ينظر السودانيون إلى مرحلة الحكم الانتقالي بتفاؤل كبير ويعلقون آمالهم لنهضة اقتصاد بلادهم المنهك على الخبرة الطويلة والكفاءة العالية التي يتمتع بها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي وجد تعيينه تأييداً وتوافقاً كبيرَيْن داخل مكونات قوى الحرية والتغيير وخارجها، فضلاً عن الشارع السوداني، الذي أظهر إعجابه وارتياحه، بما يمتلكه من مقدرات من خلال ما تعج به مواقع التواصل الاجتماعي من تمجيد لشخصيته وعراقة خبراته في مؤسسات دولية وإقليمية مرموقة.
ومنذ أدائه اليمين الدستورية، بدأ حمدوك مشاورات واسعة مع مكونات القوى السياسية المختلفة للاطلاع على رؤيتها بالنسبة إلى حل قضايا البلاد المختلفة، إضافة إلى تدارس المعايير التي أُجمع عليها لاختيار وزراء الحكومة الانتقالية والتي تتمثل في الكفاءة والقدرة على إحداث التغيير المنشود.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
قضايا عاجلة
وحول تحديات المرحلة الانتقالية، تحدّث القيادي في قوى الحرية والتغيير وعضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي السوداني صديق يوسف لـ "اندبندنت عربية" عن ثلاث قضايا عاجلة تنتظر الحكومة المدنية الانتقالية لبحثها والتوصل إلى حلول سريعة بشأنها، هي الحريات والسلام والمعيشة، لافتاً إلى أنه لا بد من أن يحصل في مجال الحريات إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وأسرى الحرب، خصوصاً حاملي السلاح، كما يجب إلغاء قانون أمن الدولة واستبداله بما ورد من تشريعات وقوانين في الوثيقة الدستورية على أن يكون جهاز الأمن والمخابرات مجرد جهاز لجمع المعلومات وتحليلها من دون أن تكون لدية قوات نظامية لممارسة القتل والإرهاب، فضلاً عن أهمية مراجعة كل ما يتعلّق بممتلكات الجهاز وأصوله وما لديه من تقارير ومعلومات.
لإصدار عفو عن حاملي السلاح
ودعا يوسف في مجال السلام إلى إصدار عفو عن حاملي السلاح من الحركات المسلحة ودعوتهم إلى التفاوض بغية العودة إلى الخرطوم للمساهمة في العملية السياسية إلى جانب القوى الأخرى، مؤكداً أنه من المهم جداً وقف الحرب ومعالجة آثارها وحشد الهمم لتحقيق السلام العادل والشامل، والعمل على معالجة موضوع الميليشيات المسلحة، لا سيما مع وجود ثمانية جيوش غير نظامية مثل قوات الدعم السريع والقوات الأخرى التابعة للحركات المسلحة، فيكون هناك جيش واحد في نهاية فترة الحكم الانتقالي.
وشدّد يوسف على أهمية الإسراع في تنفيذ البرنامج الإسعافي الاقتصادي العاجل الذي وضعته قوى الحرية والتغيير لمعالجة الوضع المعيشي المستفحل والذي يهدف إلى رفع المعاناة عن كاهل الشعب السوداني الذي قاسى ويلات ارتفاع أسعار السلع الأساسية بمعدلات كبيرة طيلة فترة النظام السابق، مشيراً إلى أنه من المهم جداً التفكير مبكراً في ميزانية العام المقبل التي يجب أن تكون مختلفة عن الميزانيات السابقة من ناحية توجيه 75 في المئة من نفقاتها لصالح المواطن بدعم مجالات الخدمات والتعليم والصحة.
برنامج اسعافي
من جانبه، أوضح نائب رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة، بعد لقاء حمدوك رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي أن "النقاش دار حول قضايا الوطن كافة بشفافية تامة، وتحدث رئيس الوزراء حديثاً وطنياً يدل على أن السودان في حدقات العيون، وأن المرحلة المقبلة تتطلب تكاتف الجهود ووضع الأولويات للقضايا التي يعاني منها الشعب، ومن أهمها قضية السلام التي تستوجب أن يكون أهل السودان يداً واحدة بمختلف فئاتهم وقطاعاتهم لكي يعم السلم والأمان ربوع البلاد، خصوصاً مناطق الصراعات والحروب في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور".
معاناة النازحين واللاجئين
وأضاف أن اللقاء استعرض معاناة النازحين واللاجئين التي تتطلب سرعة متناهية لمعالجة أوضاعهم والعمل على عودتهم إلى أحضان الوطن، كذلك أشار إلى أن الاجتماع أعطى مساحة واسعة لمناقشة الوضع الاقتصادي المتأزم في البلاد واتفق المسؤولان على ضرورة وضع برنامج إسعافي سريع لوقف التدهور الاقتصادي والبدء بخطوات إيجابية تسهم في تخفيف معاناة الشعب السوداني الذي صبر كثيراً ودفع ضريبة السياسات الاقتصادية الفاشلة.
واعتبر أن "ما حدث اليوم من حراك واجتماعات على المستويات كافة، يُعد بداية سليمة تدل على أن أبناء هذا الوطن ملتفون حول هدف واحد هو أن السودان أولاً وأخيراً، وأن المسيرة خلال فترة الحكم المدني الانتقالي ستكون وفاقية حميمية من أجل إخراج هذا الوطن من عزلته الداخلية والخارجية".
مهام صعبة
في سياق متصل، أكد القيادي في قوى الحرية والتغيير محمد وداعة أن المجلس القيادي في قوى الحرية والتغيير تداول مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك المهام الصعبة خلال المرحلة المقبلة وإيجاد السبل الكفيلة بتجاوز تلك الصعاب من مختلف الجوانب سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية وغيرها، لافتاً إلى أن الجميع متفق تماماً على أن الفترة المقبلة هي مرحلة للتعاون مع كل أبناء الوطن لبناء السودان والوصول به إلى برّ الأمان. ونوّه إلى أن اللقاء تناول بشكل خاص طبيعة التحديات التي ستعترض الحكومة الانتقالية وعلى رأسها قضيتا السلام والاقتصاد.