يبدو أن حقبة الحكم الجديدة في السودان، ستحمل تغييرات عدّة، وتشجع النساء على المبادرة نحو التحرر والخروج من بعض القيود المفروضة عليهنّ.
وأولى هذه المحاولات، مبادرة الناشطة في المجتمع المدني إيناس مزمل لجمع فتيات والقيام بجولة على الدراجات الهوائية في العاصمة، لترسيخ مفهوم الرياضة النسوية.
وقيادة الدراجة بالنسبة إلى الفتاة، تعتبر عادة شبه مرفوضة في المجتمع السوداني الذي ينظر إلى الفتاة التي تقود دراجة، بعين الغرابة ويتم تصنيفها بأنها رياضة جريئة ومقتصرة على الرجال، وينسحب هذ الأمر على قيادة الدراجات النارية أيضاً.
أما الهدف الأساس من المبادرة والذي تنشده المشاركات، مساعدة البيئة من طريق تطوير مفهوم قيادة الدراجة حتى تصبح وسيلة نقل أساسية.
تقول إيناس مزمل في حديث إلى "اندبندنت عربية"، أن مبادرة السودانيات هي مبادرة مجتمعية رياضية بيئية تُركز على المشاركة الفاعلة للمرأة من طريق استخدام الدراجة الهوائية كوسيلة مواصلات حضارية صديقة للبيئة"، إذ قادت إيناس دراجتها في شوارع مدينة الخرطوم وسط استغراب كثيرين.
ترحيب واسع
وتوضح الناشطة المدنية أن "العادات والتقاليد المعقدة والعقلية الذكورية المسيطرة على المجتمع السوداني والتنميط المرتبط بمشاركة المرأة في التغيير، إضافة إلى الشوارع غير مؤهلة لقيادة الدراجة وعدم وجود مسارات خاصة بها وعدم توافر دراجات خاصة بالنساء، كل تلك الأشياء عرقلت اتساع رقعة قيادة الدراجة بالنسبة إلى النساء في السودان، لأن المجتمع يصنفها على أنها جريئة كاسرة للتقاليد، مع ذلك هناك فئة مستنيرة من المجتمع، تقبلت المبادرة بصدر رحب وشجعت الدراجات على المضي قدماً، ووجدت المبادرة ترحيباً واسعاً وانتشاراً غير مسبوق من قبل المجتمع المدني والمنظمات الأهلية والناشطات النسويات وأصبحت عضويتها في تزايد مستمر منذ انطلاقها في عام 2016".
ويتطلع أعضاء المبادرة إلى أن يكنّ فاعلات في السودان الجديد والتوسع في الحملات البيئية النسوية، ولفت النظر إلى أهمية مشاركة المرأة في تنمية المجتمع وكسر التنميط بأدوار السيدات والفتيات، خصوصاً أن أهم ركائز الدولة المدنية، وضع المرأة ومشاركتها الحقيقية في التنمية وبناء المجتمعات.
وفي استطلاع رأي قامت به "اندبندنت عربية" أجمع أغلب المشاركين فيه على ترحيبهم بفكرة قيادة الدراجة في الشوارع سواء كان من أجل الرياضة أو استخدامها كوسيلة مواصلات معتبرين أن المرأة لها الأحقية في ممارسة الأنشطة التي تحبها من دون إقصاء أو قمع من المجتمع، مستشهدين بأن النساء في منتصف القرن الماضي كنّ يقدنَ الدراجة في شوارع العاصمة والقرى من دون مواجهة انتقادات من المجتمع الذي كان على الرغم من محافظته متحضراً يعتبر المرأة شريكاً أساسياً في الحياة.
في المقابل، أتت المعارضة للمبادرة، من فئة قليلة من بينهم آلاء مختار التي اعتبرت "أنها ضد قيادة الدراجة الهوائية وسبب الاعتراض غير مبني على مفهوم العيب، ولكن لدواعي السلامة لأن الشوارع غير مؤهلة ولا توجد قوانين خاصة بقيادة الدراجة ما يعرض حياة السائقات لخطر مما يسبب حدوث الكوارث"، مشيرة إلى أنها مع قيادة الدراجة في حال توافرت شوارع مؤهلة وقوانين صارمة تضمن سلامة المواطن وحقوقه.
في حين يقول الصحافي الرياضي نادر العطا لـ "اندبندنت عربية"، أن رياضة ركوب الدراجات رياضة مبشرة ونشطة ولكن الإمكانات والبنية التحتية غير مساعدة للمشاركة في الأنشطة والمسابقات العالمية.
ويضيف "خرجنا من ثلاثة عقود من الاحتكار في مجال الرياضة، بسبب سيطرة المسؤولين في النظام السابق على القطاع، وثمة مساحة جيدة خلال الفترة المقبلة للتحضير والانفتاح على كل الرياضات، خصوصاً أن السودان يمتلك مواهب ممتازة بحاجة فقط إلى الاحتضان والاهتمام".