ملخص
منذ عام 2008 لم تسلم مستوطنات غلاف غزة من نيران وهجمات الفصائل الفلسطينية وشهدت نزوحاً جماعياً عام 2014
كلما شنت إسرائيل حرباً على القطاع برز مصطلح "غلاف غزة" أو "عوتيف غزة" بالعبرية، وسارع المحللون ووسائل الإعلام إلى ذكره وتداوله، كذخر استراتيجي أمني، وواحد من أبرز أهداف صواريخ الفصائل الفلسطينية، لكنه تحول في الأحداث الأخيرة إلى مقتل بالنسبة إلى إسرائيل بعد اقتحامه ومباغتته في "هجوم حماس".
وطوال سنوات مضت هدفت إسرائيل إلى تحويل المنطقة الجغرافية الممتدة على طول الحدود البرية مع قطاع غزة، لتكون منطقة عازلة لمنع الهجمات الفلسطينية، بما تضم من حواجز برية وقواعد ونقاط عسكرية وأراض زراعية شاسعة.
عمدت إسرائيل إلى توسيع هذه المنطقة العازلة في عام 2014 بعد الحرب على غزة، فباتت تشكل اليوم ثلاثة مجالس إقليمية فيها 57 مستوطنة وقرية تعاونية ويقطن فيها أكثر من 70 ألف إسرائيلي.
لكن هذه السياسة أدت إلى زيادة التوتر بين إسرائيل والفلسطينيين، وفاقمت الأزمة الإنسانية في قطاع غزة وحرمت أبناءه من الوصول إلى الأراضي الزراعية والمياه.
ما بعد الانسحاب من غزة
برزت فكرة الغلاف منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية وبعد الانسحاب الإسرائيلي من القطاع عام 2005، منذ ذلك الحين أصبحت هذه التجمعات السكانية التي تضم قرى تعاونية ومستوطنات إسرائيلية عدة متاخمة لغزة هدفاً مفضلاً وسهلاً لصواريخ وقذائف الهاون التي تطلقها الفصائل الفلسطينية ومحاولات التسلل.
وظلت مستوطنات هذا الغلاف تشكل نقطة انطلاق إلى العمق الإسرائيلي كمدينة تل أبيب، ومن هنا برزت أهميتها بالنسبة إلى الطرفين.
تعرف وسائل الإعلام الإسرائيلية "غلاف غزة" بأنها مجموعة من المستوطنات التي تحيط بالقطاع من الشمال والشرق والجنوب الشرقي، وعلى مسافة تقدر بنحو 41 كيلومتراً ومساحة تصل إلى 735 كيلومتراً مربعاً.
مناطق ومستوطنات
يقسم غلاف غزة إلى ثلاث مناطق هي "أشكول" شمال غزة ومساحتها نحو 380 كيلومتراً مربعاً، وتضم 32 مستوطنة، يعيش فيها أكثر من 13 ألف مستوطن، ثم منطقة "شاعر هنيغف" شرق القطاع ومساحتها نحو 180 كيلومتراً مربعاً، وتضم 11 مستوطنة ويقطن فيها سبعة آلاف مستوطن، ومنطقة "أشكلون" في جنوب شرقي القطاع، ومساحتها نحو 175 كيلومتراً مربعاً، وتضم أربع بلدات استيطانية بعدد سكان يقارب 17 ألف مستوطن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما مستوطنة "سديروت" فتعد أكبر المستوطنات الإسرائيلية الموجودة في غلاف غزة، وأقربها إلى القطاع من الحدود الشمالية، وهي الأكثر تعرضاً للضربات الصاروخية من الفصائل الفلسطينية، في حين أن مستوطنة "زيكيم" هي أبرز المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، لأنها تضم مصفاة للبترول ومحطة كهرباء وقاعدة عسكرية بحرية.
وتضم منطقة الغلاف أيضاً مستوطنات حوليت وناحل عوز وسوفا وأوهاد ونير عوز وكفر عزة وكفر ميمون ودوروت.
مغريات وتسهيلات
عبر مغريات وتسهيلات عديدة، كالتخفيضات الضريبية والوظائف الكثيرة والسكن المدعوم، شجعت إسرائيل مواطنيها على العيش في مستوطنات هذه المنطقة، لتكون منطقة فاصلة جغرافياً بين القطاع والضفة الغربية، مما يجعلها خط الدفاع الأول لها، ويحول دون فكرة إقامة دولة فلسطينية متصلة، وذلك بعد إخلاء 25 مستوطنة إسرائيلية كانت داخل القطاع ويقطنها نحو 8500 مستوطن، إذ طرح رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك أرييل شارون خطة الانفصال عن قطاع غزة في 2004.
تكبدت مستوطنات غلاف غزة خسائر مادية كبيرة، وتضررت 20 مستوطنة منها بشكل كبير وبعضها حرق بالكامل، كما دمرت المنازل والبنية التحتية والطرق والمزارع فيها بشكل غير مسبوق في تاريخ الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
ولأهمية هذا الغلاف لإسرائيل خصصت تل أبيب سنوياً ميزانيات ضخمة لها، وشرعت ببناء جدار أسمنتي مكون من عدة طبقات في أسفل الأرض حول الغلاف، خشية تسلل الفصائل الفلسطينية إلى المستوطنات من خلال الأنفاق تحت الأرض.
ووفقاً لوسائل إعلام إسرائيلية فإن غالبية من يقطنون مستوطنات غلاف غزة هم يهود الفلاشا ويهود السفارديم واليهود الشرقيون.
وارتفع عدد المستوطنين القاطنين في غلاف غزة من 42 ألفاً عام 2009 إلى نحو 55 ألفاً عام 2019، وفقاً لموقع "غلوبس" الإسرائيلي.
ومنذ عام 2008 لم تسلم مستوطنات غلاف غزة من نيران وهجمات الفصائل الفلسطينية، وشهدت نزوحاً جماعياً عام 2014 عند اكتشاف حفر أنفاق تحتها، فضلاً عن مسيرات العودة التي ظلت تنغص حياة ساكنيها أسبوعياً.