ملخص
على رغم معاناة النازحين في لبنان تخوفات من زجهم في حرب محتملة مع إسرائيل
سيناريوهات الحرب بين "حزب الله" وإسرائيل لا تزال ضبابية في ظل استمرار الاشتباكات المضبوطة عسكرياً وجغرافياً، غير أن أخطار انزلاقها نحو حرب شاملة نتيجة قرار أو خطأ في الحسابات قد تكون واردة في أي لحظة وقد تؤدي إلى مشهد مكرر لحرب يوليو (تموز) 2006 حين عبرت مجموعة من الحزب الحدود اللبنانية لخطف جنود إسرائيليين بهدف فرض تبادل أسرى، إلا أن الأمور تدهورت حينها خلال ساعات لتصبح حرباً استمرت لأكثر من شهر.
وفي ظل المخاوف من تطور المعارك في جنوب لبنان، يبرز هاجس آخر هو مصير النازحين السوريين في لبنان، والذي يقدر عددهم بنحو مليونين، وهم منتشرون في كل المناطق اللبنانية سواء عبر مخيمات تديرها المفوضية العليا للاجئين، أو عبر وجودهم في شقق وبيوت على امتداد المساحة اللبنانية.
ويقلق الحديث عن حرب محتملة النازحين أنفسهم الذين يستقرون منذ أكثر من عشر سنوات في تلك المناطق، بعد أن تهجروا من بلادهم بسبب الحرب الأهلية أو بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، إذ يلوح أمامهم مشهد التهجير مجدداً، لكن من دون وجهة واضحة حالياً.
وهذا المشهد يضاف إلى تعقيدات لبنانية داخلية حيث يتوجس اللبنانيون من فائض عدد النازحين الذي يبلغ نحو ثلث المقيمين ومن مخططات تؤدي إلى توطينهم في لبنان، الأمر الذي يؤدي إلى خلل في الديمغرافيا القائمة على توازنات دقيقة بين المكونات الطائفية للبلاد.
كارثة إنسانية
مصدر مسؤول في المفوضية العليا للاجئين في لبنان، أكد أنه في حال نشوب حرب بين "حزب الله" وإسرائيل، سيواجه السوريون مصيراً إنسانياً أسوأ من الذي يواجهه الفلسطينيون في غزة، إذ برأيه سيصبح لبنان في عزلة تامة عن محيطه وسيتعذر إيصال المواد الغذائية والطبية إلى المناطق، كما يتوقع أن يتهجر أكثر من مليون نازح سوري من الجنوب والبقاع باتجاه المناطق الشمالية، كونها برأي الكثيرين منهم ستكون أقل خطراً من المناطق الأخرى.
ولفت إلى السيناريو الأسوأ إذا تزامنت الحرب مع شتاء قاس، حيث ستكون قدرة المفوضية على الاستجابة لحجم الكارثة ضعيفة مع تراجع المساعدات الأممية خلال السنوات الماضية، متخوفاً أيضاً من تسبب النزوح الداخلي للسوريين في المناطق إلى صدامات مع اللبنانيين، لا سيما أن منسوب التوتر وتضارب المصالح والذي برز بشكل كبير في الأشهر الماضية، يمكن أن يترجم على الأرض كما حصل في عدة مناطق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كتائب "اللاجئين"
وبرأي مصدر سوري معارض مقيم في لبنان أن "حزب الله"، في حال انخرط في الحرب، قادر على تجنيد عدد كبير من النازحين ودفعهم إلى المشاركة في العمليات العسكرية.
وأشار المصدر نفسه إلى أن العصابات المنتشرة بشكل واسع في البقاع، تضم مجموعات كبيرة من السوريين بدليل ارتفاع أعداد السوريين في السجون وبرأيه يترأس تلك العصابات لبنانيون يتمتعون بحصانات وحمايات حزبية وسياسية، ولكن عندما يقع أفراد سوريون من العصابة في قبضة القوى الأمنية يتم التنصل منهم وتركهم لمصيرهم، كون زعماء تلك العصابات لديهم الإمكانية السهلة لاستقطاب آخرين جدد.
ثلاثة خيارات
وفي السياق نفسه، استبعد الكاتب والناشط السياسي يوسف مرتضى، سيناريو نشوب حرب شاملة مع إسرائيل شبيهة بحرب يوليو عام 2006 لأن الجهتين المقررتين لهذا الأمر أي أميركا وإيران ليست لهما مصلحة في مثل هذه المواجهة، إلا أنه في حال نشوبها سيواجه النازحون مصير اللبنانيين لناحية تبعات الحرب والنزوح مرة جديدة، ولا سيما هؤلاء الذين يقيمون في مناطق وجود "حزب الله" في البقاع والجنوب.
ولفت إلى أن المشهد حصل على نطاق ضيق خلال الاشتباكات المحدودة التي شهدها جنوب لبنان في الأيام الأخيرة، مثل قرى العرقوب وشبعا وبلدة علما الشعب حيث تهجر عدد كبير من النازحين السوريين إلى بلدة رميش المجاورة، لاعتقادهم أنهم سيحظون فيها بنوع من الأمان، وهذا بطبيعة الحال أدى إلى مشكلات مع أهالي البلدة.
ورأى أن توسع رقعة الحرب لتشمل معظم المناطق اللبنانية ستؤدي إلى ثلاثة خيارات:
يعود السوريون الذين أتوا إلى لبنان لأسباب اقتصادية خلال الحرب السورية، إلى بلادهم كون المفاضلة بين الحالة الاقتصادية والأخطار الأمنية ستكون لمصلحة التفكير بالعودة.
ستهاجر فئة إذا توافرت لها سبل الهجرة الشرعية وغير والشرعية.
الفئة الثالثة ستتنقل بين المناطق اللبنانية بحثاً عن ملاذات آمنة.
التجنيد والحرب
وعلى عكس توقعات مرتضى، رأى الكاتب السياسي علي حمادة، أن "احتمالات الحرب أكثر من واردة ويمكن أن تنشب في أي لحظة"، لافتاً إلى أن كل المسؤولين اللبنانيين والمعنيين في الشأن العام يعتبرون أن لبنان يسير على حافة الحرب.
وعن مصير اللاجئين السوريين في حال اندلاع الحرب، رأى أن مصيرهم سيكون مشابهاً لمصير اللبنانيين، لكن ربما بوضع أسوأ كونهم لا يتمتعون بمقومات البقاء والحماية، كاشفاً عن معلومات خطيرة تشير إلى أن هناك فئة من النازحين السوريين لا سيما من الموجة الأخيرة التي تسلّلت إلى لبنان ومعظمها من الشبّان الذين لا يبلغون الـ 30 سنة يمكن أن يؤثروا على الوضع الأمني في البلاد، مشيراً إلى أن المعلومات تؤكد أنهم قد يحملون السلاح وقد يتم استخدامهم لغايات عسكرية وأمنية.
ووفق حمادة نظراً للأعداد الضخمة الموجودة في لبنان فالأمور ستتفاقم بشكل كبير في حال اندلاع الحرب، مشدداً على أن الموجة الأخيرة من النازحين هي موجة مشبوهة، لأن النظام السوري دفع بها إلى لبنان وسط قبول وتقبّل من قبل جهات لبنانية لا سيما قوى الممانعة.
ويستبعد حمادة في حال نشوب حرب مع إسرائيل أن تزداد وتيرة هجرة اللاجئين السوريين إلى أوروبا، معتبراً أنها قضية "وهم" يحاولون ابتزاز الأوروبيين ويذكِّر "منذ مدة لم يخرج أي مركب محمّل باللاجئين إلى البحر، فهؤلاء بمعظمهم سيبقون في لبنان وسيضطر لتحملهم"، كذلك يستبعد عودة عدد كبير من اللاجئين إلى سوريا في حال حصول حرب شاملة، مؤكداً أن سوريا حينها ستكون أيضاً جزءاً من تلك الحرب.