ملخص
"بلومبيرغ": الأسهم الأميركية تعاني منذ تعاملات أغسطس الماضي مع تراجع المؤشرات.
بدأت أسعار الفائدة المرتفعة تؤثر في أرباح الشركات، إذ حذر تقرير حديث من أن الأسعار المرتفعة بدأت تلقي بظلالها على أرباح الشركات الأميركية.
إلى ذلك قال استراتيجيو بنك "غولدمان ساكس"، إن كلف الاقتراض للشركات المدرجة في مؤشر "ستاندارد أند بورز 500" ارتفعت بأكبر قدر لها فيما يقارب عقدين على أساس سنوي، ويرون أن "استمرار أسعار الفائدة مرتفعة لفترة طويلة قد يمنع ذلك الشركات من زيادة الرافعة المالية، وهو ما يضر بالربحية على المدى الطويل".
وأشاروا إلى أنه ولعقود طويلة أسهم تراجع كلف الفائدة وزيادة الرافعة المالية في نحو خمس ارتفاع العائد على حقوق المساهمين البالغ 8.8 نقطة أساس لدى الشركات المقيدة بمؤشر "ستاندارد أند بورز 500".
وكشف محللو البنك عن أنه "في بيئة أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول يكمن الخطر الرئيس للعائد على حقوق المساهمين بالنسبة إلى شركات "إس أند بي 500" في ارتفاع مصروفات الفائدة وتراجع الرافعة المالية"، مشيرين إلى أن هذا السيناريو سيلقي بثقله على نحو مستدام على العائد على حقوق المساهمين، ما من شأنه إنهاء اتجاه تاريخي.
في الوقت نفسه كشفت وكالة "بلومبيرغ" عن أن الأسهم الأميركية تعاني منذ بداية أغسطس (آب) الماضي مع انخفاض مؤشر "ستاندارد أند بورز 500" بنحو 6.5 في المئة، على أثر ارتفاع عائدات السندات وضعف توقعات النمو الاقتصادي.
وعلى رغم إيقاف بنك الاحتياط الفيدرالي حملته النقدية المتشددة في سبتمبر (أيلول) الماضي، إلا أن تصريحات مسؤوليه المتشددة دفعت عائدات السندات لأجل 10 سنوات إلى أعلى من 4.6 في المئة مما يعد أعلى مستوياتها فيما يقارب 16 عاماً.
فيما أشار بنك "غولدمان ساكس" إلى أن ربحية مؤشر "ستاندارد أند بورز 500" باستثناء الأسهم المالية، استمرت في الانخفاض العام الحالي من ذروتها في الربع الثاني من عام 2022، إذ كان ارتفاع مصروفات الفائدة أكبر عائق على الأرباح.
وتوقع البنك الأميركي أن يستقر العائد على حقوق المساهمين في عام 2024، مع احتمال ضئيل للزيادة بسبب ضعف النمو الاقتصادي.
خفض توقعات نمو أرباح الشركات
ووفق وكالة "بلومبيرغ" واصل المحللون وبنوك الاستثمار خفض توقعاتهم في شأن أرباح الشركات الأميركية خلال الفترة المقبلة، إذ يعتقدون أن تمتد التأثيرات السلبية لارتفاع أسعار الفائدة وتراجع طلب المستهلكين إلى الربع الثالث من 2023، متراجعين عن توقعات سابقة أشارت إلى أن انتعاش الأرباح سيبدأ بحلول ذلك الوقت، وهذا يعني انكماشاً في الأرباح أطول مما كان عليه خلال جائحة كورونا.
وكانت آخر مرة انخفضت فيها الأرباح لأكثر من ثلاثة أرباع في 2015 إلى 2016، عندما بدأ الاحتياط الفيدرالي آخر دورة لرفع أسعار الفائدة، وعدم تحقيق مؤشر "ستاندارد أند بورز 500" أي مكاسب منذ أن بدأت البنوك الكبرى في بورصة "وول ستريت" موسم الأرباح في منتصف أبريل (نيسان) الماضي لن يكون مفاجئاً.
من جهتها ترى كبيرة المحللين الاستراتيجيين للأصول المتعددة في "ستيت ستريت غلوبال ماركتس" ماريا فيتمان، أن "المتفائلين يلاحظون أن أسوأ توقعات المحللين لم تتحقق، وأن نسبة كبيرة من الشركات تجاوزت أهدافها في الربع الأول، بينما المتشائمون يقولون إن الأرباح آخذة في الانخفاض، والتوقعات المستقبلية ضعيفة".
ويؤثر تباطؤ الاقتصاد في هوامش الربح، إذ يشير إجماع التوقعات إلى أنها لن تتعافى قبل الربع الأخير من 2023، ولذلك تقول العضو المنتدب في "فان لانشوت كيمبين" أنيكا تريون، "بينما تبدو أرباح الربع الأول في العام الحالي قوية، فإننا نشهد ظهور تصدعات، إذ يفوق نمو المبيعات نمو الأرباح، مما يضغط على هوامش أرباح الشركات".
وتابعت "بالفعل لجأت الشركات إلى تسريح العمال، مع إلغاء عشرات الآلاف من الوظائف في مختلف الصناعات، من التكنولوجيا إلى البيع بالتجزئة"، مؤكدة أن "تأثير ذلك يجب أن ينعكس في أرباح الربع الثاني من العام الحالي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما المحلل الاستراتيجي في "مورغان ستانلي" مايكل ويلسون فيتوقع تراجعاً إضافياً للهامش خلال الأشهر المقبلة، إذ يرى أن العمالة رياح معاكسة قوية، مشيراً إلى أن "ضعف الاقتصاد يضعف من قدرة الشركات لفرض السعر الذي تريده من دون الإضرار بالمبيعات".
ومكنت زيادة الدخل من الفوائد المرتفعة إلى مستويات قياسية وعوائد التداول وتدفقات الودائع على البنوك الكبرى أرباح المصارف من تجاهل الضغوط المالية خلال الفترة الماضية، لكن رياحاً معاكسة أخرى تلوح في الأفق، فمع تخلف مزيد من الأميركيين عن سداد المدفوعات، إذ شهدت أكبر أربعة بنوك أميركية زيادة في شطب القروض الاستهلاكية المعدومة بنسبة 73 في المئة عن مستويات العام الماضي وارتفعت المخصصات، بينما تواجه الشركات الصغيرة ضغوطاً من تراجع حجم الصفقات.
البنوك تتصدر قائمة المستفيدين من ارتفاع الفائدة
في المقابل تصدرت البنوك الأميركية قائمة المستفيدين من رفع أسعار الفائدة، إذ سجل بنكا "جيه بي مورغان تشيس" و"ويلز فارغو" أرباحاً قوية في الربع الثاني من عام 2023 بفضل ارتفاع أسعار الفائدة، فيما تراجعت أرباح مجموعة "سيتي غروب"، واستفادت بنوك "وول ستريت" من ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية بعد زيادتها 10 مرات متتالية منذ مارس (آذار) 2022.
وأعلن "جيه بي مورغان تشيس" تحقيق قفزة أكبر من المتوقع في أرباح الربع الثاني من العام الحالي، إذ زادت مكاسبه من مدفوعات الفائدة من المقترضين واستفاد من صفقة شراء "فيرست ريبابليك". وسجل صافي الدخل من الفوائد، الذي عززته الصفقة ورفع البنك المركزي الأميركي لسعر الفائدة، 21.9 مليار دولار بزيادة بلغت 44 في المئة أو 38 في المئة باستبعاد أثر صفقة "فيرست ريبابليك". وتوقع البنك أن يسجل صافي الدخل من الفوائد نحو 87 مليار دولار للعام بأكمله بما يفوق توقعات "وول ستريت" بأن تبلغ 83.37 مليار دولار، بحسب بيانات "رفينيتيف".
وقفزت أرباح البنك بنسبة 67 في المئة إلى 14.47 مليار دولار، أو ما يعادل 4.75 دولار للسهم، في الربع المنتهي في الـ30 من يونيو (حزيران) الماضي.
وباستبعاد الكلف الاستثنائية، ربح سهم البنك 4.37 دولار للسهم، وهو ما يتجاوز متوسط تقديرات المحللين البالغة أربعة دولارات للسهم.
فيما أعلن "ويلز فارغو" نمو أرباحه بنسبة 57 في المئة خلال الربع الثاني من العام ورفع توقعاته السنوية لصافي الدخل من الفائدة، وزاد صافي الدخل من الفوائد بنسبة 29 في المئة إلى 13.16 مليار دولار بفضل ارتفاع سعر الفائدة مع زيادة كلفة الاقتراض.
وتوقع البنك ارتفاع صافي الدخل من الفوائد بنسبة 14 في المئة مقارنة بمستواه الذي بلغ 45 مليار دولار العام الماضي، وسبق أن توقع البنك نمو صافي الدخل من الفوائد بنسبة 10 في المئة.
لكن في المقابل أعلن بنك "سيتي غروب" تهاوي أرباحه في الربع الثاني من العام متأثراً بكلفة الاستغناء عن موظفين وزيادة مخصصات خسائر الائتمان، إذ قال البنك في بيان إن صافي الدخل هوى بنسبة 36 في المئة إلى 2.92 مليار دولار أو بواقع 1.33 دولار للسهم في الأشهر الثلاثة المنتهية في الـ30 من يونيو الماضي، وعزا ذلك إلى ارتفاع كلفة الاستغناء عن موظفين وزيادة مخصصات خسائر الائتمان.
وتراجعت الإيرادات من الأسواق بنسبة 13 في المئة إلى 4.6 مليار دولار وانخفضت رسوم الأعمال المصرفية الاستثمارية بنسبة 24 في المئة إلى نحو 612 مليون دولاراً، فيما قفز صافي الدخل من الفوائد بنسبة 18 في المئة.
يشار إلى أن صافي الدخل من الفوائد يقيس الفارق بين الفائدة التي يجنيها البنك على القروض وتلك التي يدفعها على الودائع.