تشير التوقعات إلى أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية الناجمة بصورة رئيسة عن حرق الوقود الأحفوري سترتفع بنحو واحد في المئة خلال عام 2023، إذ ستؤدي هذه الزيادة إلى بلوغ هذه الغازات المسببة للاحتباس الحراري مستوى قياسياً جديداً، على ما أعلن علماء أمس الثلاثاء في دراسة أولية.
وتأتي التحذيرات قبل انعقاد قمة المناخ "كوب-28" في الإمارات العربية المتحدة ما بين الـ 30 من نوفمبر (تشرين الثاني) والـ 12 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل في دبي.
وأوضحت مديرة الأبحاث في مركز أبحاث المناخ الدولي "سيسيرو" في النرويج غلين بيترز أن "الانبعاثات العالمية كان ينبغي أن تنخفض بنحو خمسة في المئة هذا العام لو أرادت البشرية تحقيق أهدافها المتعلقة بخفض انبعاثات التلوث الكربوني بمقدار النصف تقريباً خلال هذا العقد، وبالتالي الحد من الآثار الكارثية على المناخ".
لكن دراسة بيترز لاحظت أن هذه الانبعاثات لا تزال تزيد، وعوضاً عن ذلك ففي عام 2023 وحده يتوقع أن ترتفع إلى ما بين 0.5 و1.5 في المئة، مستبعدة انخفاضها.
وتظهر هذه الأرقام الأولية مدى صعوبة خفض الانبعاثات بسرعة كافية لتحقيق الهدف الأكثر طموحاً لاتفاق باريس المتمثل في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، بحيث تقتصر على 1.5 درجة مئوية، أي فوق مستوى ما قبل العصر الصناعي الحالي.
ويحذر العلماء من أن ارتفاع درجات الحرارة إلى ما هو أبعد من هذه العتبة يهدد بالتسبب بتحولات خطرة في النظام المناخي، ومن المقرر نشر الأرقام الكاملة للدراسة في ديسمبر المقبل بينما يجتمع زعماء العالم في دولة الإمارات للمشاركة في مفاوضات المناخ المصيرية التي تجريها الأمم المتحدة، والتي يتوقع أن تطغى عليها الخلافات الدولية حول مستقبل الوقود الأحفوري، المصدر الرئيس لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
أفريقيا بحاجة إلى معاملة عادلة
في غضون ذلك قال الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) هيثم الغيص أمس الثلاثاء إنه "تنبغي معاملة أفريقيا معاملة عادلة خلال مواجهة تواجه تحديات المناخ العالمية، مشيراً إلى أن "القارة تسهم في الحصة الأقل في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري على مستوى العالم".
وأضاف الغيص خلال كلمة أمام مؤتمر للطاقة في كيب تاون أنه "من المتوقع أن يرتفع الطلب على النفط في أفريقيا بنحو 80 في المئة من الآن وحتى عام 2045، وأن القارة بحاجة إلى مزيد من الدعم والتعاون".
وقال خلال تصريحات إنه "في عالم يستهلك فيه مطار هيثرو طاقة أكثر من تلك التي تستهلكها سيراليون، أو لا يحصل فيه ثلثا المدارس الابتدائية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى على الكهرباء، ينبغي عدم استخدام المقياس البيئي نفسه لعقد مقارنة بين مناطق تختلف مراحل التطور بها اختلافاً كبيراً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتملك أفريقيا نحو 13 في المئة من احتياطات الغاز الطبيعي في العالم وسبعة في المئة من احتياطات النفط العالمي، ولكن يوجد بها أدنى معدل لاستهلاك الفرد من الطاقة في العالم.
وقال الغيص إنه "من شأن الاستفادة من الموارد الطبيعية في أفريقيا مثل النفط والغاز أن تساعد في توفير القدرة على تحمل كلف الطاقة وتخفيف فقر الطاقة"، وهو موقف كثيراً ما يكرره منتجو الوقود الأحفوري لزيادة إنتاج النفط في القارة.
وعلى رغم إمكاناتها الهائلة في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين يعيش نحو 600 مليون شخص في أفريقيا جنوب الصحراء من دون كهرباء، ونحو مليار شخص من دون طاقة نظيفة للطهي.
الاتحاد الأوروبي يتبنى موقفاً مشتركاً
في المقابل، يسعى وزراء البيئة الأوروبيون المجتمعون في لوكسمبورغ أول من أمس الإثنين إلى الاتفاق على موقف مشترك للاتحاد الأوروبي على مشارف مؤتمر الأطراف حول المناخ "كوب-28" في دبي على خلفية خلافات حول أهمية تقنيات احتجاز الكربون في مكافحة الوقود الأحفوري.
ومن المقرر أن يدافع الهولندي فوبكه هويكسترا، الذي تولى ملف المناخ في المفوضية الأوروبية أخيراً، عن الاتفاق المشترك باسم دول الاتحاد الـ 27 خلال قمة "كوب-28" المقبلة.
وتعتزم بروكسل دعم زيادة المعدل العالمي لنشر الطاقات المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030، ومضاعفة كفاءة استخدام الطاقة بحلول الموعد النهائي نفسه تماشياً مع خريطة الطريق التي وضعها رئيس مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ.
كما وضع الأوروبيون لأنفسهم في خلاصات تبنوها نهاية مارس (آذار) الماضي هدف دعم التخلص من الوقود الأحفوري غير المرتبط بأجهزة لتجميع أو تخزين الكربون قبل عام 2050 بفترة طويلة، إذ تشكل هذه المسألة أحد المواضيع الرئيسة التي ستناقش في دبي، ويثير صوغ اتفاق أوروبي مناقشات حادة بين الدول الـ 27.
واعتبر هويكسترا لدى وصوله إلى لوكسمبورغ لحضور الاجتماع أن "خفض الانبعاثات صعب جداً بالنسبة إلى قطاعات معينة، ولكن هذه التقنيات جزء من الحل"، مؤكداً أنه "لا مفر من الحاجة إلى خفض الانبعاثات في كل مكان".