ملخص
تعرضت أوكرانيا لضربتين سياسيتين مؤخراً. أولاً، قيام الولايات المتحدة باستثناء الدعم المخصص لها من قانون طارئ أقره الكونغرس لتجنب إغلاق المؤسسات الحكومية وثانياً فوز مرشح مؤيد للكرملين بأكبر حصة من الأصوات في انتخابات برلمانية أجريت في سلوفاكيا المجاورة
عُقِد اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في كييف وصفته الكتلة بـ"التاريخي" في وقت عصيب على التحالف الغربي الذي يضخ أسلحة ومالاً ودعماً في معركة أوكرانيا ضد قوات فلاديمير بوتين.
كانت كييف تواجه ضربتين سياسيتين مؤلمتين. أولاً، قامت الولايات المتحدة، أبرز الداعمين لها في الحرب التي تخوضها مع روسيا، باستثناء الدعم المخصص لأوكرانيا من قانون طارئ أقره الكونغرس لتجنب إغلاق المؤسسات الحكومية وثانياً كان فوز مرشح مؤيد للكرملين بأكبر حصة من الأصوات في انتخابات برلمانية أجريت في سلوفاكيا المجاورة.
كان استثناء الدعم لأوكرانيا الثمن الذي طلبه أعضاء يمينيون في الحزب الجمهوري الأميركي لاتفاق أبرم في اللحظة الأخيرة السبت الماضي لتجنب الإغلاق. وكان عدد من مؤيدي دونالد ترمب من بين أولئك الذين أثاروا الضجيج في شأن هذا الدعم. وكان الانتصار في سلوفاكيا الذي حققه الزعيم الشعبوي اليميني روبرتو فيكو يختمر، فاز حزبه، حزب الديمقراطية الاجتماعية، بمعظم الأصوات. وفي حين لم يحقق الحزب الغالبية العامة، أعطي فيكو أسبوعين للتفاوض على تشكيل حكومة ائتلافية.
كانت سلوفاكيا مؤيداً قوياً لأوكرانيا حتى الآن، إذ نقلت كميات كبيرة، مقارنة بحجمها الصغير، من المساعدات العسكرية إلى كييف. لكن خلال حملته الانتخابية، وعد فيكو بأنه في حال انتخابه، لن يرسل "رصاصة واحدة أخرى" إلى كييف وأعلن أنه يريد علاقات أوثق مع موسكو. ويشبه موقفه المؤيد لموسكو موقف زميله اليميني الشعبوي رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان الذي يتحفظ على التزام العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في المقابل، دعا الرئيس الأميركي جو بايدن الكونغرس إلى الدفع بمزيد من المساعدات إلى أوكرانيا. وقال الأحد الماضي: "لا يمكننا تحت أي ظرف من الظروف السماح بوقف دعم أميركا لأوكرانيا. يمكنني أن أطمئن [أوكرانيا] إلى أننا سنصل إلى الهدف، وأننا سننجزه".
لقد زودت واشنطن كييف بما قيمته حوالى 37 مليار جنيه استرليني (45 مليار دولار) من المساعدات العسكرية منذ أن شن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غزوه الشامل لأوكرانيا في فبراير (شباط) من العام الماضي وطلب بايدن 24 مليار دولار أخرى.
كانت هذه هي الظروف التي أحاطت باجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في كييف التي قال مسؤول السياسة الخارجية فيه جوزيب بوريل إنها أول قمة من نوعها خارج أراضي الاتحاد الأوروبي الحالية. وأردف بوريل أن الاجتماع أظهر دعم أوروبا القوي لكييف وأنه اقترح قيام الاتحاد الأوروبي بتخصيص حزمة إنفاق تصل إلى 5 مليارات يورو (4.3 مليار جنيه استرليني) لعام 2024 لأوكرانيا وأنه يأمل في الموافقة عليها بحلول ذلك الوقت. كذلك بذل وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا قصارى جهده للإشارة إلى أن بلاده لا تزال تؤمن بدعم الولايات المتحدة، إذ تعلم كييف أن عليها أن تتبع نهجاً حذراً في إبقاء حلفائها إلى صفها بينما تضغط عليهم أيضاً للحصول على مزيد من الأسلحة.
كوليبا قال: "لا نشعر بأن الدعم الأميركي قد تلاشى... لأن الولايات المتحدة تدرك أن ما هو على المحك في أوكرانيا أكبر بكثير من أوكرانيا فقط... أعتقد بأن ما جرى الآن [القانون الأميركي الطارئ] كان حدثاً [معزولاً]. نجري مناقشة متعمقة للغاية مع حزبي الكونغرس – الجمهوريين والديمقراطيين". وأضاف أيضاً أنه "من السابق لأوانه الحكم" على نتائج انتخابات سلوفاكيا الأخيرة على سياساتها.
وأبلغ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، كما يفعل مراراً، وزراء الخارجية أن بلاده بحاجة إلى "دعم دفاعي" لصد الغزو الروسي وأن الأسلحة جزء أساسي من ذلك الدعم. وأضاف: "أنا متأكد من أن أوكرانيا والعالم الحر بأسره قادران على الفوز في هذه المواجهة. لكن انتصارنا يعتمد في شكل مباشر على تعاوننا معكم".
يأتي ذلك في وقت يستعر خلاف بين أوكرانيا ودولة أخرى من جيرانها وأقرب حلفائها، بولندا، في شأن صادرات الحبوب، إذ تعطلت بشدة صادرات أوكرانيا من الحبوب، المهمة جداً لاقتصادها، بسبب الحصار البحري الروسي المفروض على البحر الأسود، بحيث تقوم كييف بشحن حبوبها عبر البلدان المجاورة، بما في ذلك بولندا.
لكن الأمر هو أن جزءاً من هذه الحبوب يُبَاع في بولندا، مما خفض الأسعار للمزارعين المحليين الذين يشكلون قسماً مهماً من الناخبين في البلاد. ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في وقت لاحق من هذا الشهر والنتائج المتقاربة المتوقعة بين الأحزاب المتنافسة، يسعى الحزب الحاكم إلى تقييد مرور الحبوب الأوكرانية عبر بولندا. حتى إن الخلاف تطور إلى تهديد بولندي بإنهاء إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا.
لقد أضعفت هذه الهزات السياسية غير المرحب بها محاولات كييف للحفاظ على تفاؤلها. وعلى رغم صعوبة تجاهل الفظائع التي يسببها عدو إلا أنه من الأصعب بكثير الحفاظ على هذا التفاؤل في مواجهة هجمات يشنها أصدقاء.
تحول قرار بوتين بغزو أوكرانيا العام الماضي – عندما كان من المتوقع أن تستولي القوات الروسية على كييف في غضون ثلاثة أيام وبقية البلاد في غضون أسابيع – إلى مصدر إحراج له. لكن الكرملين سيتطلع دائماً إلى استغلال أي تصدعات محتملة يراها في الدعم الذي تحظى به أوكرانيا، إذ يبدو أن بوتين على استعداد للتشبث باحتلاله بسبب الثقة بأن الدعم الغربي، الأميركي في الأغلب، سيتعثر ويتلاشى تاركاً أوكرانيا عرضة للخطر.
تحتاج كييف من حلفائها الوقوف بقوة إلى جانبها. وإذ يلوح دونالد ترمب في أفق الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2024، سيستمتع بوتين بعودته للبيت الأبيض، ذلك أن ترمب لا يفوت أبداً فرصة للإشادة ببوتين، واصفاً إياه بأنه "عبقري" عندما غزا أوكرانيا.
ويوفر احتمال انتخاب ترمب، أو أي جمهوري آخر، رئيساً للولايات المتحدة لبوتين سبباً لمواصلة المذبحة. والأمل هنا الآن هو ألا يدفع القلق من تضاؤل تدفق الأسلحة كييف إلى التسرع من أجل تحقيق مكاسب قبل حلول الشتاء.
لطالما كانت بريطانيا حليفاً قوياً لكييف، إذ التزمت بما يساوي 4.6 مليار جنيه من المساعدات العسكرية. ومع بدء المؤتمر السنوي لحزب المحافظين في مانشستر، كشف بن والاس، وزير الدفاع السابق، أنه أوصى ريشي سوناك بأن ترسل بريطانيا ما قيمته 2.3 مليار جنيه من الدعم العسكري إلى كييف. وكذلك لفت إلى أن ألمانيا تفوقت على المملكة المتحدة كأكثر البلدان الأوروبية تقديماً للدعم العسكري إلى أوكرانيا.
وقال والاس: "يمكن الفوز بهذه الحرب. فلاديمير بوتين يفشل. وكما أن العاطفة الإنسانية تدفع أوكرانيا إلى النجاح، هي أيضاً العيب المحتوم في بوتين... دفعت الرومانسية والغرور والانتقام بوتين إلى العبور إلى أوكرانيا، وستكون في ذلك نهايته".
هذا هو المستوى من الإيمان الذي تعتقد كييف بأنها بحاجة إليه من حلفائها.
© The Independent