بلغت درجة الحرارة خلال السنوات الخمس الماضية في المنطقة القطبية الشمالية أعلى مستوياتها منذ بدء تسجيلها عام 1900، وهذا وفقًا لتقرير صادر عن هيئة حكومية اميركية.
وقد بدأت تغييرات كبيرة بالحدوث عبر المنطقة القطبية الشمالية بسبب الاحتباس الحراري، الذي بدوره يحمل آثارًا كبيرة على البيئة مثل ظهور العوالق في المحيطات والتسبب بالأحوال الجوية غير الطبيعية والمفاجئة (ظاهرة المناخ المتطرف).
بالإضافة إلى ذلك، وصلت درجة حرارة الهواء في المنطقة القطبية الشمالية إلى أعلى مستوياتها وانخفضت نسبة تغطية الجليد البحري في المنطقة إلى أقل درجاتها للمرة الثانية في عام 2018.
وترتفع درجات الحرارة القطبيّة عن المعدل العالمي بمعدل الضعف تقريبًا، وهذا وفقًا للعلماء القائمين على تقرير صدر مؤخرًا حول هذه الظاهرة، يتسبب بحدوث تغييرات مفاجئة على البيئة.
ويعزو العلماء التغييرات المتعددة على التيار النفاث العالمي، إلى الاحتباس الحراري الذي يتزامن مع الأحوال الجوية غير الاعتيادية في الجنوب، مثل عاصفة "الوحش القادم من الشرق" التي ضربت بريطانيا.
وأوردت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي هذه الأحداث والتطورات في تقريرها السنوي للمنطقة القطبية الشمالية. وقد وجّه العلماء الأميركيين مؤخرًا تحذيرًا حول التهديد الكبير الذي يحمله التغير المناخي، في حين لا يزال الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشكك بهذه الظاهرة.
وتعليقًا على هذه الظاهرة، قالت رئيسة فريق العمل القائم على هذا التقرير الدكتورة إيميلي أوزبورن "تشهد المنطقة القطبية الشمالية تغييرًا لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية." وأضافت أن "هذه التغييرات تؤثر على حياة قاطني المنطقة القطبية الشمالية، ومن الممكن أن تؤثر على من هم خارج هذه المنطقة أيضًا."
وقالت الدكتورة إيميلي أوزبورن إن شدة الاحتباس الحراري في ازدياد، مشيرة إلى أن الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي عملت على إعداد ونشر تقاريرها حول هذه الظاهرة منذ 13 عامًا.
من ناحية أخرى، يشكل التلوث البلاستيكي للمحيطات الآخذ بالازدياد تهديدًا آخر على المنطقة القطبية الشمالية، إلى جانب التوسع السكاني في المنطقة.
وأعربت دول مختلفة، مثل الولايات المتحدة وروسيا، عن اهتمامها بتوسيع أعمال الحفر الهادفة إلى استخراج الوقود الأحفوري في المنطقة القطبية الشمالية. ويجدر الذكر أن ذوبان الجليد البحري يفتح طرقًا بحرية أمام سفن هذه الدول لم يكن الوصول إليها ممكناً من قبل.
وقال اللواء البحري المتقاعد تيموثي غالوديت، الوكيل بالإنابة لقسم الشؤون التجارية للمحيطات والغلاف الجوي في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي "تشكّل التغيرات البيئية في المنطقة القطبية الشمالية السبب وراء استمرار الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بأبحاثها وأنشطتها المتعلقة بهذه المنطقة، الأمر الذي من شأنه أن يعزز التنافسية الاقتصادية في البلاد والأمن الوطني والإدارة المستدامة للموارد الطبيعية."
وأضاف: "سيساعد هذا التقرير الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي على توجيه أولوياتها للتوصل إلى فهمٍ أفضل لدور المنطقة القطبية الشمالية في التغير المناخي والتطرف المناخي واستدامة وتنمية مصايد الأسماك ودعم التكيّف والفرص الاقتصادية في المنطقة."
وتجدر الإشارة إلى أنه تم نشر هذه النتائج بعد مرور أسابيع على نشر تقرير للحكومة الاميركية الذي خلُص إلى كون التغير المناخي الناجم عن الإفراط باستخدام الوقود الأحفوري خطرًا كبيرًا على حياة المواطنين الأميركيين والاقتصاد الأميركي. إلا أن الرئيس الأميركي، الذي يدعم استخدام الوقود الأحفوري، علق على هذا الأمر قائلًا ببساطة ومن دون خجل أنه لا يصدق هذه النتائج.
وقال غالوديت الذي رفض التعليق على تشكيك الإدارة الاميركية بالتغيير المناخي "يقدم البيت الأبيض دعمه الكبير لأبحاثنا حول المنطقة القطبية الشمالية، مع العلم أن الدعم الذي يقدمه البيت الأبيض في هذا السياق لا يقتصر على الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، إنما يشمل المؤسسات الوطنية الأخرى." وأضاف غالوديت أن هذه الأبحاث تعد "ذات أهمية للأمن الوطني."
وكانت إدارة ترمب قد عملت على سحب التنظيمات البيئية التي صدرت في عهد أوباما بسبب رغبتها برفع إنتاج الوقود الأحفوري، إلى جانب إعلانها عن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ. وقد تم وصف الولايات المتحدة خلال المحادثات المستمرة حول المناخ في بولندا بأنها "معادية للمناخ" بعد تحالفها مع روسيا والمملكة العربية السعودية في رفضهم لنتائج تقرير علمي بهذه الأهمية حول التغيّر المناخي.
© The Independent