Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معارك ضارية ونزوح جماعي شرق الخرطوم

اشتباكات عنيفة وقصف متبادل في مواقع عسكرية بالعاصمة السودانية و"الدعم السريع" تسيطر على محطة لضخ النفط

الخرطوم تحتضر برعب المعارك وتداعي الخدمات والوضع الإنساني (غيتي)

ملخص

اتهمت هيئة محامي الطوارئ "الدعم السريع" بممارسة التهجير القسري في منطقة العيلفون بالخرطوم

دارت معارك ضارية بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" بضاحية العيلفون شرق الخرطوم، تسببت في فرار مئات السكان إلى القرى والمناطق المجاورة، بخاصة بعد دخول قوات "الدعم السريع" إلى المنطقة. وتدخل سلاح الطيران وشتت القوات المهاجمة، كما تبادل الطرفان القصف والهجمات في مواقع ونقاط عسكرية وحيوية أخرى في العاصمة السودانية، بخاصة في محيط القيادة العامة وسط الخرطوم، وقاعدة وادي سيدنا العسكرية شمال أم درمان، وفي محيط سلاح المدرعات جنوب الخرطوم.

منطقة العيلفون

وأفيد بأن قوات "الدعم السريع" سيطرت، أمس الجمعة، على محطة لضخ النفط في منطقة العيلفون شرق الخرطوم وتم إجلاء الفنيين والمهندسين والعاملين فيها، بحسب ما أفاد شهود عيان.

وتضخ المحطة التي تقع على بعد قرابة 30 كيلومتراً شرق العاصمة السودانية، نفط السودان ودولة جنوب السودان عبر خطوط أنابيب تمتد على مسافة حوالى 1000 كيلومتر إلى ميناء التصدير في بورتسودان، على البحر الأحمر.

وإذا توقفت محطة ضخ العيلفون عن العمل، يتوقف تصدير النفط إلى الخارج.

معارك ونزوح  

وذكر شهود من شرق النيل في الخرطوم، أن ضاحية العيلفون تعيش أوضاعاً صعبة وحالة من الذعر والرعب والقتل والتشريد، وأن المئات من السكان فروا من منازلهم، في موجة كبيرة من النزوح إلى المناطق المجاورة، كما اتجه بعضهم إلى ولاية الجزيرة، وأوضح الشهود أن جنود قوات "الدعم السريع" انتشروا داخل الأحياء وأقاموا نقاطاً للتفتيش ونشروا القناصة في المساجد، وكانوا يقولون للسكان إن هجومهم على المنطقة سببه وجود معسكر لتدريب الشباب الذين جرى استنفارهم لمشاركة الجيش في القتال بالبلدة، وهو معسكر كان يستخدم في تدريب منسوبي الخدمة الوطنية العسكرية، وسبق أن احتج الأهالي على وجوده.

واتهمت هيئة محامي الطوارئ "الدعم السريع" بممارسة التهجير القسري للمدنيين بمنطقة العيلفون في الخرطوم، وتقييد حقهم في التنقل بوضع ارتكازات تفتيش ونهب واعتقال المدنيين الفارين، ودانت الهيئة في بيان، تعدي هذه القوات على المواطنين على رغم أنهم ليسوا جزءاً من هذه الحرب العبثية، مشيرة إلى أن الاشتباكات بين الطرفين في منطقة العيلفون بشرق النيل، خلفت ضحايا ومصابين في صفوف المدنيين في موازاة انقطاع خدمات الكهرباء والمياه وشبكات الاتصالات والإنترنت في المنطقة.

طوق أمني

وأوضحت مصادر عسكرية أن الجيش بدأ يفرض طوقاً على مصفاة الجيلي للبترول شمال الخرطوم بحري، وتمكن بعد ضربات مركزة بالمسيرات من فرض سيطرته على البوابة الغربية للمصفاة.

كذلك، شهدت مناطق عدة شمال وجنوب أم درمان اشتباكات عنيفة استخدم فيها الجيش المسيرات لضرب تجمعات "الدعم السريع"، وسمع دوي أصوات القصف المتبادل والانفجارات، كما شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد في وسط وجنوب غربي المدينة، وواصلت قوات العمل الخاص عملياتها النوعية ونفذت خلالها مهام ناجحة في مناطق عدة وسط وجنوب أم درمان.

الخرطوم تحتضر

وقال حسن عبدالعظيم أحمد، الذي لا يزال عالقاً وسط القتال بأم درمان، إن الخرطوم تبدو كأنها تحتضر بعد الظلام التام الذي دخلت فيه نتيجة تعطل محطات الكهرباء بسبب نقص الوقود والمحروقات، وبسبب القصف المستمر وانهيار النظام الصحي والشح المريع في الخدمات الأساسية، وأضاف أحمد، أنه على رغم بعض الجهود المحدودة ومحاولات الإنعاش التي يقوم بها الوالي المكلف أحمد عثمان حمزة، إلا أن البنيات التحتية الخدمية تتآكل بشدة يوماً بعد يوم تبعاً لوتيرة الاشتباكات والقصف والمعارك المحتدمة.

تحقيق دولي

وعلى أبواب اجتماعات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، تباينت مواقف كل من الحكومة و"الدعم السريع" تجاه مشروع القرار الذي تقدمت به أربع دول للمجلس، لتشكيل لجنة تحقيق دولية في جرائم وانتهاكات الحرب في السودان، المتوقع التصويت عليه بنهاية الدورة الـ 54 للمجلس، الأسبوع المقبل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ففي الوقت الذي أعلنت فيه الخارجية السودانية رفضها التام لمشروع القرار، رحبت قوات "الدعم السريع" بالمشروع وأكدت استعدادها للتعاون مع لجنة التحقيق المقترح تشكيلها، وأكد يوسف عزت مستشار قائد قوات "الدعم السريع" ترحيبهم بمشروع القرار واستعدادهم التام للتعاون مع اللجنة وفريق المحققين لرصد الانتهاكات بحق اللاجئين والنساء والأطفال وغيرهم في السودان، وقال عزت، على منصة "إكس"، إن هنالك انتهاكات كبيرة وقعت في حق المدنيين من قصف الطيران وتدمير المنشآت والقتل والاعتقال على أساس الهوية والنهب والسلب، تستدعي تحقيقاً دولياً نطالب به منذ بداية الحرب وما رافقها من خطاب تضليلي لإدانة قوات "الدعم السريع" ونسب جرائم خطيرة لها، وأوضح مستشار قائد "الدعم السريع" أن مشروع القرار يتطابق مع موقفهم المعلن بضرورة التحقيق في ما ترتب على الحرب من أحداث مريرة دفع ثمنها شعبنا على امتداد البلاد.

لماذا الرفض؟

في السياق، أبدى أستاذ القانون الدولي المنتصر عبدالرحيم استغرابه لرفض الخارجية السودانية مشروع القرار الذي تقدمت به كل من بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا والنرويج بغرض تشكيل لجنة للتحقيق في كل انتهاكات الحرب السودانية، وأشار عبدالرحيم إلى أن مشروع القرار يتسق تماماً مع ما نادى به رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان في خطابه في الجمعية العامة للأمم  المتحدة الأخيرة بنيويورك، وأشار فيه إلى وقوع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في السودان بسبب الحرب، وكان من الطبيعي أن يتحرك العالم للتحقيق في ما أشار إليه البرهان أمام العالم أجمع، ما يشير إلى أن ثمة تناقضاً بين ما جاء في بيان الخارجية السودانية وما قال به قائد الجيش، وأوضح أستاذ القانون الدولي أن الجدل والاتهامات المتبادلة بشأن فيديو تصفية الأسرى الأخير الذي بثه "الدعم السريع" متهماً فيه الجيش، ونفي الجيش واعتبار الفيديو مفبركاً، إضافة إلى اتهامات الجانبين حول قصف المدنيين، كلها وقائع تؤكد الحاجة الماسة والضرورية لوجوب إجراء تحقيق دولي محايد للتقصي والوصول إلى الحقيقة والفاعل.

أضاف عبدالرحيم "لا أرى سبباً لرفض وزارة الخارجية السودانية للجنة التحقيق طالما أنها ظلت تصدر البيانات الشاكية من انتهاكات وجرائم الدعم السريع المخالفة لقواعد القانون الدولي والإنساني، إذ كان من المفترض أن تكون راغبة في التحقيق من أجل كشف تلك الانتهاكات"، مشيراً إلى أن من طبيعة لجان التقصي والتحقيقات القانونية أن تشمل جميع الأطراف ولا تتوقف عند طرف أو جانب واحد في جمع البيانات والوقائع.

انتهاكات مرصودة

وأكدت منظمة العفو الدولية، في تقرير عن الوضع بالسودان على موقعها الإلكتروني، رصدها انتهاكات في حرب السودان تحتاج إلى تحقيق بشكل عاجل وفوري، إذ تشهد البلاد جرائم حرب على نطاق واسع منذ بداية الصراع بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، وكشفت المنظمة عن رصد حالات اغتصاب واعتداءات جنسية على النساء والفتيات في جميع أنحاء البلاد، ووثقت عمليات تدمير ونهب الممتلكات الخاصة والمنازل والشركات، وكل هذه الانتهاكات مستمرة.

إسعاف دارفور

ودعماً للأمن الغذائي وإسعافاً للأوضاع الإنسانية في دارفور، دشنت السفارة السعودية ببورتسودان، بمشاركة السفير السعودي علي بن جعفر، دفعة من المنحة السعودية للقمح المقدمة عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية المخصصة للإقليم، وقال وزير الصحة رئيس لجنة الطوارئ بالإقليم بابكر حمدين، إنه تم تحويل القمح إلى دقيق سيوزع على ولايات دارفور الخمس، "وسيكون لهذا أثر كبير في تخفيف معاناة المواطنين وسد الفجوة الغذائية بدارفور"، مناشداً المنظمات الدولية الإسراع في تقديم مزيد من الدعم الغذائي والدوائي والإيوائي لإنسان دارفور الذي طحنته الحرب.

حراك فجائي

على صعيد الحراك السياسي الداخلي، وعلى نحو مفاجئ، أكد بيان مشترك للآلية الوطنية لدعم التحول الديمقراطي المحسوبة على تحالف الحرية والتغيير - المجلس المركزي، والجبهة الوطنية السودانية، الأقرب إلى الكتلة الديمقراطية، على ضرورة العمل المشترك لإقرار خطوات لاحقة تصب في صالح وقف الحرب والوحدة الوطنية والحوار الوطني الشامل، وخلص اجتماع مشترك بين الآلية الوطنية برئاسة عائشة موسى عضو مجلس السيادة الانتقالي السابق، ووفد الجبهة الوطنية السودانية برئاسة الناظر محمد أحمد محمد الأمين ترك رئيس تنسيقيات العموديات المستقلة لشرق السودان، إلى الدعوة لتشكيل حكومة تصريف أعمال من كفاءات وطنية مستقلة غير حزبية من مهامها الدعوة إلى مؤتمر تداولي يحدد كيفية حكم السودان.

المزيد من متابعات