Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"بريكس" تدفع الجزائر لتعزيز تقاربها مع الولايات المتحدة

مراقبون يؤكدون أن تكثيف اللقاءات مع واشنطن طبيعياً بعدما تلقت "خيانة" من روسيا برفض الانضمام للمجموعة

مساعدة وزير الخارجية الأميركي والأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية أشرفا على اجتماعات الحوار الاستراتيجي (مواقع التواصل)

ملخص

هل تتجاوز الجزائر صدمة فشل الانضمام لـ"بريكس" بالتقارب مع واشنطن؟

تميل العلاقات الجزائرية- الأميركية في الأشهر الأخيرة إلى التقارب منها إلى المصلحة، وبدا واضحاً من خلال التبادل المكثف لزيارات مسؤولي البلدين أن السياسية الخارجية بصدد إعادة ترتيب أهدافها، ولعل "صدمة" رفض طلب الانضمام إلى مجموعة "بريكس" أعادت حسابات كانت منذ استقلال البلاد "مقدسة" باتجاه الشرق.

توجه جديد

وجاء انعقاد الدورة السادسة للحوار الاستراتيجي الجزائري-الأميركي بواشنطن، الذي ناقش قضايا سياسية وأمنية واقتصادية وثقافية، بمشاركة مسؤولين كبار من البلدين من وزارات التجارة والطاقة والتعليم العالي والمؤسسات الناشئة، وكذلك الدفاع والعمل والخزانة والوكالة الأميركية للتنمية الدولية والممثل التجاري الأميركي، لتأكيد التوجه "الجديد" للجزائر، بخاصة أنها تأتي غداة زيارة العمل التي قام بها وزير الشؤون الخارجية الجزائري أحمد عطاف إلى واشنطن في أغسطس (آب) الماضي، والتي أبرزت الجزائر في حينها، أنها تشكل "لبنة هامة لتعزيز العلاقات الثنائية والتعاون والتبادلات بين البلدين".

من جهتها، أشارت الخارجية الأميركية في البيان الختامي إلى أن الولايات المتحدة استعرضت مع الجزائر شراكتهما الوثيقة والمثمرة، وناقشت الأولويات الإقليمية والعالمية المشتركة للتعاون الأميركي- الجزائري المستقبلي، وقالت إنه شددت كل من مساعدة وزير الخارجية الأميركي باربارا ليف، والأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية لوناس مقرمان، أثناء الحوار على الالتزام بتعزيز الشراكة القوية والتاريخية بين البلدين.

تزايد الاهتمام

وسبق عقد اجتماع الحوار الاستراتيجي تبادل زيارات لافت وتصريحات أميركية داعمة، تركت المتابعين يترقبون تطور في علاقات البلدين، لا سيما مع إطلاق الجزائر مبادرتها لحل الأزمة في النيجر، وهدوء التعاطي مع ملف الصحراء الغربية والوضع في الساحل، وغيرها من الملفات ذات "التصادم" المشترك.

من جهته، قال متخصص العلوم السياسية والعلاقات الدولية، إبراهيم بادي، إن ثمة جملة من العوامل تفسر تزايد الاهتمام الأميركي بالاستمرار في عقد حوار استراتيجي مع الجزائر، أهمها تقليص حدة التوتر في العلاقات بين البلدين والذي بلغ حد الدعوة إلى فرض عقوبات على الجزائر، ثم محاصرة التحركات الروسية خصوصاً بعد "الخيانة"، على حد وصفه، التي تعرضت لها إثر رهانها على موسكو في الانضمام إلى مجموعة "بريكس".

وأضاف بادي أن "الجزائر تسعى إلى الاستثمار في تراجع النفوذ الفرنسي في المنطقة، لا سيما تصاعد التوتر مع باريس، بدليل انتهاج الجزائر دبلوماسية مستقلة بدت جلية في طرح مبادرتها لحل أزمة النيجر مقابل دعم واشنطن لها، وكذلك قدرتها على تعويض الغاز الروسي أوروبياً من خلال رفع الإمدادات، وهو ما تراه واشنطن تطوراً إيجابياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وواصل متخصص العلوم السياسية قوله إن التقارب الجزائري- الأميركي من شأنه إزعاج روسيا ودفعها نحو تغيير مواقفها إزاء ملفات تعتبرها الجزائر خطوطاً حمراء مثل ملف الصحراء الغربية والتدخل الأجنبي في منطقة الساحل، متابعاً "لعل إعلان موسكو عقد القمة الروسية- العربية في مراكش بالمغرب، وإبداء رغبتها في توقيع اتفاقية تجارة حرة مع الرباط، يندرج في السياق ذاته، لكن يمكن لهذا التقارب أن يعزز نطاق التنسيق الأميركي- الجزائري في الساحل وليبيا".

وأشار المتحدث إلى أن واشنطن تولي أهمية متزايدة بالمنطقة لاعتبارات أمنية واستراتيجية عدة، بالتالي ستعمل مع الجزائر على حماية مصالحها السياسية والاقتصادية.

زيارات رفيعة

وعرفت الشهور الماضية تحركات أميركية لافتة باتجاه الجزائر، حيث التقت مساعدة كاتب الدولة الأميركي المكلفة بالمنظمات الدولية، ميشيل سيسون، في يوليو (تموز) الماضي مسؤولين جزائريين وأعربت عن تقدير الولايات المتحدة ودعمها للجهود التي تبذلها الجزائر من أجل نشر الاستقرار والتنمية في جوارها الإقليمي وعلى الصعيد القاري، وشددت على الإرادة السياسية واستعدادهما الثابت لتوطيد التشاور والتنسيق بينهما كلما اقتضت الضرورة وتوافرت الفرص من أجل الإسهام في الحلول السلمية التفاوضية للأزمات، وكذلك تنشيط دور العمل متعدد الأطراف لمواجهة التحديات الدولية ذات الطابع الشامل.

وجرت محادثات في سبتمبر (أيلول) الماضي بين رئيس أركان الجيش الجزائري سعيد شنقريحة، مع مدير الوكالة المركزية للاستخبارات الأميركية ويليام جوزيف بيرنز، في تواصل يحدث للمرة الأولى بشكل مباشر ومعلن عنه، حيث تم التطرق إلى المسائل ذات الاهتمام المشترك وتعزيز التنسيق بين البلدين في المجال الأمني، وفق بيان وزارة الدفاع الجزائرية الذي أشار إلى أنه فرصة للجانبين للتعبير عن ارتياحهما لمستوى التنسيق الأمني المحقق، لا سيما في مجال مكافحة الإرهاب.

وقبل ذلك، زار منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجلس الأمن القومي الأميركي بريت ماكغورك، والمساعدة الرئيسية لنائبة كاتب الدولة للشؤون الخارجية يائيل لومبرت، الجزائر، وكذلك زيارة وفد أميركي من كبار المسؤولين من وزارات الخارجية والخزانة والدفاع، حيث التقى مع نظرائه من وزارات الخارجية والدفاع الوطني والداخلية والمالية الجزائرية.

حليف طبيعي

لكن تبقى زيارة وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف إلى واشنطن في أغسطس الماضي، المؤشر على حقيقة العلاقات الجزائرية الأميركية التي باتت توصف بالجيدة في مختلف الدوائر والتقارير، خاصة أنها جاءت بدعوة من نظيره الأميركي أنطوني بلينكن، وقالت بيانات الجانبين إنها أظهرت توافقاً جزائرياً- أميركياً حول أبرز الملفات ذات الاهتمام المشترك، على غرار التسوية السلمية لأزمة الانقلاب العسكري في النيجر، وتوسيع التعاون الاقتصادي خارج قطاع الطاقة.

إلى ذلك، اعتبر متخصص العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة كاليفورنيا الأميركية حمود صالحي، أن الجزائر تظل حليفاً طبيعياً للولايات المتحدة على رغم الاختلافات الاستراتيجية العميقة بين البلدين، مضيفاً أن هناك حرصاً واضحاً من واشنطن على العمل مع الجزائر وبناء علاقة أمنية استراتيجية معها اعترافاً بالدور القيادي الجزائري.

وأشار صالحي إلى أن سبب الاعتراف الأميركي بالدور الجزائري هو اتباع الجزائر سياسة عدم الانحياز الإيجابي، وحنكتها في استعمال الدبلوماسية الذكية، واستثمار التطورات الدولية على غرار الأزمة الأوكرانية واستعمال حلفائها الطبيعيين، وبالأخص روسيا والصين، لتعزيز أمنها الاستراتيجي.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي