ملخص
بمناسبة شهر تاريخ السود في بريطانيا.. إليكم بعض الأسماء والأبطال والرواد السود الذين غيروا معالم المملكة نحو الأفضل
في كل عام، تتخذ المملكة المتحدة من شهر أكتوبر (تشرين الأول) مساحة سنوية للاحتفال بإنجازات السود والتأمل في تجارب أصحاب التراث الأفريقي.
لقد قلتها مراراً وتكراراً، شهر تاريخ السود هو الفترة المثالية لتكريم السود داخل مجتمع لا يزال يشكك إلى حد كبير في شرعية القيام بذلك.
ويأتي هذا الحدث الذي شارك الناشط الأفريقي أكيابا أداي سيبو Akyaaba Addai-Sebo في إطلاقه عام 1987، متزامناً مع حلول موسم الحصاد وبداية العام الدراسي الأكاديمي باعتباره فرصة لإعادة الأمور إلى مجاريها والمصالحة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبالحديث عن الحصاد، فقد جنينا كثيراً من مواهب العام الماضي ومن الإنجازات التي حققها الرواد السود – وعددها كبير بحيث يتعذر ذكرها بصورة فردية. إليكم في ما يلي بعض الأسماء والأبطال والرواد الذين غيروا معالم بريطانيا نحو الأفضل.
والمجالات التي يواصل فيها السود تفوقهم وتألقهم كثيرة، وما الموسيقى والنشر والإعلام والتلفزيون والهندسة المعمارية والتعليم سوى غيض من فيض.
فمنذ أسابيع قليلة فقط، فازت فرقة الجاز الديناميكية "إزرا كوليكتيف" (Ezra Collective) المعروفة بتضخيمها للنغمات البريطانية الحديثة، بـ"جائزة ميركوري" لعام 2023.
وهذا العام، عينت مارغريت باسباي - أول ناشرة سوداء في بريطانيا - رئيسة لـ"نادي القلم الدولي" (PEN) البريطانية، إحدى أقدم المنظمات الحقوقية في العالم.
وعلى مدى العقدين الماضيين، استطاعت مذيعة قناة "آي تي في" (ITV) الملقبة بـ"الكنز الوطني"، أليسون هاموند، التربع على عرش قلوب وعقول المشاهدين من خلال برنامج الواقع "الأخ الأكبر" (Big Brother) وبرنامج "هذا الصباح" (This Morning) الذي تولت مهمات تقديمه إلى جانب ديرموت أوليري عقب فضيحة فيليب سكوفيلد. وها هي هاموند اليوم بلهجتها البرومي المميزة (لهجة برمنغهام) تنضم إلى برنامج المسابقات الشهير "ذا غريت بريتش بيك أوف" (The Great British Bake Off).
ومنذ أيام عدة، حصل الناشط المعروف باسم راسبكيت ريبيليون من مجموعة التوعية "عائلة للأبد" (Forever Family) على جائزة تكريمية، تقديراً لجهوده في مناصرة المجتمعات السوداء خلال حفلة توزيع "جوائز تشارلز غوردون" في قاعات فيرفيلد في كرويدون.
واحتفلت ديان أبوت أخيراً بعيد ميلادها السبعين وبمرور 36 عاماً على نيلها لقب أول امرأة سوداء تشغل مقعداً في البرلمان البريطاني. وعلى رغم المعارك التي شنها ويشنها المنتقدون والعنصريون ضدها، تواصل أبوت التألق والارتقاء بتوازن، باعتبارها عضو البرلمان الأسود الأطول خدمةً في تاريخ الأمة.
وإبان شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، استلم موييوا أوكي مهامه كأول رئيس أسود لـ"المعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين" (Royal Institute of British Architects’) وأصغر رئيس في تاريخ المؤسسة الممتد على 189 عاماً.
تزامناً، عينت "مؤسسة السينما والتلفزيون الخيرية" Film and Television Charity ماركوس رايدر أول رئيس تنفيذي أسود في تاريخها الممتد على 100 عام. كما أولت "جمعية الصحافيين الرياضيين" Sports Journalists’ Association المؤثرين رئاستها إلى دارين لويس من صحيفة "ذا ميرور" (The Mirror)، ليكون بدوره أول رجل أسود يصل إلى هذا المنصب.
ومع تألق آشلي والترز وكين "كانو" روبنسون والممثلين النجوم العاملين على الموسم الأخير من "توب بوي" (Top Boy) الذي عرض على "نتفليكس" في سبتمبر (أيلول)، تعززت مكانة المسلسل كواحد من أفضل أعمال دراما الشارع في بريطانيا.
فأبناء جيل الألفية أمثالي نشأوا وترعرعوا على حب الاستماع إلى مغنيي الراب كانو وآشلي (العضو السابق في فرقة "سو سوليد كرو" (So Solid Crew)) – ولهذا تروننا نستمتع بمشاهدتهما يتحولان إلى عالم التمثيل. وأنا عن نفسي أعتقد أن ما تفعله "نتفليكس" حاضراً لإيصال موسيقى الغرايم [نوع من موسيقى الرقص الإلكترونية التي ظهرت في لندن في أوائل العقد الأول من القرن الـ21] إلى العالمية وعرضها على عدد أكبر من المستمعين هو حقاً مهم.
وبمناسبة الكلام عن "توب بوي"، أود أن أنوه بالفرحة العارمة التي غمرت عشاق الترفيه لدى ظهور الممثلة المبدعة وصاحبة البشرة السوداء ليويلا غيديون في المسلسل.
ولعبت غيديون على مدار ما لا يقل عن 30 عاماً أدوراً وشخصيات مختلفة، كما كتبت برامج نصية وألقت الدعابات والنكات في سبيل كسب عيشها. وفي جعبة غيديون اليوم كثير من الأعمال، نذكر منها على سبيل المثال: "ذا ريل ماكوي" (The Real McCoy) و"أبسولوتلي فابولوس" (Absolutely Fabulous) و"جوجو أند غران غران" (JoJo and Gran Gran) على "سي بي بي سي" و"فأس صغير" (Small Axe) لستيف ماكوين على "بي بي سي". وأظن بأنها تستحق منا كل الاحترام والتقدير.
وفي الأول من أكتوبر، ستؤدي الممثلة والكوميدية والكاتبة الرائدة، أنجي لو مار، آخر عروضها الكوميدية الارتجالية الخاصة قبل اعتزالها بحثاً عن فرص جديدة. يُذكر أن هذه المرأة المرحة وصاحبة الدعابة الحاضرة هي التي مهدت الطريق لصعود الممثلات الكوميديات السوداوات، منذ جينا ياشير وجودي لوف وصولاً إلى لندن هيوز وجوسلين جي إيسيان.
وفي سلسلة "حلم رجل أسود" (Dreaming Whilst Black) "المبهجة والمضحكة للغاية"، يؤدي المؤلف أدجاني سالمون دور بطل العمل ويدعى كوابينا. وقد علمنا أن الكاتب الجامايكي البريطاني البالغ من العمر 34 سنة هو الراعي الحصري للسلسلة من الألف إلى الياء، بمعنى أنه هو الذي روج لها كبرنامج على شبكة الإنترنت، وهو الذي أعد لبثها التجريبي الحائز على جائزة "بافتا"، وهو الذي مهد لعرضها على قناة "بي بي سي 3" اعتباراً من يوليو (تموز) ولإطلاقها في الولايات المتحدة هذا الأسبوع وسط إشاعات عن التحضير لموسم ثان.
وفي سبتمبر، نصبت شيوما نادي مديرة تحرير لمجلة "فوغ" البريطانية، لتصبح أول امرأة سوداء تدير شؤون المقر الرئيس لـ"أسطورة الأزياء". ومن المفترض أن تتسلم نادي مهماتها في 9 أكتوبر.
وفي الآونة الأخيرة، أعلنت "آي تي أن" (ITN) أو أخبار التلفزيون المستقلة تكليفها ديبي رامزي رئاسة تحرير القناة الخامسة، لتجعل منها أول شخص أسود يترأس شبكة إخبارية رائدة في المملكة المتحدة.
ومنذ أسبوعين، عادت حفلة غالا "غواب" (GUAP) بنسختها الثانية إلى "متحف التاريخ الطبيعي" الذي شهد على فعاليات افتتاحه المبهرة.
ويعد هذا المهرجان الرائع، الذي أطلقه الصديقان والشريكان القديمان، جيد أديتونجي وإبراهيم كامارا، أول احتفال تكريمي يعترف بالمواهب الإبداعية في المملكة المتحدة. وحضرت "اندبندنت" الحدث وأجرت مقابلة مع هذا الثنائي الديناميكي. فلتبقوا أعينكم مفتوحة على مقالاتنا لشهر أكتوبر إذا ما أردتم الغوص في التفاصيل.
وفي أغسطس (آب) الماضي، انطلق فيلم "رداء أحمر جميل" (Pretty Red Dress) لنجمة البوب ألكسندرا بيرك في دور العرض وصالات السينما. وتتبع قصة الفيلم عائلة في جنوب لندن وحياة أفرادها التي تتمحور حول ثوب زاهي اللون.
وفي الجانب الأدبي، أثبت عام 2023 أنه عام استثنائي وحافل بالإنجازات أيضاً بالنسبة إلى الكتاب السود.
ويأتي في طليعة هذه الإنجازات: إصدار الصحافية الفائزة بعديد من الجوائز والكاتبة الأكثر مبيعاً، يومي أديجوكي، روايتها الأولى بعنوان "القائمة" (The List) وحيازتها استحسان القراء والنقاد في أغسطس.
ويتناول كتاب يومي الذي أطلق عليه اسم "كتاب الصيف الأول"، ثقافة الإلغاء والجانب المظلم للإنترنت. وبعد مشاركة 11 دار نشر في مزاد على حقوق نشره، دارت معارك ضارية بين 17 جهة للحصول على حقوق بثه التلفزيوني انتهت بفوز العملاقتين الأميركيتين "إيه 24" (A24) و"اتش بي أو ماكس" (HBO Max) و"هيئة الإذاعة البريطانية".
وفي تلك الاثناء، طرحت ليف ليتيل روايتها الجديدة "ماء الورد" (Rosewater)، وغرقت الأسواق بكتاب "مقسوم: العنصرية والطب ولماذا نحتاج إلى إنهاء الاستعمار في مجال الرعاية الصحية" (Divided: Racism, Medicine and Why We Need to Decolonise Healthcare) للـدكتورة أنابيل سويميمو، وبالسيرة الذاتية لـتيبا إيري تحت عنوان "أتمسك بجذوري" (Stick To My Roots)، وبكتاب "كيف أنهي استعمار جسدي" (Decolonising My Body) لـأفوا هيرش و"هوس البياض" (The Psychosis of Whiteness) للـدكتور كيهيند أندروز.
ووردنا أن كتاب "أعمال ثورية: الحب والأخوة في بريطانيا المثلية السوداء" (Revolutionary Acts: Love & Brotherhood in Black Gay Britain) لـجايسون أوكونداي سينشر في مارس (آذار) 2024، فيما سيصدر كتاب "من أين أتينا: موسيقى الراب والموطن والأمل في بريطانيا الحديثة" (Where We Come From: Rap, Home & Hope in Modern Britain) لـأنييفيوك إكبودوم في يناير (كانون الثاني) المقبل.
وبالانتظار، شهد فصل الصيف هذا العام افتتاح أول مدرسة أنشطة موقتة pop-up school في المملكة المتحدة، وهي "أكوما للتعليم" (Akoma Education) التي تتمثل رؤيتها في تمكين الفتيات ذوات البشرة السوداء وتعزيز قدراتهن.
وفي يوليو (تموز)، دخل "مهرجان الكتاب البريطانيون السود" التاريخ باستضافته أول حلقة نقاش على الإطلاق حول الأدب ذوي البشرة السوداء في "مهرجان غلاستونبري" الشهير.
وفي الشهر نفسه، ومع استمرار "يوم الجنيه الأسود" (Black Pound Day) في النمو والازدهار، فتح متجر "ميلانين ماجيك" (Melanin Magic) الجديد والمخصص لكتب الأطفال السود أبوابه في جنوب لندن، على أمل أن يكون "مساحة آمنة" تلهم الشباب السود على "القراءة" وتمكنهم من "رؤية أنفسهم كأبطال وحلالي مشكلات".
و"يوم الجنيه الأسود" هو عبارة عن مبادرة لزيادة انكشاف الشركات المملوكة للسود في المملكة المتحدة وأوروبا وجذب الاستثمارات إليها.
وفي يونيو (حزيران)، أطلقت "رابطة الكتاب السود" (Black Writers’ Guild) التي أسسها كل من شارمين لوفغروف وسيميون براون ونيلز آبي، "جائزة ماري برينس التذكارية" بهدف تقديم الدعم المالي للكتاب الذين تزيد أعمارهم على 35 عاماً وينتمون إلى التراث الأفريقي أو الأفريقي الكاريبي ويعيشون في بريطانيا.
واعتقد أن اسم المنحة مناسب جداً، فماري برينس هي أول امرأة سوداء تكشف عن تجربتها مع الاستعباد في سيرة ذاتية بعنوان "تاريخ ماري برينس" (The History of Mary Prince) عام 1831. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل هذه المنحة هي الأولى التي تحمل اسم شخص أسود مستعبد؟ احتمال وارد جداً.
وفي مايو (أيار)، كشفت القناة الرابعة النقاب عن نيتها تحويل رواية "كويني" (Queenie) للمؤلفة كانديس كارتي-ويليامز إلى مسلسل تلفزيوني جديد.
وبالحديث عن الروائيين السود، لا بد من ذكر أنطوان ألين، صحافي قناة "آي تي في" الذي لطالما قدم تقارير إخبارية رائدة حول مروحة واسعة من القضايا سواء داخل مجتمعات السود أو حولها، ولا بد أيضاً من الاعتراف بالجهود المهمة التي يسخرها الصحافيون البريطانيون السود، مع أنهم أقلية، في سبيل توثيق الحقائق ووجهات النظر، منذ سيناي فليري ودانييل هنري وبن هنت وليا ماهون ورقيم أومار وصولاً إلى عائشة تول ويميسي أديجوكي وشامان فريمان باول ويولانثي فاوهينمي وغيرهم.
وفي مارس (آذار)، أصبح جايسون أردي أصغر بروفسور أسود في تاريخ "جامعة كامبريدج". والمعلوم عن عالم الاجتماع أنه لم يقو على القراءة أو الكتابة حتى سن الـ18، كما أنه عمل بدوام جزئي لدى سلسلة متاجر "ساينسبري" قبل ثماني سنوات تقريباً.
وخلال الشهر ذاته، رحبت "هيئة الإذاعة البريطانية" بكل سرور بانضمام دانييل سكوت-هوتون إلى صفوف قسم الدراما لديها كمحررة تكليف؛ وخرج فيلم "راي لين" (Rye Lane) إلى النور، فأشعل قلوب المشاهدين وجدد إيماني، أنا شخصياً، بالحب.
والفيلم من بطولة ديفيد جونسون وفيفيان أوبرا، إخراج راين ألين-ميلر وتأليف ناثان بريون وتوم ميليا. وتدور أحداثه حول شاب وشابة يترنحان تحت ثقل انفصالات سيئة ويقضيان معاً يوماً طويلاً حافلاً بالأحداث.
من النادر أن نرى في الصالات فيلماً كوميدياً رومانسياً بريطانياً لأصحاب البشرة السوداء، والأكثر ندرة أن نرى فيلماً من بطولة ممثلين أسودين، إشارة إلى أن جمال أوبرا في العمل كان آسراً بشكل منعش.
وإنها لمتعة كبيرة أن نرى الطباخ النباتي أوماري ماكوين البالغ من العمر 14 سنة وهو يبني لنفسه إمبراطورية بعدما حصل على عرض ثان على قناة "بي بي سي" وصفقة كتاب أخرى. وكان ماكوين تعلم مهارة الطهي حينما كان في السابعة من عمره للتعويض عن غياب والدته المريضة. يا له من إنجاز!
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، نجحت جيسيكا إينابا في أن تصبح أول محامية عمياء وسوداء في المملكة المتحدة.
وصحيح أن كل هذه النجاحات ليست بأية حال من الأحوال شاملة، إلا أنه من الحيوي أن ندرك أهمية الثروة الكامنة وراء الإنجازات الإيجابية التي تتحقق يوماً بعد يوم - ونستلهم منها. ففي النهاية، تاريخ السود يكتب كل يوم.
© The Independent