ملخص
هيئة تراقب الرعاية تنبه إلى تزايد أوجه التفاوت في النظام "الازدواجي" لـ "خدمات الصحة الوطنية": تقييم مثير للقلق لمستوى رعاية الحوامل والولادات في إنجلترا يشير إلى أن ثلثي الوحدات تعد غير آمنة
كشف تقرير بريطاني معيب أن خدمات رعاية الحوامل والولادات في مرافق "خدمات الصحة الوطنية" (أن إتش أس) NHS تزداد سوءا، وأن ثلثي وحداتها المنتشرة في إنجلترا باتت تصنف الآن على أنها غير آمنة، فيما يرزح الموظفون والمستشفيات تحت "ضغوط هائلة".
وأشار التقرير الذي وضعته "لجنة مراقبة جودة الرعاية" Care Quality Commission (CQC) إلى تدهور ملحوظ في خدمات الحوامل والولادات تمثل في عدم كفاية نحو 65 في المئة من وحداتها أو افتقارها إلى معايير السلامة، مما يشكل زيادة على نسبة 54 في المئة التي سجلت العام الماضي، فيما تم تصنيف 15 في المئة منها على أنها غير كافية.
وعند النظر إلى التصنيفات الإجمالية تبين أن وحدة من كل 10 وحدات ولادة تحصل الآن على تصنيف غير كاف، في حين أن 39 في المئة منها تقع ضمن الفئة المحددة بأنها "تتطلب تحسيناً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتأتي هذه الصورة المتدهورة لرعاية النساء الحوامل والولادات في إنجلترا في أعقاب فضائح كبرى ظهرت أخيراً في كل من مستشفيي شروزبيري ونوتينغهام، كشفت عنها "اندبندنت".
ويلفت التقرير إلى أن الصورة الشاملة تعكس مدى "الضغوط الهائلة التي تواجهها وحدات الخدمات والطاقم الطبي في آن واحد"، ويذكر أن تغطية الموظفين "غالباً ما تكون هشة بحيث يعتمد المناوبون على توافر كل استشاري متاح للخدمة".
وأضاف التقرير أنه "علاوة على ذلك يواجه الاستشاريون ضغوطاً إضافية، منها على سبيل المثال اضطرارهم إلى التدخل لتغطية فترات تناوب المسجلين (الذين يكونون في العادة من المبتدئين الخاضعين للتدريب)، والقيام بمناوبات إضافية عند الطلب لتلبية متطلبات خدمتهم".
إحدى المريضات تحدثت عن محنتها أمام الهيئة الرقابية قائلة "لم أكن قادرة على التحرك وطلبت من شخص مساعدتي في إطعام طفلي، لكن قيل لي ’يمكنك القيام بذلك بنفسك‘ وقد أبلغتني (القابلة) أيضاً بأنها كانت منشغلة للغاية وبأنه يتعين عليها منح الأولوية لمرضى آخرين، على رغم أنني كنت ما أزال غير قادرة على الحركة".
وأشار التقرير كذلك إلى وجود مشكلات تتعلق بالتدبير ونقص الرقابة في مجالس إدارة مرافق "خدمات الصحة الوطنية"، إضافة إلى التأخيرات في تقديم الرعاية اللازمة ونقص الاهتمام الفردي المباشر أثناء فترة المخاض، وشدد التقرير أيضاً على الحاجة الماسة إلى تحسين التواصل داخل أقسام الولادات.
وذكرت الهيئة الرقابية أنها لاحظت وضعاً متدهوراً مشابهاً في خدمات الإسعاف، إذ جرى تصنيف 60 في المئة منها على أنها غير كافية أو في حاجة إلى تحسينات تتعلق بالسلامة، وهو ضعف ما كان عليه الوضع العام الماضي.
وأثار التقرير ايضاً مخاوف على رعاية السلامة العقلية باعتبارها مجالاً مثيراً للقلق كذلك، إذ صنف 40 في المئة منها على أنها غير كافية أو تتطلب تحسينات في معايير السلامة.
وسلط المفتشون الضوء على وجود نقص في عدد الأسرة، مما يعني أن "المرضى قد يتلقون الرعاية في أماكن غير مناسبة، غالباً ما تكون في أقسام الطوارئ".
وجاء في تقرير "لجنة مراقبة جودة الرعاية"، "علمنا من أحد المستشفيات أن 42 مريضاً في مجال الصحة العقلية تعين عليهم الانتظار أكثر من 36 ساعة في قسم الطوارئ، وذلك خلال شهر واحد فقط".
وفي التقرير الشامل حذرت الهيئة الرقابية من تحول الرعاية الصحية إلى نظام ازدواجي ذي مستويين، يقوم على فصل مجتمعي وتقسيم المرضى إلى أفراد يستطيعون تحمل كلف الرعاية، وآخرين غير قادرين على ذلك".
ولفت التقرير إلى أن "الوصول إلى الخدمات لا يزال يشكل تحدياً أساساً، فيما يواجه المرضى طوال مسار الرعاية الصحية صعوبات كبيرة في الحصول على الرعاية المناسبة التي يحتاجون إليها في الوقت المناسب".
ويشار إلى وجود عوامل عدة تسهم مجتمعة في زيادة خطر هيمنة نظام الرعاية الصحية ذي المستويين، مثل فترات الانتظار الطويلة من أجل تلقي العلاج في المستشفى والخضوع لمعاينة الأطباء العامين والإحالات إلى استشاريين طبيين، إلى جانب النقص في الموظفين، وفي هذه الحال قد يضطر الأفراد الذين لا يستطيعون تحمل كلفة علاجهم إلى الانتظار فترات أطول للحصول على العناية اللازمة، مما يعرض صحتهم وسلامتهم للخطر.
وقد أعرب مسؤولون من الهيئة الرقابية عن قلقهم خلال مؤتمر صحافي، مشيرين إلى أن "عدداً متزايداً من الأفراد يندرجون ضمن قائمة الانتظار الطويلة مما يزيد صعوبة تحديد الأولويات أو خفضها في ما يتعلق بالمرضى، على نحو فعال.
ويتفاقم هذا الوضع بصورة أكبر مع وصول عدد كبير من المرضى الذين تركوا في وضع انتظار نتيجة التأخير في الإجراءات وتراكم العمل إلى قسم "الحوادث والطوارئ" وهم يعانون حالات طبية خطرة".
بحث أجرته مؤسسة "يوغوف" YouGov (المتخصصة في أبحاث السوق في المملكة المتحدة) أظهر أن ثمانية من كل 10 أفراد اختاروا قطاع الرعاية الصحية الخاص العام الماضي، كانوا اعتمدوا في السابق على مرافق "أن إتش أس" لتلبية حاجاتهم الطبية، ووجدت دراسة أخرى أن 56 في المئة من الأشخاص حاولوا اللجوء إلى "خدمات الصحة الوطنية" قبل التحول إلى القطاع الخاص.
"لجنة مراقبة جودة الرعاية" لفتت إلى أن "ظروفاً كهذه قد تدفع بالناس أيضاً إلى اتخاذ خيارات مالية صعبة، فقد علمنا على سبيل المثال أن أحد الأشخاص من الذين يعتمدون على الإعانات الحكومية اختار خلع أسنانه لأنه لم يتمكن من العثور على طبيب أسنان تابع لـ “خدمات الصحة الوطنية” ومن ثم اضطر إلى دفع 1200 جنيه استرليني (1452 دولاراً أميركياً)، باستخدام بطاقة ائتمان لتغطية كلف العلاج الخاص، مما جعله يتخلى عن نفقات أساس لتأمين ضروريات منزلية إلى حين سداد دينه".
الرئيس التنفيذي لـ "لجنة مراقبة جودة الرعاية" إيان ترينهولم أشار إلى أن الإضرابات المتواصلة التي قام بها موظفو مرافق "أن إتش أس" غير الراضين عن أجورهم وظروف العمل، أسهمت في تفاقم الأعمال المتراكمة داخل نظام الرعاية الصحية.
مديرة السياسات في مركز أبحاث "ذا كينغز فاند" The King’s Fund (منظمة خيرية مستقلة تعنى بسياسات الرعاية الصحية والاجتماعية وممارساتها) سالي وارين رأت أن "هذا التقرير الشامل يكشف الحقيقة المؤسفة المتمثلة في أن جودة الرعاية التي يحتاجها المرضى ويستحقونها لا يتم الوفاء بها في مجالات كثيرة من قطاع ’خدمات الصحة الوطنية‘ والرعاية الاجتماعية".
متحدث باسم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية البريطانية، قال، "نحن في صدد تنفيذ ثلاث خطط تعاف رئيسة لتعزيز إمكانات وصول الأفراد إلى الرعاية العاجلة والطارئة والأولية والاختيارية، وقد أحرزنا تقدماً في خفض فترات الانتظار الطويلة للعلاجات الروتينية بصورة كبيرة على رغم الوطأة المختلفة، بما فيها الإضرابات ذات الصلة".
وختم بالقول، "توجد لدينا أعداد قياسية من الموظفين العاملين في هيئة خدمات الصحة الوطنية ومن المقرر أن تعمل خطتنا طويلة الأمد للقوى العاملة على توظيف مئات الآلاف من العاملين الإضافيين والاحتفاظ بهم، إلى جانب اعتماد إصلاحات تكنولوجية لتسهيل عملياتنا وتوفير وقت الموظفين".
© The Independent