ملخص
هدوء حذر عمّ معظم الجبهات القتالية بخاصة في مدينتي الخرطوم وبحري، اللتين لم تشهدا طوال نهار وليل أمس الأربعاء أي اشتباكات أو تبادلاً للقصف المدفعي بين طرفين الصراع في السودان
تراجعت حدة المعارك بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" أمس الأربعاء بشكل ملحوظ على جبهات القتال المختلفة في مدن العاصمة الثلاث، الخرطوم وبحري وأم درمان، وهي المرة الأولى منذ تصاعدها مما تسبب في حرق عدد من الأبراج المشهورة في قلب الخرطوم.
وبحسب شهود، فإن هدوءاً حذراً عمّ معظم الجبهات القتالية بخاصة في مدينتي الخرطوم وبحري، اللتين لم تشهدا طوال نهار وليل أمس الأربعاء أي اشتباكات أو تبادلاً للقصف المدفعي بين الطرفين، فضلاً عن محدودية تحليق الطيران الحربي التابع للجيش السوداني.
وتابع الشهود "لكن في منطقة أم درمان لا سيما الأحياء القديمة ومناطق الثورات وأمبدة والفتيحاب، كان هناك قصف متقطع بالمدفعية والصواريخ من قبل الدعم السريع، فضلاً عن اشتباكات محدودة في وسط المدينة، من دون أن يكون هناك قتلى أو إصابات بالغة الخطورة".
تقصي الانتهاكات
يأتي ذلك في وقت وافق مجلس حقوق الإنسان في جنيف بغالبية ضئيلة، أمس الأربعاء، على إنشاء بعثة دولية مستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في السودان، الذي يشهد صراعاً بين الجيش وقوات "الدعم السريع" شارف على دخول الشهر السابع، وهو ما عارضته حكومة الخرطوم بشدة على لسان سفيرها لدى الأمم المتحدة فى جنيف حسن حامد حسن.
وقال السفير البريطاني سايمن مانلي، لدى تقديم القرار الخاص بإنشاء هذه اللجنة، التي ستتكون من ثلاثة خبراء "هناك حاجة ملحة للتحقيق وجمع الأدلة حول انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات، وانتهاك القانون الدولي، بغض النظر عن مكان ارتكابها في السودان، ومن ارتكبها، وهذا تحديداً ما ستفعله بعثة تقصي الحقائق هذه".
وركز مانلي الذي تحدث نيابة عن مجموعة من الدول، على الهجمات ضد المدنيين خصوصاً العنف الجنسي. وسلط الضوء بشكل خاص، على التجاوزات المرتكبة في ولاية دارفور.
وكلف القرار البعثة الدولية بالتحقيق وإثبات الحقائق والظروف والأسباب الجذرية لجميع المزاعم حول انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات وانتهاكات القانون الإنساني الدولي، بما فيها تلك المرتكبة ضد اللاجئين، والجرائم ذات الصلة في سياق النزاع المسلح المستمر منذ 15 أبريل (نيسان). وكذلك تحديد، حيثما أمكن، الأفراد والكيانات المسؤولة عن الانتهاكات، أو غيرها من الجرائم ذات الصلة، في السودان، بهدف ضمان محاسبة المسؤولين، إضافة إلى تقديم توصيات، لا سيما بشأن تدابير المساءلة، بهدف إنهاء الإفلات من العقاب ومعالجة أسبابه الجذرية، وضمان المساءلة، بما في ذلك، بحسب الاقتضاء، المسؤولية الجنائية الفردية، ووصول الضحايا إلى العدالة.
وحض القرار أطراف النزاع على التعاون بصورة كاملة مع بعثة تقصي الحقائق في أداء عملها، كما دعا المجتمع الدولي إلى أن يقدم الدعم الكامل للبعثة في سبيل تنفيذ ولايتها.
وجرى تبني القرار بغالبية 19 صوتاً مقابل 16، مع امتناع 12 عضواً عن التصويت من أعضاء المجلس الـ47، وامتنعت جنوب أفريقيا عن التصويت.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الخرطوم تعارض
من جانبه، قال سفير السودان لدى الأمم المتحدة "مرة أخرى، وللأسف، يشهد مجلس حقوق الإنسان انقساماً عميقاً أمام قرار فُرض قسراً على الدولة المعنية، وهي السودان".
وواصل "في السودان هل نحن حقاً في حاجة إلى آلية جديدة، من شأنها أن تعرض للخطر كل أشكال التعاون بين بلادنا وآليات حقوق الإنسان؟ على أولئك الذين دعموا القرار أن يعلموا أنهم هددوا هذا التعاون".
فيما وصف وزير الخارجية السوداني قرار مجلس حقوق الإنسان بـ"الخطوة التي تتجاهل الأولويات الراهنة بالسودان والقفز فوقها، إضافة إلى تجاهلها تعاون بلادنا مع آليات حقوق الإنسان".
ترحيب بالتحقيق
في حين رحبت مجموعة محامي الطوارئ في السودان بقرار مجلس حقوق الإنسان بإنشاء لجنة تقصي حقائق بشأن الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان التي تم ارتكابها منذ اندلاع حرب الخرطوم.
وقالت المجموعة في بيان لها "نشكر أصدقاء الشعب السوداني داخل مجلس حقوق الإنسان وفي مقدمتهم المملكة المتحدة حاملة قلم السودان في المجلس وصاحبة مشروع القرار برفقة الولايات المتحدة وألمانيا والنرويج، وجميع الدول التي صوتت لمصلحة تحقيق شفاف وعادل لضمان عدم الإفلات من العقاب".
وأكد البيان على استمرار عمل المجموعة من أجل حقوق الإنسان ومن أجل العدالة في السودان، فضلاً عن تسخيرها كافة إمكانياتها وقدراتها لدعم اللجنة ولضمان نجاحها في أعمالها، وتحقيق العدالة للشعب السوداني.
كما رحبت هيئة محامي دارفور أيضاً بقرار مجلس حقوق الإنسان بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في السودان أثناء الحرب الدائرة حالياً في البلاد.
واعتبرت الهيئة في بيان لها أن من شأن القرار التمهيد لتبني مجلس الأمن الدولي مشروع قرار بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق بصلاحيات كاملة وإحالة نتائج التحقيق للمحكمة الجنائية الدولية. وأعربت عن استعدادها التام للتعاون مع أي جهة مخولة بموجب القانون الدولي الإنساني لملاحقة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ومنع الإفلات من العقاب.
مقتل 9 آلاف شخص
وتسببت الحرب الدائرة بين الجيش وقوات "الدعم السريع" حتى الآن بمقتل أكثر من تسعة آلاف شخص، وفق أرقام منظمة غير حكومية، مختصة في جمع بيانات النزاعات، والتي تعدّ أقل بكثير من الحصيلة الحقيقية.
كما خلّف النزاع أكثر من خمسة ملايين نازح ولاجئ، وتسبب في تفاقم الأزمة الإنسانية والصحية في البلاد، وهي من أفقر دول العالم.
كذلك قالت ميشيل تايلور، الممثلة الدائمة للولايات المتحدة لدى المجلس "هذا القرار هو دعوة للعمل بشأن ما نتفق عليه جميعاً، وهو أن الأولوية الملحة للطرفين المتناحرين تتمثل في وقف أعمال القتال وغيرها من الانتهاكات، وإلقاء السلاح، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية المطلوبة بشكل آمن وسريع ومن دون عوائق، وهو أمر تشتد الحاجة إليه".
وتابعت "لا يمكن للمجتمع الدولي أن يضع ثقة عمياء في حسن نية الجنرالات الذين أظهروا لا مبالاة تامة بحياة المدنيين وبالتزامهم بحمايتهم".
ونفت قوات "الدعم السريع" اتهامات منظمات حقوق الإنسان بأنها ضالعة في مهاجمة المدنيين، وقالت إن أي جندي من جنودها يثبت تورطه سيتم تقديمه إلى العدالة. وينفي الجيش السوداني أيضاً قتل مدنيين ويصف الصراع بأنه شأن داخلي.