ملخص
طلبت مديرة مكتبة طرابلس العلمية منحها شهراً لتتمكن من البحث عن مكان آخر لنقل قرابة 3 آلاف كتاب لكن طلبها قوبل بالرفض
لليوم الرابع على التوالي تتواصل فعاليات المعرض المقام بالبهو الخارجي لمكتبة طرابلس العلمية العالمية، التي تتربع منذ ثلاثة عقود من الزمن (أنشأت عام 1992) على عرش شارع الجمهور بالعاصمة الليبية طرابلس.
يتسابق ويتلاحق الزوار للفوز بكتب علمية وثقافية تعرض يومياً بخفض يترواح بين 70 و90 في المئة، بسبب أمر الإخلاء الذي طلبه صندوق الاستثمار الليبي الداخلي، باعتباره الجهة المالكة للمكتبة، رافضاً تجديد عقد الإيجار.
منارة ثقافية
فرصة يصفها حسين شعالة (صحافي) بـ"الثمينة"، مؤكداً أنه اقتنى عديداً من الكتب بأثمان زهيدة ناهزت 75 ديناراً ليبياً (15 دولاراً)، قد يصل ثمنها إلى 500 دينار ليبي (100 دولار) في الأيام العادية.
وعبر شعالة في حديثه عن أسفه لأمر إخلاء مكتبة طرابلس العلمية باعتبارها إحدى أهم منارات الثقافة في البلد، إذ تتميز المكتبة بتوفير الكتب الأكاديمية في جميع المجالات، وهو ما لا تتوفر عليه بقية المكتبات التي تكتفي عادة بالكتب الشعبية والروايات. وتابع أن مكتبة طرابلس ليست مجرد مكان لبيع الكتب، إذ أسهمت أيضاً في نشر وطباعة عديد من المؤلفات لكتاب ليبيين وعرب.
المصلحة العامة
بينما تقول عفراء الأشهب، طالبة ماجستير، إنها على رغم الذكريات التي تربطها بالمكان منذ طفولتها، إلا أنها تتفهم طلب إخلاء المكتبة إذا كان يصب في خانة المصلحة العامة للبلاد، مضيفة أن المجمع الذي تحتله المكتبة كبير ويتكون من ستة أدوار كلها فارغة، فالمكتبة تشغل فقط الدور الأرضي وزوارها قليلون جداً.
ولم تخف الأشهب اعتراضها على طلب الإخلاء بصفة فجائية، مطالبة الجهة المالكة بتخصيص مهلة كافية لاختيار مكان ثان قادر على احتواء هذه الكتب القيمة التي تحتاج إليها الأجيال الصاعدة.
إشكال قانوني
وقالت مديرة مكتبة طرابلس العلمية العالمية فاطمة حقيق في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إنها طلبت من المسؤولين في صندوق الاستثمار الداخلي منحها شهراً لتتمكن من البحث عن مكان آخر لنقل قرابة 3 آلاف كتاب، لكن طلبها قوبل بالرفض، موضحة أنها الآن أمام مشكلة قانونية، فالمكتبة مرتبطة بـ4 آلاف عقد مقسمة بين دور نشر ومؤسسات علمية وكتاب، وهي ملزمة قانونياً بتوزيع ونشر أعمالهم.
وأكدت حقيق أن مكتب النائب العام بالدولة الليبية تواصل معها بالخصوص وفتح تحقيق في أمر الإخلاء، مبينة أن حل أزمة مكتبة طرابلس العلمية مرتبط بتحرك حكومة الوحدة الوطنية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مركب ثقافي
وبالنسبة إلى الحل لتفادي الإخلاء، اقترحت حقيق تحويل المقر إلى مركب ثقافي بحيث لا تخرج مكتبة طرابلس العلمية، بل تنضم إليها بقية المكتبات ودور النشر في الدور الأول، حتى تكون بمثابة المعرض الدائم المفتوح على مدار السنة، ليجد الزائر ضالته ولا يتكبد عناء البحث عن طلبه بين مختلف المكتبات الموزعة في ضواحي العاصمة طرابلس.
وطالبت بتقسيم بقية أدوار المبنى إلى قسم خاص بالموسيقيين والرسامين وقسم آخر للسينما، بينما توزع بقية المساحة بين مقهى خاص بالأدباء والمثقفين، في حين يخصص الطابق العلوي لمقر مكتبة عامة باشتراكات رمزية حتى تكون فضاء ملائماً لإنجاز البحوث.
السلاح أولاً
وعلقت الكاتبة والشاعرة محبوبة خليفة على أمر الإخلاء قائلة إن إشكالية مكتبة طرابلس العلمية حملت إليها ذكريات سنوات السبعينيات وجددت آلامها، إذ حرمها "زوار الفجر" (رجال أمن القذافي) هي وزوجها من مكتبتهم وكل محتوياتها، لتضم إلى قائمة الاتهامات التي وجهت إلى زوجها، في فترة ما سمي بـ"الثورة الثقافية أيام القذافي".
وتابعت خليفة أن التاريخ يكرر نفسه وإن تغيرت الوجوه والأسماء والضحية دائماً المثقف والكتاب، مؤكدة أن ليبيا تعطي الأولوية للسلاح عوض التسلح بالعلم والمعرفة، فقذائف "الآر بي جي" تجد مكاناً ملائماً لها بينما الكتب مهددة بالعراء، موضحة أن "ما يجرى الآن في حق هذا الصرح يأتي في إطار العداوة البينة والجلية لهذا الصرح وما يحويه من كنوز تحمل بين صفحاتها تاريخ وثقافة ليبيا".
وأردفت الكاتبة قائلة "يبدو أن صدر من هم وراء قرار إخلاء مكتبة طرابلس العلمية ضاق بهذا الرمز الثقافي، وسيتسع في قادم الأيام لأدوات الفوضى وصناعها، فمكتبة طرابلس العالمية كانت لها أياد بيضاء على الثقافة والمثقفين، وكانت دار نشر مرموقة وصلت بعض إصداراتها إلى القوائم الطويلة في جائزة ’بوكر‘ العربية".