أجل إيوائهم، فيما اتهمت يريفان أذربيجان بـ"التطهير العرقي"، لكن باكو نفت هذه الاتهامات بشدة، مضيفة أن العائلات هي التي اختارت الرحيل بإرادتها.

ويقول وزير البنى التحتية في أرمينيا غنيل سانوسيان بنبرة منهكة "واجهنا مسألة مشابهة أثناء نزاع العام 2020 لكن الناس عرفوا أنهم سيعودون إلى ديارهم بعد إبرام اتفاق وقف النار. إنما الوضع مختلف الآن". يقف الوزير قرب مركز تسجيل مزدحم في غوريس، حيث يسجل المسؤولون الأرمن بمساعدة عشرات الحواسيب أسماء مئات الأشخاص.

"نحاول أن نجمع كل مؤسسات الدولة لكي تتعامل مع الوضع يداً بيد. تبذل الحكومة الأرمينية قصارى جهدها لكن على المجتمع الدولي أن يتحرك ويساعد".

تزداد الضغوط على أرمينيا. نزل مواطنو البلاد إلى الشوارع، مطالبين باستقالة رئيس الوزراء نيكول باشينيان لأنهم يلومونه على عدم الدفاع عن ناغورنو قره باغ، فيما يفترض بالحكومة التي كانت تعاني أساساً ضائقة مالية أن توفر المسكن والرعاية الصحية والوظائف لعشرات آلاف الأشخاص الجدد الذين ينتشرون بوتيرة متزايدة في كل أرجاء البلاد.  

وفي فايك، البلدة الجبلية الصغيرة التي تتعامل الآن مع العدد الفائض من الناس القادمين من غوريس، يقول الزعيم الإداري المحلي هايك أفاغيان إنهم تخطوا بسرعة القدرة الاستيعابية للفنادق والملاجئ المحلية. ويضيف بنبرة إحباط "بدأنا نوزع الناس على منازل السكان الخاصة. علينا التفكير بمسائل كثيرة في المستقبل، مثل الوظائف والتعليم".

في غوريس، تعاني العائلات من أجل فهم وضعها المستقبلي وترتيبه. وتقول المسؤولة السابقة في قره باغ لوسين بارخوداريان، إن أرمن قره باغ لا يملكون قانوناً الحق بالحصول على استحقاقات اجتماعية أو مساعدات مثل الأرمن على رغم حيازتهم جواز سفر أرمينياً. وتضيف أن العثور على عمل سيكون مسألة معقدة.

وتتابع بقولها "ولم أحمل معي أي شيء، ولا حتى كأساً من مطبخي أشرب منها الماء".

في هذه الأثناء، لا تزال عائلة إيرنا تحاول العثور على بعض أفرادها قبل أن تتمكن حتى من وضع خطط مستقبلية حقيقية.

وتقول إيرنا "سوف نتوجه إلى العاصمة يريفان على أمل استئجار شقة. ماذا عسانا نفعل؟ ماذا على العالم أن يفعل؟ لقد فات الأوان".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير