Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تدني الأسعار يمنح الذهب بريقا للشراء في مصر

سجل أطول موجة خسائر منذ أغسطس 2022 ومتخصصون يرون في الوقت الحالي فرصة لاكتناز المعدن الأصفر

فسر متابعون التراجع الحالي للذهب في مصر بهبوط الأوقية عالمياً وسط توقعات بالارتفاع مطلع 2024 (رويترز)

ملخص

يمسك غرام الذهب 21 عن التراجع عن 69.56 دولار في مصر ويمكن اعتبار هذا السعر فرصة للشراء ونوفمبر سيكون شهراً مفصلياً 

بينما يواصل الذهب تسجيل أطول سلسلة خسائر عالمياً منذ أغسطس (آب) 2022، فإن التراجع الأخير من شأنه أن يمنح الحائزين الجدد على المعدن الأصفر من مستويات الشراء الحالية في مصر فرصاً أكبر في تحقيق عائد مجزٍ الفترة المقبلة، وفق ما يراه تجار ومتخصصون، بعد خسارة مُني بها في سبتمبر (أيلول) الماضي بلغت 2.8 في المئة محلياً إثر هبوط سعر الأوقية (الأونصة) 4.8 في المئة عالمياً.

وفي سبتمبر الماضي، خسر غرام 21 من الذهب في مصر 55 جنيهاً (1.78 دولار)، إذ استقبل الشهر عند مستوى 2220 جنيهاً (71.85 دولار)، وودعه بـ2165 جنيهاً (70.07 دولار)، عقب هبوط سعر الأوقية 93 دولاراً، لتستقر عند 1848 دولاراً نهاية الشهر من 1941 دولاراً في مطلعه، فيما سجل سعر الذهب اليوم الثلاثاء في مصر مستوى 2463 جنيهاً (79.71 دولار) لغرام 24 الأكثر نقاءً، و2155 جنيهاً (69.74 دولار) لغرام 21 الأكثر شعبية، في حين بلغ غرام الذهب عيار 18 سعر 1847 جنيهاً (59.78 دولار) وسعر الجنيه الذهب (ثمانية غرامات من عيار 21) 17240 جنيهاً (557.94 دولار).

أقل سعر للشراء

يمسك المعدن الأصفر عن التدني عن مستوى 2150 جنيهاً (69.56 دولار)، وهو السعر المسجل في نهاية يوليو (تموز) الماضي، مما يشير إلى أن هذا المستوى هو أدنى ما يمكن الرهان عليه كفرصة للشراء بعد مستويات تاريخية بلغ فيها سعر الغرام الأشهر في البلاد 2800 جنيه (90.62 دولار) في الربع الأول من العام الحالي.

وحرك التضخم وعدم اليقين الاقتصادي ونشاط السوق السوداء للدولار إثر ثلاثة تراجعات في سعر الجنيه أمام العملة الأميركية منذ مارس من العام الماضي، سوق الذهب في مصر ودفع مبيعاته إلى مستويات غير مسبوقة، حتى إن أحدث تقرير من مجلس الذهب العالمي مطلع الشهر الماضي سجل ارتفاعاً في مشتريات المصريين من المعدن خلال الربع الثاني من 2023 إلى 17.3 طن مقابل 16.2 طن الربع السابق و10.7 طن في الربع نفسه من العام الماضي.

في حديثهم، يربط تجار وأعضاء في شعبة الذهب والمجوهرات بالغرف التجارية في مصر بين التراجع الحالي في سعر المعدن محلياً وموجة الهبوط العالمية الأخيرة للأوقية أمام الدولار، ويرون أن سعر الغرام في مصر مرشح للزيادة في حالات من بينها صعود المعدن عالمياً، أو انخفاض جديد في سعر الجنيه أمام الدولار، متوقعين ارتفاع المعدن مقوماً بالعملة المحلية مطلع العام المقبل ومعتبرين أن الوقت الحالي بمثابة القاع الأمثل لشراء الذهب بأسعار متدنية وأن الانتظار أكثر أملاً في مزيد من التراجع مغامرة غير مضمونة العواقب، ورجحوا بقاء الأسعار في المستويات الحالية عرضياً.

قوة الدولار تضعف الذهب

كانت موجات البيع هي المسيطرة على الأسواق العالمية لينخفض الذهب للجلسة السابعة على التوالي، مسجلاً أدنى مستوياته منذ التاسع من مارس (آذار) الماضي، وتراجع سعره الفوري 0.6 في المئة اليوم إلى 1817 دولاراً للأوقية، في حين هبطت العقود الأميركية الآجلة للمعدن 0.7 في المئة إلى 1833.40 دولار، أمام الدولار الذي واصل صعوده مسجلاً ذروة 10 أشهر، في حين بلغت عوائد سندات الخزانة الأميركية مستوى مرتفعاً جديداً هو الأعلى في 16 عاماً بعدما أظهرت بيانات أمس الإثنين أن الصناعات التحويلية في الولايات المتحدة اتخذت خطوة أخرى نحو التعافي في سبتمبر الماضي، وإثر تأكيدات مسؤولي "مجلس الاحتياط الاتحادي" (البنك المركزي الأميركي) احتمال بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول.

في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، أعرب عضو شعبة الذهب والمجوهرات بغرفة القاهرة التجارية ناجي فرج عن اعتقاده بأن الأسعار الحالية في مصر مشجعة للشراء بالنظر إلى تراجع سعر الغرام 100 جنيه (3.24 دولار) خلال الأيام الماضية، ويرى أن التراجع المحلي في السعر مرده إلى هبوط أسعار الذهب العالمية في الآونة الأخيرة وسط مواصلة رفع أسعار الفائدة الأميركية من قبل "الاحتياط الفيدرالي".

ويقول فرج الذي يشغل أيضاً منصب مستشار وزير التموين والتجارة الداخلية لشؤون الذهب إن الحكم على الذهب يخضع لعدد من المتغيرات، أبرزها سعر الذهب عالمياً وقوة الدولار أمام سلة العملات الرئيسة، إضافة إلى قيمة الجنيه المصري أمام الدولار وآلية العرض والطلب، مما يجعل التوقع صعباً الفترة المقبلة، لكن ما يلفت انتباه عضو شعبة الذهب هو الاجتماع المقرر لمجلس الاحتياط الفيدرالي نهاية الشهر الجاري وما إذا كان سيتخذ قراراً برفع أسعار الفائدة ومواصلة التشديد النقدي من عدمه، إضافة إلى عامل آخر هو حجم الطلب على الذهب من قبل البنوك المركزية وفي مقدمتها البنك المركزي الصيني.

ومنذ مارس من العام الماضي عوّمت القاهرة سعر صرف الجنيه أمام الدولار ثلاث مرات، إذ تراجع السعر من 15.75 جنيه للدولار في نهاية الربع الأول من العام الماضي، إلى متوسط 30.85 جنيه للعملة الأميركية في أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، في وقت ظلت السوق السوداء للعملة محتفظة بأسعار أعلى للدولار الأميركي أمام الجنيه عند مستوى 40 جنيهاً (1.29 دولار بالسعر الرسمي)، إثر موجة من هرب 20 مليار دولار من الأموال الساخنة نتيجة التشديد النقدي الذي مارسته البنوك المركزية وفي مقدمتها بنك الاحتياط الفيدرالي بنهاية عام 2021.

من جانبه، يعتقد المدير التنفيذي لإحدى شركات تجارة وتسويق الذهب في مصر فادي كامل بأن تراجع سعر الذهب في مصر خلال الآونة الأخيرة يأتي متأثراً بتدني الأوقية في البورصة العالمية، وسط ما بات يحظى به الدولار من قوة مصدرها التوقعات بقيام "الفيدرالي" الأميركي برفع أسعار الفائدة في اجتماع أكتوبر الجاري.

مسار الفائدة الأميركية

ويلفت كامل إلى حديث رئيس "الاحتياط الفيدرالي" جيروم باول خلال اجتماع مع مجتمع الأعمال في نيويورك باعتباره محركاً رئيساً لحركة المعدن الأصفر على المستويين العالمي والمحلي، ويرى أن البيانات الأميركية الأخيرة، بخاصة مؤشر مدير المشتريات الصناعي الذي تضمن الإشارة إلى تحسن أداء الاقتصاد الأكبر عالمياً وسجل في أغسطس الماضي 49.8 نقطة من 47.9 نقطة في الشهر السابق له، تدعم اتجاه البنك المركزي الأميركي نحو مواصلة سياسة التشديد النقدي ورفع أسعار الفائدة، ما من شأنه تعزيز موقف الدولار أمام السلع والمعادن، بخاصة الذهب الذي يتأثر سلباً بقوة العملة الأميركية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما رئيس شعبة الذهب والمجوهرات في غرفة القاهرة التجارية هاني ميلاد، فيرى أن سعر الذهب في مصر مرشح للارتفاع مطلع العام المقبل 2024، مما يجعل الوقت الراهن فرصة مثالية للشراء، بخاصة بعد تراجع أسعار الذهب عالمياً، إذ يربط رئيس الشعبة بين الهبوط في سعر الذهب عالمياً ونظيره المحلي خلال الأيام الأخيرة ويعتبر أن تدني الأوقية في البورصة العالمية إلى مستوى غير مسبوق منذ مارس الماضي دفع السعر محلياً إلى النزول.

لا يخالف رئيس الشعبة في شأن أسباب تراجع سعر المعدن رأي فرج وكامل، إذ يشير إلى أن قرارات "الفيدرالي الأميركي" بمواصلة رفع أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم أثرت بالسلب في الذهب، مما يرجح الاعتقاد ببقاء الأسعار منخفضة محلياً كما هي حالياً حتى نهاية العام قبل أن تغير مسارها مرة أخرى صعوداً.

قرارات خاطئة للمستهلكين

ويتحدث تاجر الذهب محمود الشرقاوي باستفاضة عن سلوك الحائزين على المعدن في مصر ويقول لـ"اندبندنت عربية" إن الملاحظ في فترات صعود أسعار الذهب اتجاه المستهلكين للشراء أكثر بعكس فترات التراجع التي تشهد تخلصاً من الذهب من جانب الحائزين عليه خشية الخسارة، على رغم خطأ هذه الثقافة، إذ يتوجب الشراء بقوة في أوقات هبوط أسعار الذهب وليس البيع مثلما هي الحال في مصر.

ويعرج في حديثه على التوقعات في شأن مسار الذهب الفترة المقبلة، فيقول إنه من الصعب الحكم على المعدن حالياً، إذ إن الأمر رهن سعر الجنيه أمام الدولار وما إذا كان البنك المركزي المصري عازماً على مزيد من تحرير سعر الصرف وموعد هذا الإجراء وموقف السوق السوداء للعملة، هل تختفي أو تنشط، بالتالي فإن الشراء بعد فترة أملاً في مزيد من تراجع السعر مغامرة غير مضمونة، بخاصة أن الذهب استثمار طويل الأجل.

وصعد الدولار إلى أعلى مستوياته في 10 أشهر واقتربت عوائد سندات الخزانة من أعلى مستوياتها في 16 عاماً، بينما يراقب المستثمرون المستوى الحاسم البالغ 1800 دولار للأوقية الذي كان بمثابة دعم في السابق، وتأخذ الأسواق في الاعتبار أيضاً احتمالاً بنسبة 45 في المئة لرفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس أخرى هذا العام، إلى جانب فرصة بنسبة 42 في المئة للتيسير النقدي في النصف الأول من عام 2024، وفق أداة "فيد ووتش".

ماذا سيحدث في نوفمبر؟

عالمياً، تبدو النظرة المستقبلية إلى الذهب هبوطية على المدى القصير، ومع احتفاظ بنك الاحتياط الفيدرالي بموقف متشدد والمؤشرات الاقتصادية التي تعزز الدولار، فإن الاختراق دون مستوى 1800 دولار قد يؤدي إلى مزيد من الانخفاض.

وراهنت بنوك استثمار عالمية عدة في مقدمتها "يو بي أس" السويسري و"ويلز فارغو" على صعود متوقع للذهب بحلول نهاية العام الحالي إلى مستوى 2100 دولار للأوقية في المتوسط و2400 دولار خلال 2024، في وقت أظهر استطلاع حديث لمجلس الذهب العالمي عزم 24 في المئة من البنوك المركزية مواصلة زيادة احتياطاتها من المعدن طوال العام المقبل.

وفيما يحير الذهب محبيه في شأن مواقيت الشراء والبيع الفضلى، فإن نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل سيكون موعداً مفصلياً لسوق الذهب في مصر مع انتهاء مبادرة إعفاء واردات المعدن نصف المشغولة والمعدة للتداول النقدي والحلي والمجوهرات بصحبة الوافدين من الخارج من الضريبة الجمركية والرسوم الأخرى بعد خمسة أشهر من العمل حتى الآن، تحديداً منذ صدور قرار مجلس الوزراء المصري في مطلع مايو (أيار) الماضي، وهو القرار الذي أسهم بقوة في خفض أسعار الذهب في البلاد بعدما زاد من المعروض في السوق إثر دخول 2005 كيلوغرامات بصحبة الآتين من خارج البلاد من دون رسوم.