ملخص
ما الذي دفع "حماس" لشن حرب مباغتة على إسرائيل؟
كثيرة كانت دوافع "حماس" لشن حرب مفاجآت على إسرائيل، وفي أكثر من إطار يدور هذا القتال غير المسبوق الذي بدأته الحركة الفلسطينية من غزة وتحول سريعاً لحرب مختلفة عن جميع جولات العمليات العسكرية السابقة، وتتمثل أسبابه في ثلاثة محاور سياسية وعسكرية وأمنية.
وفي الإطار السياسي، فإن "حماس" اعتبرت ذلك رداً على عدم تجاوب إسرائيل والوسطاء والمجتمع الدولي مع تحذيراتها في شأن تجاوز تل أبيب الخطوط الحمراء لمعتقدات الفلسطينيين.
رغية سياسية
وقال المتحدث باسم حركة "حماس" حازم قاسم، إن أول أسباب هذه الحرب المباغتة أن إسرائيل استباحت المسجد الأقصى، ودخل الجنود بأحذيتهم فيه حتى وصلوا إلى المحراب، وأطلقت حكومة بنيامين نتنياهو العنان للمستوطنين لاقتحامه ونفخ البوق فيه، ووضعوا خططاً لفرض السيطرة الكاملة عليه.
وأضاف قاسم "يعد المسجد الأقصى من الثوابت الوطنية والمقدسات لدى الشعب الفلسطيني، وهو خط أحمر، وحذرنا جميع الأطراف من المساس به، وقلنا إجراءات إسرائيل ستفجر بركان غضب، لكن الجميع اعتبر ذلك شعارات، ونحن اليوم نفعل تحذيراتنا على أرض الواقع".
وأوضح المتحدث أن ملف قضية الأسرى على سلم أولويات قيادة كتائب القسام التي تسعى إلى التخفيف من معاناتهم داخل الزنازين.
وفي السياق، أفصح رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية أنهم يملكون معلومات مؤكدة أن إسرائيل أعدت خطة شاملة لفرض السيادة الكاملة على المسجد الأقصى المبارك وضمه إلى أراضيها في تجاهل واضح لقرارات الشرعية الدولية وتحذيرات الفصائل، لافتاً إلى أن الحركة ترى أن "تل أبيب تتعامل بإجرام مع السجناء الفلسطينيين في سجونها"، إضافة إلى تزايد ارتكاب جرائم القتل والاغتيال بحق الفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل ويطلق عليهم عرب الـ48، ومحاولة إسرائيل طردهم من أراضيهم وممارسة التمييز بينهم.
وأخيراً، اتخذ وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير سلسلة قرارات عقابية ضد الأسرى الفلسطينيين، ومن أبرزها تقليص الزيارات إلى مرة كل شهرين بدلاً من مرة كل شهر، وحرمانهم من الخبز والطعام الطازج ومنعهم من تلقي العلاج وإجراء عمليات جراحية، وكذلك سحب الأجهزة الكهربائية من داخل الغرف خصوصاً المراوح، وقطع المياه الساخنة عنهم مع وضع إقفال على الحمامات، وفرض تكاليف على علاجات الأسنان المقدمة لهم في المعتقل.
دوافع أمنية
وفي الإطار الأمني، فإن حركة "حماس" تسعى منذ فترة طويلة لإبرام صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل، لكن حكومة نتنياهو ترفض ذلك ولا تتجاوب مع الوسطاء، رغم أن الأولى عرضت الملف بصيغة إنسانية، وبعدها توعدت تل أبيب بأنها تعمل على خطة تحمل عنوان "زيادة الغلة"، وتتضمن خطف مزيد من الإسرائيليين، لإجبار أي حكومة في تل أبيب على الجلوس على طاولة المفاوضات وسماع شروطها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال الباحث في العلوم الأمنية أحمد العجلة "ربما الهدف الرئيس من حرب المفاجآت هو التطبيق الفعلي لخطة زيادة الغلة التي وضعتها (حماس)، وهذا كان واضحاً في الساعات الأولى لهذه الحرب، إذ اقتحام المدن الإسرائيلية القريبة من غزة يعني نية مباشرة لخطف جنود".
وأضاف العجلة "لاحظنا بعد اجتياز الحدود نشاط الآليات التابعة لحركة (حماس) تعمل على اقتياد عدد كبير من الضباط والجنود الإسرائيليين إلى غزة، كما سمحت الفصائل الفلسطينية للمدنيين الذين تجاوزوا الحدود باقتياد عدد ضخم من المستوطنين والجثث للقطاع، وهذا تطبيق فعلي لزيادة الغلة".
وأشار الباحث الأمني إلى أن معظم بيانات الناطق العسكري لكتائب القسام كانت تدور في فلك خطف الجنود، وهذا في العلوم الأمنية يعني أن الهدف الرئيس هو احتجاز إسرائيليين في غزة، لافتاً إلى أن تركيز خطاب قائد أركان القسام محمد الضيف وتشديد هنية على هذا الملف لا يدع مجالاً للشك بأن هدف الحرب الشرسة هو زيادة عدد الجنود المحتجزين لدى الحركة.
المعركة والصفقة
وبحسب العجلة، فإنه كلما ارتفع عدد الإسرائيليين في قبضة فصائل غزة، فإن ذلك يحسن من فرص التفاوض ويجعله أسرع، لافتاً إلى أن "حماس" تركز كثيراً على إبرام صفقة تبادل لتبييض السجون من الأسرى الفلسطينيين.
وأوضح العجلة أن "حماس" لم تشمل حتى اللحظة الإسرائيليين الذين اقتادهم المدنيون في غزة والجثث التي نقلت إلى القطاع، وإنما تقتصر على الجنود والضباط العسكريين في حسبتها، الذين تمكن عناصرها من أسرهم، مؤكداً أن شمول هؤلاء يرفع العدد ويجعل من صفقة التبادل أسهل.
وصرح الناطق العسكري لكتائب القسام أبو عبيدة بأن عشرات الأسرى من الضباط والجنود الإسرائيليين باتوا في قبضة كتائب القسام، وتم تأمينهم في أماكن آمنة وفي أنفاق المقاومة، ثم عاد وصرح مرة أخرى بأن أعداد الأسرى بات أضعافاً مضاعفة، وطلب من نتنياهو أن يعد جنوده حتى لا يخطئ التقدير.
وفي المقابل، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، إن عدد العسكريين المحتجزين لدى "حماس" في غزة سيكون عاملاً مهماً في تحديد شكل ومستقبل هذه الحرب.
تجريب أسلحة
وفي الإطار العسكري، قال متخصص العلوم العسكرية إسلام شهوان، إن دوافع "حماس" في هذه الحرب إلغاء نظام جولات القتال في شكلها السابق، وتجديد أدوات المواجهة، وكذلك تثبيت قواعد اشتباك جديدة على أساس خلق أدوات مواجهة مختلفة، وتسجيل نقاط عسكرية وأمنية جديدة.
وبحسب شهوان، فإن "حماس" اعتمدت في حربها في إطار خطة خطف الجنود على أدوات قتالية خفيفة، إذ استخدمت دراجات نارية وسيارات "جيب" رباعية الدفع للوصول إلى الأراضي الإسرائيلية، ثم سيطرت على المنطقة الجغرافية باستخدام سلاح رشاش خفيف من نوع كلاشنيكوف، كما أنها فجرت الحدود بواسطة ديناميت مطور.
لكن شهوان يؤكد أن هناك أسلحة جديدة دخلت الخدمة العسكرية، ومنها مظلات الطاقة الآلية "البرشوتات" وطائرات مسيرة عمودية تحمل ذخائر وتقصف، وزوارق بحرية مسلحة محلية الصنع.
وبحسب شهوان، فإن أحدث عتاد "حماس" كان صواريخ 107 وهي قذائف صغيرة الحجم بدائية الصنع وتشبه قذائف الهاون وتصل لمستوى لا يزيد على 40 كيلومتراً، موضحاً أن الحركة حصلت عليها من قذائف الدبابات التي لم تنفجر وجرى إعادة تصنيعها في غزة، وإعادة إطلاقها صوب إسرائيل.