Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يجمع "صلح الزنزانة" بين عبير موسي و"إخوان تونس"؟

مراقبون يختلفون حول احتمال التقاء الطرفين في مواجهة الرئيس قيس سعيد

عبير موسي تواجه تُهماً من بينها محاولة قلب نظام الحكم في تونس (أ ف ب)

ملخص

بعد اعتقال زعيمة "الحزب الدستوري الحر" هل يصبح السجن أحب إلى عبير موسي من صلح "إخوان تونس" أم الأيام حبلى بمفاجآت أخرى؟

 

بإيقاف زعيمة الحزب الدستوري الحر عبير موسي وإصدار مذكرة بسجنها يكون معظم وجوه المعارضة التونسية خلف قضبان السجن في تطورات تسبق بأسابيع انتخابات محلية وأشهر استحقاقاً رئاسياً سيسعى فيه الرئيس قيس سعيد بشكل كبير إلى الفوز بولاية ثانية على رغم عدم إعلانه الرسمي عن ذلك.

وموسي التي تحظى بشعبية قوية مقارنة ببقية قوى المعارضة التونسية أوقفت بعد محاولتها إيداع طعن في مكتب الاستقبال بقصر قرطاج الرئاسي في أمر دعوة الناخبين إلى الاستحقاق المحلي المرتقب في الـ24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل لتلتحق بزعيم "حركة النهضة الإسلامية" راشد الغنوشي الذي كانت تناهضه بشدة وقيادات بارزة بالحركة.

زعيمة الحزب الدستوري الحر هي أبرز وجه سياسي ظل يدافع عن الرئيس الراحل زين العابدين بن علي الذي قادت الاحتجاجات الشعبية ضد نظامه في 14 يناير (كانون الثاني) 2011 إلى تفككه إثر فراره من البلاد لتتسلم "حركة النهضة" إلى جانب أحزاب أخرى مقاليد الحكم في فترة اتسمت بسجالات عنيفة وصلت إلى حد اغتيال ناشطين سياسيين هما شكري بلعيد ومحمد البراهمي.

تضامن براغماتي

ويثير وجود موسي في السجن إلى جانب خصوم الأمس الذين تعهدت ملاحقتهم حتى رحيلهم (وهم "حركة النهضة" وحلفاؤها) تساؤلات حول ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى تقاطع واقعي بالنظر إلى أن خصمهم واحد، وهو السلطة الحالية التي يتهمونها بقمع الحريات السياسية والجنوح إلى الاستبداد، وهو ما ينفيه الرئيس قيس سعيد.

وسارعت القيادية بالحزب الدستوري الحر سميرة السايحي إلى القول إن "مذكرة إيداع عبير موسي السجن هو قرار سياسي، لكن لن تقدروا على إخراس صوت الحزب باحتجاز الأستاذة (في إشارة إلى موسي، وهي محامية)".

وأضافت السايحي، "سنهزمكم بالانضباط وبالعمل على كشفكم بالقوانين على خطى الزعيمة عبير موسي، إنه لكفاح حتى النصر". ومن المرتقب أن يعقد الحزب لاحقاً مؤتمراً صحافياً في العاصمة التونسية للكشف عن تفاصيل التهم التي تواجهها رئيسته.

وعرفت موسي بنجاحها في موازنة مواقفها من خلال معارضة الإجراءات التي يقرها الرئيس قيس سعيد منذ إطاحته البرلمان والحكومة المنتخبين في 25 يوليو (تموز) 2021 ومواصلة مهاجمة "حركة النهضة" التي تتهمها برهن نفسها لتنظيم "الإخوان المسلمين"، وهو ما تنفيه الحركة.

وفي محاولة لتأكيد ذلك دخلت موسي في اعتصام دام أشهراً أمام مقر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في العاصمة مطالبة بغلقه إلى جانب فرع آخر للاتحاد في ولاية (محافظة) صفاقس، لكن الآن مع اشتداد الحملة ضد المعارضة، والتي طاولتها تتعاظم التساؤلات حول ما إذا كانت ستلتقي موسي مع "حركة النهضة" وحلفائها بالنظر إلى الانسجام في الأهداف والمواقف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يجيب المتخصص في الشأن السياسي التونسي وسام حمدي، بقوله إن "من الصعب أن نجد التقاءً بين الطرفين، لكن قد نرى تضامناً براغماتياً من (حركة النهضة) مع موسي، أعتقد أن الحركة ستستغل واقعة اعتقالها لتظهر أنها ديمقراطية، وتتضامن مع عبير".

وقال حمدي في حديث لـ"اندبندنت عربية" إن "عبير موسي كانت ستترشح كمنافس لقيس سعيد بالنظر إلى أن شعبيتها ثابتة نوعاً ما، لكنها لن تجازف حتى في هذه الوضعية وهي في السجن بالتضامن مع بقية السجناء السياسيين لأن ذلك سيفقدها جزءاً من شعبيتها، أما (النهضة) فلا فهي قد تناور بموقف متضامن، علاوة على أنها ليس لها ما تخسره وبالعكس قد يفيدها ذلك".

واستنتج المتحدث بأن "الخلاصة أن السلطة الحالية في تونس تلتهم كل معارض لها، فقرار إيقاف موسي مثل بقية السجناء السياسيين هو قرار سياسي".

وفي موقف مفاجئ أعلن المحامي عن "حركة النهضة"، بشر الشابي، عن نيته الدفاع عن موسي لكن لم يظهر في جلسة استنطاقها أمس الخميس.

التقاء مرتقب

وفي المقابل، لم تعبر عبير موسي عن أي موقف متضامن مع عشرات السياسيين الذين أوقفتهم السلطات التونسية منذ فبراير (شباط) الماضي، بل بالعكس سخرت في بعض الأحيان من توعك صحة هؤلاء، وهو ما يعكس تنافراً لقوى المعارضة التي لم تعد قادرة على تحريك الشارع التونسي، خصوصاً بعد إيقاف معظم قياداتها.

واعتبر وسام حمدي أن "السلطة في تونس تلتهم خصومها، ليس لأنها هي قوية، بل لأنهم هم ضعفاء، فالمعارضة تعيش حالة من الوهن".

أما المحلل السياسي زياد الهاني، فاعتبر أن "رئيس الجمهورية نجح حتى الآن في توحيد المعارضة، وظلمهم بهذا الشكل قد يفتح بشكل كبير الباب أمام التقائهم مستقبلاً على مستوى العمل السياسي والتحركات".

وتابع الهاني أن "عبير موسي و(النهضة) خطان متوازيان، لكن اعتقال الأولى أخيراً يفتح الباب أمام إمكانية التقائهما، وكثر في تونس وحتى خارجها يعيبون على المعارضة عدم توحدها، لكن الآن الفرصة أصبحت مواتية والرئيس قيس سعيد هو من منحهم هذه الفرصة"، لكن الرئيس قيس سعيد ينفي وجود اعتقالات سياسية في بلاده، وسبق أن وصف موقوفين سياسيين بأنهم "إرهابيون ومجرمون"، لافتاً إلى أن "من يبرئهم هو شريك لهم" في تصريحات كان لها صدى قوي في البلاد باعتبار أنها عكست ما يشبه الحسم في قضية هؤلاء الذين يواجهون تهمة التآمر على أمن الدولة.

وقبل يومين، قال الرئيس سعيد منتقداً المعارضة إن "من كانوا يصفونه بالأمس بالسفاح (في إشارة إلى الغنوشي الذي ينتقده خصومه باستمرار) يتضامنون معه اليوم ويقومون بإضراب جوع معه، وآخر يقوم بإضراب جوع في باريس، وهو ليس إضراب جوع في الواقع".

وواجه الرئيس التونسي معارضة شرسة في البداية على رغم تشتت القوى المناهضة له، لكن بعد أشهر ضعفت هذه المعارضة بشكل كبير، فيما استقرت التحركات على موسي وحزبها الذي ظل يعارض أي تحرك يقوم به سعيد دون "التهاون" في المقابل مع "حركة النهضة" وبقية قوى المعارضة.

وبعد واقعة اعتقال رئيسته فإن المحك الحقيقي الآن للحزب الدستوري الحر هو مدى قدرته على الحفاظ على وحدته، إذ لم تشق هذا الحزب الخلافات على رغم أنه بدا منبوذاً من القوى السياسية التونسية، لا سيما بعد تشبث موسي بمواقفها الداعمة لـ"بن علي" الذي يتهمه خصومه بارتكاب جرائم تعذيب وانتهاكات خلال حكمه، وغيرها.

المزيد من متابعات